جمعية الصحفيين السودانيين بالسعودية (8)أعوام من العطاء والمسيرة مستمرة

Quote: في ندوة جمعية الصحفيين السودانيين بالسعودية:"الحراك الإبداعي في السودان" د. بشرى الفاضل: لايصلح لقب المثقف إلا على الذي ينجح في إنكار قبيلته وإلا إذا تحولنا لسودانيين منبتّين الرياض :منى عبد الفتاح لا يزال همّ التنوع الثقافي السوداني يقض مضاجع كثير من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي السوداني وهو رغم خصوصيته الذاتية على نطاق الوطن إلا أنه خضع رغم تحصنه لعوامل التأثير والتأثر. ونظراً لأن القضية تدور في محور " الحراك والإبداع" فإننا بإزاء مفهومين متقاربين دون تماهٍ ومتميزين دون تضاد في مقاربة أولية بأن الحراك والإبداع الثقافي هو تعدد الرؤى والأشكال والأنماط التعبيرية التي تسعى في سبيل إثراء المعرفة وتعدد روافدها. وهذا مما حدا بجمعية الصحفيين السودانيين بالمملكة العربية السعودية بالرياض في إطار موسمها الثقافي أن تعقد ندوة من ضمن سلسلة ندواتها المتتالية بعنوان"الحراك الإبداعي في السودان" كان المتحدث فيها هو الشاعر ، الروائي الصحفي والناقد د. بشرى الفاضل .ندوة تجلى بها مركز الملك عبد العزيز التاريخي وقاعة محاضراته الفخيمة عن أجمل ما يكون من تجمع لمثقفين وصحفيين وكتاب ومهتمين بالشأن الثقافي العام وحركة الإبداع في السودان. ابتدأت الندوة في العاشرة من مساء الخميس الماضي 13 نوفمبر بآيات من الذكر الحكيم تلاها الشيخ محمود بكر . قدم إسماعيل وراق كلمات عن الجمعية ونشاطاتها الثقافية ثم قدم الاستاذ مصطفى البشير عضو اللجنة التنفيذية والأمين العام السابق لجمعية الصحفيين السودانيين بالسعودية كلمة الجمعية عدد فيها اسهماتها وأزجى وافر شكر للملكة العربية السعودية وإدارة مركز الملك عبد العزيز وشكر كل الذين أسهموا بالمشاركة في نشاطات الجمعية. كان في التقديم والربط بين الفقرات ومداخلات الحضور إسماعيل وراق ومصطفى يوسف . عرض وراق لمحات سريعة من سيرة بشرى الفاضل وأعماله في مختلف ضروب الإبداع الكتابي من قصة ورواية وشعر ونقد وكتابات صحفية.بينما قدم مصطفى يوسف لموضوع الندوة حيث أشار لحركة الإبداع في السودان وأنها تعمل بقطب أحادي يغيب عنها إسهام أبناء الجنوب باستثناء مساهمات قليلة كطائر الشؤم لفرانسيس دينق. وان الحركة الثقافية السودانية حركة متميزة لأنها عايشت كافة أنماط الحكم من عسكري وديمقراطي وشمولي لكنها لم تستفد من هذه التقلبات وختم تقديمه مستعجباً: "انظر كيف عبرت هذه الحركة عن أكتوبر وكيف عبرت عن أبريل". حيا الدكتور بشرى الفاضل الحضور واستسمحهم في تعديل عنوان الندوة إلى :"حراك الكتابة الإبداعية في السودان" معللاً ان الإبداع بأشكاله المختلفة كبير فهو يشمل المسرح والتشكيل والسينما وغيرها من الفنون ." ثم دعا إلى التفكر في كلمة الروائي ابراهيم اسحاق رئيس اتحاد الكتاب السودانيين ، والتي نشرها في صحيفة الرأي العام الاسبوع قبل الماضي لخص فيها كثير من مشاكل الكتابة الإبداعية في السودان في كلمته الترحيبية بجمال الغيطاني حيث ذكر أن الحراك الإبداعي ليس في مركزية القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ وإنما المسألة شائكة في تعقيداتها تأتي من أن السودان مر خلال تاريخه بجذوات أولها كانت جذوة بداية القرن بفضل معاوية نور وكانت هناك ثورة 1924م التي قال فيها علي عبد اللطيف :" انا سوداني" وتأسى به جعليون وشوايقة وغيرهم فتخلوا عن قبيلتهم وكل منهم قال :" انا سوداني".