تحالف كاودا نموذجا وطنيا لاسقاط نظام الخرطوم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 03:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-22-2011, 00:49 AM

فقيرى جاويش طه
<aفقيرى جاويش طه
تاريخ التسجيل: 06-17-2011
مجموع المشاركات: 4874

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تحالف كاودا نموذجا وطنيا لاسقاط نظام الخرطوم (Re: فقيرى جاويش طه)

    اما التعريف أو الفهم المعاصر والاكثر حداثةً هو التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال أدواته " المسلحة" أو من خلال تنظيمات لتحقيق طموحاته لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية.والمفهوم الدارج أو الشعبي للثورة فهو الانتفاض ضد الحكم الظالم.


    الثورة ظاهرة مهمة جدآ في التاريخ السياسي. الثورة هي حركة سياسية في البلد حيث يحاول الشعب أو الحركات أو مجموعات أخرى فيه إخراج السلطة الحاكمة.
    كيف تحدث الثورة:

    في لحظات معينة تحت وطأة عوامل معينة وبعد نضوج ظروفها الذاتية، تشعر فيها المجتمعات الإنسانية بحاجتها الجماعية لإعادة النظر في طريقة حياتها، وفي علاقتها بكل ما يحيط بها. وفي ضرورة صياغة أشكال جديدة في التعامل معها، وهي ما يمكن اعتبارها باللحظة التاريخية، التي تؤسس لأحداث حاسمة من بعدها، تؤدي إلى بزوغ حقبة تاريخية جديدة. و يمكن تسميتها مرحلة ما بعد الحداثة، والتى تبشر بسقوط النظريات الكبرى، وتفتح الباب أمام الأنساق الفكرية المفتوحة، و تركز على الهوامش الاجتماعية والسياسية،. وهو تيار فلسفي أصبحت له آثار سياسية بالغة العمق." . ويعتبر أننا نعيش عصر العولمة، حيث تكشف الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن مدى تأثرها وتأثيرها على بعضها ليس على المستوى المحلي أو الإقليمي، بل على المستوى الكوني الكلي، بمعنى آخر ظهور مرحلة جديدة تسمى «العولمة» التي هم سماتها هيمنة التكنولوجيا وثورة الاتصالات والمعلوماتية، وعولمة المشكلات المحلية والإنسانية، وهذه هي اللحظة التي يطلق عليها الزمن العالمي. وبالتالي فإن الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية التي تعيشها شعوب الأرض في هذه المرحلة ناجمة عن أزمات العولمة، وأن الثورات التي تخوضها الشعوب المظلومة تأتي في زمن العولمة، وبالتالي لا بد لها أن تفكر بطريقة العولمة وأن تستخدم أدواتها، أي بجملة واحدة عليها أن تقتحم الزمن العالمي.
    اسباب الثورات: هى نسبية و يمكن اختصار بعض اوجهها فى الاتى:
    1- غياب الديمقراطية.، والذي كان يعني سيطرة النظام الواحد والرئيس المخلد الذي يورث الحكم لابنه من بعده، وانسداد الأفق السياسي الذي كان يحرم الجماهير من حقها في المشاركة السياسية، مع ممارسة القمع والتنكيل وتكميم الأفواه.
    2- تردي الأوضاع على نحو خطير في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الأمر الذي كان يعني انتشار البطالة والفقر والتخلف واتساع الهوة مع العالم الخارجي حضاريا وتقنيا.
    3- فساد الأنظمة وغياب العدالة الاجتماعية، بشكل غير مسبوق وغير محتمل، حيث نشأ تحالف طبقي حاكم دأب على امتصاص دماء وعرق الشعوب واستغلالها، في الوقت الذي كان ينهب ويسرق ويراكم الثروات، بينما الناس تتضور جوعا وقهرا.
    سمات الثورات الشعبية

    1. الطابع السلمي:

    2. المحتوى الديمقراطي: تجارب الثورات الحديثة خارج الاطر التنظيمية نموذجا جديدا لافتقاد معظم التنظيمات التقليدية للديمقراطية بداخلها و تفريطها فى فترات تاريخية للمحافظة عليها( بإدعاء أن ايديولوجيتها هى الافضل) لذلك كانت شعارات مثل الشعب يريد اسقاط النظام و الشعب جعان و عطشان و عيان .. هى شعارات التفاف جماهيرى كبير باعتبارها عملا سياسيا و ليس ايديولوجية سياسية.
    و بالتالى نجحت بعض الثورات فى انها اخذت منحنى شعبى غير مرتبط بالكارزيما السياسية التى لها حساباتها الخاصة فى التعامل مع الاحداث، و لكن خطورتها انها تتحين ساعة الانتصارات لتظهر ببطولات مزيفة.

    3. غياب الأحزاب:
    كان الغياب المدوي للأحزاب التقليدية واضحا، ولكنه ليس محيرا، لأن منطق التاريخ يخبرنا بأن الجماهير الشعبية كعادتها، تكون هي السباقة في خلق الحدث، وغالبا ما تكون متقدمة على قياداتها. الأحزاب لها حساباتها وتحالفاتها وفهمها للمعادلات السياسية وتقييمها لموازين القوى، وقراراتها تخضع لرؤية قياداتها... أما الجماهير الشعبية فلها حدسها السياسي الذي لا يعبأ بالحسابات، وإحساسها بكرامتها وإدراكها لمصالحها، ومتى ما حانت لحظة الانفجار تهب بجموعها الغفيرة غير آبهة بالنتائج، دون أن تنتظر موافقة أحد، وهي تبدأ بمجموعات صغيرة ما تلبث حتى تكبر وتجمع أعدادا متزايدة أكثر فأكثر، إلى أن يلتف كل الشعب من حولها.
    4. إمكانيات التغيير وآفاق المستقبل:
    ليس بالإمكان الإدعاء أن الثورات الشعبية ستحقق اهدافها الكلية مرة واحدة، اى بمجرد أن نجحت بإسقاط بعض الأنظمة تكون طرق التغيير قد فتحت أمامها بدون عناء ومن غير خسارات. ذلك أنه هنالك العديد من الأسئلة المربكة والمحيرة لم تتم الإجابة عليها، وهناك احتمالات مقلقة لا بد من أخذها بعين الاعتبار. كل الثورات والانعطافات الكبرى في تاريخ الشعوب احتاجت إلى بعض الوقت كي تحقق غاياتها. وليس صحيحا أن التغييرات الجذرية تحدث فورا بعد الثورات الكبرى، فالثورة في التاريخ الإنساني لم تقتصر على هذا الشكل من التغيير، بل إن أهم التغيرات التاريخية حدثت من خلال تراكم تغييرات هادئة عبر سنوات طويلة، لتؤسس لتغيرات عميقة فيما بعد، بَـيْد أنه علينا التأكيد بأن التغيير قد حصل فعلاً، أو بكلمة أخرى قد بدأ فعلا، وأنه من المستبعد، العودة إلى حالة ما قبل التغيير. وأهم معطى لهذه الثورات، هو أنها جعلت الكثيرين يستعيدون الثقة بأنفسهم مرة أخرى، لينـزعوا عنهم، رداء اليأس والإحباط، وليفكروا بجدّية بمشروع المستقبل، وليحلموا بحياة حرة كريمة.
