|
مراية اهل الانقاذ العمياء ماذا تصور لهم ادخل وتفرج معهم
|
حمد عبد الرحمن : إهمال القيادات الفاعلة في الوطني "هي الغفلة بذاتها"
حمد عبد الرحمن محمد : القيادي الاسلامي في مبنى عتيق بشارع الجامعة .. يجلس القيادي الإسلامي المخضرم أحمد عبد الرحمن محمد يحتسي قهوته ويستقبل سيلا من الضيوف لا ينتهي .. غالبهم سفراء ودبلوماسيون يبحثون عن مداخل لتمتين الوشائج والعلاقات مع السودان عبر بوابة "مجلس الصداقة الشعبية العالمية" والذي يتولى دفته "مولانا" كما يحلو لتلامذته مناداته .. فالرجل الهادئ خبر الحياة في معترك الحركة الإسلامية وتميز وسط قياداتها بالجرأة والاعتداد بالرأي وإن خالف البقية لكنه ملتزم كما غيره بقرار الجماعة .. وهو صاحب آراء قوية يدعو للتصحيح ويؤيد التغيير لكنه على قناعه بأن المؤتمر الوطني الأفضل إلى الدوام وإن شابت تجربته أخطاء هي سمة البشر والأنظمة... التقيته في حوار لم يخل من حصار ومواجهة فكانت الحصيلة التالية . أستاذ أحمد.. بينما تصعد حركات إسلامية في تونس ومصر ودول عربية عديدة .. تواجه الحركة الإسلامية في السودان خطر الزوال مع ارتفاع المطالبات بإسقاط النظام والذي تحكمه كما تعلم قيادات معروفة بالانتماء للحركة الإسلامية و... من الذي يتحدث عن المطالبة بتغيير الحركة الإسلامية .. أنا أعتقد .. أن الحديث ينبغي أن يؤخذ من مصادر موثوق بها. . والصحافة يجب عليها أن تعكس حقيقة آراء الناس وتطلعاتهم .. لا أعتقد أن هناك مناداة بتغيير الحركة الإسلامية لكن توجد مساع ومناداة لتطويرها وهذه حقيقة .. الحركة الإسلامية في سدة الحكم بالسودان منذ عشرين عاما ممثلة في حزب المؤتمر الوطني. . وهناك قوى معارضة وأحزاب أعلنت صراحة حتمية تبديل هذا النظام وبعبارة أكثر حده "إسقاطه" .. من حقها طبعا... ومن حق أي جهة فرد أو جماعة أن تطالب بما تراه .. لكن التغيير في هذه الأنظمة سواء أكانت مؤتمرا وطنيا أم سواه ينبغي أن يتخذ الطريق السلمي المتعارف عليه وهو الانتخابات.. وإذا كنا نتحدث عن الشعب السوداني فالمؤتمر الوطني قبل عامين عرض كتابه على الشعب وتقريبا حصل تفويض ولم تكن انتخابات عادية أبدا كانت مشهودة ومراقبة عالميا .. ولا أذكر أن حدث تفويض شعبي لمشروعية واستمرار نظام كما حصل للمؤتمر الوطني إلا في عهد إسماعيل الأزهري وهي كانت أول حكومة بعد الاستقلال... وحازت وقتها على تفويض شعبي كبير ... والإنقاذ أجرت انتخابات قال فيها الشعب كلمته .. وخلاص.. الجماعة العاوزين تغيير وهذا من حقهم عليهم أن يعملوا لتغيير النظام لأنها طبيعة الديموقراطية .. طيب .. حتى وسائل التعبير الديموقراطية من تظاهر أو احتجاج سلمي يواجه بقمع شديد من الدولة وبالتالي لا تتوافر الأجواء الديموقراطية التي تتحدث عنها .. وين؟ ماشفناهو ... أنا متابع يومي للأحداث ..هذا ليس واردا بالمرة .. دة "كلاك بتاع جرايد" .. قولي بالضبط عدد المعتقلين أو حتى أسماءهم ..أنا لم أر أي معتقلين ولا أعرف أن هناك قمعا .. وأنا على صلة بمؤسسات الأمن وغيرها .. مافي أي معتقلين أو متحفظ عليهم في السودان .. وحتى إذا نظرت للدول التي حدث فيها تغيير تجد أن السودان ظل نظيفا في سجلاته وسيظل ... حديثك هذا لا ينفي أن هناك وسائل تخويف تمارس في وجه أي مطالبات أو احتجاجات وإن كانت مطلبية خدمية لاعلاقة لها بالسياسة .. وحصلت شكاوي عديدة من ممارسات واعتقالات لعديد من الناشطين وهي موثقة في الانترنت ... حتى لو حصل ما تقولين .. ليست هي سياسة الدولة .. ربما يكون تصرفا من جهاز أو أفراد وهو محتمل وينبغي أن يحاسبوا عليه .. لكن أنت حين تتحدث عن حق الآخرين في الممارسة السياسية والتغيير ينبغي أن تتيح أمامهم الوسائل المعروفة. . "انتِ عارفة" .. كل السبل السلمية للتغيير الآن متاحة في السودان .. أكثر من أي دولة عربية أو إفريقية وهذه حقيقة ..