سَـلِّـــم تَـســــلَـــم..!*

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-23-2024, 00:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-03-2011, 10:29 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سَـلِّـــم تَـســــلَـــم..!*

    سَـلِّـــم تَـســــلَـــم..!*


    ظهيرةٌ قائظة، تجرُّك سلاسلها لاستنطاق البكامة. ماذا يا تُرى؟ مالذي جرى منذ أن دَهَمنا هذا الفجر الكاذب. غدٌ وقد! نشأ يحمل بين جنبيه شيئاً يجهله، يتبدّى حيناً ليتوارى سراعاً، يخرج منه بُرهة الاختلاس، ليعود طامحاً لافحاً في احتراس. أسئلة كثيرة تجتاحه بعنف ولا مُجيب. تعصف به الحيرةُ، تتلبّسها وجوه أترابه ما أطلّ عليهم بِسَمتِه المُفارِق، لايضلّه من أحدٍ سواه! أينما حاول التقرب الى عوالمهم ينكمشون، يعلّون خط الاحتراس الذاتي، بل ربما تسامج بعضُهم عليه دون وازع؛ فيتناجى: بماذا يستطيلون عليَّ! وقد لا يعلمون. بل كلاّ سيعلمون؛ قول أسلافهم القرَدَة وأسلافي الكِرام "العلمُ ينهى أهله أن يمنعوه أهلَه" والمعرفة الحقّة، تمنعُ أهلها أن يمنعوها طالبيها، فلماذا يمنعوننا ونحن أهل الماعون! تلتبس عليه الأحوال في زعمِه الواهي. ينمحق الى الداخل. تسدّ طريقه نحو الداخل عَقَبات غلاظ، يُبادر لخارجٍ محدود، لايعدوه قيد شبر، عائداً بنفس ما ذهب به. في غير رفقٍ تمنعه أشياؤه أن يكون جزءاً من أيِّ كُل. مقسومٌ له أن يكون فريد عصره وثُمامة جِرتِقِه. كم يأمل أن ينهل من نهر العادية الجاري بين يدي الجميع وهيهات. فالغَرفُ لمَن يعرف؛ وتلك طرائق لا تليق به ولن يتقنها بيُسرٍ إن أراد. ليس له في العاديّة نصيبٌ، إذن فليُسلِّم بأنه من الذين يُغرَف لهم ولا يتعاطون الغَرفْ، فقد طالما فاتته الأعراف بغُرفاتها. تذهبُ نفسه قطرات كلما أحسّ بوطأة ماردٍ يتكوّر بداخله، لا يدرك كنهه على وجه التحقيق. يعي تماماً أن هناك ثِقلاً يطنّ بأذنيه، يرمدُ بعينيه ولا قِرّة تنثال إلا من بعيد؛ والبعيد غير ميسور ولا يأتي إلاّ بعد عَسف! حاول كثيراً أن يسبر غور هذا الشيئ الغامض، ولكنه يفشل مع تكراره المحاولة. أين المفر من هذا المارد الذي يتمدد ليلاً ونهارا؛ يطويه طيّاً ويحرمه ممارسة العيش في قطيع السوائم التي يرود. حالٌ من الزهد في المعرفة تحلّق فوق رأسِه، ينشّ عليها بذراعٍ فاتر خوفَ أن تعشعش فتبيضُ على أمِّ رأسِه المثقوب عن "مُمَزَّرها" أو تفرِخُ زغباً. حقيقة الأمر، أنّ هذا ما قد حدث. ثِقَلٌ تراكم مع كل مرحلة دراسية يجتاحها في عُقرِ مبركِه. روضة شاحبة الأزهار، يبدأ فيها تلقٍّي المعارف؛ ومدرسة أساس مانعة الأسوار وثانوي وجامعة؛ يقولون أنها جامعة؛ مع أنها لا تتوفّر على سمت الجامعات التي يتحدث عنها سامعوه من الأغيار. لابد أنهم يتحدّثون عن جامعات مانعات، نادرةٌ فيها الدرجات ووهيطة فيها المدرّجات. لربما قصدوا جامعات عريقات قد ذهبت في الآفاق منذ أزمان ابن اسحق وابن السُّكَّيْت. قد تحين سانحة توطين، فسُعار التوطين له طنينَ! أو فلنكن بانتظار عودة الوعي. جامعتي وما أدراك، لا تنزح بعيداً عن الدار، وهيَ أدنى مدىً. وأقلَّ مؤونةً عندهم من الثانوي ولا أساس. روضتي روضاتي إذ تبدأ دورانها من بقعة التخرّج. تتمدّد البقعة لتغطى على كل بادرة في الطريق. لا تجهد كثيراً في بحث الجذور، وهل غادرتنا الجذور بعد! على أيّة حالٍ فإنها مهابطٌ تهتمّ كثيراً بالتغويض والتفويض، التماساً للبركة وإبقاءاً على