الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
نقد / حوش بنات السُرَة (ود العمدة )- للزميلة الاديبة سناء جعفر
|
آخر رواية قرأتها كانت الخبز الحافي لمحمد شكري ، بعدها لم تذهلني رواية كما فعلت بي راوية حوش بنات ود العمدة للكاتبة والاديبة سناء جعفر ...
قبل البدء / اسمحي لي ان اطلق على روايتك اسم ( حوش بنات السُرَة ) / ليس انحيازا مني ولكن نسبة للدور الكبير الذي تلعبه السرة في فصول هذه الرواية ، فشخصيتها كان لها الاثر الكبير في تشكيل الكيان الرئيسي للراوية .. !!
سناء جعفر ، استطاعت في روايتها هذه ان تختصر تاريخ السودان الاجتماعي في كتاب واحد ، فالرواية في حد ذاتها دراسة كاملة للنسيج الاجتماعي المختلط الانساب والاعراف في بلد مثل السودان المتعدد الثقافات والممتليء بالكثير من الفصائل العرقية المختلفة والمتباينة، وبرغم ان الرواية كانت معظم احداثها تدور داخل الحوش الواحد الكبير ولكننا تنقلنا فيها الى كثير من الحيشان المماثلة ، انتقلنا فيها عبر كتابة سلسلة وتحضير جيد الى داخل اعماق شخوض الرواية ، فغصنا في دهاليز ارواحهم وخوابئها .. وعايشنا كل ما يتعلق بكل منهم من فرح وحزن من رفض وايجاب ، خوف وفشل ،.. الكاتبة جعلت كل شخوص الرواية ابطالا .. وصفت لنا بوضوح بالغ كيف يدار الحوش السوداني وكيف تتربى فيه البنات .. ما يفعله غياب الاهل على مسيرة الابناء .. التسامح الكبير بين المسلمين والاقباط ( المسيحين )/ ( المسالمة) !!
السيناريو الرئيسي للراوية يدور حول زواج احد بنات الحوش العامر ، ذلك الحوش الممتليء بالاحزان .. رغم مظاهر الفرح الباذخ ، فكل كل شخصية من شخصيات الرواية يختبيء فيها حزن شامخ بدا بود العمدة التي تخلى عن حبييته بسبب الاعراف والتقاليد ، وما يسمي في الحياة السودانية الاجتماعية بالــ ( عوض ) ليكون خلفا لاخوه المتوفى !!
فحامد ود العمدة صاحب الحوش الكبير والآمال المهدرة ، والتي غابت بعد رحيل ابراهيم الاخ الاكبر ... والذي ترك له بعد رحيله ... غصة لا تنضب ابدا ... بعد ان اشترط عليه والده اما الزواج بالسرة او طلاق والدته ... حاله يصف مدي الظلم الاسري والعائلي الذي يقع على عاتق الابناء في كثير من مجتمعاتنا السودانية ... !!
حامد وزيجاته المتعددة وما خلفه ذلك على نفوس الزوجات ، الرواية كشفت الغبن الكبير الذي يخلفه زواج الرجل على زوجته ، والذي لا يستطيع الزمن ان يمسح اثاره مهما تقدم بهن العمر !!
(لكن العداء المستعر بين السرة ونعمات خلق شرخاً عميقاً بين الاخوات لم تفلح حكمة ود العمدة في تضييقه برغم إسلوبه العادل في المعاملة بين زوجتيه وبناتهما ...)
عدم تقبل حامد لزواجه من ابنه عمه ، جعله لا شعوريا يعبر عن رفضه المكتوم من خلال معاملته لابراهيم ابن السرة زوجته من اخيه ابراهيم المتوفي والذي تجنبه ولم يهتم به كأب بديل او حتى عمه شقيق والده !!
(- انتي يا السرة ... ابوي ليه ما بيحبني ؟؟) العنصرية (التعصب القبلي ) والتي كانت هي الفيصل في كثير من العلاقات السودانية الاجتماعية ، خاصة في علاقات الزواج .. والتي اوضحتها الكاتبة في نظرة السُرَة لعم بخيت وزوجته العينة ، تلك النظرة التي تناقلتها الاجيال جيلا بعد جيل وذلك الاحساس المر بالدونية الذي كانت تشعر به ( حبيبة ) وكان واضحا في تصرفات عبد الستار الذي ذبح ابن الجيران ابراهيم الصغير وقاده الى غياهب الرزيلة .. !!
(وبعدين انا مش حذرتك ما تمشي بيت ناس بخيت ؟؟ ومش قلت ليك ما تقول ليهو عمي ؟؟ انت تناديهو بخيت وبس .. وما تلعب مع اولاده ديل لا زيك ولا بشبهوك ...
- كيف يعني ما زيي ولا بشبهوني ؟؟ قصدك عشان لونهم اسود وشعرهم خشن ؟؟
- لا ما عشان لونهم اسود وشعرهم خشن ... لكن هم بس ما بشبهوك والسلام ... انت لسة صغير وما فاهم حاجة وبكرة لمن تكبر حتفهم معنى كلامي دة ... يلا بطل غلبة كتيرة واتعلم تقول امي ...)
الرواية لم تكشف لنا الحقبة التاريخية التي جرت فيها الاحداث ، لان الرواية كشفت عن الكثير من العادات التي كانت سائدة في وقت ما ، ختان البنات ، الشلوخ ، دق الشلوفة .. الجلد بالسوط الى آخره ، لم اكمل الرواية بعد ولكني اتوقع ان يدار جدل حول ختان بنات بلقيس او بدور .. لاعتقادي انهن يعيشن في زمن اصبح ختان البنات فيه قليل وعلى نحو سري !!
يتبع حتى افرغ من تكملة الرواية ...
|
|
|
|
|
|
|
|
|