|
Re: مأزق العروبة السياسية سورياً وسودانياً (Re: عبدالغفار محمد سعيد)
|
Quote: ( 3 ) البيان بالعمل .. كيف ؟
صياغة الاستراتيجيه علي هذا النحو الذي يفسح مكانة خاصة للاصلاح التعليمي والمجتمع المدني يزيل العقبة الكبري امام فعالية جهود المعارضه تجاه كافة القضايا التي تتبناها مجتمعة ومنفرده في اطار صراعها مع حكم المؤتمر الوطني- الاسلامي ( التحول الديموقراطي، تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، صيانة الوحدة الوطنيه، الخ.. الخ.. ). فغياب التفسير المقنع لمصدر ضعف فعالية العمل المعارض وكيفية إزالته دفع معظم كوادر الاحزاب والناشطين السياسييين والثقافيين والنقابيين الذين يشكلون عصب حركة التغيير والمعارضه، للانصراف الي شئون الحياه اليوميه واخرون الي الحركات الاقليميه والاهتمامات الادبيه، محملين القيادات مسئولية الفشل المتكرر. والشاهد هو ان هذه النوعية من الاوساط بالذات، حزبية ولاحزبيه، تتمتع بخاصيتين حاسمتين فيما يتعلق بأحياء العمل المعارض بمختلف اشكاله هما : التأهيل اللازم لاستيعاب صحة هذا التفسير وتقدير جدواه في صيانة جهودها وتضحياتها من الاهدار مما سيدفعها لمعاودة الانخراط في العمل العام، والثاني هو كونها تشكل الحلقة القيادية للجمهور الواسع تعبئة وتنظيما. بهذا المعني الملموس والمحدد يعتبر مجرد إعادة تأسيس استراتيجية المعارضه بإدماج هدفي الاصلاح التعليمي والمجتمع المدني والعلاقة بينهما في صلبها انطلاقا من الفهم الصحيح لجذر الازمه، مفتاحا لباب توظيف الطاقة الابداعية لهذه الشريحة النوعيه من النخب السودانيه في خدمتها بتوليد الافكار ومفردات خطة العمل اللازمه لذلك ثم تنفيذها واستنهاض المجتمع والجماهير. ومع قناعة صاحب هذه الورقه بأمكانية إنجاز مفردات برنامج الاصلاح التعليمي المشار اليه واسهامات المجتمع المدني الهدف- الوسيله، فأن ماتقوله الفقرة السابقه ضمنا هو ان ثبوت عدم صحة هذه التوقعات لاينفي امكانية تنامي قدرات المعارضه عموما بأعتبارها نتيجة منطقية وعمليه لارتفاع معنويات النخب القائده الناجم عن وضوح الطريق نحو بناء نظام سياسي ديموقراطي قابل للحياه وللمرة الاولي في تاريخ المعارضات السودانيه. ليس معني ذلك ان الخط البياني لمسار المعارضه بقوة الدفع هذه سيخلو من التعرجات هبوطا وصعودا. هذا ضد منطق الواقع حيث الازمة العامة متشعبة الجذور متراكمة الطبقات مما يخلق تعقيدات بنفس المستوي في التطبيق العملي تؤدي للفشل والهزائم في بعض المعارك مع القوي والمصالح والعقليات المتكلسه حول نظام المؤتمر الوطني (الاسلامي) ولكن الحصيلة النهائيه ستكون ايجابيه قطعا لان سلامة الخطوط العامه للاستراتيجيه تعني ان الاخطاء ستكون محصورة في الخطوط الثانويه مما يسهل معالجتها. علي هذا فأنه سيكون ضد منطق الواقع ايضا بقاء قوة الدفع محصورة في حيز التأثير الايجابي لوضوح الطريق علي المعنويات لان الحراك الذي ستولده زائدا امكانية اكتشاف الاخطاء وتصحيحها، سيميل بميزان القوي السياسي لمصلحة المعارضه تدريجيا الي حد او اخر بما يمكنها من تحقيق نجاحات في بعض الجوانب لاسيما تلك التي تركز عليها الاستراتيجيه، ولكن ايضا في القضايا الاخري