الجذور حيّةً تنبض. لا للخاطر المتسائل! دَخيلٌ هو في هذا الزمان؛ كم يدفعه الى تبنِّي جُمَلٍ غرائبية باهظة الإتيان. ما هذا الذي يكبت عليّ حياتي، أم أنني الذي أكبتُ حيواتهم! لماذا لا يجيبونني حينما أسأل. وأبي، لله درّة، ما ضرّه لو انه يتركني أوَفِّق إمهالي بمزيد إهمال! كُلُّهم يطالبونني بالبلاهة مقابلاً لطلبي الوجاهة. ألا من حُرية في هذا البيت العتيق! وتثيرني الدهشة مراراً من حلول يجترحها أبي. إنني أعرف ذلك تماماً، ولكن لا أحد يُراجِعه: لابد من الطاعة ريثما تكبر، وكيف أكبر. هذه ليست مشكلتك! ستكبر يا بُنيَّ لو ضاعفت من البوبار واقتلعتَ اللّقمة من أفواه الصغار. ستكبُر يا صغيري إنْ رُضتَ نفسك على لثم الأحجار. بإمكانك حينها أن تتغذّى بالشمس، وتتروّى من ماء البحر، وحِذارٍ حَذارى أن تفتح الصدَفَة! ما عليك إلاّ أن تتغابى العِرفة. قاصرٌ يا بُنيَّ أنتَ ما تزال؛ والقاصر لابد أن تُطَبّع أخلاقه بالطاعة؛ حتى لايكون دليلاً للفاقة ولا للمتجوِّلين الباعَة. هكذا تمرّ المرائر رتيبة وأنا أكبر بدون حتى ضوء الشمس. والشمس في معاطننا بئيسة الظلال. أهربُ منها دوماً بالسفر للمناخات الطازجة. يقولون لي دائماً :لم يحن بعد زمانك لإبداء المشاعر. ولا لتربيت الخواطر. عليك بالطاعة والسكوت وتقدير ما نقوم به لأجلك. لا تكترث بالعنعنة ولا الطنطنة. لا تعبث بالأسئلة الكِبار. بُنَيَّ إنَّ ّاستمرارية حالنا مرهونة برضاء أهل الصندوق وثقة أهل الماروق؛ والواقع الإحصائي لا يستطيع دفعاً لهذه الطوامّ. ويلكم منه، هاهو قد استُنفدتْ طاقاته ولا يحتمل مزيد قَشّة تقصم ظهرَ بعيرِه. الإمكانات محدودة وسعر الصرف سيزداد عربدة. وخُلاصة الخلاصات: لا تسمع لا ترى لا تتكلّم، تبكّمْ! رحمَك ربُّك الأكرم، ثم تبسَّم، وإن فاضتْ بكَ الثرثرة فقُل: سلّم تسلَم.
    إحفظها جيّداً. ليس مطلوب غير ترادادها دون واع! سلّم تسلم، سلِّم تسلَمْ، سلِّم تسلم! وذات أوان كذوبٍ التقاها. كم توخّى التقاءَ مثلها بغير ملالة. شيءٌ ما جذبه نحوها، بل أشياء. تملاّها تمنّاها؛ ثم لجأ سريعاً الى الإسرار، كعادته حتى لا يسمع به أهل الصندوق؛ وقد تخادَع، كدأبِه لأهل الماروق. طاف حولها عدة مرّات. تجوّل في بحيراتها المجنونة وجزائرها المكنونة وخزائنها المفتونة. لا تقترن بالمراجعات ولا تعترفُ بالمحاسبات. لابد أنهم قد كمّنوها، أولاد الهِرمة، حتى تساهم بدورها في استقرار سعر الصرف. ولكن مالي وسعر الصرف! تلك مَهمّة الكِبار المتكلِّمين في كلِّ شئ؛ من غير المرموقِ إليهم شذراً ولا المبؤوسين. عليَّ بصرفها، إذن، إذا لاقيتها صِرفاً دونما ضِرابها. أواني لم يحن بعد لإبداء الرأي حول سعر الصرف الطالع أو النازل. تجاذبتْ معه أطراف البكامة التي يجيدها. كانت تملك لكل سؤلٍ جواب، ولكل سيفٍ قِراب ولكل وجهٍ سِباب. أبدع معها في لغة الإشارة البكماء؛ ذاك مجاله الذي لا يُجارَى فيه. كان عندها لكل حرفٍ صوت، ولكل فَرَحٍ سوط. على استعداد أن تُجاريك قولاً على قول، أو حتى قولاً على غير قول. ما أسعدني بك، قالها لها مُتلَعثِماً. احتدّت نظراتها في عينيه لبرهة ثم قالت له :لا تسعد بي سريعاً هكذا. عِشني أوّلاً حتى تعرفني فهل تقدر؟ لقد تعوّد اجترار الأسئلة. لم يتوقع أن يبهته السؤال بهذه العجلة، فقال: أُصدِقك القول، لا أعلم يقيناً هل أقدر أم لا..! ولكنني لستُ ممانع؛ وأؤلئك الذين هُم خَلفي، لايُمانعون أو يأبهون إلاّ قليلاً قليلا.

