الصادق المهدي والمتاجرة بقضايا المرأة، سلسلة ردود بقلم د. عارف الركابي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 09:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-04-2012, 10:54 AM

عماد حسين
<aعماد حسين
تاريخ التسجيل: 06-11-2011
مجموع المشاركات: 7066

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصادق المهدي والمتاجرة بقضايا المرأة، سلسلة ردود بقلم د. عارف الركابي

    ثلاث حلقات في الرد على الصادق المهدي بشأن مزاعمه الأخيرة

    نُشِرَت بصحيفة الانتباهة في أيام 7 و 8 و 10 ربيع الأول 1433هـ
                  

02-04-2012, 10:58 AM

عماد حسين
<aعماد حسين
تاريخ التسجيل: 06-11-2011
مجموع المشاركات: 7066

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي والمتاجرة بقضايا المرأة، سلسلة ردود بقلم د. عارف الر (Re: عماد حسين)

    الصادق المهدي والمتاجرة بقضايا المرأة (1 من 3)

    بقلم : د.عارف عوض الركابي

    قبل ثلاثة أعوام وتحديداً في اليوم الأول من شهر ربيع الأول عام 1430هـ نشرت بهذه الصحيفة ردي الأول على الصادق المهدي بعنوان ( لو كان الصادق المهدي موفقاً لقال وهو يخاطب مسيرته النسائية ما يلي : ) وتضمن المقال ست وقفات ، وهو منشور في بعض المواقع الالكترونية والمنتديات ، وكان رداً على تصريحاته التي رد فيها أحاديث وأحكاماً شرعية تتعلق بالمرأة ، وبعد ذلك المقال نشرت عدة مقالات في التعقيب على الصادق المهدي في ما ينشره بين الحين والآخر ، وعناوين تلك المقالات هي : (نماذج لتناقضات ينشرها أصحابها في وسائل الإعلام) و(وقفات مع اتهامات الصادق المهدي للسلفيين ورميهم بالتكفير) و (تصريحات الصادق المهدي بين الطابع الرسمي والشخصي) و(شعار وزعيم) وفي كل مرة أتوقع أني لن أجد حاجة مرة أخرى لأن أكتب في هذا الجانب.. لكنّ ظني يخيب !! ولما قرأت تصريحات الصادق المهدي الأخيرة رأيت أن لا أكتب في التعليق عليها لأني أحسب أن الأمر بات مكشوفاً وواضحاً ، فالصادق المهدي يركز على قضية المرأة في طرحه ويدّعي أنه ينتصر لها ، ويدافع عنها في ما يدّعي أنها ظلمت فيه ، ووسيلته لهذه النصرة المزعومة : (تصريحات) شبيهة بتصريحات بعض المسؤولين ، فطرحه ليس طرحاً علمياً مفصلاً في هذه التصريحات يبين فيه الظالم حقيقة !!(هل هو النصوص الشرعية ؟! أم الفهم الذي فهمه علماء الأمة من الصحابة والتابعين ؟!أم هم العلماء أنفسهم أم المجتمع أم العامة؟! )...كما أنه ليس طرحاً مفصّلاً يتناول الأدلة والنصوص بتفاصيلها ، ولكن حسبه أن يرمي الكلام بعموماته في صورة (قرار) أو (توجيه) يصدر من مسؤول لجهات اختصاصه !!.. مع إنكاره بجرأة نصوصاً ثابتة وبعضها أحاديث في الصحيحين قد تلقتها الأمة بالقبول ، وقد سمّاها واصطلح لها بــ (أحاديث الفقه الذكوري) ، وبعض الأحكام التي يسعى (لنسفها) هي من المعلوم من الدين بالضرورة.

    وإن الذي يخالف في مثل هذه القضايا ويكرر المخالفات لا سيما إن كان في حال الصادق المهدي من الباحثين عن السلطة بالأساليب الكثيرة والمختلفة .. لا ينبغي أن ينشغل الناس به لوضوح أمره وانكشافه ، ولذلك فإني في بداية الأمر لم أعلق على تصريحاته الأخيرة التي نشرت في الأيام الماضية من (شنشنته) بشأن الحجاب والنقاب وغيرهما ..

    وقد اطّلعت فيما نشر في الصحف يوم السبت الماضي الموافق الرابع لشهر ربيع الأول عام 1433هـ من خطبته يوم الجمعة الثالث لشهر ربيع الأول وقرأت مطالبته بسحب الفتوى التي نشرت بشأن تصريحاته الأخيرة أو أنه سيلجأ للقضاء ضد الرابطة الشرعية ، وعن نفسي فليست لي صلة مباشرة أو غير مباشرة بهذه الرابطة ، كما أني لا أعلم أسماء الأشخاص القائمين أو الذين تتكون منهم هذه الرابطة ، لكن بمنهجيتي التي أناقش بها مثل هذه الموضوعات وأعبّر بقولي عمّا أدين الله به شخصياً دون تقيد أو انتساب لأي جهة من الجهات ، وحتى لا تتجه مناقشة القضية المطروحة لتحصر في إطار ضيق وهو : الفتوى الصادرة وردة الفعل عليها والاستتابة.. رأيت أن أكتب هذه الحلقات وأسوقها في نقاط :

    الأولى : من الذي يؤجج الفتنة ؟!

