|
الوادي الأخضر
|
كتب صالح محيسي في جريدة الراية القطرية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء 24/1/2012 مقالاً تحت عمود (ثرثرة سودانية) بعنوان <الوادي الأخضر>
نص المقال:
قبل عامين تقريبا ومع وصول لجنة توزيع أراض سكنية في مخطط اسمه الوادي الأخضر تدفق الآلاف من السودانيين المقيمين بدولة قطر بجاذبية هذا المسمى الجميل على مدرسة البنين السودانية مقر عمل لجنة توزيع الأراضي، وهم في حالة هيستيرية تجلت في صراع ومنازعات انفعالية تارة مع الأفراد الموكول لهم تنظيم عملية مقابلة أعضاء لجنة توزيع الأراضي السكنية وتارة أخرى في منازعات ثنائية تدافعا واستباقا لبعضهم البعض لاقتحام غرفة لجنة التوزيع بهدف الفوز بقطعة أرض سكنية مساحتها ٥٠٠ متر في منطقة ما من الكرة الأرضية تقع شمال خط الاستواء تتمتع بمناخ السافانا الفقيرة وتتعرض بشكل منتظم لموجات من الكتاحة حاملة معها رمال أرض البطانة وتشير المعلومات الأولية ذات المصدر المجهول أن المنطقة المتنازع عليها بدهاليز المدرسة السودانية خالية تماما من كل مظاهر الحياة بما فيها الضب الصحراوي وأشجار العشر ومع الجهل التام لأغلبية المتنافسين والمتنازعين بالموقع الجغرافي لهذا المخطط السكني فإن حالة الهيستيريا بتدافعهم واشتباكهم في الأيام الأخيرة من فترة عمل لجنة التوزيع عكست ضيقا خانقا في الصدور مع اتساع هائل لمساحة أرض السودان البالغة آنذاك مليون ميل مربع هذا الاتساع ومايحتويه من تنوع بيئي ومناخي وجمالي يجعل من الصعب فهم أن يحشر كل هؤلاء المهووسين بالعاصمة أنفسهم في فيافٍ بعيدة ومنسوبة جغرافيا لمدينة الخرطوم إلا إذا كان المراد هو مجرد الانتساب والتصنيف ضمن قائمة سكان الخرطوم. وبسبب قصر الفترة الزمنية لعمل لجنة توزيع الأراضي فقد ازداد تدفق هؤلاء المتسابقين صوب مقر اللجنة وهم في حالة تصميم مطلق للنزوح والهروب من قراهم وريفهم الجميل وفي سبيل تحقيق هذا الحلم بل هذا الكابوس أدبروا في عدة اتجاهات لتدبير القيمة المالية لقطعة الأرض. سواء بالاقتراض من هنا وهناك أو بالتزاحم في سوق الذهب لبيع ما توفر من مجوهرات تضحية بها في سبيل الفوز بقطعة أرض سكنية بفيافي الخرطوم. وعند سريان حالة الهدنة التي أعقبت معركة توزيع تلك القطع السكنية سارع الحائزون عليها بالسفرإلى السودان لأجل استكمال إجراءات حيازتهم لتلك القطع بمراجعتهم المتكررة والمكلفة لمكاتب الأراضي بمحلية حلة كوكو لأجل توثيق العقود واستلام شهادات البحث التي تثبت ملكية الأرض. ومع النجاح المتعسر لهؤلاء الملاك الجدد في تكملة إجراءات الحيازة والملكية إلا أن غالبيتهم فشلت في الوصول إلى موقع المخطط والمسمى بالوادي الاخضر إذ أوضحت الاستطلاعات الأولية أن هذا المخطط يحتاج إلى أجيال قادمة من الأبناء لأجل تعبيد الطرق إليه وإعماره ثم إسكانه وفي محاولة للوصول إليه روى لي صديقي وزميلي في العمل هنا بمدينة الدوحة عن محاولته الفاشلة في تحقيق أمنيته الغالية بمشاهدة أرضه السكنية فقد طلب من أحد أصدقائه العاملين بولاية الخرطوم بمرافقته وإرشاده للتعرف على موقع الوادي الاخضر وبعد اعذار التهرب المتعددة من طرف الصديق استجاب فيما بعد لزميلي بمرافقته الى موقع الوادي ولكنه اشترط عليه لتحقيق امنيته ان يوفر الاحتياجات التالية وهي سيارة مع ضمانات كافية بقدرة السيارة الميكانيكية على الذهاب ثم الإياب وإطارات قادرة على قهر قيزان الرمل ثم تعبئة خزان الوقود كاملا وتوفير زوادة الطعام وتيرمس ماء لمواجهة حالات العطش وهم في طريقهم صوب الوادي الأخضر. لم يتمكن زميلي من توفير هذه الطلبات وفشل في معرفة أو إدراك موقع أرضه السكنية وعاد للدوحة مكتئبا ليستأنف توصيل أبنائه كل يوم إلى مدرسة البنين السودانية مقر لجنة توزيع أراضي الوادي الأصفر.
|
|
|
|
|
|
|
|
|