    بادرَته سريعاً: ستطيعني إذن! :بالضبط، فأنا رهنُ إشاراتك. إذهبي المجالات، رودي الضلالات، قلِّبي الوشايات وسأتبعُك! ثقي فيَّ ولن يأتيك بأساً من ناحيتي أبداً أبداً أبدا..! وكما تعلمين، فأنا خرِّيج مدرسة التتابع دون تعب، وقطفُ المزايا من غير نَصَب. حدّجته بالنظرة الملتبسة زاعمةً نصحاً :ستضنى بي يا مُريد. قالتها ضاحكة واستمدّت من طاقاتها الكبيسة مزيد إقناع فاقتنع راضيا. ظلّ عوده طيِّعاً لها. بذل لها من الطاعات ما تطيق وما لا تطيق. فالطاعة العمياء، كانت عِلمه المأثور، ولوحِه المسجور؛ بل والوحيد الذي أجاد. ولحسن حظّها فقد كانت على أدنى من الفطرة! بهيمية لم تعاصر مدارس الزمن الوهّاط. هيَ السليقة في مجاج عنفوانها، خرقاء وجدت صوفاً. أضحتْ الأيام في عينيه شجون، والليالي في مخيّلته ضياء. والأب بعيد يرمحُ في روقه الدّاجن، وحظيرته مسروجة على حرفِ الرحيل. ينتظر عودة الابن الضال يُخرجه من بيمارستانه. وملِيكه الضِلِّيلِ لا يفتأ يتدارس نسج الكلمات وعدَّ الدُّريهمات. الحروف في مبدئها عصية عليه بعض الشئ؛ لاسيَّما حَرفَيْ الامتناع الخطابي "لا". ذلك أنه ما يزال للطاعات القديمة خير حافظ. مقتلعاً غيرها ما "تاوَر" من جذور أو يكاد. أإقتلاعٌ من الجذور، ومتى؟ ياللفدامة. ألحّت عليه أن يتعلّم حَرفَيْ لائهاالانتهازية، فظلّ يتهجّى حرفَيها زماناً. يتعلم ليله بكامله ليضمحلّ تعالمه بطاعاته النهارية التي لا تنتهِ. اختلط إحساسه بمزيج التعارض الذي يأتيه من متقابلَيْن فاستحرّت به الحيرة. أيطيع أباه بصولجانه وكانونه الذي لا يرحم! أم أنه يطيع ذات اللآلي المُدهِشة بقيّة الشهور ولنفسه فيها اشتهاءٌ لايُقاوَم. وككل الاشتهاءات التي لا تلبث إلا قليلاً؛ مضت عنه ذات نهزةٍ وغالبُ خُلقِها أنها كل يومٍ هيَ في بُكان!