    تكامل الادوار لاسقاط النظام
    عناصر القوة:
    1- الارادة.
    2- الابداع.
    3- السرعة.
    دور الانتلجنسيا فى التغيير
    Intelligentsia
    "الانتلجنسيا" تعطي ولاءها للأفكار والمعرفة، وتمثل الجانب الخلاق في الفكر الاجتماعي السياسي، إنها تراقب، تدرس وتتأمل وتنظر وتحلل وتنشغل نقدياً بالأفكار والقيم والتصورات الأيديولوجية التي تجاوز المشاغل والمقاصد بالأفكار والتحليل الفكري والوقائع يكون منظراً، والذي ينشغل فقط بالأفكار المعيارية والتقويمية يكون أخلاقياً، وهو يصبح جزءاً من الأنتلجنسيا عندما يهتم بالنوعين ويوحدهما في إطار يرفض الأوضاع القائمة عن طريق الفكر المنضبط والمنظم. الانتلجنسيا تتميز إذاً عن المثقفين الآخرين في كونها كما يقولون في بعض الأوساط الفكرية الفرنسية لا تشكل "كلاب حراسة" لهذه الأوضاع، للنظام القائم، لما هو موجود، بل بالأحرى قوة نضالية في خدمة ما يجب أن يكون.(3)
    المثقف الذي يرتبط بالوضع الراهن لا يستطيع فصل نفسه عنه وعن قيمه وافتراضاته ومنطلقاته ومؤسساته، وبالتالي لا يستطيع القيام بتحليل موضوعي علمي نقدي حوله، أو ممارسة النقد الجذري له. إنه يكون ملتزماً به بشكل مباشر أو غير مباشر، ويجد عقلنة له في ضوء تبرير فكري يضفي عليه الشرعية الأيديولوجية، وهذا يعني أن يكون مثقفاً دون الوعي الأصيل الذي يميز أو يجب أن يميز المثقف وليس الانتلجنسيا فقط، وذلك لأن هذا الوعي، الوعي غير المزور الذي كان القوة المحركة لتطور الفكر الإنساني نفسه يعني في ذاته فيما يعنيه ما يلي:
    قدرة الإنسان على الخروج من الذات والوسط الخارجي ككل أو في بعض جوانبهما الأساسية وكأنه ليس جزءاً منهما لتحليلهما وتقويمهما، ومن ثم رفضهما جزئياً أو كلياً في ضوء جديد، هذا هو عنصر الوعي الأساسي.
    فواجب رجل الفكر إذاً أن يحافظ على كيان الفكر وأن يصون وجوده الذاتي حراً مستقلاً.
    والأنتلجنسيا في قاموس علم الاجتماع مصطلح له عدة استخدامات، فهو في المجتمعات الغربية يقصد به صفوة داخلية صغيرة تشمل المؤلفين وذوي الثقافة الراقية، وهي جماعة لها كيانها المستقل وقد يكون لها في أوقات معينة بعض التأثير السياسي والاجتماعي. وعلى الرغم من أن الهيبة التي تحصل عليها هذه الصفوة تتفاوت بين المجتمعات الغربية إلا أنها لا تتمايز عن القطاعات الأخرى من الطبقات التي تتالف أساساً من المهن الفنية العالية، وإذا كانت هذه الصفوة أيضاً تمثل الذين ينقدون الروح العامة التي تشترك فيها مع جماعات الطبقة الوسطى الأخرى، فإن الصفوة المثقفة تنمو مع المجتمع ككل. أما في المجتمعات النامية، فإن الصفوة المثقفة الحديثة لا تنمو بنمو المجتمع ككل. ولا تشترك مع الطبقات الوسطى في أية روح جماعية عامة. والمصطلح يستخدم في هذه المجتمعات للإشارة إلى صفوة ظهرت استجابة لقوى خارجية سواء عن طريق تقليد المجتمع الغربي من أجل اكتساب مهارات خاصة تمكنهم من التنافس مع الغربيين في المجالين الاقتصادي والعسكري، كما هو الأمر بالنسبة لروسيا واليابان، أو من خلال سيطرة الغرب على المجتمع وفرض ثقافته ونظمه التعليمية كالهند. والملاحظ أن الثقافة الحديثة المتميزة التي تتحقق لدى هذه الصفوة تفصلها عن بقية أعضاء المجتمع.
    وجدير بالذكر أن هذا المصطلح ظهر في البداية في روسيا واستخدم في منتصف القرن التاسع عشر حينما كانت الطبقة العليا في روسيا منقسمة إلى قسمين هما: البيروقراطية الحاكمة، وصفوة المثقفين التي تتألف أساساً من المتخصصين في العلوم وأصحاب المهن الفنية العليا، وتسيطر عليها أيديولوجيات غربية تقدمية. واتسع نطاق المصطلح بعد ذلك فأصبح يشير إلى المثقفين الذين يتبنون آراء راديكالية تناهض النظم السياسية الأوتوقراطية.


    التغيير السياسي في السودان ( التكامل بين النضال العسكرى و السياسى- كاودا نموذجا) :
    قبل الخوض فى تحالف كاودا و اهدافه الواضحة و مكوناته الحالية و المطلوب فى تكامل العمل النضالى العسكرى و السياسى، لا بد من الرجوع الى بعض التجارب السابقة حيث كان اول تفاعل جمعي بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والتجمع الوطنى الديمقراطى كان في القاهرة (أبريل 1990م)، من بعد لقاءات ثنائية عديدة تمت بين الطرفين في اديس ابابا ونيروبي. في إجتماع القاهرة إلتقى وفد التجمع الوطني وفداً من الحركة الشعبية، وأوردت الحركة خلاله أفكاراً بدت لوفد التجمع أمراً غير مألوف.
