|
Re: في رحاب الريفي. (Re: اسعد الريفى)
|
عبد الله حمدنا الله سفير التواصل الثقافي
القاهرة التي تشرفت فيها بمعرفة البروفسيور عبد الله حمدنا الله والسكن بجواره لم تكن قاهرة إبن خلدون عاصمة العواصم وتاج البرية وزينة المدن. ولم تكن قاهرة جمال عبد الناصر كعبة أحرار ومزار ثوار. كانت القاهرة في روائح ذلك العصر ترزح في أجواء تداعيات ما بعد اتفاقية كامب ديفيد، وكنا في مطلع الصبا الباكر على مشارف العقد الثالث، نحو 14 ألف طالبا ومبعوثا سودانيا نعيش في مدن أم الدنيا في بحبوحة من العلم والعيش المرفه. نعتمد في بحبوحة العلم على أنفسنا ـ كل حسب كسبه ـ من حيث الاهتمام والانهماك، بينما تتأثر بحبوحة العيش بحركة الدولار الحسابي بين البلدين الشقيقين صعودا وهبوطا من جهة، وتذبذب العلاقات السياسية بين خرطوم جعفر محمد نميري وقاهرة محمد أنور السادات مدا وجزرا من جهة أخرى.
دعك من كل هذا العناء، فالقاهرة التي ضمتنا كانت أقرب إلى مصر الصحفي المعروف محمد الخليفة طه الريفي التي خلدها شعرا حين قال: أوشكت مصر ان تقاسمنا الحظ وأن صدق المنا والوعود فتحت بابها الكنانة تؤينا وباهت بنا الأيام السعيدة والشهادات والتميز فيها طوقوها الشباب جيدا فجيدا
ما هي الحكاية إذن؟ وهل هناك أصلا حكاية؟ الحكاية أن البروفسيور عبد الله حمدنا الله خلال الربع الأول من ثمانينيات القرن الماضي، اختار عن وعي، إعداد أطروحة جامعية لنيل درجة الماحستير عن المقال الأدبي وتطوره وظهوره في الصحافة، وكانت فتحا جديدا ليس من خلال بحث يلتزم بكل قواعد التجريد الأكاديمي، بل من خلال دراسة تستعرض الصور واللقطات التي لا تصل إلينا أبدا، ولذا تراه يجتهد ليصنف منشورات الإمام المهدي ضمن المقال الأدبي لما احتوته من لغة جزلة وأسلوب حديث في العرض والإقناع. ومن هنا كسبت دنيا الثقافة والأدب في البلاد باحثا، أتاحت له فرصة الدراسة أن يكون أحد أشهر المساهمين في إعلاء الشأن الثقافي في حياتنا. فعبد الله حمدنا الله، المتعلق جدا بحركة الثقافة والفكر وبلورتها عبر رصد مساراتها وتوجهاتها منذ عصور بعيدة،لم ينغلق على مدرسة أو حقبة أو جماعة، تراه ينفتح وفق قواعد من العمل السمح المتكافئ المنفتح على الجميع. ومع ذلك فعبد الله حمدنا الله قارئ نهم وباحث ملتزم ومدافع كبير عن حرية التعبير، وبشكل أوسع عن الحريات الفردية والجماعية. وهو أيضا مفكر صاحب استقلالية كبيرة، وداعية ومحرض على التواصل الثقافي بدرجة سفير. وربما يرجع هذا التواصل الثقافي لعبد الله حمدنا الله إلى تعدد الروافد التي شكلته في سنوات التكوين. فهو ابن لأسرة أنصارية، جاهد وهاجر أفاضل منها مع الإمام المهدي، حين كان البحر الذي استغنى به الناس عن التمدات. كما نشأ في أضابير حركة إسلامية رشيدة كانت تمنح منتسبيها أنذاك الوعي المبكر والعاطفة النبيلة. وتوج هذا بالدراسة في معهد وطني العزير، ليلتحق بالجامعة الإسلامية أيام كانت تملأ ذهن طلابها بطائفة واسعة من علوم الدنيا والأخرة. ولعل هذه النشأة الثلاثية بين صرامة العقيدة الأنصارية ورحابة الحركة الإسلامية وموسوعية الجامعة الإسلامية، قادت عبد الله حمدنا الله حينما وصل مصر، إلى أن يصبح زبونا دائما لمكتبة الباب الحلبي في مقرها القديم خلف مسجد سيدنا الحسين، وإلى أن يتحول إلى مرابط دائم في دار الكتب القديمة بدهاليزها وأضابيرها وعبقها القديم في قلعة محمد علي. ولا تفوتنا مكتبة الكاملابي في حي عابدين، وهو رجل نوبي تجد في مكتبته كل ما كتب أو دون عن السودان. والشاهد هنا البروفسيور عبد الله حمدنا الله حينما يتناول مظاهر الحياة السودانية منذ حملة إسماعيل باشا يتحدث بلغة الواثق، ذلك أن معلوماتي تشير إلى أنه اطلع أو قرأ أكثر من 50 ألف وثيقة عن السودان في الوقائع المصرية. نسوق هذا الاحتفاء بالبروفسيور عبد الله بمناسبة حصوله على درجة الأستاذية من جامعة أفريقيا. والاحتفاء بامثاله، كما روى عن العقاد ينبغي أن يكون بإثارة القضايا التي يمكن أن يضيفوا فيها جديدا.