وكل العالمين ببواطن الأمور يدركون هذه الحقيقة.. خاصة أن هؤلاء جميعا كانوا حاكمين وسجلاتهم جميعا لا تخلو من اتخاذ إجراءات استثنائية ..كل الأحزاب السياسية ولا أبرئ أيا منها ...أما اليسار فجربناه .. "ماعندو أي قشة مرة" .. والأفضل ألا يتحدثوا نهائيا عن هذا الموضوع أصلا ..
*موضوع التغيير ؟؟ -موضوع القمع .. موجود في أدبياتهم وتجاربهم ليس في السودان إنما في العالم بأسره ... والحكومة التي سبقت الإنقاذ .. لا يمكنها أصلا الحديث عن اعتقالات أو إجراءات استثنائية لأنها أدخلت كل الناس السجون .. ناس الزبير محمد صالح السجنهم منو ؟ كل المجموعات التي وجدناها في المعتقل عندما دخلناه بعد الإنقاذ .. من الذي اعتقلها ؟؟؟ عدد كبير من الماييوين وغيرهم اعتقلتهم الحكومة الديموقراطية السابقة إذا وضعنا الأمور في إطارها الواضح. . حكومة الإنقاذ كانت الأكثر اعتقالا لمعارضيها .. بالأمس عقدت أحزاب المعارضة مؤتمرا مخصصا لهذا الأمر وقالت إن عشرات من مؤيديها بأيدي السلطات .. حزب المؤتمر الشعبي يشكو باستمرار من هجمة على الحريات واعتقالات بلا اتهام أو محاكمة و.. ليس ماضيا هذا حصل خلال فترة قريبة. . يفترض أن تتمتعوا في الصحافة بقدر من التجرد .. والموضوعية .. القوى السياسية في هذه البلاد معروفة .. تعاقبت جميعها على الحكم .. وهذا من فضل الله .. ومن أجل أن نأخذ العبر والدروس .. وجميعها لجأت لإجراءات استثنائية حين تعاملت مع معادلة الاستقرار والأمن والحرية .. ربما اختلفوا في درجة الإجراءات .. لكن لا بد أن يكون هناك سبب موضوعي .. لماذا كل الأنظمة التي حكمت السودان بما فيها الأحزاب والإنقاذ لجأت جميعا لتلك الإجراءات في التعامل مع ممارسة الحق الديموقراطي في التعبير عن الرأي .. لا بد أن يكون هناك سبب واعتبار موضوعي يجب البحث عنه .. إذا ذهبت إلى سجن كوبر .. وبحثت عن المعتقلين الذين تعاقبوا عليه ومن الذي أودعهم. . تجدين كل هؤلاء.. وإذا كان هناك صدق .. وأتمنى أن يكون متوافرا مع الاهتمام والوطنية .. لنبحث عن سبب موضوعي لذلك .. كل الذين يتباكوا الآن في المعارضة كانوا يوما ما في الحكومة .. لماذا لجأوا إلى اتخاذ إجراءات استثنائية .. ينبغي عليك البحث .. وأنا أعتقد إذا كانت المفاضلة بين الاستقرار والأمن ومصلحة الشعب وحريات بعض الأفراد .. فأنا أفضل طبعا الاستقرار والأمن وأعتقد أن أي حكومة جادة ينبغي أن تحاول بقدر الإمكان وضع أمن واستقرار الناس كأولوية .. حتى إذا كانت النزعه للمطالب والحريات حق ويشكل في ذات الوقت خطرا على استقرار البلاد وأمنها فالقرار ينبغي أن ينصف الأمن والاستقرار .. مع قدر من الإجراءات الاستثنائية .. ينبغي أن نكون بهذا المستوى من الوضوح .. ولتكوني موضوعية عليك أن تجري هذا البحث وهو لم يطرق من قبل .. راجعي المتعاقبين على سجن كوبر ... . ابحثي في من وضعهم بالمعتقل .. والحقيقة الواضحة أن الكل تعاقبوا على السلطة .. وعندما يقفوا في صف المعارضة يعايرون الآخرين بما اتخذوه من إجراءات ..