    تعددت وتباينت ردود الفعل على تصريحات الصادق المهدي الأخيرة ، بل إن بعض ردود الفعل كانت لأناس من خارج السودان.. وردود الفعل رغم تباينها إلا أنها كانت بسبب صدور تلك التصريحات ، مما يوضح بجلاء السبب الحقيقي للفتنة ، ومن هو وراءها ، وكما قال العلماء : (لو سكت من لا يعلم لقلّ الخلاف ) فإنكار أحكام شرعية ثابتة في الكتاب والسنة ، وبعضها أحكام عليه إجماع علماء المسلمين ؛ هو سبب واضح من أسباب زيادة الفرقة وإثارة الشحناء والبغضاء وما يتبع ذلك ويترتب عليه ، ولتأكيد ما أقول يمكن أن أضرب مثلاً بإنكار الصادق المهدي للنقاب وادعائه أنه من العادات وليس من العبادات بل يكرر بين الحين والآخر أنه لبس يساعد في الجريمة !! لننظر في هذا الافتراء وفي ما نقله بعض علماء المسلمين من الإجماع على لبس المسلمات للنقاب في مختلف العصور.

    ـ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري : (إن العمل استمر على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال).

    ـ وقال ابن تيمية رحمه الله : (كانت نساء المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحرة تحتجب).ـ وقال ابن رسلان : (اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات) .

    ـ وقال أبو حامد الغزالي : ( لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن منتقبات). فإذا كان هذا هو حكم شرعي ثبت بنصوص شرعية معلومة وساق العلماء الإجماع عليه فكيف كان يتوقع الصادق المهدي أن تكون ردة الفعل ؟!هل توقع أن يقابل ما قاله بالرضاء والسكوت ؟! أم الإنكار ؟! خاصة وأن (تصريحه)!! واضح في مخالفة الحقيقة والواقع.

    فالذي يجمع الناس ويوحد صفوفهم هو كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، هذا الذي يجتمع الناس عليه ، أما أن يأتي الصادق وأمثاله بما يناقض نصوص الكتاب والسنة وتوجيهاتهما ولما يتصدى لهم الناس ويبينون خطأهم ويحذرون من ذلك ، يظهرون بعد ذلك في مظهر (الضحية) !! هو أمر غير صحيح ، مع التأكيد على أن يكون الإنكار عليه وعلى غيره بالأساليب الشرعية وبالحجة العلمية ودحض شبهاتهم التي هي أوهى من بيت العنكبوت.

    فعلى الصادق المهدي إن كان (صادقاً) في أنه لا يريد إثارة فتنة في مجتمعنا أن يكف عن دعوته الصريحة والمتواصلة لصرف الناس عن العمل بالنصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام .

    والصادق المهدي ليس لديه من العلم الشرعي الذي يؤهله لأن يفتي في مثل هذه القضايا الشرعية ويتصدى لها والتي هي بحاجة إلى العلم الشرعي القائم على المعرفة بالنصوص الشرعية من الآيات والأحاديث ومعرفة الطرق الصحيحة للاستنباط منهما ، ومعرفة الناسخ والمنسوخ والمتفق والمختلف ومواطن الإجماع والاختلاف ومقاصد التشريع وغيرها ، وفي الجزئية المتعلقة بنقض كلامه في بعض الأحكام الشرعية في هذه الحلقات سيتضح هذا الجانب بجلاء تام.فهو غير متخصص في هذا الأمر ، بل هو (دخيل) .. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني : ( إذا تكلم المرء في غير فنه , أتى بهذه العجائب) .

    وقال ابن حزم : (لا آفة على العلوم وأهلها, أضر من الدخلاء فيها, وهم من غير أهلها ؛ فإنهم يجهلون , ويظنون أنهم يعلمون , ويفسدون ويُقدّرون أنهم يصلحون)

    وقال الشاطبي : ( قلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين , إلا ممن أدخل نفسه في أهل الاجتهاد, غلطاً , أو مغالطة).

    وقال الشافعى : ( وقد تكلم فى العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به ، وأقرب من السلامة له إن شاء الله )

    إن الواجب على من لم يكن لديه من العلم الذي يؤهله للكلام في أحكام الشرع أن يسكت ولا يتهجم عليها ، ولا ينطلق من أصول تناقض الأصول التي قام عليها الإسلام ، وإن لم يسكت بنفسه وجب على ولي الأمر أن يُسكته ، يقول ابن الجوزي : (ويلزم ولي الأمر منعهم كما فعل بنو أمية ، وهؤلاء بمنزلة من يدل الركب ، وليس له علم بالطريق ، وبمنزلة الأعمى الذي يرشد الناس إلى القبلة ، وبمنزلة من لا معرفة له بالطب وهو يطبُّ الناس ، بل هو أسوأ حالاً من هؤلاء كلهم ، وإذا تعيّن على ولي الأمر منع من لم يحسن التطبب من مداواة المرضى ، فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة ، ولم يتفقه في الدين ؟).

    ولا يخفى أن الحِفاظ على (الدين) مقدّم وأولى من المحافظة على (الأبدان)!!

    الثانية : بين الصادق المهدي وجده المهدي

    في خطبة الصادق المهدي الأخيرة (يوم الجمعة الماضي) قال : (ليعلم هؤلاء أننا نمثل -تاريخاً وحاضراً- أكثر من ضحى في سبيل الإسلام. وفي سبيل السودان والحكم الراشد فيه يوم كان أسلاف أغلبيتهم مع غردون داخل الخندق "الققرة"، أو مع الذين بايعوا فاروق ملكا للسودان، أو مع الذين شايعوا الطغاة الذين حكموا السودان وأهدروا مصالح أهله).

