|
الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاحبه !
|
ربما يُعتير التعذيب اليوم علماً يدرس! أما الثابت عنه، فذلك التاريخ الطويل، الضارب فى القدم الذى يكشف الكثير من الجوانب المظلمة فى النفس البشرية. للتعذيب علاقات شائكة، مشبوهه ذات مدلولات ( ثقافية، اجتماعية، سياسية، سايكلوجية، و دينية أيضاً). و التعذيب له أساليبه المختلفة، و آلياته، و هو دائماً إما بدنياً أو نفسياً أو كليهما. و تتفاوت الآثار النفسية و البدنية فى المكوث بين جسد و روح.
ثقافياً و اجتماعياً، نجد البطان فى السودان، لإظهار الصبر و الجلد، وهو فخر أمام الناس و النساء منهم فى المقام الأول ( حيث لا يوجد بطان بين النساء). دينياً، نجد الحدود فى الإسلام تعمل على العذاب الجسدى، الخزى أمام المؤمنين، و إصال رسالة ذات مضمون لهم، (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) صدق الله العظيم "و له حكمة مشروعية و إعجاز لسنا بصدده هنا". أما سياسياً بغرض ترهيب الخصوم و تثبيت دعائم السلطان، فحدث و لا حرج.
السؤال هنا( هل هنالك آثار ممتدة للتعذيب؟؟ الأجابة "نعم". الآن دعونا نتفكر فى كيفية إنتقالها للمجتمع عبر الافراد، و الآثار المترتبة على ذلك " من ظهور العنف الأسرى الى إرتفاع نسبة الإنتحار فى المجتمعات". مما لا شك فيه أن التعذيب فى السودان قديم و العنف ضد الآخرين متأصل. و ليس الترهيب و العنف ضد الخصوم السياسية الإ حلقة من حلقات العنف فى السودان. الانظمة المتعاقبة إتخذت من العنف وسيلة أساسية تمرر بها سياستها و تحافظ بها على وجودها فى السلطة. و لسوء الحظ و نسبة للتحفظات حول العنف لا توجد إحصاءات موثقة خلاف بعض المواد فى فترة الإنقاذ و ذلك لوجود الإنترنت كعامل فعال فى العقد الماضى.
أما العنف الأسرى و العنف بين الافراد و القبائل و غيره فلا يمكن أخذه بمعزل من السلوك العام للمجتمع و الإرث الثقافى و الإجتماعى فالضرب كان و لازال أمر محورى فى التربية تتشارك فيه الاسر و المدارس ( الضرب ينفعهم و العلم يرفعهم ). كذلك لا يمكن أن نغفل الخط العام فى المجتمع و الذى يميل بشكل كبير الى إستخدام العنف فى فض إختلافات وجهات النظر. و يكون العنف واضحاً و جلياً فى حالات الضعفاء ( النساء، الإطفال، وعديمى الحيلة ). وهولاء عديمى الحيلة كثر جداً فى مجتمعنا ( الغرباء، اللاجئين، الذين يخدمون فى البيوت،... وغيرهم ). المثل السودانى بيقول ( الما عنده ضهر يضرب على بطنه ). ظواهر العنف و التعذيب الموجودة فى المجتمع تؤثر و تتأثر و تكون لها حركة ديناميكية تكفل لها تغطية مساحات اكبر و قطاعات أوسع مع مرور الوقت. فالذى يزعم أن التلميذ المشاغب غير مدرك لمصلحته أو أثره سلبى على الأخرين، بحيث يبيح ذلك عقابه بصورة رادعة؛ يمكن بكل بساطة أن يصدر الاحكام نفسها على الراشدين، يبرر العنف تجاههم بغرض (العقاب، الإنتقام، إستخراج المعلومات، الترهيب... الى آخر القائمة السوداء من الأسباب التى تحل لهم إهدار كرامة الغير).
يُرى ان إنتقال الفرد من عمله الذى يؤديه ( ذى الصلة بالعنف و التعذيب ) الى حياته اليومية او الحياة العامة ( بعد التقاعد ) يكون مصاحب بآثار متبقية من المهنة مما يؤدى الى ظهور السلوك الشاذ حين يتعامل مع الآخرين ( الجيران، الأسرة، النادى، السوق،.... و غيره ).
ليس من الغريب أن تجد بعض الذين عملوا فى شرطة (السوارى) مثلاً، يحتفظون بالكرابيج فى منازلهم بعد التقاعد. يستخدم هولاء الرعب و الضرب فى منازلهم. و تكون المهنة قد تسببت فى أضرار عديدة لأسرهم، تظهر بجلاء فى سلوك الأبناء و شخصياتهم. أصحاب بطاقات القوات النظامية تفننوا فى استخدام العنف ضد المدنيين ( ضرب و كفيت و إساءات). لذلك أصبح الانتماء للقوات النظامية فى معظم الأوقات رخصة مجانية لامتهان كرامة الآخريين. أما الأمن و المعتقلات و السجون فأخرجت أجيال من الطغاة عديمى الضمير و مجرديين من الإنسانية. الثابت أن الآثار المتبقية تظل تتحكم فى سلوكهم لبقية العمر. من العنف فى مجال العمل للعنف فى الأسرة ضد الزوجة و الأبناء. و يعقب كل ذلك الانكسار و إدمان الخمر و المخدرات. و قد تؤدى لانتحار البعض.
السؤال الذى يهم الكثيرون؛ هل يمكن أن يحس المقربون لرجال الأمن بالسلوك الشاذ الذى يتفنن صاحبه فى اخفائه؟ فى الغالب تخرج من أكثرهم مفردات تدل على ظلمة الدواخل. تخرج فى حالات كثيرة معظمها غير مرتبط بالعنف. مثل مشاهدة مباراة رياضية، أو قيادة السيارة مثلاً. لذا فمعرفة أسر هولاء بطبيعة عملهم حتمية، و إن كان البعض لا يطيل التفكر و التحليل لشخصية (قريبه أو والده). هذه المعرفة أيضاً تسبب الأضرار البالغة للأبناء و تظهر فى سلوكهم. المجتمع المحيط دائماً ما يتعرف على هولاء المتخفيين وراء المظهر و المكانة الاجتماعية. و يتحكم ذلك الوضع فى صداقاتهم و تداخلاتهم الأسرية. هم بالطبع مفضوحون، فهل تعرفت على بعضهم عزيزى القارئ؟؟
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاحبه ! | Abuzar Omer | 01-04-12, 04:10 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | معاوية عبيد الصائم | 01-04-12, 04:22 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-04-12, 10:11 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | حسن حماد محمد | 01-04-12, 09:59 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | معاوية عبيد الصائم | 01-05-12, 05:30 AM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | على عجب | 01-05-12, 01:13 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-05-12, 07:11 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-05-12, 07:16 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | على عجب | 01-06-12, 07:02 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-06-12, 10:55 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-06-12, 11:15 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-07-12, 11:29 AM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-07-12, 07:35 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-08-12, 08:04 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-09-12, 07:40 AM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-10-12, 09:33 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-21-12, 10:53 AM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | مهيرة | 01-21-12, 02:05 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 01-21-12, 09:40 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | معاوية عبيد الصائم | 01-25-12, 06:03 PM |
Re: الآثار الممتدة للتعذيب، و إلى أى مدى يمكن أن يفترس وحش التعذيب صاح | Abuzar Omer | 02-13-12, 08:38 AM |
|
|
|