*لكن أستاذ أحمد الحرية في حد ذاتها قيمة للعمل السياسي بغض النظر عن القدر الذي ينبغي اتاحته ألا تتفق مع هذا الرأي؟ -هذا ثبتناه .. لا نريد التحدث عن أبجديات وبديهيات... "انتِ بتعرفيني وأنا بعرفك" .. لكن نريد التحدث عن حقائق ينبغي البحث فيها .. وإيجاد إجابة .. لماذا يعايرون الآخرين عندما يقفوا في المعارضة .. مثلا في مؤتمر كوكدام أثناء حكومة رئيس الوزراء السابق .. اعتقل المشاركين في المؤتمر وكذلك الذين كانوا يتأهبون للذهاب للمؤتمر .. هذه الحريات ؟؟ .. أما البقية من يسار وخلافه فحدث ولا حرج ..
*إذا عدنا للحاضر . يواجه المؤتمر الوطني الآن دعوات عديدة تطلب الإصلاح والتغيير .. سمعنا ما قاله إبراهيم أحمد عمر وحديثه عن الحاجة لصياغة الكثير من القضايا داخل الحزب وتجديد الدماء وما إلى ذلك من تصريحات .. ما الذي يحتاجه الحزب الحاكم بالضبط وأين تكمن مشاكله؟؟ -الوطني جمع خيرة أهل السودان .. ومعظمهم اختار طوعا الانضمام إليه .. وهذه ظاهرة محيرة جدا.. الهجرة للوطني أصبحت أفرادا وجماعات تترى ولم تتوقف .. وبعض الناس يرددون أن القيادات المنضمة استجابت لإغراءات من المؤتمر الوطني ... لكنهم بهذه الطريقة يسيئون لأنفسهم لأن تلك القيادات كانت مرموقة و خبروها جيدا .. ويدركون أنها ليست من النوع الإنسان رخيص الذي يبدل مواقفه بسبب المال أو الإغراء ... الشخص يربأ عن الحديث في موضوع كهذا .. ولا يجب أن يقال أو حتى يكتب .. فالإنسان حر في خياراته .. ومن الطبيعي أن يختار هذا الحزب أو غيره .. والوطني استطاع بهذا التجمع أن يحوي قيادات من مختلف ألوان الطيف السياسي .. كلمة مؤتمر نفسها تعني أوسع من حزب ضيق .. وهو تشكل على نمط المؤتمر الهندي و يحاول بقدر الإمكان تلبية تطلعات مجموعات أهل السودان المختلفة . .. تقديرا لأن المرحلة الحالية خاصة وأن العالم يمر بتغييرات كبيرة جدا .. و بات لسبب أو آخر يستهدف النظام الموجود في السودان ويطمع في إمكانياته ومقدراته .. بوسائل غير مشروعة سواء كان بالوجود الأجنبي أو حتى تطويع نظامه القائم .. أو أن يكون هناك موقع متقدم للأمن الغربي الأمريكي في السودان أو إفريقيا .. وربما أقنع كل ما ذكرت الكثير من الواعيين من أهل السودان بأن يكون خيارهم المؤتمر الوطني سعيا وراء نظام مستقر آمن .. يحققه حزب كبير هو المؤتمر الوطني. . لذلك فالحزب الآن أمام تحدٍ كبير لأنه يستوعب مجموعات ضخمة من أهل الرأي والفكر والقدرات
*ما شكل التحدي الذي تقصده ؟ -التحدي في كيفية استيعاب تلك المجموعات .. والطبيعي أن يفسح لها في الرأي والمشاركة في اتخاذ القرار.. وما لم يحصل هذا تطرأ حالة من التملل .. لأنهم وبما يمتلكونه من آراء وخبرات وأعمار وعلاقات خارجية لا يمكن أن يكونوا أرقاما تحسب.. لا بد أن يتمتعوا بقدر من المشاركة ويفسح لوجهات نظرهم .. وبالضرورة ستكون متباينة .. لأن الناس يختلفون من شخص إلى آخر .. والله سبحانه وتعالى قال "لايزالون مختلفين".. "مش متفقين" ..
*بغض النظر عن تكوين تلك المجموعات المنضمة للوطني أو انتمائها هل كانت لتأتي إلى الحزب ما لم يكن حاكما ومسيطرا على السلطة ؟؟ -لا يهمنا .. قلنا إنها انضمت .. وما دام الحزب في السلطة فهذا عامل آخر .. بدلا عن تضييع الأصوات فالأفضل منحها لحزب فاعل في السلطة .. بإمكانه اتخاذ القرارات والتأثير .. وجود الحزب في السلطة عنصر إضافي آخر ..أغرى كثيرين .. وبدلا عن أن تضيع أصواتهم في كيانات استنفذت أغراضها تقريبا .. أنجزت ما أمكن ولم يعد لديها مستقبل كبير .. فآثروا الذهاب إلى حزب السلطة وحزب المثقفين والقوى الفاعلة .. هم جربوه ... وطبعا "أحسن المجرب".. ماذا عن تصريحات مستشار الرئيس إبراهيم أحمد عمر التي عكست أزمة في الحزب على نحو ما ؟ -إبراهيم أحمد عمر من المؤسسين لهذه الحركة وهو الدينمو وراء كل التغيير .. المتجسد في شكل تنظيم المؤتمر الوطني الكبير الحاكم منذ عشرين سنة .. وليستمر أكثر لا بد من حراك ومبادرات ورؤى جديدة قد تكون غير مألوفة يتوقع أن تأتي من أمثال دكتور إبراهيم أحمد عمر .. فهو رجل يتمتع بالمصداقية ومشهود له بالأمانة والمواقف عندما كنا في المعارضة وما قبلها ومشهود له أيضا بالعلم والأكاديمية .. وأن يقول إبراهيم ما قال لدرجة أن يكتب على نفسه أنه "عجز" عن تقديم ما كان ينبغي نتيجة لاعتبارات ذكرها.. في تقديري أن هذا يمثل قدوة جديدة .. ويفترض أن يتعدد أمثال إبراهيم ..
*لكنها قدوة متأخرة .. بعد عشرين عاما؟ دائما نقول "never late ".. -هي خطوة ضرورية .. وكان ينبغي أن تأتي مبكرا. .لكن "كويس" .. جاءت الآن لتشجع استمرارية وتحريك للمياه حتى لا تركد .. أنا كنت في ماليزيا ..الحزب هناك يحكم منذ ستين عاما .. بالتحالف مع بعض الأحزاب لكنه دائما يجري تجديدا وتغييرا .. وهو ما يحققه الصادقون والملتزمون بمصلحة البلد ويمتلكون رؤى وعقلا وفكرا ومقدرة على بلورة أفكار جديدة .
*عندما نتحدث عن التغييير في المؤتمر الوطني ما المقصود تحديدا ؟ تغيير سياسات أم أفكار أم أشخاص؟ "-كلو.. كلو " ..لا بد من تجديد الأفكار .. فالوطني جاء أساسا لخدمة قضايا كانت ولا زالت تشكل تحديات للبلد على رأسها السلام .. وبشهادة العالم أجمع فالنظام الموجود في السودان استطاع تحقيق قدر من السلام .. ولا يزال التحدي موجودا لاستمرار الاستقرار في السودان .. وجاء الوطني لإكمال قضية أرقت السودان ولا زالت وهي إكمال الوحدة الوطنية .. للأسف بعد استقلال البلد في 56 لا زالت الوحدة الوطنية منقوصة ..
*ما الذي تقصده بالوحدة الوطنية تحديدا ؟ -أعني أن الولاء الوطني ضيق .. باتت تصادمه ولاءات كثيرة جدا. . الولاء للقبيلة وللمنطقة فهذه من التحديات التي يقابلها أهل السودان ومهمة الوطني العمل مع كل القوى الوطنية لإيلاء هذه القضية أسبقية .. والدعوة لتقوية الصف الوطني ..و المؤتمر الوطني جاء أيضا لتوفير مستوى من العيش الكريم للمواطنين .. فالسودان استقل منذ خمسين عاما قبل ماليزيا وجنوب إفريقيا وهذه الدول قفزت بقوة .. و رغم أن الإنقاذ كانت إراداتها أفضل وحققت إنجازات نسبية .. الوضع في العموم لا يمكن الدفاع عنه ولا يرضي أبدا .. لا سياسيا ولا وطنيا ولا اقتصاديا ولا اجتماعيا ..
*هذا يعني بوضوح أن المؤتمر الوطني فشل ؟ -الفشل ينسب للجميع فالبلد استقل منذ 56 . وما حققته الإنقاذ لم تنجح فيه أي حكومة سابقة . ولذلك حظي بتصويت المواطنين لشعورهم بجدية الحزب وسعيه لتوفير ما لم يجدوه في اي حكومة سابقة . وهذا مكتوب في تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .. لكن عموما الصورة ليست وردية .. وليست زاهية ..فالشعب لم يصل مرحلة الترف ولا زال يبحث عن الحد الأدنى للحياة الكريمة ..
*الآن وبعد كل هذه السنوات هل قدم الوطني نموذجا للحزب الرسالي كما طرح نفسه في البداية ؟ -نحن الآن كحزب وطني فقط .." خليهو الرسالي" .. لا نقبل أن نقارن بغيرنا .". نحن في وادي وهم في وادي "... لذلك خلقنا علاقات خارجية جيدة قبل أن نكون في الحكومة استثمرناها في ما ينفع أهل السودان سواء أكان بنوكا أم مؤسسات اجتماعية .. شعرنا منذ وقت بعيد بقدرتنا على التغيير في فترة ما قبل السلطة وعندما وصلناها تمكنا من توظيفها بنحو صحيح .. وإن كنا نواة لحركة صاحبة رسالة فهذا صحيح .. لكن بيننا وبين الرسالة التي تشيرين اليها مئات السنين .. وليس هناك تجربة كانت مطروحة في الساحة ليستفاد منها .. أعتقد أن هناك تحديا كبيرا لمزيد من أعمال الفكر ومزيد من التعاون مع الآخرين لبلورة هذه الرسالة .. فالحكم القائم الآن ليس للحركة الإسلامية الصغيرة صاحبة الرسالة .. أبدا هي الرسالة لجميع أهل السودان ولا يمكن أن تدعي أنك صاحبها .. إذا انتقلنا لمحور العلاقات الخارجية كيف تقرأ صورة السودان؟ الواضح أنه نجح في تطبيع علاقاته مع كل دول الجوار .. حتى يوغندا الآن في الطريق ..
*العلاقات مع أوروبا وأمريكا لا زالت تواجه عقبات رغم المساعي الدبلوماسية الحثيثة المبذولة للتطبيع؟ -السودان ليس له يد في تلك العثرات ..كل تصريحات القيادة السياسية والدبلوماسية تقول إنه يمد اليد للجميع ..لكن القوى الاستعمارية المتسلطة تستهدف السودان ..الخطأ الذي ارتكبته الإنقاذ أنها استقلت بقرارها وهذا غير مقبول في المنطقة وإفريقيا بالنسبة للقوى الخارجية .. لكن مثلا أزمة دارفور هي مشكلة داخلية جلبت للحكومة عواصف دولية كبيرة وذهبت بالقيادة إلى المحكمة الجنائية .. هذا يعني أن ثمة خطأ في السياسات الداخلية يدفع بالعالم البعيد للتدخل "انتِ عايزة تقولي إنو في بلد أو نظام مبرأ من الخطأ"؟... أبدا .. لكن كل التوترات الداخلية هي جزء من مراحل الوحدة الوطنية ينبغي استكماله .. ومع التركة التي خلفها الاستعمار كان لابد أن يحدث ما حدث .. و الآن وصلنا مع غالبية القوى التي واجهت مشاكل داخلية وذاتية استغلها الغرب وصعدها - بنحو أفقد السودان الكثير من سمعته وصورته - لقناعة بأن السلاح هو أعجز وسيلة في معالجة القضايا وبعد وثيقة الدوحة خاصة توصلنا إلى أن المخرج هو الحوار ..
