|
Re: ما هو الفرق بين التسويق الشبكى والهرمى (Re: بلدى يا حبوب)
|
Quote: قول المجيزين وأدلتهم ومناقشتها
وذهب بعض أهل العلم المعاصرين بجواز التسويق الشبكي، ومن هؤلاء: أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية([vi])، والدكتور صالح السدلان، والشيخ أحمد الحداد، والشيخ محمد العمراني، والشيخ عبد الرحمن الهرفي، والشيخ إبراهيم الكلثم([vii]).
واستدلوا لرأيهم بعدد من الأدلة، هي:
أولا: الأصل في المعاملات المالية الحل، كما هو مقرر في قواعد الشريعة، قال تعالى: "وَأحلَّ اللَّه الْبيع وحرم الربا" البقرة: ٢٧٥، ولا يعدو التسويق الشبكي أن يكون نوعًا من البيوع الجديدة التي لم يأتِ نصٌّ من كتاب ولا سنة بالمنع منها، فتُرد إلى أصلها من الإباحة.
ونوقش هذا الدليل بأنه قد دخل على هذه المعاملة جملة من الأمور التي يكفي بعضها للنقل عن أصل الإباحة إلى التحريم، ومن ذلك: القمار والغرر وأكل المال بالباطل، فكيف بها مجتمعة!
ثانيًا: أنه من قبيل السمسرة المشروعة، فالشركة تعطي هذه العمولات مقابل الدلالة على منتجاتها وشرائها، شأنها شأن أصحاب العقار الذين يخصصون جزءًا من مبلغ الأرض المبيعة للوسيط الذي قام بدلالة المشتري عليها.
ونوقش هذا الدليل بوجود فروق مؤثرة بين السمسرة وعمولات التسويق الشبكي، يمتنع معها الإلحاق والقياس؛ فالسمسرة لا يشترط فيها شراء السمسار لأي شيء، وعملات التسويق الشبكي يشترط فيها شراء المسوق لمنتج الشركة، والسمسرة يستحق السمسار نصيبه على كل معاملة أما السويق الشبكي فلا يستحق المسوق العمولة إلا بشروط، والسمسرة تكون السلعة فيها مقصود المشتري لذاتها أما التسويق الشبكي فالعمولة فيه مقصود المشتري.
ثالثًا: أن الثمن الذي يدفعه المشتري في الظاهر هو مقابل السلعة، والعمولة التي يأخذها في مقابل جهد المسوق وسعيه، فما دامت السلعة قد توسطت فلا قمار ولا ربا.
ونوقش هذا الدليل بأن السلعة هنا غير مقصودة، فوجودها غير مؤثر، والغرض الحقيقي من هذه المعاملة هو العمولات، والسلعة جاءت غطاء لإضفاء المشروعية، وهذا ضرب من التحايل المحرم الذي جاءت نصوص الشريعة بسد بابه والتحذير من أربابه.
رابعًا: أن العمولات في التسويق الشبكي من باب الجعالة الجائزة في الإسلام، والتي يستحقها المشترك عند إتيانه بعملاء جدد للشركة.
ونوقش هذا الدليل بوجود اختلاف حقيقي بينهما من وجهين: أحدهما: أن الجعالة لا يشترط فيها الشراء، بخلاف التسويق الشبكي. والآخر: أن جمهور الفقهاء أوجبوا حقًّا للعامل في الجعالة إن انتفع بجزء عمله صاحب الجعالة، فإنه يشترط في الجعالة عدم استفادة الجاعل من جزء عمل العامل، وقد تقدم إمكانية حرمان المشترك من عمولات من سوق لهم إذا لم يحقق الشرط المطلوب.
خامسًا: أنها من باب عقد الوكالة الجائزة بأجرة، فبعد إتمام عملية بيع وشراء المنتج، تقوم الشركة بإبرام عقد وكالة لتوزيع المنتجات أو تفويضها شفويًّا بذلك، يحصل بموجبه الموزع على عمولات مقابل جهده في التسويق.
