|
الشَّجى والذكرى: حاشية على رحيل محمد عثمان وردي...
|
الشَّجى والذكرى: حاشية على رحيل محمد عثمان وردي...
إلى الصديقين: عادل القصاص وموسى أحمد مِرَوِّح؛ ثم إلى كلِّ من كان بهم مَسِيسٌ من محمد عثمان وردي!
جرّبتَ هواهم وقليبي انكوى (بنات) جرّبت هواهم وقيلبي انكوى (بنات) جربت هواهم وقليبي انـ...[ويتدخّلُ ورديُّ بالصّوتِ الصَّبَاحيِّ الشَّرُوقْ] كوى تاريهم جاروا جاروا ما صانوا الهوى/تاريهم جاروا جاروا ما صانوا الهوى...
كان المُغنّى، وأظنَّ أن اسمه كان "كُشَّيْبْ"، بالحلّةِ الجديدةِ بكوستي ببيوتِ طينها العتيقةِ ورائحةِ عشبِ الخريفِ الجّديدِ النّامي على حوافِّ خيرانها التُّرابيّةِ الصغيرة المحفورة، طوليَّاً وبموازاة عتبات مَداخلِ البيوت من عِنْدَ كُلِّ جانبٍ من طرفي الشارع، كَرَمَاً من هيئةِ البلديّةِ الوطنيّةِ- أيّامَ كانت وطنيَّة، يَتَتَرْتَعُ سُكْرَاً- سُكْرَاً مُتَلَمِّظَ اللِّسَانِ بشَهْوَةِ نباتِ البَنَاتِ الأخضرِ النَّيْ؛ خيزران البناتِ الطّويلاتِ الدّاكناتِ بالخُضْرَةِ والحِنَّاءْ- فيما تهبُّ، شِرُوقَاً وليس "سَحَرَاً فِيْنَا" (يا نابُلْسِيْ!)، روائحُ بَناتِ الصُّبْحِيَّةِ وأُنْسَهُنَّ الهامسَ بالصّباباتِ العزيزةِ- الصَّغيرةِ في صيوانِ عرس أزهري نايل، الممرّض الإجتماعيّ الحبَّوب باسْبِتَالِيَةِ كوستي المُتهالكة بالقِدم وروائح أنفاس المرضى المجروحة بكلِّ عِلَلِ وتواريخِ آفاتِ مزارعي النّيل الأبيض الصّحيّة الزّاكمة لانوفِ الأصحّاءِ السِّمان المتأفِّفِيْنَ من اهلِ عوائِلِ المدينةِ من ذوي "المَصَارينِ البيضاء". مُنْذُ ما قبلِ مذبحةِ عنبرِ جودةِ "الوَطنيَّة".
تلكُمُو كانت صُورةُ ذكرى أوّلِ مجابهةٍ عاطفيّةٍ عنيفةٍ لي بأوّلِ أغنيةٍ أسمعُهَا للنُّوبيِّ الرّاحلِ مُحمّد عثمان وردي وأنا في زمانٍ لا أذكُرُهُ الآنَ فيما بينَ طينِ وغيمِ أيَّامِ مدرسة كوستي الثانويّة رقم 4 (المُسمَّاة، قديمَاً وتَحبُّبَاً، باسم "مدرسة جَبَور*") وطينِ وغيمِ ما قبلَ دخولي إلى مدرسة كوستي الأهليّة الوُسطى (نعم، كانت ماتزالُ، آنذاكَ، "وُسْطَى"!).
لهُ اللّحنُ وصلاةُ الشَّجى الخاطفِ الآنِيِّ القديمِ والحاضرِ، كذلكَ، كَشَلْعِ البَرْقِ، شَحَّةً فَشَحَّةً، والشَّحَّةُ الأخيرةُ التي (بحسب لَذْعَةٍ من "صحوِ" كلمات النّور عثمان أبَّكر- بتحريفٍ صديقْ) "تُحيلُ وهلةَ المنونِ وهلتين**" بقدرِ ما فَتَحَنَا- بكلمتَين- على الشجى والشّذى العاصف المُهْلِكَ البَهْجَةُ مُنْذُ عهُودِ "أَلَسْتُ" الغنائيّة الموسومة بتطريباتٍ مُرتاحاتٍ وماهلاتٍ من على هيئةِ "بشُوف في شخصك أحلامي ["جمال الدُّنيا"]" والخصيبات من "تَالاهَا" (كَمَثَلاً: "مافي داعي تقول لي ما في داعي/يا الربيع في عطرو دافي[م. ع. كَجَرَايْ]؛ "مرحباً يا شوقَ أغمرني شجوناً والتياعا ووداعا......."؛ "......... يا شوقُ مالكَ دعني/أما كفاكَ عذابي/لقد شربتَ دموعي/أما سئمتَ شرابي؟"؛ "واللهيب البكوي في رُوحي في ذاتي هوَّ إنتَ"؛ "في لحظة عابره بلا كلام قلبي الغريب بالهم نزفْ!".......) وحتّى أزمنة الخروجِ السياسيِّ الأخير الكبير ("الأكتوبريّات" و"الأبريليّات" وما بعد "الأكتوبريَّات" و"الأبريليَّات": الإحتجاجات ضدَّ فَجْعَةِ نَكباتِ "برامكة" السُّودان الطّرُوبينَ بالهوسِ الظّلاميِّ الكبيرِ ذي الفضيلةِ الباهتةِ أبداً إلى يومِ ما أسموهُ- هُمْ- "الدّين" و"القِيَامَةْ"!).
لهُ- لِلوَرْدِيِّ- اللّحنُ وصلاةُ الشَّجى الخاطفِ الآنِيِّ القديمِ والحاضرِ، كذلكَ، كَشَلْعِ البَرْقِ، شَحَّةً فَشَحَّةً، والشَّحَّةُ الأخيرةُ التي (بحسب لَذْعَةٍ من "صحوِ" كلمات النّور عثمان أبَّكر- بتحريفٍ صديقْ) "تُحيلُ وهلةَ المنونِ وهلتين".
الأحد 26 فبراير 2012م إبراهيم جعفر
|
|
|
|
|
|