|
"هنا أم درمان" - يوسف أبو لوز في رثاء وردي بصيحفة الخليج الإماراتية
|
هنا أم درمان" - الخميس ,23/02/2012
يوسف أبو لوز
صوت نوبي بنكهة إفريقية على لسان عربي يبث روحاً سودانية في الهواء الطلق . الروح الصافية الرقراقة كالماء الذي يحفر اسمه في الأنهار تحت ظلال الشجر .
ذلك صوت محمد وردي، الذي رحل قبل أيام، المغني السياسي والوطني، ولكن قبل ذلك هو المغني الإنساني الذي تجاوز صوته حدود المحلية السودانية ليمتد إلى مصر وبلاد الشام والعراق .
من المعروف أن نجوم الغناء العربي في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كانت تدور في فلك نهر النيل والرافدين ومنطقة الهلال الخصيب والخليج العربي .
كانت بطولة الغناء آنذاك تتمثل في قامات عالية مثل أم كلثوم، فريد الأطرش، عبدالحليم حافظ، فيروز، وديع الصافي، طلال مدّاح، وناظم الغزالي وغيرهم وغيرهم من عبقريات الفن الأصيل .
رغم هذه الحديقة الخضراء من رموز الطرب العربي التي يصعب الدخول إليها إلا بامتياز إبداعي ليس من اليسير الحصول عليه إلا بقوة إبداعية موازية لهذه الرموز، إلا أن محمد وردي الذي ولد صوته في إذاعة “هنا أم درمان” قبل أكثر من 55 عاماً، وقف مرفوع الرأس بين تلك الأسماء العربية الكبيرة، وأخذ صوته الأصيل يشق طريقه إلى معظم البلدان العربية التي أخذت الشعوب فيها تصغي إلى إيقاع سوداني جديد، وتتذوّقه باستقبال سمعي شديد الرهافة والجمال، إضافة إلى انتشاره الواسع جداً في إفريقيا .
أكثر من ذلك، سنعرف محمد وردي مغنياً سياسياً وشاعراً سياسياً أيضاً . هو الذي استخدم كلمة “ارحل” في عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري، قبل نحو ثلاثين عاماً “ . . بسبب التهجير الذي طال أبناء جلدته في أقصى شمال السودان”، كما تذكر بعض المصادر .
مارس وردي العمل السياسي والحزبي، وجرّب السجن والنفي، وله مواقف وطنية معروفة في الملفات التاريخية السياسية في السودان، وبعد ذلك هو صاحب أغنية “وطنّا” التي حققت الوحدة الوطنية السودانية أكثر مما حققها الحزبيون الذين تكبّل أرواحهم وأشواقهم حبال وحبائل السياسة .
“وطنّا الباسمك كتبنا ورطنّا
أحبك، أحبك مكانك صميم الفؤاد
وباسمك أغني، تغني السواقي
خيوط الطواقي، سلام التلاقي
ودموع الفراق، وأحبك ملاذ
وناسك عزاز
أحبك حقيقة
وأحبك مجاز” .
محمد وردي جعلنا نحن السودان وأهل السودان بثقافة الغناء التي تزيل كل الحدود عن خرائط التاريخ والجغرافيا .
|
|
|
|
|
|