    أحيا نهوزها آمالاً غابرة في ربعِه المدموع. طفَق يقلّب الحجارة والمعادن، وهُم برفقتِه متجمِّعين يخيطون له الطرقات لُجّاً وأطرافا. يبحث عنها ولا لُقيان أو معالي. دفعه التدبير وأركان حربه الذي رُكِّن لغير الحروب، أن يحيك الأسئلة المعقولة فتناهى إليه مكانها وصفاً، وزمانها تحديداً، فالتزم الطريق غير مُباغَت؛ ومن بعد أن أعطى بيده كل ما طولب به من شروط، ذهبَ ليجبهها بواحدة من لاءاته ذوات الأصل! تخدم أغراضه وأغراض آبائه وقومٍ بين بين. التحفَ عمامته وامتطى جواد صبوته متوشحاً بسيف النصُر. يدفعه الجمع غير الميمون بغير توانٍ. تقاربت السماء مع الأرض حينما وجد نفسه وجهاً لوجه أمام مربضهااللاّئي! مرّةً أخيرة. تملاّها نظراً واكترف من لأوائها مليَّاً. تطاول شوقه قافية وأحسَّ بدَنه عافية. صليلٌ يُصميه من مكان سحيق:

    - قُل واحدة من لاءاتنا العِظام. طافت بذهنه المشغول مقولة: العلمُ في الصِّغر كالنقش في الحجر. ولكنه تذكّرَ بأنّه مَدَرٌ ليس بالحجَر، ولم ينْسَ أنّه لا يتذكّر! فليُسألوا هم إذن عن الحجارة وإرجامها. ارتدفه الخاطر بمقولة الحكيم: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. تخلّلت نفسه طاقة لم يدرِ كنهها. للدهشة فقد كانت طاقة يشوبها حسّ الفناء. لاحت سماؤها بروقاً بلائها الصّمّاء. وفي البدء كان الكلمة؛ أخطر سلاح وأوفر براح. نظرة أخرى غير عجولة. يصوِّبها نحو المربض المهول. إنه مربضٌ لا تفلّه اللاءُ الأولى ولا الثانية. تمتم في داخلِه مستحثّاً مطامعه:
    - المحرَّش ما بكاتِل! وكانت تلك قَفْلةٌ مُحتَرمة؛ أو لعلّها نُقلةٌ في ذات مكانها! لا تدعُ مجالاً لمُدَّعٍ أو مجادل. الجُدُر تزداد سماكة، بل صقولا يُبرِزُ ما دُوِّن على عرصاتها جلياً. لقد كُسيتْ بلاءٍ كبيرة تأمره بالطاعة اللمّاعة ثمناً للصرف الآتي. يعاوده الصليلُ الخافتُ فلا يطمح في شيء غيرما تدعوه إليه. صليلٌ من عالم سحيق يعيدُ عليه الشرط:

    - لا تقل لاءها وقُل لاءنا القديمة تستَرح؛ سَلِّم تسلَم .. لم يبقَ منها شئ! لاؤنا يوم اللقاء كيف سعى؟ سلِّم تسلم .. قُلها بالعين أو بالإشارة. إشارتكم سيدي كافية. لن تعبُر هذا النهر مرّتين. مروركم الأول، أتذكره، أتدركه جنابكم...؟ كان مثقوباً بالأجنبي. انثقبوا لنا مرّة ودعوا الباقي علينا . سلّم تسلم. قُلها لهم في وجههم فلات حين مقال. قُل؛ توكّل على الحيِّ الدائم .. لا .. لا ..ل .. - إيّاك وهُجرُ القول يا هذا. حدّجته الماجدة الماردة بجَذَرةٍ ترمي الحُمرَ المستنفِرة فرَّت من قسورة! عليكَ بما تعرفه ويعيبك ما تسمع. أتفهم ما نقول يا أخانا وسالف أفندانا. وَ .. أخيراً، أخيراً جداً؛ تنزَّلتْ ولم تطلع.خافتة باهتة وذاهلة: سلِّم لن تسلم .. سلّم لن تسلَم! عَرَقٌ يتصبّبْ نظرةٌ تتكبكَبْ ودَسَمٌ يتَبَتَّقْ؛ وها نحنُ نُنشئُ رجالاً أُطَيفال.












    ----
    * نص قصصي - سبتمبر2010
                  

12-03-2011, 11:57 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سَـلِّـــم تَـســــلَـــم..!* (Re: محمد أبوجودة)

    سيف الدولة حمدناالله: أنجال الأكابر صبيان في الحيشان ...!*


    مساعد رئيس الجمهورية، ليس لها سند في الدستور ولا القانون،
    وليست لها سلطات أو صلاحيات، ولا يستطيع من خلالها أن يصلح الاٌ هندامه الشخصي ...!



    توضح الخطوة التي أقدم عليها الرئيس عمر البشير بتعيين (نجل) من كل بيت من بيوت الأكابر في مناصب رئاسية مقدارالمهانة والأستخفاف بهذا الشعب الذي بات (البشير) يعتقد أنه لا تتحرك فيه شعرة رأس أو أبطين مهما فعل به ، وأن الوطن بما فيه جزء من تركة أجداده، ووجه المرارة في مثل هذا القرار أنه قد كشف عن حقيقة طالما ظللنا ننكرها، وهي أن منهج الحزبين الكبيرين (الأمة والاتحادي) في الحكم لا يختلف عن النظام الحالي الاٌ بمقدار درجة لا بمقدار نوع، وأننا كنا نصوم لنفطر على "بصلة"، وأننا قد وضعنا آمالنا على ظهر العربة التي تحملنا الى عكس وجهتنا بعد أن قطعنا كل هذه المسافة الطويلة، وانتظارنا لكل هذه السنوات، بعد أن دفعنا ثمناً غالياً من الأرواح والدماء في سبيل بلوغ شاطئ الحرية والانعتاق من ظلم هذا النظام الفاسد والتالف، لندرك أننا كنا سنستبدل قطار الانقاذ بحنطور يقوده حصان أعرج.
    الواقع أن ما جرى بتعيين (الأنجال) يحمل من الاستخفاف والاهانة في حق جماهير الحزبين الكبيرين بأكثر مما يحمله في حق بقية أفراد الشعب ، ويلامس مداها (المهانة) جدار الحزب الحاكم نفسه ولكنها مهانة جديرة به ، ولن توصمه بأكثر من الوحل الذي يتمرٌغ فيه، ولكن ينبغي علينا التمييز بين موقف الحزبين في شأن الفعل الواحد ببلوغ نجلي السيدين لمثل هذه المناصب الفضيحة.
    ليس هناك ما يدعو للوقوف عند موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي بدفعه بمثل هذا الشبل الغرير النضير ليقيم منه وليٌاً علينا، وهو لا يحمل من سماة أهل الحكم وأسبابه سوى (الفرجيٌة) التي تلتف حول بدنه، فالحزب اختار أن يلعب على المكشوف، وليس لديه ما يخشى منه أو عليه، ولا يأبه حتى بأصوات عضويته التي اعترضت على المشاركة في الحكم ، فلا يضيرنا أو يضيره ان اختار لحصته في قسمة الغنيمة (نجل) الميرغني أو (نجل) عبده الحانوتي.
    في المقابل، ليس هناك جديد في أن يقوم أحد الحزبين أو كلاهما بتعيين (صبي) لم يكد يبلغ الحُلم في مثل هذه المناصب القيادية، ليبدأ سلم حياته العملية من العتبة الأخيرة، فمثل هذه التوافه تؤخذ على عوام الناس من أمثالنا لا على منابت الأسياد، فالامام الصادق المهدي تبوأ منصب رئيس وزراء حكومة السودان (1965) وهو منصب يكفل له السلطات التي يباشرها رئيس الجمهورية اليوم ، دون أن يتجاوز سن النجل الميرغني بفارق يُذكر، وبخبرة عملية لم تتجاوز سنة واحدة أمضاها بدرجة مساعد مفتش بوزارة المالية.