المطروحة علي اجندة المعارضه. علي المدي الزمني المناسب، أستمرار هذا الميل سيولد ديناميكية دفع ذاتي تشكل في حد ذاتها عنصر زيادة لمعدل الميل، تقود الي التحول الديموقراطي المستدام، أي الذي ستزول فيه ليس فقط رموز وهياكل الانظمة الانقلابية الدكتاتوريه، كما حدث بعد سقوط نظامي انقلاب نوفمبر 58 ومايو 69، وانما أيضا عوامل إعادة انتاجها ممثلة في جفاف منابع الوعي الديمواستناري نخبويا ومجتمعيا. إذا قبلنا حيثيات الاستراتيجيه ( العلاقه بين الديموقراطيه والاستناره اوروبيا وسودانيا وعوامل تآكل الاخيرة لدينا) فأن المسار الاستراتيجي الذي تقترحه الورقه، او بديل اومكمل له شريطة التزامه بحيثيات الاستراتيجيه، هو المخرج الوحيد من الازمه العامة التي تنخر الجسدالسوداني وطنا ودولة، والاخطر من كليهما، مجتمعاً. من هنا فأن اعتراضا يتصل بطول الفترة الزمنيه التي ستستغرقها الاستراتيجية يكون غير ذي موضوع فضلا عن انه غير صحيح تماما. لقد جربنا المسارات الاخري القائمة علي المواجهة العنيفة ثم السلمية بلا ترافق مع خطوط عمل تعالج جذور قبضة النظام بالقدرالممكن من موقع المعارضه وانتهينا، ليس فقط الي مشارف الكارثه،´وانما الي بقاء وتعاظم مسبباتها. لذلك فأن الاستراتيجية التي تقوم علي استكمال هذا النقص الخطير ستختصر الزمن ايضا وذلك بمعنيين . المعني السلبي يتمثل في ايقاف إهدار الزمن، الضائع منذ عام 2000 علي الاقل، عنما قبلت المعارضه بالحل السياسي دون ادراك موجبات نجاحه فبقيت الجهود الكبيرة التي بذلتها بعض قياداتها وتضحيات الكوادر والجماهير دون مردود.اما الايجابي فهو ان اي انجاز تحققه المعارضه سيكون خطوة نحو نجاحات متواليه ومتعاظمه لانه سيكون من صنع قوي حيه تزداد كما وكيفا بأضطراد. الجسد السوداني الفاقد للمناعه فغزته الامراض التي هدت هيكله سيبدأ في توليد الاجسام المضاده ، وبقدر الجهد الفردي والجماعي الذي سيبذل لحقن هذا الجسد، وبالاحري العقل النخبوي الذي يتحكم فيه، بالمصل المضاد تكون سرعة ايقاف تغلغل المرض ومن ثم استرداد العافيه. في خضم الحراك المتوقع أقترابا من وضع التحول الديموقراطي علي هذا النحو فأن مصير نظام المؤتمر الوطني- الاسلامي سيتقرر، علي الارجح، وفق واحد من سيناريوين. الاول هو بقاؤه كحزب وفق حجمه الحقيقي كبقية الاحزاب سواء في الحكومة، منفردا او متحالفا مع حزب اخر،او المعارضه. السيناريو الثاني الدخول في صراع-مواجهة ، وليس صراع تنافس سياسي سلمي، بدفع من الجناح المتشدد في المؤتمر الوطني ضد معارضة حيه مدعومه شعبيا مما سيطيح به عاجلا أو اجلا. ورغم الانطباع السائد بأرجحية هذا الاحتمال بناء علي درجة التمكين العاليه والمصالح والعقليات المتحجره فأن مايجدر الانتباه اليه ان قوة الجناح المتشدد الحاليه لاتعود الي قوة النظام الذاتيه فقط وانما الي ضعف العمل المعارض وهو عنصر سيزول بالتدريج وفق هذه الاستراتيجيه. أضف لذلك ان المؤتمر الوطني هو، بقدر ما، تحالف بين ( الحركة الاسلاميه ) وفئات متعددة الخلفيات والدوافع يجمعها عدم الانتماء الي هذه الحركه. هذه التحالفيه تشكل وضع خلخله بالامكان في تركيبة حزب المؤتمر يمكن ان يصبح واقعا مع نمو قوة الطرف المعارض