    فحين كان يرى ممثلو التجمع أن قضية السودان ستحل بعودة الديمقراطية بشكلها المعروف: استرداد الحقوق المدنية (حرية التجمع، حرية التعبير، حرية الضمير)، ثم الانتخابات، رأت الحركة أن في منظومة حقوق الإنسان حريات تعلو على الحقوق المدنية على رأسها الحقوق الطبيعية. ما أرادت الحركة قوله هو أن الإنسان قبل أن يتمتع بحقوقه المدنية، لابد له من أن يكون (To be)، أي يتمتع بحق الحياة (security of life) وهو أول الحقوق الطبيعية. ولربما رأى البعض في إثارة ذلك الأمر سفسطة فلسفية، ولكن الذين ظلوا خلال أربعين عاماً منذ الاستقلال يحاربون في الجنوب، و الشرق والغرب، لم يفعلوا ذلك من أجل استرداد الحقوق المدنية بل من أجل حقهم في البقاء، دون تقليل من أهمية الحقوق المدنية. لا نريد بهذا إنكار دور قوى وطنية عديدة في الدفاع عن، وحماية مصالح المستضعفين، وإنما نود فقط التنبيه إلى المغالطة الكامنة في الظن أنه متى ما أتيحت الفرصة، عبر الانتخابات، لهذه القوى لكي ما تستولي على، أو تسترد السلطة سيصبح حال البلاد لبناً وعسلاً. هذا الظن دحضه سعى تلك الجماعات لأخذ حقها بيدها، بالعنف حيناً (الحروب الأهلية)، وبالسياسة أحيانا أخرى (تحالفات قوى الريف في البرلمان). وذلك خير دليل على عدم ثقة هذه الجماعات في منهج التغيير عبر الانتفاضات بتحالفاتها اللوبية ومواثيقها التي تعنى الشئ وضده. الخلاف الثاني كان حول تقويم الانقلاب. فحين كانت قوى التجمع من الأحزاب الشمالية والنقابات تتحدث باعتبارها صاحبة حق تاريخي في الحكم والسياسة ، لم تأخذ تلك القوى في الاعتبار أن القوة التاريخية لا تعني شيئاً في موازين السياســة.القوة الحقيقية في السياسة هـي تلك التي تتمتع بها الجماعة فـي اللحـظة الحاسـمة (in the material time). في ذلك قال قرنق أن انقلاب البشير أحدث تغييراً نوعياً لأنه انقلاب قام به حزب ذو أيديولوجية إقصائية شعارها من ليس معنا فهو ضدنا. أضاف أن الحديث عن تغيير نظام الإنقاذ عبر انتفاضة جماهيرية يساندها الجيش بانحيازه لجانب الشعب يغفل متغيرات هامة ينبغي أن لا تغيب عن فطنة عاقل، خاصة وحزب الجبهة الإسلامية يعرف جيداً مقاتل نظامه من تجارب الانتفاضات الجماهيرية التي شارك في بعضها. هذه المتغيرات هي: أولاً: حزب الجبهة القومية الإسلامية ليس فقط حزباً سياسياً بل هو حزب مسلح. فإذا افترضنا جدلاً أن ذلك الحزب لا يمثل أكثر من خمسة بالمائة من أهل السودان، وإذ افترضنا والحال هذه، أن خمسة من هؤلاء يحملون غدارات لا كلاشنكوفات تصبح المعركة محسومة لصالح الخمسة. ثانياً: لتحييد الجيش قام نظام الإنقاذ بعمليتين متوازيتين: الأولى هي إفراغ الجيش من كوادره التي لا يأتمن، والثانية هي خلق جيش مواز، بل جيوش موازية، يلجأ لها عند الضرورة: قوات الأمن، الدفاع الشعبي، المجاهدين، مجندي الخدمة الوطنية. ثالثاً: أن الإنقاذ أصبحت له قوة اقتصادية بسبب سياسة التمكين وهي قوة لا تملكها الأحزاب الأخرى، كما له أصدقاء قادرون وراغبون في دعمه. رابعاً: فلاح النظام في إعادة هيكلة النقابات أفرغها من محتواها، كما أن سيطرته النسبية على الحركة الطلابية وتسليحه لعناصر منها أفقد العمل المعارض قوة كانت فاعله في الانتفاضات. وإن كان في الماضي لله جنود منها السيخ، فله بين الطلاب في عهد الإنقاذ جنود يحملون الكلاشنكوف، ويجيدون استعماله. ما أراده قرنق ليس هو تثبيط الهمم وإنما إبلاغ رفاقه التجمعيين أن التاريخ لا يقف عند أكتوبر 21 وأبريل 1985م. مثل ذلك القول بدعة في نظر فقهاء الانتفاضات في السودان، إذ أن لذلك الفقه عند فقهائه ثوابت لا يمكن تجاوزها، وقطعيات معلومة لا ينكرها إلا مهرطق. ولئن خابت عند أرباب العقائد الثوابت المنسوبة زعماً للدين، فما بالك بالثوابت السياسية المتوهمة. كبديل للإستراتيجيات التي ألِفَها السياسيون في الشمال وأبوا مفارقتها رغم تبدل الأزمنة تم الاتفاق في النهاية على أن يكون منهج العمل هو:أولاً: النضال المسلح (العمل العسكري) والذي تقوم الحركة بالجزء الأكبر منه لأسباب تاريخية. فالعمل العسكري – الجماهيري لم يكن أداة من أدوات النضال ضد الحكومات في الماضي (كان ذلك قبل بروز حركات دارفور).ثانياً: العمل الجماهيري الذي يحقق عائده بصورة تراكمية ثالثاً: العمل الدبلوماسي رابعاً: الحل السلمي المتفاوض عليه، وبهذا ترك التجمع الباب مفتوحاً لحل سلمي. ما هي الغاية من النضال ضد النظام عند الحركة الشعبية؟ بالقطع ليس هو عودة الديمقراطية بوجهها القديم، أي السير قُدماً إلى الوراء، إن جاز التعبير، كما حدث في غير انتفاضة. لهذا كان لابد من التراضي على برنامج حد أدنى يعمل التجمع على إنجازه، وبعد نقاش طويل تم الاتفاق على برنامج يتناول مجمل القضايا المعلقة في مجالات السياسة، و التنمية، و الإدارة. المعالم الرئيسة للبرنامج الذي أقره التجمع، في مؤتمر أطلق عليه أسم مؤتمر القضايا المصيرية، هي: • حق تقرير المصير كحق أصيل وأساسي وديمقراطي للشعوب (وليس فقط لجنوب السودان- رغم ان قوى سياسية رفضت تمريره الى الاقاليم الاخرى)، والاعتراف بأن ممارسة ذلك الحق توفر حلاً لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة، وتسهل استعادة وترسيخ الديمقراطية والسلام. • اتخاذ موقف موحد من خيارين يطرحان على استفتاء: الفيدرالية والكونفيدرالية كنظام للحكم.• المساواة الكاملة بين أهل الأديان، والاعتراف بتعدد الأديان واحترامها، ومنع أي فعل يحرض على إثارة النعرات الدينية أو العرقية• ابتناء كل الحقوق السياسية والمدنية على أساس المواطنة.