عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-25-2024, 01:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-27-2011, 02:50 AM

د.عبدالله جلاّب


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودان

    عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني ودوامات العنف في السودان


    صدر في شهر سبتمبر الماضي من دار جامعة فلوردا الأمريكية للنشر كتاب جديد للدكتور عبدالله جلاب بعنوان:
    A Civil Society Deferred: the Tertiary Grip of Violence in the Sudan.
    الكتاب الذي يضم ثمانية فصول ومقدمة وخاتمة عبارة عن دراسة لتطور قيام الدولة المركزية في مراحل ما قبل الإستعمار والحقبة الإستعمارية وفترة ما بعد الإستعمار وتطور أشكال المقاومة المدنية لتلك النظم في أشكالها وأوقاتها المختلفة. يفرق الكاتب ما بين فضاء التجربة السودانية الإنسانية الواسع في مساحاته التي شملت ما هو أوسع من سودان محمد علي باشا الجغرافي والضارب في عمق التاريخ والذي عاش إنسانه وشارك في صناعة الحياة والموت والعنف وبناء الدول وترويض عوالمه بدرجات من النجاح والفشل. وبين ذلك السودان الذي صنع حدوده الجغرافية محمد علي باشا في 1821 وظل يتمدد قليلا وينكمش قليلا في إطار تلك الحدود منذ ذلك الوقت حتى التاسع مع يوليو 2011. وإن كان محمد علي قد رسم حدود تلك الرقعة الجغرافية وقدر أشكالا من قدرها ذات يوم لأسباب لم تتوافق والأماني وحق الأنسان السوداني في العيش الكرم وعلى يد عمر البشير إنفرط عقد تلك المنظومة من واقع بؤس أحلام الحاكم وما صنعت دولته وحزبه بالبلاد والعباد الذين فروا بجلدهم جموعا وأفرادا من نظامه. وتعددت وتفرقت بهم السبل. وقد كان آخر الفارين من تلك الدولة المستبدة وذلك النظام الغاشم حتى الآن هو المواطن السوداني من أهل جنوب السودان. وفرارهم هذا هو فرار من النظام وليس فرارا من السودان الذي لا زالت دولتهم الجديدة تحمل إسمه. أي نظام إختاره الإسلاميون لأنفسهم: بئس الرفد المرفود.
    تتعرض الدراسة لصنوف وظروف الآثار العميقة والمتعددة التي شملت البلاد منذ التركية مروراُ بالمهدية ودولة الحكم الثنائي وما بعدها أو ما يسمى بالدولة الوطنية وشمولياتها العسكرية عاى وجه الخصوص وما ترتب على تيارات العنف التي تواترت وعملت منفردة ومجتمعة في سجال متواصل ومتواتر في قمع حركات المجتمع المدني الساعية نحو التغيير ومن ثم تأجيل الحوار والوطني ونمو المجتمع المدني من قبل قفل باب الرأي. هذا فقد ظل ذلك السجال حاضراُ يحمل وجوهاُ متعددة بين مطامح الجماعات السودانية في تحقيق ذاتها وفق ما ظلت تتشكل به هذه المطامح خارج إطار الدولة القائمة ومطامع ومصالح النظم المختلفة المتدثرة بعنف الدولة في قمع ذلك الحراك وفق أشكاله المتنوعة وفي كل حال له وفي كل وحين. وبذا يظل المشروع الإجتماعي السوداني في مآلاته الوطنية وآفاقه المبتقاه مشروعاُ حاضرأ في الزمان والمكان والخيال والمسعى الجمعي وإن إختلفت أساليب التعبير عن ذلك وفقا لشروط وظروف كل حال. هذا والأمر كذلك لا ينفك إلا أن يظل مطمح المجتمع المدني ظرفاُ مؤجلاُ أو حلماُ منقولا إلى مراحل قد تأتي وقد لا تأتي وفقاً لما يتحتم من مآل لكل من تطور الأمور أوكما عبر عنه الكاتب. ومن هنا تتواتر تيارات القبض والبسط وفق تداول صنوف الدهر إذ لكل حالة لبوسها من عنف أو هيمنة أومقاومة أوعنف مضاد. من ذلك كله تكتسب الحالة السودانية مميزاتها الهامة .
