الأستاذ / إسماعيل العتبانى .. مثقف لا يشق له غبار ، ذكاؤه هادئ ولكنه عميق نفاذ ، أرتبط أسمه بصحيفة ( الرأي العام ) التي أصدرها في العام 1945 م من اليوم 15 مارس من مطبعة ( ماكوركديل ) الأجنبية والتي اضطرته إلى عطلتها الأسبوعية ( يوم الأحد ) ، إلى أن أنشأ مطبعتها الخاصة في الأول من يناير من العام 1950 وقد عود قراءها على هذه العطلة التي تغيب جميع الصحف اليومية في يوم الجمعة وتصدر صحيفته في هذا اليوم ، ويذكر أن رهن منزله في سبيل قرض من الأوقاف من أجل شراء مطبعته الخاصة .. وقد تميزت صحيفة الرأي العام بالدقة والعفة والحياد كونها جريدة يومية مستقلة نظرا لتحرك الأحداث في بدء قيام التطورات الدستورية في شكل المجلس الاستشاري لشمال السودان وإنشاء الأحزاب السياسية ونشاط مؤتمر الخريجين ، وما لاقته حركة البعث الوطني من اهتمام داخلي وخارجي .. العتبانى كان في العقد الخامس من العمر آنذاك ، فيه شيء من القصر والنحافة دؤوب على العمل طيب وسهل التعامل غليظ وعنيف على الورق ، قلمه في حالة غضب ، كان ا تحاذيا ثم أصبح استقلاليا ، له آراؤه الخاصة التي يعتد بها ولا يتنازل عنها ، . يبغض التعصب والادعاء والسرف في كل شيء لدرجة التعصب ، رضي عنه الانجليز وهم في أوج سلطانهم ورضي عنه المواطنون وهم في أوج كفاحهم ، كانت ترتاح إليه المعارضة في حديثه وتحليلاته السياسية ، لا ينافق ويوصف بالاتزان وسعة الأفق والتحرر من التحزب والإسفاف وروح الشر ، كان من أولئك الذين يسعى إليهم في رتق الفتق وجمع الصفوف ونشر لواء الوفاق بين المتخاصمين من رجال الأحزاب ، حيث كان لا ينبش الحقائق بل يدور حولها ، يقدم للشعب خبرا صحيحا ويعدله إن علم غير ذلك ويرجع للصحيفة ، ويكون قد يرفع يده عن الطعام قبل أن يكمله ، ويقول إن الثقة غالية ، والتاريخ لا يرحم والنجاح كالمال عارية وأن الحياة لا تقاس بمقدار طولها ولكن بمقدار عرضها وعمقا وصدقها .... ألا رحمك الله الأستاذ / إسماعيل العتبانى .. وتحيتى.. محمد مختار جعفر ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة