الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أودع الله تعالى في الإنسان الكثير من المشاعر والعواطف، ففي داخل كل واحد منا بحر متلاطم من المشاعر .. الحب والكره .. الرضا والغضب .. التسامح والحقد .. ومن ضمن المشاعر التي حظي بها الإنسان: الرحمة .. الرحمة التي يتراحم بها الخلق في هذه الدنيا والتي هي جزء واحد أنزله الله تعالى لعباده ومخلوقاته يتراحمون به وادخر 99 رحمة ليوم القيامة.
الناس يتراحمون فيما بينهم كل بحسب ما يربطه بمن يرحمه .. الوالدين مع الأولاد والعكس .. الأزواج فيما بينهم .. الأقارب .. الأصدقاء .. الطبيب والمريض .. الغني والفقير كل هؤلاء يتراحمون إما تراحما مستمرا باستمرار وديمومة العلاقات التي تربطهم ... أو تراحما مؤقتا بحسب الموقف الذي اقتضى بث الرحمة من طرف إلى آخر.
هذه الرحمة الفطرية الإنسانية هي التي تدفع الكثيرين إلى التعاطف مع المجرمين والطغاة الذين ساموا شعوبهم سوء العذاب .. وهؤلاء المتتعاطفون يعلمون في قرارة أنفسهم أن هؤلاء الطغاة لا يستحقون أدنى درجة من درجات الرحمة ولا أقل قسط من الشفقة ولا حتى زفرة ألم لأنهم لم يمنحوا شيئا من ذلك لشعوبهم .. هؤلاء المتعاطفون ربما كانوا يؤيدون الثورة ويتألمون لما كان يصيب الشعوب من جلاديها وربما هتفوا مرارا وتكرارا بالموت للجلادين وأنهم يستحقون القتل والحرق .. ولكن يأتي المحك وتتحول المشاعر في المسار الخاطئ حين يقع الجلاد في قبضة ضحيته.
البعض لأجل أنه يبغض دور الجلاد وأفعال الجلادين أصبح في نفسه بغض لأي فعل يشابه أفعالهم حتى لو كان هذا الفعل قصاصا من الضحية ممن فعل به الأفاعيل ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) فما فعله الثوار بالقذافي على سبيل المثال هو عقاب مماثل في (الكيفية) وليس في (الكمية) لما كان يفعله بالشعب الليبي على مدى 42 عاما.
إن الحب على سبيل المثال عاطفة إنسانية نبيلة موجودة في قلب كل إنسان .. فإذا أحب الإنسان زوجته أو خطيبته أو امرأة يمكن أن يتزوج بها فهذا أمر طبيعي ولا غبار عليه .. ولكن أن يحب ويعشق امرأة متزوجة مثلا فهذا توجه خاطئ في المشاعر يجب أن يقوم وأن يوضع في المسار السليم. والكراهية أيضا على سبيل المثال: أن يبغض الإنسان أحدا من الناس لأنه ظلمه أو أنه يحاربه أو أنه قتل ذويه فهذا أمر طبيعي ومفهوم، ولكن أن تتوجه هذه الكراهية إلى كل من يرتبط بهذا المكروه ممن لا ذنب لهم كأسرته أو أصدقائه أو أقاربه فهذا توجه خاطئ في المشاعر يجب أن يقوم ويسدد.
مثل ذلك مسألة التعاطف والشفقة على القذافي وأمثاله من الطواغيت .. الذين ساموا شعوبهم سوء العذاب .. قتلوا وأحرقوا وشردوا وبثوا الفتن والمشاكل في بلادهم وفي العالم أجمع .. الطواغيت الذين أفسدوا في الأرض وأهلكوا الحرث والنسل .. ماذا تساوي هذه الذلة التي ذاقوها في آخر لحظات حياتهم مقابل زفرة واحدة من أم ثكلى في هدأة ليل بهيم .. ماذا تساوي مقابل دمعة حارقة من امرأة أرملة ترك لها زوجها دستة من العيال ولم تجد من يعيلهم فاضطرت للخروج كي تعمل وتعرض شرفها للضياع .. ماذا تساوي هذه الذلة والطلقات التي أنهت حياة القذافي في دقائق معدودة تجاه بكاء يتيم حائر يجوس في طرقات الضياع ومفترقات الشتات يبكي والدا حنونا وأبا شفوقا كان يوفر له لقمة العيش والملاذ الآمن والحضن الدفيء.
إن مثل هذه المشاعر في هذا الموضع ولأمثال هؤلاء الطغاة لتعتبر مشاعر باهتة باردة بل ضربا من العبث، لأنها تتناسى في لحظة واحدة كل جرائم الطاغية بل تجرم ضحاياه الذين ما فعلوا ما فعلوه إلا نتاجا لسياساته القمعية والظلم الذي كان ينتهجه. هل تطلب الرحمة لمن لم يعرف الرحمة؟ هل تعطى الشفقة لمن لم يعرف سوى العنف؟ هل تسكب الدموع على من أجرى عيون الملايين أنهارا؟ هل يمنح الأمان لمن أرعب وأرهب الملايين؟ أليس في ذلك استخفافا بالأرواح التي أزهقت والدماء التي سالت وحقوق هؤلاء المساكين.
شخصيا: كنت أتمنى أن يقبض على القذافي لهدفين: الأول: أن يتم الأرشاد عن وإعادة جميع الأموال المنهوبة والتي فرقها في أرجاء المعمورة. الثاني: أن يتم جرد حساب وكشف الأسرار لحقبة حكمه وفضح كل من كان يتعاون معه. وكون أنه لم يتحقق هذين الهدفين فلم أتوقف كثيرا عند مقتله والطريقة التي قتل بها لأنه يستحق ذلك، وقد نال ما جنته يداه.
كبسولة علاج: جربتها ونفعتني كثيرا في الشفاء من مرض انحراف المشاعر والشفقة تجاه الظالمين، كلما انتابني شيء من ذلك أتذكر مباشرة الجرائم التي ارتكبوها والعذاب الذي ساموه لشعوبهم فتخرج من قلبي كل شفقة أو رحمة تجاههم.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | محمد جلال عبدالله | 10-22-11, 08:04 AM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | محمد جلال عبدالله | 10-22-11, 11:19 AM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | هالة الأقرع | 10-22-11, 11:18 PM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | محمد قرشي عباس | 10-22-11, 11:56 PM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | Sabri Elshareef | 10-23-11, 00:50 AM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | محمد جلال عبدالله | 10-23-11, 01:51 PM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | محمد جلال عبدالله | 10-23-11, 01:53 PM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | محمد جلال عبدالله | 10-23-11, 01:59 PM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | ندى صالح الطيب | 10-23-11, 02:41 PM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | محمد جلال عبدالله | 10-23-11, 06:08 PM |
Re: توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة | Sabri Elshareef | 10-24-11, 03:56 AM |
|
|
|