    إن الصادق المهدي يستند على تأريخ أجداده ، فهو (إمام) طائفة و(زعيم) حزب أتته هذه المكانة لأنه (حفيد) لمؤسس هذا الكيان وهو جده محمد أحمد المهدي ، والتبعية التي وجدها من كثيرين وكثيرات كان ولا يزال سببها الأول أنه حفيد ذلك الرجل وابن أولئك الرجال .. وهذا أمر واضح ومعلوم ، والسؤال الذي يطرح هنا : ما نصيب الصادق المهدي من كثير من المبادئ التي كان جده المهدي عليها، وكان يوصي بها ؟ خاصة فيما صدّر الصادق المهدي نفسه له مثل القضية المطروحة وهي الأحكام المتعلقة بالمرأة ؟!

    وبيان ذلك بتفصيله وبيان الأصول والمصادر التي ينطلق منها الصادق المهدي في تعامله مع القضايا الشرعية يكون في الحلقة القادمة غداً إن شاء الله ..
                  

02-04-2012, 11:00 AM

عماد حسين
<aعماد حسين
تاريخ التسجيل: 06-11-2011
مجموع المشاركات: 7066

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي والمتاجرة بقضايا المرأة، سلسلة ردود بقلم د. عارف الر (Re: عماد حسين)

    الصادق المهدي والمتاجرة بقضايا المرأة (2 من 3)

    بقلم : د.عارف عوض الركابي

    الثانية: بين الصادق المهدي وجده المهدي

    في خطبة الصادق المهدي الأخيرة (يوم الجمعة الماضي) قال : (ليعلم هؤلاء أننا نمثل -تاريخا وحاضرا- أكثر من ضحى في سبيل الإسلام. وفي سبيل السودان والحكم الراشد فيه يوم كان أسلاف أغلبيتهم مع غردون داخل الخندق "الققرة"، أو مع الذين بايعوا فاروق ملكا للسودان، أو مع الذين شايعوا الطغاة الذين حكموا السودان وأهدروا مصالح أهله).

    إن الصادق المهدي يستند على تأريخ أجداده ، فهو (إمام) طائفة و(زعيم) حزب أتته هذه المكانة لأنه (حفيد) لمؤسس هذا الكيان وهو جده محمد أحمد المهدي ، والتبعية التي وجدها من كثيرين وكثيرات كان ولا يزال سببها الأول أنه حفيد ذلك الرجل وابن أولئك الرجال .. وهذا أمر واضح ومعلوم ، والسؤال الذي يطرح هنا : ما نصيب الصادق المهدي من كثير من المبادئ التي كان عليها وكان يوصي بها جده المهدي ؟ خاصة فيما صدّر الصادق المهدي نفسه له مثل القضية المطروحة وهي الأحكام المتعلقة بالمرأة ؟!

    إن موقف المهدي من الحدود (حد السرقة والقتل والزنا ... وغيرها) وتطبيق الأحكام الشرعية الواردة فيها معروف ، وهي نفسها الحدود التي حاربها الصادق المهدي لتطبيق النميري لها ووصفها بأنها لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به ، وإن موقف الصادق المهدي يختلف جملة وتفصيلاً في (كثير) من القضايا من موقف جده الذي ورث عنه مجده ، ووجد مكانة بسببه ، وحقق فوزاً في انتخابات سابقة بل دوائر (مقفولة) وفوزاً بــ (التزكية) لأنه حفيده وزعيم كيانه وطائفته !! ومن الممكن أن يؤلف كتاب في جمع مخالفات الحفيد للجد !! وحتماً أن من سيجمع ذلك سيكلف نفسه كثيراً .. ومن جملة الاختلافات بينهما (قضايا المرأة) التي يصرح بها ويذكرها ويدّعي الصادق المهدي أنه ينتصر للمرأة بالحديث عنها ، وموقف محمد أحمد المهدي من لبس النساء للحجاب معلوم ، ومدوّن وموثق ، وتوجيهاته بشأن المرأة ومتى يتحدث معها الرجل ومتى لا يتحدث معها منشور ، وقد منعت المهدية اختلاط الرجال مع النساء وفرضت على النساء لبس الحجاب ومن سارت من النساء كاشفة الرأس ضربت بالسوط.

    وفي مكتبتي كتاب (الآثار الكاملة للإمام المهدي) والتي جمعها الدكتور محمد إبراهيم أبو سليم ، وفي تصفحي لبعض أجزاء الكتاب قرأت قول المهدي في (7/21) في تفسير قوله تعالى : (ذرية بعضها من بعض) قال المهدي : ( قال عليه الصلاة والسلام : (يا فاطمة : ما أحسن ما تكون عليه المرأة ؟ قالت : أن لا يراها رجل ولا تراه ، فقال عليه الصلاة والسلام ذرية بعضها من بعض) ، وقد بحثت فلم أعثر على الرواية حسب ما تيسر لي من بحث ، لكن الشاهد منها أن هذا مما يبين رأي المهدي في هذا الأمر فقد فسّر به وجُمِعَ في آثاره.