•• وضع برامج للفترة الانتقالية تتناول الاقتصاد، السياسة الخارجية، برامج إزالة آثار نظام الجبهة القومية الإسلامية، ميثاق العمل النقابي، قانون الصحافة والمطبوعات. هذه البرامج شكلت اقترابا شاملاً من قضايا السودان التي ظلت، كما سلف القول، تُرحَل من نظام إلى نظام، ومن عهد إلى عهد. لهذا يصح القول أن فصائل التجمع قد عقدت العزم على أن تعالج مجتمعة الأخطاء التي ارتكبتها فرادى. مع ذلك، ظل رئيس الحركة يقول هذا برنامج جيد ولكن تحقيقه رهين باستعادة الفضاء السياسي الذي تحتله الإنقاذ، وذلك لا يتأتى إلا بتفعيل أدوات النضال التي أقرها التجمع. ليس هذا مَقاماً لمقالٍ عن كيف تم تفعيل “النضال”، أو كيف استجد التجمع في تحقيق أهدافه الطامحة ومنها “اقتلاع النظام من الجذور”. ذلك الهدف العملاق كان يتطلب لإنجازه جهداً عملاقاً، وهذا ما لم يتحقق كما تقول النتائج. تكفي، إذن، الإشارة إلى أمرين هامين: الأمر الأول هو الشكوك التي ظلت تتواتر حول مصداقية بعض قيادات التجمع في المضي بالأمر إلى نهاياته بعد أن يؤول إليها الحكم، أي بعد “الاقتلاع من الجذور”. والثاني هو طفوح بعض الأعراض التي أبتلى بها الجسم السياسي السوداني، خاصة في فترة الديمقراطية الثالثة، والتي كان لها اثر ضار على العمل العسكري والسياسي معاً.حول الموضوع الأول سألت الادارة الامريكية الميرغنى "ما هو الضمان في أنكم ستنفذون البرنامج الذي أقررتموه في أسمرا عندما يؤول إليكم الحكم". قال الميرغني: “الضمان هو الالتزام السياسي من ثلاثتنا (شخصي والصادق المهدي وجون قرنق)”. وكان هناك حسن إدراك أغلب قيادات التجمع، بمن فيهم الميرغني، للنتائج غير المستحبة التي يمكن أن يقود لها التخلي عن برنامج القضايا المصيرية. بيد أن حدثاً طرأ بعد لقاء الميرغني مع رايس، ألا وهو انسلاخ رئيس حزب الأمة عن التجمع بل وإعلانه عقب اتفاقه مع البشير في جيبوتي ” نداء الوطن” أن ذلك الاتفاق حقق 90% من برنامج التجمع، اى انه حقق في ساعة واحدة ما كان التجمع، بمن فيه حزب الأمة، يسعى إلى تحقيقه عبر نضال طويل أعدت له الجيوش وما (استطعتم من قوة). ليته قال أنه فتح باباً لتحقيق برنامج أسمرا، خاصة وليس في إعلان جيبوتي ما هو أكثر من العموميات التي كانت تحفل بها المواثيق التي انتهت جميعها بحق إلى مزبلة التاريخ. مثل هذه التصريحات لا تعين على تكذيب الظنون حول مدي التزام كل فصائل التجمع بما تعاهدت على إنفاذه من قرارات أسمرا. و نقصر الحديث عن احد العوامل التي أعاقت العمل العسكري كثيراً، رغم الإسناد المادي والمعنوي الكبير لذلك العمل من جانب الأصدقاء. ذلك العامل هو غيرة بعض العسكريين من الدور الرئيس الذي كان يلعبه الجيش الشعبي في الجبهة الشرقية ولأسباب موضوعية مثل: حجم جيش الحركة، إعداده للقيام بحرب غير نظامية، تمرسه القتالي (battle-hardiness)، انضباطه تحت لواء قيادة واحدة معلومة. ذلك الموقف كاد أن يقود إلى انسحاب الجيش الشعبي، لاسيما عندما طلب قائد عسكري شمالي ، لا خلاف في قدراته العسكرية، من القائد سلفاكير ضم جيش الحركة لفصيله، وإيلاء القيادة لذلك الضابط ذي القدرات التي لا تنكر. ولئن تركنا الغيرة جانباً، فالله أعلم بالسرائر، ونسبنا الأمر للطموح نقول أن الطموح أمر مشروع، أما الطموح الجامح الذي يقفز فــوق نفسه (o’er leaps itself)، يؤذى من يجترحه. تلك كانت هي مأساة ماكبث. ذلك الموقف الطامح الذي كاد أن يحمل القائد سلفا على سحب قواته إلى من حيث أتت يعبر عن شئ آخر هو عدم الحساسية السياسية خاصة في ظل موروثات ثقيلة من الظنون. فأكثر من ثلثي فصيل الجيش الشعبي في الجبهة الشرقية (ما يربو عن السبعة آلاف مقاتل)، كانوا من أبناء الجنوب في حين بلغ من جاء منهم من الشمال(بمن في ذلك قائدهم عبد العزيز الحلو) اقل من الثلث. وبحجمه ذلك كان فصيل الحركة العسكري هو اكبر فصيل في الجبهة الشرقية، وهكذا ظل إلى أن تم ترحيله بعد اتفاقية السلام وفق ما نصت عليه تلك الاتفاقية بشأن إعادة انتشار القوات. هذا أمر نذكره بغير قليل من الأسى لأنه حرم التجمع من دعم فصيل انتسبت إليه مجموعة من خيرة مثقفي السودان كانوا يتطلعون إلى تغيير هيكلي في السياسة السودانية، وكان لقرنق تقدير كبير لبعض المدنيين والعسكريين في ذلك الفصيل. الحساسية نحو الآخر هي التي حملت قائد الحركة جون قرنق على رفض اقتراح تقدم به مبارك المهدي بأن يصبح قائد الحركة رئيساً للتجمع وهو يقول “ليس من اللياقة أو الحكمة السياسية أن أصبح رئيساً لتجمع يضم الميرغني”. ولما طلب منه أن يكون نائباً للرئيس اقترح كبديل عنه لذلك المنصب الفريق فتحي احمد علي إذ كان من رأيه أن ضباطه وجنوده لن يرضوا أن يصبح قائدهم هو الرجل الثاني في ميدان هم فيه القوة الضاربة الأكبر. للخروج من ذلك المأزق أقترح قرنق أن تكون قيادة التجمع جماعية تضـم كل رؤساء الفصائل ويصـبح فيها الميرغني رئيسـاً بيـن أكـفاء (head among equals)، وينوب عنه في الرئاسة الفريق فتحي. وقد أثبتت التجارب صدق حدس قرنق لأن اى عمل عسكري لا يتوفر له غطاء سياسي هو مغامرة غير محسوبة. وقد وفرت رعاية الميرغني لذلك العمل الغطاء المطلوب، رغم ضعف مشاركة فصيله العسكري في تلك الجبهة.(4)
    اذا برؤية تحليلية ان الجانب النظرى فى مقرارات اسمرا كل لابأس بها، و لكن نضوج الفكرة فى محتواها التبيطقى لحد ما تعارض مع اشكالية التغيير الاجتماعى و العقلية الباطنة لمعظم النخب السودانية فى الالتزام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه، و هو من الاسباب التى ادت لانفصال جنوب السودان، و قد تؤدى لانفصال مناطق أخرى، اذا ان اتفاق السلام الشامل رغم ما تعرض لنقد من قوى سياسية بدوافع انانية، الا ان تطبيقة الامثل كان قد يكون سببا فى اعادة بناء هيكلة الدولة السودانية باسس جديدة و عادلة، مما يحافظ على وحدة الوطن، فهل ستكرر نفس الاخطاء التى قادت الى انفصال الجنوب و ظهور جنوب آخر، ام ان السودانيين سيعون الدرس و ينتقلون من الحلول السطحية الى الحلول المتعمقة و الجذرية للمشكلة السودانية.

