|
الي سعادة الرئيس...
|
إن المتجول في شوارع الخرطوم وأسواقها أو زائرها، يحسُّ كأنما يتجول في معرضٍ متحركٍ تحمله عشرات الآلآف من المركبات العامة والخاصة، ورقم مماثل من لافتات المحال التجارية, و الخدمية على امتداد الوطن ... تُكتب كلماتٌ تمجد القبلية خاصةً في الخرطوم عاصمة البلاد ...العاصمة التي من المفترص أن تعصم الوطن من الإنزلاق إلي مهالك الفرقة ومهاوي الشتات . سعادة الرئيس، عند مروركم بالشارع حتماً أنكم رأيتم ما يُكتب على الزجاج الخلفي للكثير من المركبات ولافتات المحال التجارية مثل عبارات : بديرية ، زغاوية، جعلية ، سليمية ، شايقية ،مسيرية، بجاوية ، تاماوية، دنقلاوية ...أسماء جميع قبائل السودان تقريبا ، فلا مجال هنا لحصرها فقط أوردنا للمثال...فهذه الظاهرة لا شك أنها مؤرقة وصارت جزءاً أساسياً سالباً من مظاهر العاصمة و المدن الأخرى بالبلاد ..فالتفسير الوحيد لها: أننا جميعا نرفض فكرة الوطن ..ودليلاً على خواءِ افئدتنا من الوطنية تماماً ولاقيمة له البتة في نفوسنا مادمنا غارقين في تمجيد القبيلة و الإصرار على تأكيدها وذلك في مجتمع المدينة ... مجتمعاً متعدداً... ارتضت مكوناته العيش معاً وفقاً للقانون والشرع ... إذن ليس من مبرر يجعلنا نتدثر بالقبيلة مادمنا تواضعنا على العيش معاً في كنفِ المدنيةِ الواحدةِ ... فالعاصمة رمزٌ للسلطة و السيادة لا يجب أن يُسمح فيها بهذا السلوك القبلي السالب ... فالظاهرة برهان واضح, مرآة نفسية تعكس الرفض فينا ... نرفض أن نكون شعباً سودانياً واحداً ، ارتضينا بصمتنا أن نكون شعوباً قبليةً تتزاحم لإبراز وجه القبيلة في كل مكان, إننا نتباري في العصبية ...فالعصبية أياً كان شكلها أو لونها فإنها من الجاهلية كما تعلمون، فلماذا نرفض أن نكون شعباً مسلماً واحداً ... ولماذا أيضاً لا نكون مجتمعاً لا تقديس فيه للقبيلة ... فلا يجب أن نترك اسم القبيلة يعلو فوق اسم الوطن، ولا لافتة توضع فوق هامته ... فهذه الظاهرة الهدامة لا تبني أواصر التعايش و الإخاء بين أبناء الوطن إنما تهدمه ... إنها تشيد جدران التفرقة ... سنة جاهلية تحمس وتحض الناس على التعصب كل لقبيلته ...وبات الأغلبية يقلدون الظاهرة واستشرت على أوسع نطاق... فالظاهرة منفذ خصب لكل من يريد التدخل للعبث باستقرارنا الاجتماعي ..بجولة سريعة في مدننا ندرك تماماً من خلال ماهو مكتوب على المركبات و اللافتات أننا مجتمعٌ جاهزٌ للتناحر بفضل التشرذم والغوص في وحل القبيلة ، فمن واجبنا تجاه بلادنا أن نتوجه لسعادتكم طالبين التدخل العاجل للقضاء على هذه الظاهرة الخطرة وذلك بإصدار قرارٍ جمهوريٍ يُلزم بمحو كلِّ ما كتب على المركبات والمحلات أوالشركات لتمجيد قبيلة أوجهة في ظرف اثنتين وسبعين ساعةً, وإلاّ تصادر تلك الممتلكات لصالح الدولة . عمود معطيات نقلا عن صحيفة الان
|
|
|
|
|
|