الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: أنفة السوداني ======= اعتاد صديقنا المصري زيارتنا يوميا ، بعد الثانية عشرة زوالا بالغرفة 478 بالحي الجامعي (ظهر المهراز) ليشرب الشاي الأسود (ليبتون) ، ويحدثنا عن القومية العربية ، والوحدة العربية ، وثورة عبد الناصر ، والحروب العربية الإسرائيلية...دون ملل ولا كلل ، حتى يقترب موعد المحاضرة بكلية الحقوق، التي كان ينتسب إليها ، فيغادر، دون شكر ،واعدا بإنهاء حديثه ، في زيارة الغد .دامت هذه الحالة حوالي ثلاثة أشهر أو أربعة. كان هذا الطالب المصري ثرثارا لا يسمح لغيره بالكلام ،ولا المناقشة ، وكان الإخوة السودانيين (مسلمي الزين موسى ، مصطفى أبو إدريس ، كامل ، محمد إسماعيل ،نوح رحمه الله ...) يسمعون له - وهم كلهم ، بل كلنا - ضجر منه ومن حديثه ). ربما كان الإخوة يتحملونه وحديثه مراعاة لأخيه ، الذي كان أستاذا بكلية الحقوق ، ويدرس مادة القانون الدستوري . (كل الإخوة السودانيين ، كانوا يدرسون بكلية العلوم السياسية ما عدا الأخ مسلمي الذي كان ينتسب إلى كلية الآداب).الواقع لقد اشتهر الإخوة السودانيون بدراسة العلوم السياسية ، إلى درجة أن صديقنا طلال العزاوي (طالب عراقي) كان يداعب مصطفى أبو إدريس وكامل بقوله : أنتم السودانيون كلكم يدرس السياسة ليحكم .فمن سيحكم من ؟ كان مصطفى أبو إدريس ، وكامل ، ومحمد إسماعيل ، والطالب المصري يسكنون بحي الأطلس ،وكانوا باستمرار يدعوننا لزيارتهم ، وكنا نسوف باستمرار، إلى أن وقع إضراب بالجامعة ، فاقترحت على صديقي مغراوي الذهاب إلى المدينة القديمة(الملاح) ، وأثناء رجوعنا ، قررنا زيارة الإخوة السودانيين .فكان الاستقبال غريبا ، فهو حار، وبارد في نفس الوقت ،شعرنا بالإحراج ، وأردنا الانصراف ،أصر الإخوة على مشاركتهم شرب الشاي ، الذي تعودنا عليه ،(نحن المغاربة نشرب الشاي الأخضر) لكن الارتباك والقلق كان باد عليهم ،ولم يكن خاف علينا. ، تباطؤهم في إعداد الشاي زاد من قلقهم وقلقنا ، وفي كل مرة نهم بالانصراف يعترض الجميع علينا ويجلسوننا بالقوة ...وبعد مدة جاء الشاي الساخن البارد ، الحلو المر، شربناه ولم نستسغه ، لم تصاحبه القهقهات ، ولا الفكاهات ، ولا الكلام الذي يروق مع شرب الشاي . رجعنا إلى الحي الجامعي دون أن ينبس أحدنا ببنت شفة ، ولكن كان كل واحد منا غارقا في كلام صامت ، موضوعه : ما سبب تصرف الإخوة السودانيين معنا هذا التصرف ؟هل أخطأنا في حقهم يوما ؟ هل حاول أحد الإيقاع بيننا ؟ ...؟ وفي الغد ، زارنا الإخوة السودانيون بالغرفة 478 كالعادة وكأن شيئا لم يكن، وأخبرونا بأنهم رحالو إلى حي الليدو . وطلبوا منا بإلحاح زيارتهم بالمسكن الجديد . ازدادت حيرتي ولكني كتمتها ،ولم أنساها، بل ازداد شوقي لمعرفة اللغز الذي حيرني وبدأت يوميا أسأل مصطفى عن سبب التضايق يوم زيارتنا لهم ، فكان يتهرب من الجواب ،إلى أن جاء يوم فقال لي بكل صراحة ،إن الطالب المصري أغلق الباب دون الأواني ( الإبريق ،الكؤوس الشاي السكر )، ورفض إعداد الشاي لكم .بحجة أنكم مغاربة ومضربون عن الدراسة ، وأن البوليس المغربي بدون شك كان يقتفي أثركم ورآكم وأنتم تدخلون منزلنا وبالتالي ستورطوننا في مشاكل نحن في غنى عنها . وبعدما خرجتم دخلنا معه في شجار، وتركنا له المنزل ، ورحلنا إلا الليدوا. فرجاء زورونا هناك لم يطل الوقت كثيرا ، حتى انتقمت لنفسي ولإخوتي السودانيين، إذ جاء المصري كعادته ليثرثر ويشرب الشاي، فطرق الباب، فلما فتحت ووجدته واقفا بالباب ،أغلقته في وجهه وبقوة .ومن يومها لم أره ،ولم أسأل عنه .ولست نادما على ما فعلت . بقلم عمر حيمري مدينة وجدة - المغرب