    تحالف الجبهة الثورية السودانية (كاودا)
    الإعلان السياسي
    المقدمة:
    إنطلاقاً من مبدأ النضال المشترك، وقناعةً منَّا بضرورة تحرير الشعب السوداني من الظلم والإضطهاد والكراهية، وتحقيقاً لقيم الحرية والديمقراطية والسلام العادل، لإيجاد سودان ديمقراطي لا مركزي ليبرالي موحد على أساس طوعي، وتجاوزاً لإخفاقات نظام المؤتمر الوطني الحاكم الذي يمثل إمتداد لنظام المركزية القابضة على السلطة منذ الإستقلال، وهو نظام معادي للديمقراطية والحريات الأساسية للمواطنين، وقد أنتهكت خلاله الكرامة الإنسانية من خلال ممارسات بيوت الأشباح والفساد المالي والإداري حيث أضحت الأزمة في اقصى تجلياتها بإرتكاب النظام أبشع صور انتهاكات حقوق الإنسان، من إبادة جماعية وتطهير عرقي في دارفور وإمتدت الى جنوب كردفان. حتى أصبح رئيس النظام مطلوباً لدى المحكمة الجنائية الدولية. كما أصبح واضحاً أنَّ نظام المؤتمر الوطني لم ولن يستجيب للحلول السياسية العادلة إلَّا تكتيكاً ومراوغةً لإطالة عمره في السلطة، وبذلك أصبح مثالاً في نقض المواثيق والعهود. وبهذا نحن:
    (1) حركة/جيش تحرير السودان قيادة مني مناوي
    (2) حركة/جيش تحرير السودان قيادة الاستاذ/عبدالواحد محمد النور
    (3) الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال)
    قد إجتمعنا في منطقة كودا المحررة بجبال النوبة في الفترة ما بين 1/8/ 2011 الى 7/8/2011 و بهذا نعلن عن تـأسيس تحالف الجبهة الثورية السودانية وفقاً للأهداف التالية:
    (1) إسقاط نظام المؤتمر الوطني الحاكم بكل الوسائل المتاحة
    (2) توحيد وتقوية جهود القوى السياسية السودانية وقوى المجتمع المدني والأهلي وقطاعات الشباب والطلاب والمهنيين وتنظيم صفوف المقاومة لإزالة النظام
    (3) تأسيس دولة تُحترم فيها حقوق الإنسان كما حددتها المواثيق الدولية
    (4) تشكيل حكومة وحدة وطنية بفترة انتقالية مدتها ستة اعوام تطلع بمهام وضع دستور انتقالي للدولة تُضمَّن فيه المبادئ والأهداف الواردة أدناه:
    أ‌- حل قضايا السودان وتأمين خصوصيات جميع المناطق التي تضررت بالحروب والنزاعات المسلحة
    ب‌- إجراء احصاء سكانى عام وفقاً للمعايير والرقابة الدوليين
    ت‌- إجراء انتخابات حرة ونزيهة على كافة المستويات وفقاً للمعايير والرقابة الدوليين
    (5) إعادة هيكلة وبناء اجهزة الدولة المتمثلة في الخدمة المدنية والقوات النظامية والجهاز القضائي وغيرها من المؤسسات والأجهزة
    (6) ضرورة التسليم الفوري لمرتكبي جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية لمحكمة الجنايات الدولية.
    (7) الإقرار على خصوصيات الأقاليم التي تضررت بالحروب والنزاعات المسلحة والعمل على حلها
    (8) إقرار الوحدة الطوعية لجميع اقاليم السودان
    (9) تحقيق دستور مصدره عقد إجتماعي لجميع الشعوب السودانية وأن يُضَمن فيه الأسس والمبادء والأهداف التالية:
    أ‌- هوية سودانية تستوعب التنوع والتعدد الثقافي والعرقي والديني
    ب‌- إقرار مبدأ المواطنة أساس للحقوق والواجبات
    ت‌- إتاحة الحريات العامة وحقوق الإنسان والديمقراطية وحكم القانون والتداول السلمي للسلطة عبر إنتخابات حرة ونزيهة, وإستقلال القضاء والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية
    ث‌- إعتماد مبدأ الشفافية والمحاسبة
    ج‌- الإلتزام بكافة العهود والمواثيق الدولية
    ح‌- كفالة الحريات العامة بما في ذلك حرية التعبير والتنظيم والتجمع والإعتقاد والفكر
    خ‌- سيادة حكم القانون وانَّ الجميع يتساوون أمامه
    د‌- التأكيد على حق المواطن في الحياة الكريمة والخدمات الاساسية والحفاظ على امنه وسلامته وإحترام إرادته وحقوقه الأساسية
    ذ‌- تضمين مواد تحاسب مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية
    وقد اتفق الأطراف على الأهداف أعلاه إستناداً على المبادئ التالية:
    (1) قيام نظام حكم لا مركزي تتنزل فيها السلطات لمستويات الحكم المختلفة
    (2) الدولة السودانية دولة لا مركزية, ديمقراطية يقوم الحكم فيها على ارادة الشعب وتقوم الواجبات والحقوق على اساس المواطنة والمساواة الكاملة دون تمييز على اساس الدين او العرق او الثقافة او النوع, وتكفل التشريعات وتحمي السياسات التنفيذية والقوانين حرية الإعتقاد الديني والإنتماء الفكري والثقافي والتعبير عنها بالوسائل السلمية
    (3) إقرار النظام الديمقراطي شرط لازم للإستقرار والسلام العادل المستدام, ويقصد به كفالة الحريات العامة وحقوق الإنسان وسيادة حكم القانون وإستقلال القضاء والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية
    (4) إقرار مبدأ تقاسم السلطة والثروة على اساس نسبة سكان الإقليم مع تطبيق مبدأ التمييز الإيجابي للأقاليم والمناطق المتضررة بالحرب.