ثم كانت جذوة الخريجين ، ثم جذوة الاستقلال وجذوة ثورة أكتوبر وجذوة أبريل وما تحقق من عصف عقلي في النادي الثقافي. وممكن أن تكون الجذوة في كتاب "حياتي "للشيخ بابكر بدري الذي ساهم في تطور المجتمع وتعليم المرأة وكذلك كتاب للكاتبة اليابانية "يوشيكو كوريتا" تناولت فيه السودانيين الذين انقطعت صلتهم بقبائلهم بعد فقدهم لهم في الحروب وقد تمت ترجمة كلمتها إلى تعبير " المنبتين" الذين سببوا ازعاجاً للمستعمر الانجليزي لكونهم ليس لديهم ما يخسرونه . ثم كانت هناك جذوة المدينة مثل مدينة أمدرمان حيث نجحت في إضعاف القبيلة وجعلتهم كلهم سودانيين. ولا يصلح لقب المثقف السوداني إلا على الذي ينجح في إنكار قبيلته وإلا إذا تحولنا لسودانيين منبتين حتى نرجع لفهم السودان بما نجح في بذره علي عبد اللطيف والإمام المهدي الذي اختار الخليفة عبد الله ليكون دليلاً على تجاوز الجهوية . ونوه د. بشرى الفاضل إلى الالتفات للأحاجي وللثقافات المنسية للمجموعات السودانية المختلفة التي تجعلك تنظر للآخر ككتلة صماء من خلال لونه فقط . ويمككنا أن نقرب بين هذه الثقافات ونسهل الانسجام فيما بينها بأفكار علي عبد اللطيف وجون قرنق الذي بعد مجيئه ونجاحه في عرض أفكاره بكته حتى الحبوبات . قدم د. بشرى الفاضل بعض من المناشدات في سبيل حل قضايا الثقافة الشائكة يجب أن تقوم بها وزارة الثقافة وهي العمل في هذه القضايا بضربة العصا الغليظة لأن هذه القضايا صاحبها عنف ثقافي مثل عدم وجود علاج لمعاوية نور والاتهام في العقيدة الذي حاق بالتجاني يوسف بشير . فلا بد من ان تاتي وزارة الثقافة بكتّاب مثل ابراهيم اسحق ومحمد المكي ابراهيم والطيب صالح لتقدم انتاجهم بكل اللغات والترويج من خلال فريق مروجين داخل الجامعات . أتيحت فرصة المداخلات للحضور فكان محمد مدني الذي ابتدر بقوله : "كعادته في أعماله الإبداعية فقد طرح د. بشرى الهموم اليومية ، هم العمر وهم اللحظة، وموقفه الأكاديمي مكنه من رسم خارطة طريق الحراك الثقافي في السودان وكان من الحصافة بحيث خلق رابطاً بين الخطاب السياسي والإبداعي والهم العام." وأشار إلى دور الشيخ حاج الماحي باعتباره جذوة قائمة بذاتها لعبت دوراً إبداعياً كبيراً . أما عصام عيسى رجب فقد كانت مداخلته عن منطق ربط الجذوات باحداث سياسية ، وتساءل هل هناك جذوات بمعزل عن ثورة 24 . كما تساءل عن غياب الصوت السوداني في المنابر غير السودانية وفي معارض الكتاب. ثم جاءت فرصة سعادة القنصل أحمد يوسف الذي أكد أن الابداع موجود في كل مكان ولكن علينا أن نحدد هل نريد أن تكون قامات الإبداع والأدب اعلى من قامات الثقافة الأخرى ام أقل. وناشد منظمات المجتمع المدني في الإسهام في هذا الشأن وعدم الاعتماد الكلي على وزارة الثقافة. أما بروفيسور عز الدين علي عمر فقد ذكر ان اليوم اتحفه د. بشرى بشيء جديد من التناول لقضية الحراك الإبداعي وهي مسألة المعيارية الشيء الذي يعوق الحركة الابداعية مما يشكل ارتكاساً لولبياً. اختتم بشرى الفاضل بقصيدة "مدينة" أهداها للمرأة السودانية ولحضور الندوة من النساء. بعدها مباشرة اتيحت الفرصة للسيدات لطرح الأسئلة فكانت حليمة محمد عبد الرحمن ، ود. نعمات ، ود. شيراز محمد عبد الحي ومنى عبد الفتاح. ثم تحدث الأستاذ الجامعي والروائي د. بابكر ديومة عن انفجار الرواية والشعر ،وذكر أن النقطة التي أثرتها خلال مداخلتي وهي عن الفجوة بين الأجيال وكيف تتحق جذوة الزمان من خلال حركات الزمن الثلاث الماضي والحاضر والمستقبل مؤكداً أنه يوجد شباب مبدعون ولكن "الديناصورات" التي عاشت زمانها وزمان غيرها لم تترك لهم فرصة مما احدث شرخاً على مستويات الابداع. تم في نهاية الندوة تكريم ثلاث شخصيات بتقديم دروع تذكارية لهم هم :د. عائشة موسى بمناسبة عودتها إلى ارض الوطن بعد المشاركة الطويلة في السلك الاكاديمي ، كما قدم لها د. بابكر ديومة روايته الأخيرة. ثم البنك العربي الوطني "تلي موني" لخدماته في التحويل المالي السريع للسودان استلمها عن البنك عبد المنعم عبد العال، ثم تم تكريم د. بشرى الفاضل .