    The Social Science Research Council (SSRC) هذا وقد قام مركز البحوث الإنسانية الأمريكي
    من فتح نقاش أكاديمي حول Royal African Society (RAS) والجمعية الملكية الإفريقية في بريطانيا الكتاب وهنا يوجد الرابط الموصل لذلك:
    http://africanarguments.org/category/making-s...il-society-deferred/
    ومن جهة أخريورد الكاتب هنا مداخل مختصرة لبعض الأفكار التي تضمنها الكتاب والتي كان قد ضمن الكاتب بعضها في ذات الوقت في كتابات باللغة العربية.
    يذهب الكاتب إلى أن تتبع النسق الإجتماعي الذي ظل يفرزه نتاج التراكم المطرد لتجارب الإنسان السوداني في إطار الأمكانيات المتيسرة له في كل حال وحين والتحديات والصراعات وكيفية إدارة كل ذلك في توافق أو تناقض وآفاق الخيال السياسي والإجتماعي مع ما يمكن أن يوصف بعقيدة السودانين عن الذات مكن السودانيون من بناء كيانات كبيرة إستوعبت تلك التجارب والروح الجماعية والفردية للسودانيين. تمثل تلك الكيانات في تميزها الإطار العام للتجربة السودانية في الإطار العام لدائرة الفعل السوداني الذي هو أكبر من إطار السودان الجغرافي الذي حدده محمد علي والذين من بعده. هذا ومن جهة أخرى فقد ظل القرن الماضي شاهداً على محاولات النجاح والفشل في تحويل ذلك إلي كيان جامع يمكن أن يكون ذا سعة أكبر ورحابة من أكثر من تلك الكيانات. لقد تكونت وإعيد تكوين القبيلة ككيان جامع لوحدات إجتماعية تداخلت من منطلق التصاهر والمصلحة المشتركة. ومن دينميكية دخول وخروج الأفراد والجماعات في إطار ذلك الكيان الجامع أصبح أمر العرق المشترك أقرب إلى أسطورة العنصر المؤسس للجماعة منه إلى العنصر ذاته. وبذلك فقد توافرت أعداد أفراد بعض القبائل وتضاءلت نسب أخرى من واقع عمليات متعددة فيها عنصر التناسل والإستجارة والضرورات ومقتضيات الأحوال وتحولات البيئة وسبل كسب العيش وغير ذلك. وقد لعبت روح الترحال القسري والطوعي دورأ هاماً في بسط روح المواددة والتسامح كأمر تبادلي: فالفولة سوف تمتلئ والبقارة ستجئ واردة. ويظل الأمر كذلك ما لم يحدث ما يعكر صفاء دورة الأشياء فينقلب الحال إلي صراع والصراع إلى عنف. حينها يكون لكل حال دينمكيته في إطار فرز وتداخل الأشياء. هذا ومن جهة أخرى فقد دخلت القبيلة في حالتين متناقضتين منذ أمد طويل من واقع ما يمكن أن يسمى بنوع ونمط الإنتاج الذي دخلت أو أدخلت فيه وحدات سكانية بعينها. فقد تكلست لحد كبير القبائل الرعوية في حالتها تلك من واقع التهميش الذي أدخلت فيه منذ العهد التركي. في ذات الوقت فقد أدخلت جماعات الإنتاج الزراعي غير المروي خاصة بعد قيام المشروعات المروية في الجزيرة والنيل الأبيض ومشروعات الزراعة الآلية بعد ذلك في الهامش غير المرئي. لذلك فقد ظل نمط الإنتاج الزراعي أو الرعوي المدخل لعلاقة القبيلة بالهامش. وظل الهامش يتمدد ليصبح هوامش. وفي إطار تلك الهوامش فقد كان لللمفتش العام للدولة الإستعمارية "سلاطين" ومهندسي الهوية أمثال ماكمايكل تأطير جماعات من المواطنين كوحدات تخضع كمناطق مقفولة في هوامشها من أجل السيطرة عليها وفق أسلوب لإدارة مستبدة ومن ثم يتم التحكم والسيطرة على حياة المواطنين من الخارج وكأسلوب رخيص التكاليف في ذات الوقت. وكما كانت صناعة الهامش فقد تواصل أيضاً إنتاج كل وصمة الحقت بأي من تلك الهوامش أو بأهلها وأصبحت تشكل كل من أجزاء تتكامل وتنفصل في إطار الأوصاف و النمطيات العامة والخاصة والمحاولات الرامية لتوطيد الفرعيات التي يتداولها البعض كوصف لآخر لايتميز عنه إلا بمدى ما حاق بأي من عنف أو من إختلاف في التجربة التي تعرضت لها مناطق البلاد المختلفة. وبتقادم وتواصل تجربة التهميش وضعف أدوات الدرس للحالة السودانية في تطورها وتعقيدها ومحاولات "تموين" المعرفة وتكميم منابر الحوار في ظل النظم القمعية أخذت الحواجز الوهمية تأخذ أشكال متجددة أكثر أثراً وخطراً.
    لقد إنتبهت الحركة التحررية السودانية في بداية عهدها بالأهداف وراء السياسات الإستعمارية في علاقتها بصناعة القبليات. فقد وضعت الثورة التي قادها على عبداللطيف وعبيد حاج الأمين من ضمن أجندتها في مجال التحرر الوطني بإعلاء المواطنة والوطن على القبيلة والوقوف ضد إستغلال القبيلة بواسطة الدولة الإستعمارية. وقد حمل الشاعر الفذ يوسف مصطفى التني الأمرخطوة متقدمة بتأكيد "القومية النبيلة" على "عصبية القبيلة". غير أنه لا تلك القومية النبيلة ولا عصبية القبيلة قد أخضعت للدرس ليصبح الحوار والإجتهاد جزءأ من برنامج التنمية الإنسانية السودانية حتى لا يصبح ناتج المسكوت عنه هو الذي يفرق بين السودانين. في غياب ذلك لا نزال نرى كيف يتم إستغلال القبيلة إدارياً لحصرها في دائرة الهامش وسياسياً من أجل أهداف أملتها محاولات النظم القمعية تحجيم البناءات الحديثة و التي هي الأكثر إتساعاً مثل الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني.
    هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد هناك كياناً آخر ظل يلعب دوراً أساسيأً في تقليص السلطة النهائية للقبيلة. ففي إطار الحركة القطاع المسلم في البلاد بصورة أوضح حيث نمت الطريقة الصوفية ككيان أوسع من القبيلة فقد تآخى الافراد والجماعات من مختلف المناطق والقبائل واللهجات واللغات في إطار كيان جامع له إمتداداته في التاريخ والجغرافيا. ولعل من ما وسع من إطار وآفاق الطائفة أو الطريقة هو أنها قد إعتمدت على قدر من المعرفة القائمة على القراءة والكتابة. والحال كذلك فقد