    ويقول في (7/253) موجهاً أتباعه : (لا تضربوا النساء وإن شقت عليكم فاضربوهن إشارة برأس العمة . وإن المرأة التي تحب الدنيا وتشغل عن الله وتخشى منها الفتنة فلا تسلموا عليها إن كانت وحدها وأما إن كثرت النساء فجائز عليهن السلام) ، وهذا نص من المهدي في السلام على المرأة إن كانت لوحدها وخشي الفتنة ، فضلاً عن الاختلاط بين الرجال والنساء.

    والنصوص في هذا الصدد عن المهدي كثيرة ، ولا أظن أن الصادق أو (هيئة شؤون الأنصار) تخفى عليهم ، وقصدت مجرد ذكر نموذج لموقف المهدي من قضايا المرأة خاصة القضايا التي يدعي الصادق المهدي أنه ينتصر للمرأة المظلومة ـــ بدعواه ــ فيها .

    وإن الربط بين ما يدعو له الصادق المهدي وما كان عليه جده المهدي أمر مهم ، وذلك لنقف على حقيقة ما يدعو له الصادق في مقابل من ورث عنه مجده ، فكثير من أتباعه قد أعطوه مكانة لمكانة جده محمد أحمد المهدي عندهم ، فهؤلاء قبل غيرهم يجب عليهم أن يعرفوا حقيقة (إمامهم) وموقفه من إرث جده الذي يتبعونه ، وأخص من بين هؤلاء (هيئة شؤون الأنصار) لتنظر إلى الأمر بعين ثاقبة وتنظر في ما كان عليه المهدي وما عليه الصادق في هذه القضايا وغيرها.

    كما أن الربط مهم أيضاً لأن الصادق المهدي يستشهد بمواقف أجداده ويعتز بها ويفخر ويسعى لإسكات المنكرين عليه بها ، وفي افتتاحية حلقتي هذه نقرأ ما قاله في خطبة الجمعة الماضية من (أنهم يمثلون تأريخاً وحاضراً وأنهم أكثر من ضحى في سبيل الإسلام وفي سبيل السودان ...) !! فالسودانيون وغير السودانيين في الماضي والحاضر يعرفون المهدي ومواقفه وكثيراً من توجيهاته بشأن قضايا المرأة إلا أنهم يجدون أن حفيده الذي يحاجج خصماءه بجده وجهاده ودعوته يجدونه يخالفه في الإجمال وفي التفصيل في كثير من القضايا الأساسية والمهمة !!

    الثالثة : الصادق المهدي والثورة على موقف جده المهدي في قضايا المرأة

    ما ذكرته في النقطة السابقة يجعل الصادق المهدي في حرج كبير ، حرج بصفة عامة أمام عامة الناس ، وبصفة خاصة أمام أتباعه من (أنصار المهدي) وحرج أمام المنكرين عليه من المدافعين عن الكتاب والسنة وما ثبت فيهما من أحكام الشريعة التي ختم الله بها الشرائع.

    وهذا الحرج جعله يثور على إرث جده وهو إرث معروف في الموقف من قضايا المرأة ، فالإلزام قوي ، فناسب أن يخرج الصادق نفسه منه ولو بالقدح في من ورث عنه المجد ، وبسببه لقي المكانة والأتباع.

    لنقرأ ما كتبه الصادق المهدي في كتابه (المرأة وحقوقها في الإسلام ص4) يقول : (إنّ فقه الأحكام الخاصة بالمرأة (متحرك) انطلاقا من النصوص الثابتة في الكتاب والسنة. لقد كانت الأحكام الخاصة بالمرأة والتي أصدرها الإمام المهدي (متشددة جدا) وذلك لأنّ ظروف المجتمع السوداني في مطلع القرن الرابع عشر الهجري كانت كثيرة الانحلال والتفسخ.

    ونحن إذ نبحث أمر المرأة في المجتمع العصري ينبغي أن نتعرض للأحكام التي أصدرها الإمام المهدي بشأنها لنضعها في إطارها الصحيح ومهما كانت الحجة والمقارنة فلا يفوتنا أن نذكر أمرين هما: الأول: لقد جعل المهدي المقياس الفيصل فيما نأتي وما ندع الكتاب والسنة.

    الثاني: لقد وضع الإمام المهدي قاعدة للحركة في فقه الأحكام بقوله: لكل وقت ومقام حال، ولكل زمان وأوان رجال)أ.هـ

    فالصادق المهدي في مقدمة كتابه هذا ادعى أن فقه الأحكام الخاصة بالمرأة متحرك ، أي يتغير ويتبدل ، ولذلك فقد دعا لتغيير نصاب المرأة في الفرائض (المواريث) في كتابه (جدلية الأصل والعصر) ، كما سيأتي بيانه في الحلقة القادمة إن شاء الله ، مع أن نصوص المواريث التي فيها بيان الفروض المقدرة وأنصبة الوارثين وردت في آيات ثلاث في سورة النساء في القرآن الكريم ، ولك أن تقرأ قوله (إنّ فقه الأحكام الخاصة بالمرأة (متحرك) انطلاقا من النصوص الثابتة في الكتاب والسنة) فادعى ــ لتمرير دعوته لتبديل الشريعة وتغييرها ــ أن الفقه متحرك وينطلق من نصوص (ثابتة) وحقيقة ما دعا إليه هو : تحريك للنصوص نفسها وتغييرها وتبديلها.