*هناك شكاوي من قيادات في المؤتمر الوطني تشير لانعدام الشورى الحقيقية في الوطني ؟ بالعكس .. أعتقد أن الشوري الممارسة في المؤتمر الوطني ليست هي المثالية .. لكن بمقارنتها مع ما هو موجود في بلد بالعالم الثالث هي معتبرة ومقدرة يشار إليها كتجربة .. الوطني تمكن من توفير مواعين كبيرة جدا للممارسة الشورى. . والطريقة التي يحضر لها المؤتمر العام مميزة وصعب جدا أن تجاريها الأحزاب حتى على مستوى إفريقيا تابعت التحضير للمؤتمر العام ولاحظت فتورا في القطاع السياسي بوقت كان يفترض أن يكون الأكثر حيوية وحتى مستوى المشاركة لم يكن متوقعا من حيث تناقص العضوية "كلو وارد" ... اذا كان هناك ضعف في السياسي فالاقتصادي كان مميزا .. لكن لا اظن أن ما اكتمل في كلياته ونوعيته وطريقة التنظيم والالتزام .. من الصعب أن يحظى به منافسونا .. داخل السودان وخارجه
*باعتقادك ما الذي يحتاجه المؤتمر الوطني في المرحلة المقبلة ؟ -لمزيد من المشاركة وتمكين عضويته لانها على مستوى عالٍ من الأهلية والمقدرة ..وبقدر ماهي قوة يمكن أن تكون خطرا على المؤتمر الوطني إذا لم تشرك بنحو جاد وصادق في اتخاذ القرار ..أما إذا أخذت كقوى مضمونة لصالح الوطني فأنا "افتكر إنو دي الغفلة ذاتها "
*ألا ترى أن الوطـــــني يحتاج لمشاركة الآخرين في الحكم ؟ -الوطني سعى في الحكومة السابقة وحتى القادمة لتوسيع الصف الوطني .. وبحث عن إجماع على برنامج وطني والأهم من ذلك القناعة بمضمونه وكذلك مشاركة في تنفيذ البرنامج لذلك وأعلن سعيه لتشكيل الحكومة العريضة التي تسع أهل السودان .
*لكن الأحزاب رفضت المشاركة.. -من حقها طبعا .. العمل السياسي أصلا طوعي ... ونتمني أن تكون في صف المعارضة المسؤولة ما دمنا لم نقنعهم بالمشاركة .. ماذا نفعل لهم ؟ أنا أفهم أن الحكومة الكبيرة تعني تأمينا أكبر لاستقرار البلاد.. افرضي أن هذا لم يتم .. العمل طوعي أساسا اذا تراضت الأحزاب على برنامج تدخل لتنفيذه .. ولسبب أو لآخر لم يحصل تكتفي بأن تكون معارضة مسؤولة لهذا النظام القائم ..لا يوجد خيار ثانٍ .. الخيار مثلا أن يقدم الحزب الكبير الممسك بالسلطة منذ سنوات طويلة .. تنازلات للآخرين .. لنفترض أنهم قدموا تنازلات ولم يقبلها هؤلاء لسبب أو آخر.. لم تقنعهم .. فالتفاوض أصلا يعني تقديم تنازلات... من هنا وهنالك .. ونتحدث حسب سؤالك فرضا بأن ذلك لم يجد القبول ..
*هل دفع المؤتمر الوطني بتنازلات حقيقية للأحزاب التي فاوضها ؟ -لست ملما بتفاصيل التفاوض .. لكني متأكد بعدم وجود مفاوضات ما لم يتفاهم الناس على تنازلات من الطرفين وصولا لصيغة مقبولة .. والحكومة مطلوب منها أن تسعى لقدر من المشاركة الفاعلة أي مشاركة تخل بفاعلية النظام فهي حكومة غير مسؤولة
*أنت شخصيا هل تؤيد استمرار القيادات الحالية في مناصبها أم تفضل الدفع بوجوه شابه كما تقول بذلك أصوات في الحزب الحاكم؟ -كل ذلك يحدده المؤتمر العام .. ربما تؤخذ بعض الأفكار من هنا وهناك .. لكن القرار الأخير لدى المؤتمر الوطني
*أسالك بشكل عام عن فكرة تنحي القيادات؟ -الكلام وارد ومقبول ويشجع .. لكن القرار يتخذه المكتب القيادي للمؤتمر الوطني ..