اتسع في ظلها نطاق الخلاوي والمساجد ومجالات وممارسات الطقوس واللقاءآت والتجمعات المتعددة. وتطور الشعر مكتوباً ومنشداً ومغنى. ولقد ساهم المناخ العام لتعدد وتنوع الطرق الصوفية في ترسيخ روح التعايش السلمي في معظم الأوقات. الأمر الذي جعل كل محاولات فرض دين الدولة أمراً صعب التنفيذ سواء كان ذلك إبان دولة المهدية أو دولة الإسلاميين القائمة. هذا وقد لعبت الطائفة المسيحية دوراً مماثلاً في الجنوب في أن يكون بعضأ من قاعدة وطنية جنوبية. فالطائفة المسيحية هي الاخرى أوسع من القبيلة في إمتداداتها التاريخية وثقلها السياسي الذي له أمره التبادلي مع القبيلة. وإن كان للطريقة الصوفية مؤسساتها التعليمية ومكتبتها الذاخرة فللطوائف المسيحية أيضاً مؤسساتها التعليمية وإمتداداتها في مجالات العلوم اللاهوتية. بالطبع إن ضيق إتساع رقعة المسيحية قد جعل من المسيحيين أقلية في الجنوب بينما تظل الطوائف الصوفية تمثل الأكثرية في الشمال الأكبر. ومن روح الطائفة أو الطريقة قد ظهر تطور هام جمع ما بين الإخوة في الطريقة وأساليب الكسب المادي والحياة الجتماعية مما ساهم في تطور رأسمالي زراعي إقليمي حول السيد عبدالرحمن المهدي والثاني مدني تجاري حول السيد علي المرغني. هذا التطور في شكليه الرئسيين تلكم كان منافساً لرسمالية الدولة الإستعمارية التي كانت تسعى بإنشاء نظام رأسمالي عن طريق السيطرة على مقاليد وإستغلال الحياة الإقتصادية والدينية والزراعية. لذلك فقد جمعت روح ما سماه بعض الدارسين "العداوة الحميمة" في حركة وطنية جمعت بين قطاعات الطبقة الوسطى النامية في السودان في اشكالها الثلاثة: التجارية والزراعية والموظفية. أساس تلك العداوة الحميمة هي أن أي من تلك القطاعات كانت ترى في الدولة الإستعمارية أحد مقومات وجودها ولكنها ظلت تسعى لزوال تلك الدولة. ولعل ما صاحب ذلك التطور من ضعف معرفي وعدم دراسة الحركة الوطنية من أجل الإرتقاء بالحركة الوطنية في تطورها كأساس في بناء مجال عام متطور يقوم عليه بناء الوطن والدولة الوطنية من فيض تلك الحركة. غير أن الصراع المتصل بين الدولة في شكلها الإستعماري وما بعد الإستعماري وبين المجال العام في أحزابه ومجتمعه المدني والذي ظل الحديث عنه أحد المسائل المسكوت عنها في إطار الحوار الوطني قد ظل أحد نتائجه ذلك البطش المترتب على المسلك العام للنظم المتتالية. ومن هنا جاءت أيضاً أشكال العنف الخاص والموجه نحو الدولة والذي تصاعد ليشمل مناطق بعينها حتى أصبح العنف صنواً لتعبير الهامش عن ماحاق به من غبن تاريخي. غير أن التعبير عن تعقيدات ذلك الأمرفي بعض أشكالها وضعف اللغة المشتركة التي يمكن أن تسبر غور هذا الأمر تظل واحدة من الأمور التي ظلت تفرق بين السودانيين.