في المعادلة السياسيه. الي جانب ذلك الحركة الاسلامية اضحت منذ مده مواجهة بتحد من داخلها يتعلق بأسسها الفكرية والايديولوجيه من قبل تيار نقدي يتمثل في كتابات عدد من مفكريه، ربما كان الاخطر عليها من غيره لانه ليس تحديا سياسيا سطحيا كما هو الحال مع إنشقاق" المؤتمرالشعبي ". هذه الاعتبارات وغيرها ترجح عدم حتمية سيناريو المواجهه- الصراع مدعومة بحقيقة ان البيئة العربية والافريقية والدوليه لاتشجع علي قيام نظام مغرق في الدكتاتوريه مثل النظام الذي سيتمخض عنه بالضروره انتصار تيار التشدد. علي اية حال مهما كانت السيناريوهات فيما يتعلق بمصير النظام فأن المعارضه، وتاليا البلاد بأجمعها، ستكون في وضع افضل كثيرا للتعامل مع ماسيحدث إذا ما أقدمت علي مراجعة جذريه لاستراتيجية عملها سواء علي الخطوط المقترحة هنا او غيرها.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مأزق العروبة السياسية سورياً وسودانياً (Re: عبدالغفار محمد سعيد)
|
انقلاب 25 مايو السوداني كان عقاب التاريخ لليسار
عبد العزيز حسين الصاوي الحوار المتمدن - العدد: 2690 - 2009 / 6 / 27 -
Quote: بعكس الشائع في تصنيف انقلاباتنا الكثيره فأن 25 مايو 1969 لم يكن الثاني بينها، اي بعد انقلاب 17 نوفمبر 1958، الا بالمقياس الزمني. اما بالمقياس الاهم بما لايقارن بالزمني وهو الفعلي التغييري فأن مايو كان الاول ... وفي اللغة الفارسيه، وكذلك في الادب السياسي المشرقي العربي حتي اواخرالاربعينات، كلمة انقلاب معناها ثوره. بهذ المعني الفارسي- المشرقي انقلاب نوفمبر-عبود لم يكن كذلك حتي من الناحية الشكليه لانه جاء نتيجة عملية تسليم وتسلم بين قيادة البلاد السياسية الرسمية ممثلة في عبد الله خليل رئيس الوزراء وقائد الجيش. اما من الناحية الفعليه فأن تكوين قيادة الانقلاب من كبار ضباط القوات المسلحه كان معناه بقاء الحال علي ماهو عليه بمعني ان أي تغييرات احدثها في مختلف نواحي حياة البلاد لم تكن تعبيرا عن سياق فكري اوبرامجي تثويري التوجه يروم القطع الحاد مع الامر الواقع كما هو الحال مع تغيير للنظام السياسي يقوده ضباط من رتب صغيره ومتوسطه. هؤلاء يشكلون في العالم الثالث جزء من الشريحة الشابة المتعلمة الباحثة عن دور في الحياة العامه لاتتيحه التركيبات الطبقية والسياسيه الموروثة تاريخيا فيجدون مايشبع طموحهم وحقوقهم في الافكار والنماذج التطبيقية الجديده. في السودان كانت الماركسيه وتطبيقها الحركي الشيوعي هي الجاذب الاكبر لشباب ماقبل الاستقلال وبعده مباشرة مشكلة الثقل الاساسي لليسار بينما الهب النموذج الناصري خيال وتطلعات قسم اخر علي درجة اقل كثيرا من التبلور من الناحيتين الفكرية والتنظيميه وتاليا أقل فعالية. من هذه الاوساط المتالفة في التوجه التغييري العام ولكن المتباينه في خلفيتها إنبثق إنقلاب مايو. وقوع الانقلاب برمزه ورأسه النميري كان الي حدود كبيره حتميا لان نفوذ اليسار السياسي كان قد وصل أعلي درجاته غداة ثورة اكتوبر 1964 بحيث باتت قضية استلام السلطه مطروحة عليه بألحاح ضاعف من درجته ان الاحزاب التقليديه كانت قد أعلنت حربا بلاهوادة ضد الحزب الشيوعي وصلت قمتها بحله. قيادة الحزب في