    (5) إقامة علاقات خارجية متوازنة تقوم على مبدأ التعايش السلمي والإحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
    (6) إقرار دستور وقوانين قائمة على فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة لضمان عدم إستغلال الدين في السياسة
    وقد تراضى الأطراف على بناء هياكل تنظيمية تتكون من:
    (1) المجلس القيادي لتحالف الجبهة الثورية السودانية
    (2) القيادة التنفيذية لتحالف الجبهة الثورية السودانية
    (3) هيئة الاركان العسكرية المشتركة لتحالف الجبهة الثورية السودانية على ان تكون الرئاسة دورية
    وبناء على الاسس والمبادى والاهداف الوارده أعلاه في الاعلان السياسي لتحالف الجبهة الثورية السودانية نعلن عن مشروعنا هذا.وعليه ندعو كافة القوى السياسية السودانية والحركات المسلحة للانضمام.كما نناشد الشعب السودانى والشرفاء في القوات النظامية بالانحياز للثورة.كما نناشد أيضا دول الجوار الاقليمى والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والانسانية ومنظمات حقوق الانسان بالوقوف الى جانب شعب السودان بتقديم كافة أشكال الدعم لتحقيق أهداف التحالف.(5)
    الموقعون:
    حركة تحرير السودان قيادة مني مناوي
    حركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد نور
    الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال
    كاودا – الاراضي المحررة
    7 أغسطس 2011


    الخاتمة:
    الوضع السياسى الراهن فى السودان فى ظل تمسك حزب المؤتمر الوطنى الحاكم على مقاليد الامور بصورة شمولية دكتاتورية و محاولة إضفاء شرعية دستورية عبر انتخابات شهدت تزويرا سيقود الى تفكيك السودان،و لذلك فان الحلول التجزئية و التلفيقية لحل القضية السودانية بالشكل الذى يقوم به المؤتمر الوطنى حاليا سيقود الى تدمير السودان كليا، فذهاب هذا النظام عمليا هو الحل الامثل، حتى نبنى سودان موحد و قوى و ذو هوية سوداناوية مشتركة يفتخر بها كل و طنى غيور.

    اذا تتبعنا النظريات العامة، التي تتحدث عن سبب اشتراك الناس في السياسة و تجعل الحركات و قوى الهامش و التنظيمات السياسية و منظمات المجتمع المدنى بوصفها البؤر التي تكمن فيها طاقة الوعي والفعل السياسيين موضوعاً مركزياً لتحليلها، نجد إن دراسة هذه التنظيمات و بنيتها الاجتماعية وطبيعتها الأيديولوجية تتيح لنا إمكانية التنبؤ بالسلوك السياسي للمواطن إلى حد كبير دوافعه ومقاصده. كما تتيح لنا إمكانية البحث عن البيئة السياسية النموذجية للمشاركة السياسية.
    هنالك نسق معرفي معتمد في الجامعات والمعاهد العالمية العليا تحت اسم علم الأحزاب السياسية المقارن ينطلق الباحثون فيه من القناعة بأن ازدياد حجم المشاركة السياسية وتطوير أساليبها من خلال التنظيمات السياسية والجمعيات الأهلية والأطر المدنية هو المدخل الصحيح اليوم إلى مواطنة صحيحة وإلى حياة وطنية أرقى وأشدّ تماسكاً.وخلاف ذلك يعني الحكم بالبؤس السياسي على المجتمع وتهميشه وتردّي الشعور بالانتماء والمسؤولية لدى المواطن.
    إن العديد من الأنظمة والشعوب صارت تأخذ اليوم مُثل التعددية والديموقراطية السياسية الحقيقية على محمل الجدّ وباتت تراهن على حياة سياسية- إنسانية أرقى بكثير مما لو احتكر فرد أو حزب أو عرق أو طبقة الحياة في نفسه. وهذه النظرة أو الأسلوب غدا علامة صحيحة على تقدم المجتمعات سياسياً و اجتماعيا و اقتصاديا.
    الأطروحة الشهيرة التي هيمنت على النظم السياسية الدكتاتورية و الشمولية خاصة في دول العالم الثالثفي القرن العشرين على اختلاف أنماطها كانت تقول: إن المصلحة الوطنية الحقيقية وسلامة النظام سياسياً واجتماعياً تكمن في التماه بين الدولة والمجتمع وحزب وحيد يمنح نفسه احتكار الشرعية السياسية والقانونية وينطق باسم المجتمع وشرعيته بعد أن استعار صوته ولغته. وقد شخص عالم الاجتماع الفرنسي ريمون آرون خمسة عناصر رئيسة مشتركة بين هذه الأنظمة:
    1- احتكار النشاط السياسي ليقتصر على حزب واحد.
    2- تحرك ذلك الحزب بفعل أيديولوجية تغدو الحقيقة الرسمية للدولة.
    3- تمنح الدولة نفسها احتكار وسائل القوة والإقناع.
    4 - معظم النشاطات الاقتصادية والمهنية مندمجة بالدولة وخاضعة للحقيقة الرسمية.
    5- الخطيئة الاقتصادية أو المهنية تغدو خطيئة أيديولوجية ,وعليه فينبغي أن تعاقب بإرهاب أيديولوجي وبوليسي في آن معاً.
    واقع الحال أن هذه النظم عمدت انطلاقا من هذه القناعة الأيديولوجية إلى تقويض الحياة السياسية الحزبية داخلياً. وقلًصت الحراك الاجتماعي و السياسى المدني إلى أدنى حدّ له وحالت دون نشوء فاعلين سياسيين وقضت على كل أشكال المشاركة أو المساهمة السياسية..
    إن أحد أبرز معايير ضعف هذه الدول ومجتمعاتها كما يشير علماء الاجتماع السياسي يتمثل في هبوط المساهمة السياسية أو ما يسمونه بأزمة المشاركة السياسية. وهو يعدّ في الوقت ذاته سبباً في إحساس العديد من الأفراد في تلك المجتمعات أنهم هامشيون ومنبوذون في دول ومجتمعات لا يشعرون بأنهم يساهمون فيها . كل ذلك يدفعهم إلى الشعور المضاد للانتماء أي العزلة والاغتراب الاجتماعي ومن ثم الجوء إلى و الثورات و الحروب .
    من الواضح أن بوسع الدولة أن تكون دولة سلطة سياسية حاكمة و هو ما يفعله المؤتمر الوطنى الان دون أن تكون دولة مواطنين، إذا انه لم يعترف بأن مهمة النظام السياسي هي الاهتمام بمصالح المحكومين ورعايتها وبتنمية الدور السياسي للمواطن وضمان مساهمته الحرة بوصفه فاعلاً سياسياً فى ظل تعددية سياسية محترمة و تمارس كل حقوقها و بالمقابل تقوم بواجباتها.