    أما الفصيل الثالث فيتمثل في الكيان التجاري الذي قام على طبقة إقتصادية وإجتماعية هي أوسع من القبيلة وأضيق من الطائفة. فالدخول إليها لا يرتبط بقبيلة أو جماعة واحدة وإن ظل وثيق الربط بوضع إقتصادي ناجح ومتواصل. ومن جانب آخر فإن العمل التجاري يقوم على مقومات مادية ومعنوية بذاتها. فهو من جهة ينمي الروح الفردية والتنافسية. ورغماً عن ذلك فإن السوق يفترض ويفرض تعاضضاَ وتواصلاً مهنياً وطبقياً في ذات الوقت. وللسوق أيضاً أساليبه المتميزة التي تعطي المظهر والعرض والعلاقات العامة مكانة خاصة. هذا ومن كل ذلك ولكل من ذلك قواعد سلوكية وأشكال إجتماعية تحدث عن الوضع المابي والمكانة الإجتماعية. ومن كل ذلك أصبح للجلابة أسلوب حياة و أحياء تميزهم ومدن تنمو أو تضمر أو تموت من واقع حركتهم الإقتصادية. وللسوق أخلاقياته الخاصة في التعامل لخصتها القاعدة الذهبية للسوق بقولها المأثور: اكلوا إخوان و تحاسبوا تجار. هذا بالإضافة إلى قواعد أخرى يحفظها الجلابة عن ظهر قلب ويتوارثونها أباً عن جد. وذلك هو كتاب الجلابة المحفوظ في الصدور. ويتلخص في كيفية المحافظة وتنمية المال. وفي هذا المجال يمكن أن يتجاوز الأمر ما يقع في مجال توسيع مجالات الربح إلى شئون التدريب وأساليب المنافسة وتطوير العلائق الداخلية والخارجية. وللجلابة تداخلاتهم ومداخلهم الإجتماعية القائمة على تبادل المنافع وبناء تحالفات في إطار الكيانات الأخرى. وعلى مدى عمر حركة الجلابة الإجتماعية فقد قامت على أيديهم مؤسسات خيرية ومدارس أهلية وأوقاف خصصت للجوامع والمؤسسات التعليمية وغيرها. هذا وقد ظل مسلك الجلابة تجاه المرأة يستبطن عقداً طبقياً أكثر من كونه يستلهم تعاضضاً قبلياً أوعقيدة دينية . فخروج المرأة من دائرة المال إلى ما هو أدنى في سلم الثروة والوضع الإجتماعي عن طريق الزواج في معناه النهائي هو تفتيت للثروة. أما دخولها في مجال الثروة مهما كان وضعها السابق ففيه زيادة خيرويمكن أن يصبح ذلك الخير خيرين إن كانت الزوجة ذات حسب أو نسب في إعتقادهم أو الأثنين معاً. ولعل المعبر الأكبر عن الروح المحافظة للجلابة والذي همشت المرأة وقيدتها بقيد من حرير قد تجلت في المعاني التي ظلت ترسخها حقيبة الفن التي رسمت صوراُ حسية لأنثى صامتة بعيدة المنال.
    لقد إنتشر الجلابة في بقاع السودان الواسع وتصاهروا مع كل القبائل والجماعات مما مدد من وشيجة القربى بين الجماعات السودانية ولكنهم في ذات الوقت ضنوا بنسائهم على من إعتقدوا بأنهم أقل كفاءة من الطرف الآخر الأمر الذي أورثهم ضغائن ومرارات عميقة. لقد ظهرت طبقة الجلابة الى الوجود بعد أن ضعفت ومن ثم زالت نهائياً سيطرة سلاطين الفونج على الصادرات والواردات في البلاد. وقد تعضد نجاحها على ما توافر من فيض الطائفة في توفير قدر من القراءة والكتابة والحساب والفقه. فعن طريق ذلك يصبح الإتصال المكتوب الموثق ممكناً ويمكن أن تضبط الحسابات وتسجل الديون والإستحقاقات ويتم التقاضي وفض النزاعات. ومن ثم تصاعد وقوي عود تلك الطبقة بتطور وسائل الموصلات والإتصال ونمو الرأسمالية التجارية كما ذكرت من قبل. هذا وقد تهمش أمرهم في الهامش من واقع عوامل تهميش الهامش. والأمر الذي جعل تواتر نزوححهم من الهامش إلى حيث العشب أكثر إخضرارا أمراً ملاحظاً وخاضعاً لتفسيرات ليست كلها إيجابية. غير أن الأهم هنا هو أن وتائر النمو الرأسمالي قد ظلت غير متوازنة ما بين الهامش والمركز الأمر الذي زاد من تهميش الهامش.