    بيد أن ما يدعو فعلاً للتأمل هو (فهلوة) حزب الأمة في شأن تعيين (نجل) الصادق المهدي في منصب مساعد لرئيس جمهورية الانقاذ بادعائه (الحزب) بأن قرار المشاركة يعتبر شأناً خاصاً بصاحب المنصب وأنها قد تمت في الاطار الشخصي ولا صلة للحزب بهذا التعيين وذلك طبقاً لما ورد في تصريح الصادق المهدي وبيان الحزب ثم البيان الذي أطلقه عبدالرحمن نفسه عقب التعيين.

    يؤسفنا القول بأن كل هذه البيانات لا تغير في حقيقة مسئولية الحزب عن مشاركة النجل المهدوي في حكومة الانقاذ ، فدخول عبدالرحمن المهدي ضمن طاقم حكومة الانقاذ لم يبدأ بتعيينه في هذا المنصب، فحين أصدر الرئيس عمر البشير القرار الجمهري باعادة نجل المهدي للخدمة بالقوات المسلحة برتبة عقيد بعد أن كان قد أحيل للصالح العام برتبة ملازم أول قبل أكثر من عشرين سنة ، قال الصادق المهدي أن ذلك حقه (كمواطن) تم فصله رغم كفاءته العسكرية، وهو تعليق يتسق مع ما ذكره الناطق الرسمي للجيش (الصوارمي) الذي قال ما معناه أن القوات المسلحة في (حاجة ماسة) لخبرات العقيد عبدالرحمن العسكرية. الصادق المهدي يعلم أن في كل بيت أكثر من مفصول للصالح العام من الخدمة العسكرية وغيرها من صنوف الخدمة، ولكنه لم يأبه بأن مثل هذا القول (كفاءة نجله) يقع على بقية المفصولين للصالح العام موقع الشتيمة والقدح في كفاءتهم ، فاذا كانت الكفاءة "وحدها" تشفع لصاحبها للعودة بالمفصول للحاق ب "دفعته" في الخدمة لما كانت هناك مشكلة، ولكن الامام لم يكلف نفسه السؤال عن أي كفاءة لملازم عسكري تجعل من نجله المفصول الوحيد من بين أكثر من ربع مليون مفصول حكومي فقدوا وظائفهم في مختلف المهن الحيوية في الطب والهندسة والزراعة والقضاء والنيابة والخارجية ... الخ دون أن يعاد من بينهم مفصول واحد للخدمة ، فمن يسمع بمثل ما قال به (الصوارمي) والصادق المهدي حول خبرة العقيد عبدالرحمن التي استلزمت اعادته للخدمة يعتقد بأنها خبرة في زراعة الاطراف المبتورة في الحروب أو في نزع الألغام أو تدريب الطيارين، في الوقت الذي الحق فيه العقيد ضمن فريق تدريب كرة السلة بفرع الرياضة العسكرية. وهي في حقيقتها خبرة ومؤهلات لم تسعف اقرانه من مفصولي الخدمة العسكرية الا لما يشابه وظائف شركة (الهدف) بالمراكز التجارية بدول الخليج والسعودية. ما الذي يدفع بحكومة الانقاذ لاختيار العقيد عبدالرحمن لمثل هذا المنصب الرفيع بخلاف كونه ولي عهد رئيس الحزب وكيان الانصار!! ان الواجب يقتضي أن يقوم حزب الأمة بمواجهة الحقيقة لا الالتفاف حولها، وليس هناك ما يعينه على تصحيح هذا الخطأ الفادح دون أن يعلن موقفه الواضح من هذا التعيين وذلك باصدار بيان يحمل ادانة صريحة لتصرف العقيد عبدالرحمن وفصله من الحزب لخروجه عن طوعه. لا بد لنا من القول بأن امتناع حزب الأمة عن اتخاذ هذه الخطوات سوف يعتبر من قبيل الاستهانة المسطحة بالتأثير السالب لمشاركة عضو قيادي في قمة الهرم الحزبي في حكم الانقاذ ، وسوف يؤدي هذا الموقف لحدوث عدة آثار يمكن اجمالها في الاتي: 1- من شأن هذه الخطوة أن تفتح باب الذرائع لدخول آخرين من حزب الأمة بالمشاركة في حكم الانقاذ بدعوى (الوطنية) بحسب ما قال به عبدالرحمن أو والاصلاح من الداخل بحسب ما قال به عمه مبارك المهدي الذي سبقه الى هذا المنصب. 2- من شأن هذه الخطوة أن تدفع نحو (تليين) موقف حزب الأمة وقواعده الشعبية من معاداة نظام الانقاذ والدفاع عنه.
    مشكلة مساعد رئيس جمهوريتنا المهدي أنه لم يقرأ الدستور، أو لم يفهم نصوصه، فوظيفة مساعد رئيس الجمهورية، ليس لها سند في الدستور ولا القانون، فهي وظيفة والسلام، ليست لها سلطات أو صلاحيات، ولا يستطيع من خلالها أن يصلح الاٌ هندامه الشخصي، ولن يكون في مقدوره - ولا ينبغي له - البحث في ملفات أزمة الحكم التي قال أنه قد قبل بالمنصب للاسهام في معالجتها، كقضية الفساد ، و الحروب التي يجري رحاها في كل أطراف البلاد وغيرها من قضايا الوطن ، فوضع النجل المهدي والنجل الميرغني يشابه الى حد كبير وضع أسماك الزينة بصوالين الاثرياء . مما لا شك فيه أن الثورة في وجه هذا النظام لا محالة قادمة، بالحزبين أو دونهما، وسوف لن يغفر الشعب مثل هذه الخطايا والجرائم التي ارتكبت في حقه، وسوف يكون الثمن غالياً وفادحاً، وان غداً لناظره قريب.