    إذ ينبغي أن يشعر المواطنين أنهم يساهمون في بناء الحياة والمجتمع السياسيين. فإذا لم يتعمق لديهم هذا الشعور بالانتماء إلى المجتمع السياسي، وإنما إلى أسرة فقط أو قرية أو طائفة أو عرق أودين فإن هذا الوعي بالانتماء الأخير يترسخ على حساب شعورهم بالمواطنة العمومية والمشتركة.
    تقاس المساهمة السياسية للمواطن بمعايير واضحة تتعلق بقدرته السياسية على التعبير عن آرائه بحرية وبترجمة قناعاته السياسية وتجسيدها خلال العمل الفردي أو الجماعي المنظم وبدرجة تأثيره على آليات عمل النظام السياسي وقراراته و تحكمه بسلوك ممثليه. فبمقدار ما يمتلك المواطن الوعي السياسي والأدوات والوسائل التي تتيح له ترجمة هذا الوعي في سلوك حرّ بعيد عن الإكراه تكون البيئة السياسية هي الأمثل. وقد وجد الفلاسفة السياسيون أمثال لوك Lockeومل MillوتوكفيلTocquevilleوغيرهم أن هذه المعايير هي أساسية لنظام ديموقراطي ناجح قائم على التعددية وحرية التعبير وحقوق الأقليات.
    المشاركة السياسية الحرة والطوعية للمواطنين هي شرط أساس لأي نظام سياسي حديث كفَ عن أن يكون مستبداً وبالياً.
    بينما يفسّر هشاشة النظام السياسي وعدم استقراره وضعف المجتمع المدني بعزوف الأفراد أو منعهم عن المشاركة السياسية وتحاشيهم المساهمة وليس العكس. و يعتبر نظام المؤتمر الوطنى الشمولى نموذجاً حيّاً لهذا الموقف. إذ اعتقد أن من شأن القمع وسلطة الخوف وحدهما أن توحدا المجتمع بواسطة قهره و جبروته. وقد أفضى ذلك إلى تدمير روح الاجتماع الإنساني بالذات كمحاولة لتحويل المجتمع في أحسن أحواله إلى جمهرة قلقة وعدمية محتقنة ومفككة تسودها الكراهية وعدم الثقة. فقد تعلم المواطن في زمن الاستبداد والقهر أن يكون سلبياً إلى أقصى درجة، وخلق الرعب لديه نوعاً من العدمية السياسية واللامبالاة التي كرست الاغتراب الداخلي وعمقت من تصدع الوحدة السياسية والاجتماعية. إن الدرس الرئيسى الذي يمكن استخلاصه من التجربة االشمولية الاحادية هو أن أقدام الطغاة والمستبدين هي التي تمهد الطريق أمام تدمير وطن بحجم السودان حينما تجعل من أعناق مواطنيهم موطأ لها وتروضهم على الخنوع والذل.
    لا يستطيع النظام السياسي الدفاع عن المجتمع وحمايته من دون مواطنين أحرار يستشعرون حريتهم مهما ادعى ذلك. فالنظام الذي يؤثر القمع يولّد الخوف في الأذهان ويخلق مقداراً كبيراً من عدم الثقة ويؤدي كل ذلك، في نهاية المطاف، إلى القطيعة بينه وبين الأساس الاجتماعي لشرعيته وبقائه، مما يمهد لتفجر الاوضاع لاقتلاعة من جذوره.
    إن النظام السياسي الذي لا يثق بالوعي السياسي الوطني لمواطنيه ليس له أن يفرض وعياً وطنياً مشتركاً بالقوة او التزوير من دون أن يغامر بإثارة العداء والكراهية نحوه. إن عملية التعبئة الأيديولوجية التي تبدو مفروضة هنا لاتخلق شعوراً وطنياً مشتركاً وفاعلاً ومن ثم عوضاً من أن تحقق تواصلاً سياسياً محتملاً بين النظام السياسي والمجتمع المدني فإنها تحدث صدعاً بين الطرفين.
    إن من شأن الكوابيس الأيديولوجية التي تنجم عن تماهي المجتمع والدولة مع أيديولوجية حزب متسلط أن تضعف الشعور بالمواطنة لدى الأفراد وتخنق لديهم كل ابتكار أو تنوع خصب في الرؤى وتقيّد روح المبادرة. فالمجتمع الديموقراطي الحديث في أبرز تعريف له هو المجتمع الذي يشرك أكبر تنوع ثقافي ممكن وتنوع في الآراء مع أوسع استخدام ممكن للعقل مع ضمان أكبر قدر ممكن من الاحترام للتطلعات الفردية والجماعية ودون اللجوء إلى أي شكل من أشكال العنف أو القهر أو الإقصاء.
    من جانب آخر فإن الاعتقاد بأن المصلحة الوطنية تقتضي هذا التماهي بين المصادر الثلاث إنما يقوض كل أساس سياسي أو قانوني لمعارضة تعسف السلطةويطيح بكل إمكانية لتصحيح مثالبها وتعويضها وبالتالي يعدّ العدة لشرْعنة أخطائها بجعلها القاعدة الناظمة للحياة السياسية. فيصير لزاماً على الدولة إذا شاءت أن تكون وطنية وديموقراطية حقاً أن تعترف لمواطنيها بحقهم في المعارضة ضمن إطار القانون بالأسلوب الفردي أو الجماعي. فلا تقوم الدولة فقط بتحديد سلطتها على هذا النحووإنما تفعل ذلك من موقع وعيها بأن شرعية نظامها السياسي واستمرار يته مرهونتان بدرجة تفاعلها وتواصلها مع المجتمع المدني وبقوة الأخير ومقدار تأثيره. فإذا لم تفعل ذلك فإن ادعائها بأن شرعيتها مستمدة من تمثيل مواطنيها يعد نفاقاً بلا طائل. و هو ما درج نظام المؤتمر الوطنى على القيام به فإشعاله لحروب الابادة العرقية فى دارفور و جبال النوبة/ جنوب كردفان و النيل الازرق و قصفه للمواطنيين الابرياء بالطائرات و الغازات السامة و استخدامه للغذاء و العلاج و التجهيل و الاغتصاب و الاستعباد و الاستلاب و القهر الثقافى و التهجير و بناء السدود و محو الاثار و الابدال السكانى كسلاح فى العديد من مناطق السودان فى شرقه و شماله و وسطه و غربه و جنوبه و تصديه وقمعه لحرية الفكر و التعبير و الصحافة و النقابات وقفله لدور الاحزاب و مصادرة ممتلكاتها و اعتقال اعضائها و تصدية للمسيرات الشعبية السلمية الاخيرة بعنف لخير دليل على ذلك.