شخصياتها الرئيسيه واغلبيتها كانت بالتأكيد ضد فكرة الانقلاب ولكن لم يكن لديها اجابة مقنعه لسؤال الوصول للسلطه لكون البديل الوحيد للانقلاب كطريق اليها كان الانتخابات وهذه كانت مسدودة. فشعبية اليسار العارمة وقتها كانت مدينيه والمدينة وزنها النوعي كبير ولكن وزنها العددي الانتخابي أقل كثيرا. شعارات اليسار ملخصة في ( لازعامه للقدامي ) وتوجهاته الاشتراكية كانت تزحم الفضاء السياسي والفكري ولكن الريف البدوي والزراعي، المستودع الضخم للاصوات الانتخابية الجاهزة لهؤلاء القدامي، كان باقيا كما تركه الماضي السحيق لاتستنزفه بضع عشرات من الدوائر المخصصة للخريجين. من هنا كانت جاذبية مخرج الانقلاب والانقلابيين داخل الحزب الشيوعي والجيش وفي اجواء القطاع العريض من اليسار بألوانه المختلفه لاسيما القومي، ماجّرأ شخصية شيوعية قيادية وقتها مثل احمد سليمان لتدعو علنا تقريبا الي تدخل الجيش في سلسلة مقالات بجريدة الايام فتنشب مساجلة صحفية علنية بينه وبين زعيم الحزب عبدالخاق محجوب. بعد وقوع الانقلاب ايضا كان ارتباك اليسار ممثلا في الشيوعيين واضحا فهم معه بشق وضده بالشق الاخر كما هو حال الشق البعثي الناشئ حينذاك من اليسار القومي. فبيان الحزب الشيوعي اعتبر 25 مايو " انقلابا عسكريا وليس عملا شعبيا مسلحا .. ولكنه انتزع السلطة من الثورة المضاده " واللجنة المركزيه توافق علي تحليل عبد الخالق للانقلاب وترفض علي وجه اخر اقتراحه بعدم المشاركة في السلطه الجديده. مايو كان من جهه فرصة اليسار لسلطة دانية القطوف ولكن اليد التي امتدت بها اليه لم تكن مضمونة تماما فمعظم اعضاء " مجلس قيادة الثوره " كانوا أقرباء لليسار ولكن من الدرجة الثالثه وليس الاولي. ففيماعدا فاروق حمد الله المستقل كان بقية اعضاء المجلس واغلبيته اقرب للناصريه بينما دخله الشيوعيان هاشم العطا وبابكر سوار الدهب ضد رغبة الحزب وربما رغبتهما ايضا وكان وضع الوزراء الشيوعيين المدنيين ( جوزيف قرنق، محجوب عثمان، فاروق ابو عيسي الخ.. الخ..) مشابها لان احدا منهم لم يستقل او يرفض ولكنهم أكيدا لم يكونوا مرتاحين لانهم اصحاب تكوين ثقافي مختلف اقله انهم ابناء حركة حزبيه بينما ينظر العسكريون الي الاحزاب بشئ من الشك ان لم يكن العداء بحكم تكوينهم المهني وتأثرهم بالنموذج الناصري ضد- الحزبي لدرجة او اخري. هذه كانت نقطة بداية الازمة الوطنية الشاملة التي تزداد تأزما وشمولا بأضطراد وصل الي تفتيت عظم البلاد نفسها كوجود مجرد. الاحزاب التقليديه كانت عاجزة عن الاستجابة لامال وطموحات مابعد الاستقلال التغييريه وانقلاب 25 مايو 1969 كان في جوهره الموضوعي إعلانا لانقسام وحيرة القوي الحديثه، مناط التغيير. فالأنحياز الكلي لقسم من هذه القوي للانقلاب كان بمثابة اعلان عن تنكبها للطريق الديموقراطي نحو إنجاز التغيير بينما القسم الاخر الرافض للتغيير الفوقي لايجد سبيلا لاختراق سقف شعبية اليسار الي مستودع الاصوات الانتخابية ولا الي تقديم بديل يحتفظ في الوقت نفسه بالمواصفات الديموقراطيه. القسم المنحاز لسلطه التغيير المايوي الفوقي انحدر بسرعه الي النقيض ليغدو بعد سنوات قلائل حليفا للتقليدية التي حاربها بكل اسلحته خلال 