    -----
    * نقلاً عن "موقع الراكوبة" .. الرابط: http://www.sudaneseonline.com/news-action-show-id-36187.htm
                  

12-03-2011, 12:14 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سَـلِّـــم تَـســــلَـــم..!* (Re: محمد أبوجودة)

    ســَــلــِّم

    قد تســـلَـم أو لا تســـلم!

    في الظن الأبكم! والحدَس الأبهم قد لا تعلم أنّك تستسلم تستسمَنْ!
                  

12-04-2011, 06:37 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سَـلِّـــم تَـســــلَـــم..!* (Re: محمد أبوجودة)

    ووجه المرارة في مثل هذا القرار (( قرار تعيين نجـلَـي "الزعيمين" مُساعدَين رئاسيين!!)):-

    أنه قد كشف عن حقيقة طالما ظللنا ننكرها، وهي:

    أن منهج الحزبين الكبيرين (الأمة والاتحادي) في الحكم لا يختلف عن النظام الحالي.
    الاٌ بمقدار درجة لا بمقدار نوع، وَ:-
    أننا كنا نصوم لنفطر على "بصلة"
    وأننا قد وضعنا آمالنا على ظهر العربة التي تحملنا الى عكس وجهتنا
    بعد أن قطعنا كل هذه المسافة الطويلة، وانتظارنا لكل هذه السنوات بعد أن دفعنا ثمناً غالياً من:
    الأرواح والدماء في سبيل بلوغ شاطئ الحرية والانعتاق من ظلم هذا النظام الفاسد والتالف؛
    لندرك أننا كنا سنستبدل قطار الانقاذ بحنطور يقوده حصان أعرج.


    وأيّ خيولٍ هزيلة؟
                  

12-06-2011, 09:55 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سَـلِّـــم تَـســــلَـــم..!* (Re: محمد أبوجودة)

    +++
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de