*كيف تنظــــــــر إلى المخرج من الأزمة الاقتصادية الحالية ؟ -لست اقتصاديا .. لكن الأزمة تحتاج لاستثمار العلاقات الخارجية لضخ مزيد من الدولارات في البنك المركزي ولا بد من ترشيد الانفاق الحكومي و تحسين استخدام الموارد المتوفرة بإيقاف الصرف البذخي .. العامل الاقتصادي ربما يكون مدخلا لثورة قادمة كما حصل في تونس ومصر .. في السودان لا أرى الخطر الاقتصادي وسيلة ..أعتقد أن الأزمة لا بد أن تؤخذ بجدية لكنها لن تصنع التغيير منفردة لا بد أن تحصل تراكمات أخرى.. انفصال الجنوب أحد المسائل التي تؤخذ على المؤتمر الوطني أردفتها مؤخرا الآن حرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان أعتقد أن جميع القوى جربت وتعاونت مع الجنوب وجميعها قبلت اتفاق نيفاشا .. الذي تضمن حق تقرير المصير ومشكلة الإنقاذ الوحيدة هي قدرتها على التنفيذ والإيفاء بالعهد .. بعض أصحاب الأجندة الخفية وهم قليلون.. يحملون الإنقاذ مسؤولية الانفصال .. في حين أن جميعهم وافقوا في تفاهماتهم السابقة على تقرير المصير .. والإنقاذ أوفت بما أجمع عليه أهل السودان في تعريفهم .. بينما كذب الآخرون .. ولذلك فالكلام على تلك الشاكلة يمر على السذج فقط .. ومن سوء حظهم أن الأجيال القادمة واعية ومستنيرة .. وتميز المحق من الكاذب وتدرك أن غلطة الإنقاذ هي الإيفاء بالعهد تجاه الجنوب ..والآن نقول لهم بأن يطرحوا خياراتهم .. ولا نرى أن نيفاشا كاملة فالكمال لله تعالي .. لكنها الخيار الأمثل
*فات الوقت للحديث عن أي خيارات أخرى؟؟ " -فات أو ما فات".. الذين يتحدثون عن تحميل الإنقاذ مسؤولية انفصال الجنوب عليهم أن يبينوا لنا خياراتهم الأخرى .. لنغلق هذا الباب نهائيا .. هل ترى أن خطر التمزق يهدد أجزاء أخرى من السودان خاصة مع اشتعال الحرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان؟ الحكومة بقدراتها العسكرية الكبيرة جدا .. لا يمكن أن تعجز بجانب النظام السياسي المتمتع بالإرادة السياسية أن تحافظ على ما تبقى من السودان..
*كيف ترسم صورة مستقبل السودان القريب؟ -بكل أسف .. لا تزال قوى خفية وأخرى ظاهرة تستهدف السودان الأمر الذي يحتاج لرشد في اتخاذ القرارات .. ونحن حريصون على إشراك الجيران في القضايا الإساسية التي يواجهها السودان لأنها لا تقتصر عليه فقط بل تعتبر مهددا لتمزيق هويته ووجوده الجغرافي .. وحريصون أيضا على خلق توجه جاد وعلاقات إيجابية مع الدولة الوليدة في الجنوب لقناعتنا بالبعد الإفريقي الذي أهمل في السياسات السابقة .. ونعتقد أن مجموعات كبيرة من أهل السودان تربطهم مصالح بالجنوب ينبغي مراعاتها ويجب أن نجعل الحدود مدعاة للتواصل .. إذا أرسينا مثالا لجوار إيجابي مع الجنوب فهذا يساعد السودان في علاقاته مع دول الجوار
*هل السودان بعيد عن أجواء الربيع العربي ؟ -لا نستطيع القول إن الشعب السوداني حقق كل تطلعاته في ما افتقدته الساحة العربية إذا كانت الحرية أو التنمية اقتصادية فالسودان لم يصل حتى الآن... ولا زالت كثير من القضايا تشكل تحديات لكن يمكننا مواجهتها سلميا دون الحاجة لتغييرات دموية.
عن : الأحداث
عودة حوارات أخرى:
اح
|
|
|
|
|
|