    ونقرأ في نصه السابق قوله عن وارث مجده : (لقد كانت الأحكام الخاصة بالمرأة والتي أصدرها الإمام المهدي (متشددة جدا)) فنسب التشدد لجده المهدي !! فهل هو يا ترى تشدد باتباع نصوص أو هو تشدد باختراع من المهدي ومن محض فكره ؟! ثم حاول أن يعتذر لجده من آفة التشدد الذي نسبه له بقوله : (وذلك لأنّ ظروف المجتمع السوداني في مطلع القرن الرابع عشر الهجري كانت كثيرة الانحلال والتفسخ) هذا هو العذر الذي ذكره الصادق ليخفف السبة والتهمة التي اتهم بها جده في موقفه من قضايا المرأة في الحجاب والاختلاط وغيرهما ، واعتذر له بأن المجتمع السوداني في ذلك الوقت كان فيه (تفسخ وانحلال) ، وهنا نجد أن الصادق المهدي قد أوقع نفسه في (حفرة) هي أعمق وأخطر وأسوأ من أختها التي هرب منها فالحفرة الأولى هي ثورته على جده وعيبه في تشدده ، والحفرة الثانية هي اعتذاره بحال المجتمع وتفسخه في عهد المهدي .. فنسأله ونقول له : وهل من مقارنة بين حال المجتمع في ذلك وقت المهدي وتوجيهاته بشأن المرأة وبين حال المجتمع الآن ؟! هل يا ترى سيجيب الصادق المهدي على هذا السؤال أم أنه سيهرب لحفرة ثالثة هي أشد ظلمة وهلاكاً من أختيها ؟! هل يا ترى كان في زمان المهدي عدد اللقطاء يصل لهذا العدد ؟! وهل في زمان المهدي كان للإجهاض من يتخصص فيه ؟! وهل في زمان المهدي وصل الانحلال في المجتمع لمناظر إركاب البنات الذي لا تخلو منه شوارع كثيرة ؟ وهل في زمان الجد مورّث الطائفة والحزب والكيان وجد ما يسمى بالزواج العرفي الذي هو الزنا بعينه ؟! وهل في زمان المهدي كانت تنتشر مناظر الخلوات المريبة بين شباب وفتيات في كثير من الحدائق والشواطئ بل في أفنية الجامعات ومعاقل العلم ؟!وهل كان يحصل ما حصل في ليلة رأس السنة هذا العام ؟!وهل وهل ....؟!

    ليقارن لنا الإمام ابن الإمام بين ما اعتذر لجده بسببه وبين واقعنا اليوم الذي يدعو فيه لحرية النساء ويحارب فيه الحجاب والنقاب .

    إن المنصف لو قارن بين ما دعا إليه المهدي بشأن المرأة وبين زماننا لقال : ما أشد الحاجة لتطبيق أمر الشرع في مجتمعنا الذي يعاني من تردٍ في أخلاق وسلوك كثير من أفراده في هذه الجوانب ، وهو ما ذكرته في مقدمة مقالي (لو كان الصادق المهدي موفقاً لقال وهو يخاطب مسيرته النسائية ما يلي : ..)

    الرابعة : وهل ستستمر ثورة الصادق المهدي على مواقف جده المهدي في جوانب أخرى؟!

    إذا كان الصادق المهدي قد ثار على بعض إرث جده وهو المتعلق بموقف جده المهدي من قضايا المرأة وذلك حتى لا يلزم بها ، فهل ستستمر الثورة والتصحيح لتمتد إلى أساسيات في إرث محمد أحمد المهدي ؟!

    سأضرب مثالاً بقضية واحدة وهي : رمي محمد أحمد المهدي لمخالفيه بالتكفير وإخراجهم من الملة إذا لم يصدقوه ويتبعوه ، فهذه قضية كتب فيها المهدي وراسل الناس وخاطب كما يقول (جميع المكلفين) لأن يؤمنوا به أو أنهم يكونون كفاراً .. فالصادق المهدي يلجأ إلى اتهام الآخرين له بأنهم تكفيريون ، وفي مقالي (وقفات مع اتهامات الصادق المهدي للسلفيين ورميهم بالتكفير) ذكرت أن السلفيين هم أكثر الناس عناية بالرد على التكفيريين وجماعات الغلو ، وهم أبعد الناس وأشدهم احترازاً من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا ، ولا ينكر هذا الأمر إلا جاهلٌ أو معاند ٌسيء القصد ، ومما نقلت من كلام العلماء قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13/31) :"ولهذا يجب الاحتراز من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا ، فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام ، فكفر أهلها المسلمين ، واستحلوا دماءهم وأموالهم".

    فالتكفير له ضوابطه وشروطه ومن يحكم فيه له كذلك شروط تشترط فيه ، وتكفير الشخص المعين يشترط له أهل السنة تحقق شروط التكفير، وانتفاء الموانع التي تمنع من التكفير ، ومرجع ذلك كله للعلماء الربانيين لا لأنصاف المتعلمين ، ولا للصبية والجاهلين.