    ظهر الفصيل الرابع والذي أسميه المجتمع المحلي للدولة بدخول السودان مرحلة جديدة بداية القرن الماضي . فقد ظهر ونمى قطاع المتعلمين الذي إكتسب قوة ومنعة من واقع إرتباطة بجهاز الدولة. فقد أعطت الدولة هؤلاء القادمين الجدد مجداً وسلطة لا يحدهما وضع إجتماعي سابق مهما تواضع. لقد إنبنى النجاح في الوضع الجديد على ترسيخ الروح الفردية وتنامي السلطة من تصاعد الترقي في السلك الوظيفي. فهم من هذا الجانب أشبه بالجلابة إلا إنهم بلا سوق. لذلك فقد وجد المدنيون منهم روح التضامن في النقابة والإتحاد المهني. هذا وقد إعتبرت أجيال المتعلمين أنهم على موعد مع القدر كما يقول أحمد خير. والأمر كذلك فقد تعاملوا مع كل ما عداهم في المبتدى بتعال وعنجهية إعتبرت من هم سواهم رجعية أو كما قال محمد أحمد محجوب. وإستبطن بعضهم هذه الروح وهم يؤسسون للأحزاب الطليعية كما تحالف جزء منهم مع ما وصفوه بالرجعية ذات يوم. أما الجماعة العسكرية فقد وجدت في زمالة السلاح قوة إضافية تقوي بها قدرتها التنافسية من أجل المزيد من القوة والسلطة والمجد. لذلك فقد دخل هؤلاء واولئك النظام السوداني بإيمان فاسد. لقد كانت الحركة الوطنية السودانية منفذاً على موعد مع قوة التاريخ الفاعلة. فحاولت أن تسعى بها إلى تأسيس كيان جامع أوسع من القبيلة والطائفة والطبقة والقطاع.
    من ذلك يمكن أن يرى البعض في فيض تلك التجربة أن السودان الوطن الممكن لا يزال جنيناً يتكون. ولما كانت الأوطان لا تتكون بالصدفة فإن السودانيين امام لحظة تاريخية من أجل صناعة هذا الوطن الممكن. وإننا على موعد مع تا ريخ يحتمل ويرقى لأن يضم في سعته الجغرافية ما تعارفنا عليه الآن أو أكبر. وأن من واقع الحالة الوجودية التي نعيش ما يقع في إطار تعظيم التجربة السودانية بوضع كل المسكوت عنه في محال الحديث المباح حتى يوجه الأمل الذي يمكن أن ينتظم وجداننا والإرادة الجماعية التي صنعت بها أجيال السودانيين بناءات كبرى في مجال التجربة الإنسانية ليتطابقا مع العمل صوب مشروع التغيير الشامل الذي يمكن أن يقوده أهل السودان وفق إرادتهم الحرة. وذلك أمر يقع في إطار حق المواطن وإستحقاقات المواطنة من جهة وإكمال صناعة الوطن على أساس واضح. هذا الأساس الواضح لا يقوم على ترميم دولة ونجت وإنما يقوم على التحرر الكامل منها او من السودان القديم من أجل صناعة البناء الكامل للسودان الجديد. نعم لقد لملم الإنجليز عددهم كما طلب حسن خليفة العطبراوي ولكنهم لم يسوقوا معهم ولدهم. فقد بقي جهاز الدولة الإستعماري لأطول مما طلب شيخ أزرق. لذا فإن مشروع السودان الجديد هو في الأساس هو إكمال حركة التحرر من ربقة الدولة الإستعمارية ومخلفاتها وبناء الدولة السودانية التي تفتح الباب الواسع الذي يمكن أن يدخل الناس أفواجاً عبره في رحاب الوطن كمواطنين كاملي الأهلية والمشاركة في الحقوق والواجباتَ وذلك من تجليات ومنطلق ولاية السلطة المدنية التي قادت من قبل التغيير الإجتماعي الذي تم عن طريق الفعل المدني والذي في إستطاعته وسلطته فتح وإغلاق أبوباً في مجال بناء مواطنة فاعلة تؤسس لذلك الوطن الجديد. ولا يضير مشروع السودان الجديد إن كان جون قرنق أحد دعاته. فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها. ولا أعتقد بأن المشروع قد مات بموت جون قرنق. إذ أن المشروع ليس ملكاً خاص به يحيا بحياته ويموت بموته. فالمشروع في تكامله جماع لرؤى جماعية وفردية تذهب إلى أن يعاد بناء الدولة والوطن وأن يتم رتق المجال العام حتى يكون الموئل للحركة العامة من عند الشعب ممثلة في أحزاب وتنظيمات يختارها الموطن وفق إردته الحرة وينتظم بها التنافس الحر وتحويل الإختلاف والصراع إلى قوة فاعلة في تطور شئون الحكم لا من حيث أن الأقربين أولى بالمعروف وإنما من حيث أن المواطنين دون إستثناء أولى بالمعروف. ولا أن يكون ديدن دولتهم هو توزيع العنف غير المتساوي عليهم وإنما توزع العدل عليهم وتشملهم بالكرامة والسعادة والخير دون أي تمييز. ومن جهة أخرى فإن مشروع قرنق قد طرح بأكثر من شكل وأن الإستقبال غير المسبوق الذي أستقبل به يوم الجمعة الثامن من يوليو 2005 و الأعداد الأكبر التي تستمع أو تشاهد من البعيد داخل البلاد وخارجها بعاطفة جياشة كل هؤلاء وأولئك كانوا على لقاء متضامن ومناصر لرؤية السودان الجديد التي شملت روافدها كل ما ناضلوا من أجله وحلموا به في قضية المواطنة والحريات والكرامة الإنسانية ورتق النسيج الإجتماعي. ولعل أمر تراجع البعض عن المشروع لا يلغيه وإنما يضعه في إطار الأجندة الوطنية التي يتضمنها مشروع إعادة بناء الوطن المتكامل. كللك ذلك يمكن أن يبدأ بتغيير مناخ الحوار الوطني ليشتمل على قضية الوطن بكامله في إطار المجال العام لا المجال الرسمي أو الخاص


                  