69-71 ، وبعد سنوات اخري انحدر الي درك تقليدية قصوي ممثلة بتشريعات وتفسيرات للدين أعادت للحياه عهد الحاكم بأمر الله القرووسطوي. فالنموذج الناصري الذي استنسخته القيادة المايويه شكلا وموضوعا اتحادا اشتراكيا وميثاقا وطنيا، كبديل لليسارالمحلي، كان، كما ثبت فيما بعد، غير قابل للاستزراع خارج تربته المصريه وحتي في هذه التربة ثبت ان مجتمع ثورة 23 يوليو، وليس فقط جيشها المهزوم في حرب يونيو 67، كان منخورا بفساد قياداته مالا ونساء، حال اي نظام شمولي مهما كان لونه احمرا او أبيض أو أخضر، وبأنتشار الفكر الديني التبسيطي المتخلف وسط ملايين الشباب الذي حررتهم الثورة من نير الاقطاع المادي. القسم الاخر من قوي التغيير اليساري بقيادة الشيوعيين ودور متزايد منذ السبعينات ليسار قومي عربي يمثله البعثيون، ظل خلال المكابدات العظيمة التي تعرض لها مع بقية القوي السياسية السودانيه خلال الحقبة المايويه وامتداداها اليونيوي علي اكثر من صعيد منذ 89، بطئ التقدم علي طريق تفكيك العوائق القائمة في تركيبته الايدولوجيه تجاه المسألة الديموقراطيه مما وفر ويوفر مساحة لتمدد اسلام السياسة في اوساط القوي الاجتماعية الحديثه ويرشح قيادات قادمة من الاحزاب التقليديه للحلول مكانه. فتيار التجديد البعثي ( حزب البعث السوداني ) يبدو انه قد توقف عند الجانب السلبي لهذه العمليه وهو النقد الذاتي المفتوح لتجربته دون الايجابي المتمثل في تقديم رؤية جديده وهو الي ذلك نقد ينصب اساسا علي نموذجه العراقي ولايغطي تجربته المحليه بنفس العمق والشمول. والحزب الشيوعي تشير وثائقه الاساسية الصادرة عن مؤتمره الاخير الي وضع توازن دقيق بين تياري التجديد والمحافظه فهو يعتبر انهيار النموذج الاشتراكي السوفيتي انهيارا للنموذج الستاليني وليس الماركسي ويميز بين الماركسيه كمنهج وتطبيقاتها العمليه رغم اقراره بتاريخيته كما لايزال يوحي بصحة نظرية مراحل للتطور التاريخي نحو الاشتراكيه التي تنطوي علي تقييد حرية طبقات اجتماعيه واتجاهات سياسيه معينه، باستمرار الحديث عن مرحلة وطنيه ديموقراطيه. والحال ان تجاوز هذين التيارين لهذه العقبة الذاتيه لاقيمة له إذا لم يكن افساحا لمجال الرؤية امامهما وامام جميع الساعين لتفكيك ازمة الديموقراطية السودانيه للاجابة علي سؤال الاسئله : إذا كان طريق الغرب نحو توطين الديموقراطية إرتبط بتفكيك التفسيرات الجامدة للدين وإرخاء قبضتها علي العقل النخبوي في ما سمي بحركة الاصلاح الديني فما مدي راهنية هذا التطور بالنسبة للسودان؟ صحيح ان خصائص قضية الدين مختلفة عندنا عنها في اوروبا تاريخيا ولتباين خصائص المسيحيه عن الاسلام، ولكن الشاهد ان تحرير العقل النخبوي السوداني المسلم بما يجعله حاضنة دائمة للديموقراطيه لابد ان يمر بمواجهة صريحة لهذه القضيه. وعلما بأن بعضا من كبار فلاسفة عصرالتنوير الذي نشأ فيه تيار الاصلاح الديني، مثل ديكارت مبتدع مبدأ الشك المنهجي " انا أفكر إذن فانا موجود"، كانوا مؤمنين، فأن قوي التجديد والتغيير القادمة من اليسار والوسط مطالبة بصياغة برامجها السياسية بما يعطي الاولوبة القصوي لما ينمي قابلية التفكير الحر والمفتوح في الدين.
|
| |
|
|
|
|
|
|