    ومع أن من بين من يرميهم الصادق المهدي بالتكفير ويصفهم بالتكفيريين يقولون إن القول والفعل قد يكون كفراً إلا أن القائل والفاعل (وهو المعين) لا يحكم بتكفيره إلا إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع وهو حكم قضائي يصدر في المحاكم. وحتى هو الصادق لم أعلم من كفره حتى الآن ولمّا يقال : (قال أقوالاً كفرية) فهذا ليس بتكفير للمعين ، وقد أخطأ الدكتور أمين حسن عمر لما قال فيما فهمه من قضية التكفير وأنه للمعين وبنى مقاله المنشور يوم أمس على أنه تكفير للمعين ، فقول (هذا كلام كفري وهذا قول كفر وفعل كفر وقول شرك) لا يعني أن القائل أو الفاعل كافر أو مشرك ، وهي من الأمور المعلومة في هذا الباب وقد وضحتها في مقالي (من أسباب انحراف الجماعات التكفيرية) كما ذكرتها في مقالي (التكفيريون وشهر رمضان).

    وإذا كان الصادق المهدي يدعي ويذكر بمناسبة وبغير مناسب التكفيريين وأنه ضحية للتكفير ، فهل يا ترى سيقود ثورة على إرث جده الذي ورثه المجد في هذه القضية؟! خاصة وقد رأينا ثورته على جده في مواقفه من قضايا المرأة .. علماً أنه لا مقارنة بين موقف جده وبين موقف من ينتقدهم الصادق المهدي في هذه القضية الخطيرة وهي قضية التكفير، يقول المهدي في الآثار الكاملة (1/379) : ( ثم إنه يا أحبابي ، ما أخبرتكم به من قصة خلافتي بالمهدية قد حصل لي من سيد الوجود صلى الله عليه وسلم من غير شك عندي وعند كل ذي بصيرة ، ومن شك فيه فهو كافر كما أخبرني بذلك سيد الوجود صلى الله عليه وسلم لأنه لا وجه للشك بحيث علمتم أن المهدي قد وردت بظهوره آخر الزمان الأحاديث الصحيحة ، وكون الله سبحانه وتعالى أراده وحققه في العبد الضعيف الفقير إلى الله تعالى ).

    وقال (1/145) : (قد أخبرني صلى الله عليه وسلم مراراً أن من شك في مهديتي كفر بالله ورسوله ، وأن من عاداني كافر ، وأن من حاربني يخذل في الدارين )

    وقال (1/146) (وقد أمرني صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى ماسة بجبل قدير وأمرني أن أكاتب بها جميع المكلفين ، فمن أجاب داعي الله صار من الفائزين ومن أعرض خذل في الدارين).

    فهل هذه المواقف في التكفير وادعاء التلقي المباشر من النبي عليه الصلاة والسلام وأمثالها من المهدي هي التي تخالف الكتاب والسنة وهي بحاجة إلى تصحيح ؟! أم أن توجيهه بشأن الحجاب والاختلاط وقضايا المرأة هي التي تخالف الكتاب والسنة وكانت أحق بثورة الحفيد عليها؟!!!!!.

    ونلتقي غداً إن شاء الله مع الحلقة الثالثة.
                  

02-04-2012, 11:03 AM

عماد حسين
<aعماد حسين
تاريخ التسجيل: 06-11-2011
مجموع المشاركات: 7066

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق المهدي والمتاجرة بقضايا المرأة، سلسلة ردود بقلم د. عارف الر (Re: عماد حسين)

    الصادق المهدي والمتاجرة بقضايا المرأة (3 من 3)

    بقلم : د.عارف عوض الركابي

    الخامسة : أصول ومصادر الصادق المهدي

    أن ينكر على الصادق المهدي آراءه التي يذكرها بين الحين والآخر في قضايا شرعية أمر قد يكون مهماً في بعض الأحوال ، لكن الأهم في نظري أن يتم توضيح لأصول ومصادر الصادق المهدي التي ينطلق منها للكلام في أمور شرعية ، فالحجاب أو النقاب أو الميراث أو الاختلاط أو الخلوة وغيرها هي مسائل جزئية بنى رأيه فيها انطلاقاً من أصول أصّلها لنفسه ، فيا ترى ما هي مصادر الصادق المهدي في إثبات أو نفي القضايا الشرعية ؟!

    في كتابه (المرأة وحقوقها في الإسلام ص2) يقول : (النقطة الأولى: مصادر المعرفة: إنّ معرفة الإنسان متعددة المصادر وهو إذ يعالج قضاياه الهامة ينبغي عليه أن يستمد الحقائق من كل مصادر المعرفة المتاحة له. مصادر المعرفة الإنسانية هي: الوحي، والإلهام، والعقل، والتجربة. هذه المصادر هي التي نص عليها القرآن وهي التي أحصاها الفلاسفة فيما استعرضوا من معارف الإنسان).

    وفي كتاب (جدلية الأصل والعصر ص 24) قال : (الإسلام يذكر ويقر كل وسائل المعرفة الإنسانية: الوحي، والإلهام، والعقل، والتجربـة) ونقلاً عن صحيفة الصحافة قال في صالون سيد أحمد خليفة قبل أيام قليلة : (ويجب أن نفهم أن موضوع الدين ليس في البحث عن القياس والإجماع يجب البحث عن مصادر أخرى أساسية أولها العقل نحن مفروض نستخدم عقلنا، وكما قال الإمام الشافعي ليست هناك قضية يقول بها الدين ولا يقول بها العقل .. المنفعة ضرورية كمصدر من المصادر والمقاصد مقاصد الشريعة والإلهام).