العنوان الكاتب Date
عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودان د.عبدالله جلاّب12-27-11, 02:50 AM
  Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا Adil Osman12-27-11, 11:26 AM
    Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا adil amin12-27-11, 12:01 PM
    Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا د.عبدالله جلاّب12-27-11, 08:59 PM
      Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا Asma Abdel Halim12-28-11, 01:38 AM
        Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا هيثم طه12-28-11, 05:16 AM
          Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا adil amin12-28-11, 12:08 PM
            Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا د.عبدالله جلاّب12-28-11, 03:33 PM
            Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا د.عبدالله جلاّب12-28-11, 03:33 PM
              Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا Mohamed Yassin Khalifa12-28-11, 10:59 PM
                Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا تبارك شيخ الدين جبريل12-28-11, 11:23 PM
                  Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا Sudany Agouz12-28-11, 11:44 PM
                    Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا Elmoiz Abunura12-29-11, 01:26 AM
                      Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا osama elkhawad12-29-11, 02:10 AM
                        Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا Osman Musa12-29-11, 02:50 AM
                          Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا د.عبدالله جلاّب12-29-11, 01:17 PM
                            Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا صديق مهدى على12-29-11, 03:30 PM
                              Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا د.عبدالله جلاّب12-30-11, 01:07 AM
                                Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا احمد محمد بشير12-30-11, 01:24 AM
                                  Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا Nasr12-30-11, 01:52 AM
                                    Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا GAAFER ALI12-30-11, 03:40 AM
                                      Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا GAAFER ALI12-30-11, 03:47 PM
                                        Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا د.عبدالله جلاّب12-30-11, 09:29 PM
                                          Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا GAAFER ALI01-01-12, 03:49 AM
                                            Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا د.عبدالله جلاّب01-01-12, 01:41 PM
                                          Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا احمد محمد بشير01-22-12, 01:05 PM
                                          Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا احمد محمد بشير01-22-12, 01:06 PM
                                            Re: عبدالله جلاب يصدر كتابا جديدأ عن المجتمع المدني و العنف في السودا Mohamed Gadkarim02-07-12, 06:09 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de