|
الحزن لايتخير الدمع ثياباً كي يسمي في القواميس بكاء,... لن ننساكم
|
الحزن لايتخير الدمع ثياباً كي يسمي في القواميس بكاء في مثل هذا الفقد يصعُب علي المرء الكتابة, إنهد ركن ثالث من أعمدة البناء السوداني رجل وهب حياته للعمل العام وكرس معظم وقته لانجاز مهام المحضر الاول من محاضر مابعد الاستقلال التي عجزت النُخب السياسية عن إدراكها وصياغتها بشكل أفضل, في هذا العام حصد الموت ثلاثة من أعمدة الفن والادب(الشعر) والسياسة, وهو بكل حقيقة فقد لايضاهيه فقد فقد كانوا رموزاً عاليات أضائوا للاجيال القادمة معني أن تغني وأن تكتُب شعراً وان تحترف السياسة. وردي لايسعني هنا الا أن ابتدي بمقولة الاخ المثقف خالد عويس ,وردي الايقونة السودانية الاغلي, جرب عبر مسيرة فنية طويلة أحلام ومخاض تجارُب فنية عميقة تناول فيها العاطفة والحُب والثورة,لم يكُن منعزلاً من نبض الشعب بل عبر عنه بقوة ,كان فناناُ حقيقياُ غني لاجل الحياة والمستقبل, غني بغير لغته الام,صارع من صارع من الفنانين حتي يتحول فناناً من الدرجة الرابعة بالاذاعة الي فناناً من الدرجة الاولي وبل سبقهم بانتمائاته الوطنية, لم يستخدم فنه في بناء ثروة أو بلوغ مرتبة غير مرتبته بالمال أو السلطة بل دفع من حريته وعمره لاجل مبادِئه ونصوصه التي لحنها بدقة, رجلُ يربط بين المفردة والموسيقي والمُتلقي بسحر أخااذ, مات وهو يحلم ايضاً بالتغيير والثورة والديمقراطية, ستظل اغانيه مُلهمة للاجيال القادمة وستبقي مقطوعاته الموسيقية خالدة في أعماقنا مابقينا علي هذه البسيطة الا رحم الله الفنان الثوري محمد عثمان وردي واسكنه فسيح جناته. حميد سلطان الشعر الثوري وقافيته المؤصلة,متغلقل في الوجدان الشعبي عرفته الجماهير مُمسكا بالقضية منحازاً اليها مُخلصاً لها ولمبادئها, لم يكن مجرد صفوي امتطي جياد الشعر ليصل الي أمجاده الذاتية,بل كان يمتطيه الشعر والضمير ليسير هائماً من منفي الي سجن الي معتقل,وهو الذي دفع ضريبة ماكتبه,وهي حالة جميلة من الانتلجنسيا الثورية أن تقدم وتدفع ضريبة قناعاتك وتتنازل عن اشياء مهمة في حياتك مثل (الحرية) , كتب للتقدم الاجتماعي لم يكن شعره موجها لمخاطبة قضاياه الخاصة بل جُل شعره خاطب أحزان الناس وعبر عنهم بمفرداته البسيطة,كان منحازاً للخط التقدمي ولم يحلم الا بإفق الفقراء وأحلامهم, بكته الجماهير بحُرقة فقد كان لسانهم ,كما كانت كلماته هي الوقود الذي يسيرون به ,فقد كان حتي ثورياُ في موته فقد قرأت الجماهير شعره وهو يواري الثري وهتفت به, وبموته حميد دخلت النساء المقابر في ظاهرة لم تكُن معروفة بالسودان, مثل هذا لايحدُث الا في عزاء الاحياء وملهمي الجماهير.. الا رحم الله حميد واسكنه فسيح جناته مع الثوريين والشهداء. محمد ابراهيم نُقد السياسي المحترف والرجل الحكيم الخبير بشؤون السياسة وعلاقتها الجدلية بالواقع, كان يقول لزملائه بحنتوب عند موت استالين (ان استالين لم يمت فقد إنتقل من الدنيا ليسكن قلوب الكادحين) منذ نعومة اظافره إنتمي