    لقد ذكر أربعة مصادر هي : (الوحي والإلهام والعقل والتجربة) ، وفي النقل الأخير أضاف (المنفعة والمقاصد الشرعية). وإذا قارنا بإجمال هذه المصادر التي ذكرها مع مصادر التلقي عند علماء المسلمين وعامتهم نجد الاختلاف الكبير والواضح ، فالنبي عليه الصلاة والسلام دلنا أن النجاة باتباع الكتاب والسنة وهما مصدرا التشريع في الشريعة الإسلامية ، والقرآن والسنة دلا على أن (إجماع) علماء المسلمين معتبر كما أن (القياس) مصدر من المصادر التي تثبت بها الأحكام ، وقد استعمله النبي عليه الصلاة والسلام ودلّ الأمة عليه ، فكانت أدلة الأحكام المتفق عليها بين علماء المسلمين هي (الكتاب والسنة والإجماع والقياس) ، وبنظرة للمصادر التي بين الصادق المهدي أنه يبني عليها الحقائق ، يمكن أن نقول له إنك تناقض نفسك تناقضاً واضحاً.. فإذا كان من مصادرك الوحي وهو (الكتاب والسنة) فلماذا ترد نصوصاً ثابتة من سنة النبي عليه الصلاة والسلام ؟! لماذا ترد حديث (ناقصات عقل ودين وشهادة المرأة) وتقول إنها من (أحاديث الفقه الذكوري) ؟! أين عملك بالوحي في هذا الحديث الثابت في الصحيحين وغيرهما ؟! وأين عملك بالقرآن الذي نقرأ فيه : (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) ؟! وإذا كان القرآن مصدرك كما تدّعي فلماذا تستدرك على الأحكام المنصوص عليها في القرآن الكريم بشأن الميراث حيث قلت في كتاب (جدلية الأصل والعصر ص 57-58) : (هذه الظروف جعلت إنفاق النساء على الأسرة تبلغ نسبة معتبرة . فماذا يكون أثر ذلك على نصيبهن من الورثة؟ ربما أمكن استيعاب هذه الحقائق الجديدة عن طريق إعطاء نصيب لهن من الثلث الذي فوض للمورث تحديده . ولكن مع اتساع أعداد الأسر التي تعولها نساء ، لا يمكن تطبيق أحكام الوراثة بصورة لا تراعي مقاصد الشريعة وتأخذ المستجدات في الحسبان .هكذا ينبغي أن تراجع أشكال الأحكام الإسلامية ذات المضمون الاقتصادي لتأخذ المستجدات في الحسبان ولكي تحقق مقاصد الشريعة في ظروف العصر الحديث) .

    ومما يوضح أيضاً موقفك من نصوص الوحي قبولك وتزكيتك لاتفاقية (سيداو) وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث قلت في (جدلية الأصل والعصر أيضاً ص70 ) : (كذلك استعرضت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي ووجدت أن الحقوق المثبتة فيه عامة وللمرأة خاصة تتفق مع مبادئ وأحكام الشريعة ) وفي مقدمة الكتاب قلت: (وعبر الخمسمائة وألف عام الماضية خطت الإنسانية خطىً واسعة في سبيل تحرير المرأة حتى بلغت ما نصت عليه معاهدة سيداو Cedawمن حقوق المرأة المعاصرة).

    ولست بحاجة لبيان مناقضة اتفاقية (سيداو) التي توصي بها كثيراً وتعتبرها (البديل) لقانون (الأحوال الشخصية) كما في ما نشر في الصحف يوم الخميس غرة ربيع الأول عام 1430هـ لست بحاجة لبيان مناقضتها للنصوص الواضحة والبينة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام بما يزيد وضوحاً أن قول الصادق إن من مصادره (الوحي) هو مجرد دعوى ، لا تصح بالنظر لما يدعو إليه بشأن قضايا المرأة.

    وأما (الإلهام) الذي يذكره كثيراً في مصادره ويبين أن المهدي اعتمد عليه ، فقد عرّفه الجرجاني في كتاب التعريفات بأنه (إيقاع شيء في القلب ، يثلج له الصدر ويطمئن ويسكن ، من غير استدلال بآية ولا نظر في حجة يختص به الله بعض أصفيائه) ، وهو مصدر لإثبات العقائد والأحكا عند بعض الصوفية ، وقد أنكر بعض الصوفية أن يبني الشخص أمراً بالإلهام إذا خالف الكتاب والسنة وقد روي الإنكار عن أبي الحسن الشاذلي والصيادي وغيرهما ، والقول بأن الإلهام مصدر تثبت به العقائد والأحكام بل تصحح به الأحاديث وتضعف !! هو قدح في الشريعة وإبطال لها وطعن في القرآن وفي بلاغ النبي للدين وفي كماله ، وقد تواترت النصوص في أن النجاة بالتمسك بالكتاب والسنة وأجمعت الأمة أن كلاً يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام لأنه هو الوحيد الموحى إليه من ربه ، وأما (العقل) الذي يريد الصادق المهدي أن يجعله مصدراً ويستعمله في إثبات الأحكام وردها فيقال له وعقل من سيرتضى في ذلك ؟! هل هو يا ترى هو عقل جدك المهدي الذي رأى في تطبيق بعض الأحكام في قضايا المرأة هو الأفضل ؟! أم عقل النميري أم عقل محمود محمد طه أم عقل الصادق المهدي أم عقل الترابي؟ عقل من يا ترى ؟! ...والناس يتفاوتون في عقولهم فمنهم من له نصف عقل ومن له ربع عاقل ومنهم دون ذلك ، هم طرائق قددا !!.. فعقل من يا ترى ؟! ومن المؤكد أننا في نستصحب أن عقلك قد ساقك للتحالف مع جون قرنق مدة من الزمان ثم اتخذك وزملاءك مطية وصل بكم إلى (نيفاشا) ثم أدار لكم ظهره !! ونستصحب أن عقلك الذي ساقك وزملاءك لجوبا لتشارك في تحالفها ثم اتخذكم (سلفا كير) مطية لنجاح الانتخابات والتوصل لمقاصده ، هذان وغيرهما مواقف مهمة في تقييم العقل والفراسة .. وهل وقفت على قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي قال: (لو كان الدين بالعقل لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه)..وأما كلام الشافعي فليس فيه مستند لما تدعو إليه لأنه وغيره من العلماء في القديم والحديث يقولون : إن الدين لا يخالف العقل والعقل تابع للدين ، ولابن تيمية كتاب ضخم عنوانه (موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول) فالعقل يتبع الشرع ، فالأساس هو الشرع والعقل منقاد لكن يستحيل أن يأتي الشرع بما هو مستحيل عقلاً ..