    إن اجتماع المساهمة السياسية للمواطنين مع تحديد السلطةوتقييدها بواسطة الحقوق الأساسية يعدّ الأساس الراسخ لأي مجتمع سياسي حديث و الذي بدونه لا تكون الدولة دولة مواطنين أحرار. لكن يتعين أن يتوج كل ذلك غياب مبدأ مركزة السلطةونفي كل صفة جوهرية عنها بوصفها حزب واحد تنطق باسم الشرعية الأخلاقية والسياسية للمجتمع. الأمر الذي يمكن ترجمته بشكل ملموس في التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرّة ونزيهة تعتمد رغبة الأغلبية قانوناً لها.
    تحقق الحركات و تنظيمات الهامش السودانى و منظمات المجتمع السودانى و القوى السياسية الداعية الى التغيير عبر اسقاط النظام معتمدة على الاساس العسكرى و السياسى الذى رسمه تحالف كاودا، في هذا السياق تواصلاً بين المواطن والعملية السياسية وممارساتها. وهي تمثل هنا إطاراً مرجعياً لقيم سياسية وأهداف عامة ومشتركة ينبغي لها أن تستجيب لمصالح المجتمع الأكثر عددا و حيوية. هكذا تلعب هذه المؤسسات دوراً كبيراً في توجيه السلوك السياسي للمواطنين فإذا كان غيابها الطبيعي مؤشراً على الجمود وبؤس الحراك السياسي فإن حظرها ومنعها بقرار تعسفي من شأنه أن يخلق فراغاً سياسياً وأيديولوجياً يتعذر على الخطاب الأيديولوجي للنظام السياسي الشمولى أن يشغله بمفرده لذا يستوجب رحيل النظام الشمولى الذى يتبناه المؤتمر الوطنى و يبنى على انقاضة نظام متفهم للتعقيدات السياسية و التاريخية و الانثروبولوجية و الاقتصادية و التنوع بفهم يساهم فى استقرار ما تبقى من سودان موحدا و متصالحا مع المجتمع المحلى و الاقليمى و الدولى.
    فالموقف الحالى للسودان باكمله فى ان يكون او لا يكون فى ظل وجود نظام المؤتمر الوطنى خطير للغاية، وعلينا ألا نقلل من مخاطر مثل هذا الموقف إذ يخبرنا التاريخ القريب أن النظم السياسية التي صادرت أسس المشاركة السياسية الحرّة والديموقراطية ووسائلها وقاومت كل مساهمة فردية أو جماعية للمواطنين مهدت بذلك الطريق لاكتساح أيديولوجيات في غاية التطرف سواء دينية كانت أو طائفية أو عرقية او غيرها ومن ثم عززت النزوع الارتدادي إلى انتماءات عصبوية عمقت من تفكك المجتمع المدني وأسست بالتالي للتناحر الداخلي بين مكوناته بعد أن أتلفت كل فضاء تواصلي بينها.
    الخلاصة إن الانتقال من المساهمة السياسية الفردية إلى الشكل الجماعي لها هو الأسلوب العقلاني الحديث للممارسة السياسية الذي يلازم تحرر الفرد من أشكال الانتماء المجتمعي الهدام، وتراتبيتها التي تقيّد الفرد وتلزمه بمكانة اجتماعية ووظيفة تحول دون اكتسابه صفة العمومية بوصفه مواطناً في مجتمع سياسي حديث، و لن يحدث تغيير جذرى لذلك الا بتغيير جوهرى اجتماعيا و سياسيا ..الخ .
    إن ظهور المجتمع السياسي الحديث يعدّ مؤشراً نهائياً على تحرر الفرد – الإنسان من النظم الاجتماعية السابقة، و فى السودان فان تجربة البطل على عبد اللطيف و عبيد حاج الامين ورفاقهما فى ثورة 1924 كانت نموذجا متطورا للغاية، و لو تم الاستفادة منها من قبل ساسة السودان منذ ذاك الوقت الى الوقت الراهن لكان و ضع السودان مغايرا، و مع الاسف فان ما يسمى بقادة السودان لم يفطنوا الى ذلك و الاستفادة منه، باستثناء الدكتور جون قرنق الذى اعتمد فى طرح السودان الجديد على مفاهيم التنوع و العدالة الاجتماعية و ذلك عبر الارتقاء بالانسان وتحوله إلى كائن سياسي عمومي مساهم لا يكتفي بتموضعه في أطر جزئية محددة وإنما يلتقي مع غيره في أشكال أسمى من الانتماء.
    إن التنظيمات السياسيه بوصفها هيئات منظمة وحديثة تتخطى في بنيتها الانتماءات الفردية السابقة ويتجاوزها في أهدافه ومقاصده العملية إلى مستوى النشاط الجماعي الواعي القصدي للكل الذي لا ينفي داخله كل اختلاف أو تعدد فى الرؤى و الانتماء.
    فقد استعصت الحالة التى يمر بها الوطن السودان على المؤتمر الوطنى الذى يعنى استمراره مذيدا من حالات التازم و تقسيم الوطن بعد انفصال الجنوب، فبدلا من اسلوب ادارة الازمات بالازمات الذى ينتهجه عليه ان يتنازل عن السطة حفاظا على ما تبقى من السودان و الا فان الثورة لا محالة ستكون الحل الوحيد و الامثل للاطاحة به.
    اخيرا آمل ان تلعب هذه المساهمة المتواضعة مع غيرها من مساهمات فكرية و وطنية صادقة دورا ايجابيا فعالا لبناء سودان جديد باسس عادلة.

    امين زكريا اسماعيل- امريكا
    [email protected]
    اكتوبر 2011
    الهوامش:
    1- امين زكريا إسماعيل، تثقيف الثقافات و أثره فى بناء الهوية السودانية المشتركة و علاقتهما بالسلطة، محاولة فكرية نحو بناء نظرية الدائرة الثقافية، بحث و كتاب لم يكتمل بعد، ص ص 35-52.
    2- د. أبكر آدم إسماعيل، جدلية المركز و الهامش، النسخة الاصلية، ص ص 21-22.
    3- موسوعة المعرفة، تعريف الانتلجنسيا، 1995، ص 51.
    4- د. منصور خالد، التغيير السياسى فى السودان، مقال.
    5- البيان التاسيسى، تحالف الجبهة الثورية السودانية (كاودا)، 7 أغسطس 2011.
                  

العنوان الكاتب Date
تحالف كاودا نموذجا وطنيا لاسقاط نظام الخرطوم فقيرى جاويش طه10-21-11, 11:45 PM
  Re: تحالف كاودا نموذجا وطنيا لاسقاط نظام الخرطوم فقيرى جاويش طه10-22-11, 00:45 AM
    Re: تحالف كاودا نموذجا وطنيا لاسقاط نظام الخرطوم فقيرى جاويش طه10-22-11, 00:49 AM
      Re: تحالف كاودا نموذجا وطنيا لاسقاط نظام الخرطوم فقيرى جاويش طه10-22-11, 09:31 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de