ونوقش هذا الدليل بامتناع التخريج على الوكالة لما بين المعاملتين من فروق، أظهرها: أن الوكيل في عقد الوكالة لا يدفع ليصبح وكيلاً، بل يأخذ الأجرة المتفق عليها بشرطها، بينما في التسويق الشبكي يدفع الوكيل أجرة ليدخل في شبكة التسويق، وهذا يجعل التخريج على الوكالة غير مستقيم([viii]).
ومن أدلة هذا الفريق يتضح أنه كان النظر فيها إلى ظاهر المعاملة دون ربط بين ركنيها: الشراء والتسويق، هو منطلق هؤلاء، وذلك بفصل عملية الشراء عن التسويق، واعتبار كل منهما معاملة مستقلة، مع إلغاء لأثر مقاصد المشترين ونياتهم، ما دام أن كلا العقدين قد استوفى شروط الصحة الظاهرة.
وهو الأمر الذي يذكرنا بالخلاف في زواج المصلحة المبني على النظر إلى العقود، فهناك من أخذ بظاهر العقد ما دام تحققت شروطه وانتفت موانعه دون النظر إلى مآلات العقد أو طبيعته وتحقق مقصوده ومعانيه، وهناك من اعتبر المقاصد والمعاني حتى لو تحققت الشروط وانتفت الموانع ما دام الغرض أو القصد ظاهرًا وواضحًا.
مقصد هذا البيع وأثره في الاستدلال
من خلال عرض أدلة الفريقين يتضح لكل ذي نظر دور مقصد هذا العقد في الاستدلال على منعه أو إباحته، ولا شك فيما ذهب إليه الفريق الثاني من أن الأصل في العقود الإباحة، وهذا عقد جديد لم يأت نص بتحريمه فيبقى على أصل الحل، ولكن ما دخل عليه من مخالفات تقضي عليه بأنه ربا، وبأن فيه غررًا، وغشًّا، وتحايلاً، وغير ذلك مما يضعه في قلب البيوع المحرمة.
ولقد كان مقصد العقد وطبيعته هو مناط الدليل بتحريم هذا النوع من التسوق؛ إذ المنتج في شركات التسويق الشبكي ليس مقصودًا للمسوقين؛ إنما المقصود الأول والدافع المباشر هو الدخل الذي يحصل عليه المشترك من خلال هذا النظام، كما استندوا إلى أن العقود تُبنى على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن التسويق في هذا الأسلوب انقلب إلى غاية للمنتجين والعملاء، بدل أن يكون وسيلة لبيع المنتجات، وبهذا أصبح التسويق مخدومًا بعد أن كان خادمًا، وأن السمسرة مقصودها السلعة حقيقة، بخلاف التسويق الشبكي فإن المقصود الحقيقي منه هو تسويق العملات وليس المنتج.
وبهذا يتبين أن مقصد هذا البيع أو العقد كان هو المرجع في الاستناد والاستدلال لتحريمه، كما كان المقصد منه هو المستند أو الدليل للرد على من ألحقه بأنواع أخرى من المعاملة مثل السمسرة والجعالة والهبة والهدية والوكالة، وغيرها.
______________________________ (1]) التسويق الشبكي تحت المجهر: 6. زاهر سالم بلفقيه. بحث منشور على شبكة صيد الفوائد، وراجع: التسويق الشبكي: تكييفه وأحكامه الفقهية: 14-15. بندر الذياني. بحث تكميلي للماجستير من معهد القضاء العالي للقضاء. إشراف الدكتور يوسف الشبيلي، والتسويق التجاري وأحكامه: 522. حسين الشهراني. وهو جزء من رسالة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. إشراف: د. عبد الرحمن الأطرم، ود. عبد المحسن جودة، والمرجعان الأخيران غير منشورَيْن. |
|
|
|
|
|
|
|
|
|