    وأما التجربة فهي مصدر للمعرفة في تحسين الإنتاج الصناعي أو الزراعي .. أو ما يشبهها ، ولا تصلح مصدراً لإثبات الأحكام الشرعية أو نفيها ، وإن قيل إن من وجوه التجربة (العرف) فإن العرف فيشترط في العمل به أن لا يخالف الشرع ولا يصادم نصاً من نصوصه أو مقصداً من مقاصده ، وأما المقاصد الشرعية فهي تابعة للنصوص الشرعية وتؤخذ منها ،وهي المصالح التي لأجلها شرعت الأحكام ، فالمقاصد متفرعة عن النصوص التي ثبتت بها الأحكام.

    وأما المنفعة أو المصلحة فالمصلحة لاعتبارها شروط اشترطها العلماء من عدم مناقضتها للنصوص الشرعية وأن لا تصادم مبدأ أو أصلاً شرعياً أو مقصداً من مقاصد الشريعة وأي مصلحة ناقضت نصاً من القرآن أو حديثاً ثابتاً فهي ملغاة وغير معتبرة ، فلا اجتهاد مع النص وسلف المقدمين مصالحهم على النصوص هو إبليس الذي أبى السجود وهو نص من الله وصادمه بالمصلحة التي هي رؤيته أنه الأفضل من المأمور بالسجود له.

    السادسة : بين الصادق المهدي ومحمود محمد طه والترابي

    ليس من المستغرب أن يكون الشيوعيون واليساريون هم من أكبر المستفيدين من تصريحات الصادق المهدي وطرحه في قضية المرأة ، ولعل الصادق المهدي والقريبون منه يدركون ذلك ، ولم نعلم أن المرأة في سوداننا طالبت الصادق المهدي بأن يدلي لها بدلوه بشأن قضاياها ، فضلاً عن أن تفرح بطرحه المناقض للدين ونصوصه ، والمرأة في غالب مجتمعنا تتعلم وبلغت أعلى درجات التعليم وتتزوج بالكتاب والسنة وتعيش بخير وهي تنعم بتعاليم دينها وتعلم أين يكون خيرها في العاجل والآجل ، ومن المهم في نهاية هذه الحلقات الموجزة أن أشير إلى أن اليساريين والشيوعيين والعلمانيين هم أكبر المستفيدين فيما يظهر في الساحة من طرح الصادق المهدي ، وحسب من يريد شاهداً لذلك أن يقرأ ما نشرته الطبيبة ناهد محمد الحسن التي نشرت ورقة عن قضايا المرأة في خطاب الفكر الإسلامي من منظور (الصادق المهدي وحسن الترابي ومحمود محمد طه) وألقت هذه المحاضرة في أمريكا ، ثم نشرها بعض اليساريين في بعض المواقع واستماتوا في الدفاع عنها.

    ومما ورد في تلك الورقة : قولها (هنالك قضايا أخرى لها أهميتها اتفق فيها السيد والأستاذ بينما لم يورد الدكتور الترابي بشأنها أي تفصيل ومن ذلك، حقها في تولي القضاء والولاية العامة وإمامة الصلاة، ومساواتها بالرجل في الدية والشهادة أمام المحاكم...)

    وقولها : (دعا المفكرون الثلاثة إلى تجديد النظرة إلى التشريع عن طريق (خطاب التأصيل الصحوي) لدى الصادق المهدي (وتجديد الفكر الإسلامي) لدى الترابي و (المناداة بشريعة الأصول) عند محمود محمد طه)

    ومن المضحك أنها في نتائجها ومقارنتها خلصت إلى أن فقه الصادق المهدي أقرب إلى فقه المرتد محمود محمد طه في الانفتاح في قضايا المرأة ، بينما كان الترابي الأبعد بينهم وذلك لأنه على حد قولها : (لزم التيار السلفي التقليدي في كثير من الأمور).

    فهنئياً لحفيد المهدي بهذا المجد وهنيئاً لهيئة شؤون الأنصارعلو مقام (إمامهم) وقربه من محمود محمد طه في الطرح في قضايا المرأة ، وهنيئاً للممجدين والمعجبين!! .. وأخص منهم (السلفي سابقاً) يوسف الكودة !! فهنيئاً لهم جميعاً هذه الشهادة (اليسارية) ...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de