وبمناسبة شعر الريفي كنت اتمنى أن يهتم البروفسيور ونحن في مقام الاحتفاء به بالتحقق من مقولة فحواها أن الريفي عندما كان شابا يافعا كان يجلس القرفصاء امام سرور وكرومة في حفلاتهم الغنائية، وكان يكمل معهم القوافي دون سابق معرفة. والسؤال: هل قتل الريفي الصحفي الريفي الشاعر؟
وبمناسبة الجدل الدائر حول المدائح حاليا، هل يؤيد البروفسيور أن مدائح الجعليين هي أساس الأشعار الشعبية التي قادت إلى ما عرف بأغاني الحقيبة، بحسبان أن مدائح الجعليين هي الأقدم وذات قيمة، وتحتوي على مادة عميقة. أما مدائح الشايقية فهي حلوة، لكنها تخلو من التعمق. وقد أيد الأستاذ الطيب صالح هذا الرأي مستشهدا بأشعار حاج الماحي كممثل للشايقية وأبو شريعة كناطق للجعليين، لكن صالح الطيب الذي قاد أهل السودان إلى موكب الرواية العربية في القرن العشرين، أيد هذا الرأي دون أن يقر الحد الفاصل بين أشعار الإثنين، وإن كان يرى أن مدائح حاج الماحي تحمل شحنة من الحب ولها نكهة خاصة، بينما تحمل أشعار أبو شريعة أفكارا كالفرق تماما بين البحتري وأبو تمام. وهنا يتعين علينا أن نضع في الاعتبار أن حاج الماحي جعلي عاش في ديار الشايقية وأن أبو شريعة شايقي عاش في مناطق الجعليين. نطرح كل هذه المسائل في مقام الاحتفاء بالبروفسيور، كعصف للذهن، لكن الاحتفاء الحقيقي به يستدعي أن أبحث عن صديقي القديم المهندس أحمد البشير عبد الله، لكي يرفدنا بأفكار نيرة (ما سمعوا بيها الناس)، ثم يتنادى أولاد مصر جميعا لكي نحتفي أو نحتفل أو نفتخر باستاذنا سفير التواصل الثقافي البروفسيور عبد الله حمدنا الله.
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-08-12, 11:48 PM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-08-12, 11:51 PM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-08-12, 11:54 PM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-09-12, 00:00 AM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-09-12, 00:03 AM |
Re: في رحاب الريفي. | سلمى الشيخ سلامة | 02-09-12, 00:28 AM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-09-12, 01:03 AM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-09-12, 00:32 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 06:20 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 07:54 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 07:58 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 08:08 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 08:14 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 08:28 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 08:34 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 08:40 AM |
Re: في رحاب الريفي. | ABUHUSSEIN | 02-09-12, 08:53 AM |
Re: في رحاب الريفي. | محمد عبدالرحمن محمد | 02-09-12, 08:54 AM |
Re: في رحاب الريفي. | Murtada Gafar | 02-09-12, 04:29 PM |
Re: في رحاب الريفي. | الكيك | 02-09-12, 10:07 PM |
Re: في رحاب الريفي. | الكيك | 02-09-12, 10:57 PM |
Re: في رحاب الريفي. | الكيك | 02-09-12, 11:26 PM |
Re: في رحاب الريفي. | عبد اللطيف بكري أحمد | 02-09-12, 10:15 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 10:56 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 11:06 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 11:23 PM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-09-12, 11:25 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 11:37 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-09-12, 11:50 PM |
Re: في رحاب الريفي. | طه جعفر | 02-10-12, 03:49 AM |
Re: في رحاب الريفي. | محمد عبدالرحمن محمد | 02-10-12, 08:43 AM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-10-12, 12:31 PM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-10-12, 12:34 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 02-11-12, 10:20 AM |
Re: في رحاب الريفي. | الكيك | 02-13-12, 10:11 PM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 02-16-12, 11:14 PM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 03-14-12, 05:17 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-14-12, 10:35 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-14-12, 10:43 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-14-12, 10:49 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-14-12, 10:59 AM |
Re: في رحاب الريفي. | Mohamed Abdelgaleel | 03-14-12, 11:00 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-14-12, 06:30 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-14-12, 06:41 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-14-12, 06:47 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-15-12, 11:19 AM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-15-12, 12:13 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-15-12, 12:24 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-15-12, 12:45 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-15-12, 12:52 PM |
Re: في رحاب الريفي. | اسعد الريفى | 03-15-12, 12:59 PM |
Re: في رحاب الريفي. | علي الكرار هاشم | 03-17-12, 10:21 AM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 03-31-12, 06:24 PM |
Re: في رحاب الريفي. | Al-Shaygi | 03-18-12, 02:05 PM |
|
|
|