الي الفكر الثوري وكان من المؤسسين للحركة السودانية للتحرر الوطني شارك في مظاهرات ضد المستعمر,فصل من جامعة الخرطوم لنشاطه السياسي بعدها سافر الي بلغاريا لدراسة الاداب, ثم تخرج منها في العام 1958 ومنذ ذلك العهد هو متفرغاً نبيلاً بالحزب الشيوعي السوداني شارك مع رفاقه في تاسيس الحزب الشيوعي وصناعة اكبر ثورتين شعبيتين بالسودان,1964,1985 تولي مهام السكرتير العام للحزب الشوعي بعد إعدام نظام السفاح نميري لانبل أبناء الوطن من المفكرين والشيوعيين , في مجزرة يوليو الشهيرة, عمل علي تماسك الحزب وإخراجه من الضربات المتتالية التي لاحقته عبر الانظمة الرجعية انتهاءً بنظام الاسلاميين الاخير, كان هو المُنظر والمُفكر لقيادة الحزب في سنين الديكتاتوريات متخفياُ مُتنقلاً من منطقة الي أخري ليباشر مهامه الحزبية. لم يناطح الدنيا ذهد بها ولم يتزوج وغيره الكُثر من الخريجين من أبناء جيله من راكم الثروة وعمل بوظائف مرموقة بالحكومة أو المنظمات, لم يتعلق بزيف الدنيا ومتعتها الزائلة,كان مؤمناً بالجماهير وبصياغة غد أفضل لها, كان مُحباً للجنوبيين والمهمشين, كان كالقديسين ساخراً ومُحباً في نفس الوقت للجماهير, رجل النكتة حاضر الذهن وناقد للحاضر والراهن السياسي بالنكتة, لم يكن بذيء بذاءة السياسيين , أذكر في ندوة له بميدان الاذهري بامدرمان عندما ,ذكر نافع تسائل ساخراً وقال للجماهير (انا بس بسأل الترابي ,إنتو الجماعة ديل الجندهم منو) هكذا كان نقده للواقع , كان مميزا بقوة طرحه وتحليلاته العميقة. في فترة حياته الاخيرة أثر فيه موت صديقه ورفيق دربه الاستاذ التجاني الطيب بابكر وعلي أثر ذلك الفقد دخل في إنعزال كامل للحياة فقد راي حياته قد ذهبت, وايضاً صديقه ولم تكتمل ملامح احلامه ورؤيته التي وهب لها عمره وحياته, العزاء لاسرته والمحبين له ولجماهير الشعب السوداني الصابر ولرفاقه الشيوعيين والسياسيين. لايمكننا أن نقول شاءت ارادة المولي عز وجل بإختيار ثلاثة من أنبل رجال السودان قدموا للوطن بلا مقابل وكان المعادل الموضوعي لذلك حُب الجماهير لهم, وهم لايمتلكون رصيداً غير ذلك من هذه الحياة,بفقدهم تظل الساحة السودانية فاقدة لركائزها الاساسية, وإن كنت اؤمن بمقولة الامام المهدي القائل (لكل مقامٍ مقال ولكل زمانٍ رجال) فهم قد قدموا مابوسعهم وعلي حسب امكناياتهم البشرية ,وتبقي المهام الاساسية لم تُحقق بسبب نهوض الرجعية وإستيلائها علي مفاصل الحياة, المهام المطروحة كبيرة وتحتاج الي توحد الجبهات الداخلية, الصراعات الفكرية مهمة لانجاذ مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية , لابد من تقديم عهد منا اليهم لانجاذ هذه الاهداف, وللحقيقة هي الهدية الوحيدة التي تليق بهم حتي يرتاحوا في قبورهم , نعاهدهم علي قتال الديكتاتورية والسلطات الفاشية, ونبني سودان الحب والتراحم والديمقراطية. الا نوموا قريري العين,,,والمجد والخلود لأرواحكم العظيمة
مازن
(عدل بواسطة مازن قرافي on 03-23-2012, 09:51 AM)
|
|
|
|
|
|