|
شتان ما بين خرطوم إحسان عباس ، وخرطوم ميرسر !!!
|
في النصف الثاني من التسعينات نشرت صحيفة الحياة الصادرة في لندن مذكرات الدكتور إحسان عباس ـ الأكاديمي والأديب الفلسطيني الشهير ـ وكان لحياته في الخرطوم في الخمسينات ومطلع الستينات نصيب الأسد من تلك المذكرات ـ حيث سلط المثقف الفلسطيني الكبير الضؤ على الفترة التي قضاها أستاذاً بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ـ لأكثر من عشرة أعوام ـ شهد حقبة تحول الجامعة من كلية غردون التذكارية لجامعة الخرطوم ـ قال دكتور إحسان واصفاً الحياة في الخرطوم (النص بتصرف لكن جوهر الحديث محفوظ) ( كانت الخرطوم في ذلك الوقت عاصمة جميلة تتمتع بخدمات فائقة ، الشوارع فيها تنظف كل صباح بالماء والمنظفات ـ الخدمات تقدم بمستوى رفيع ، مطاعم راقية ، وشوارع تنتظمها حركة مرور تنساب بتنظيم عال ، الحياة فيها رغدة وميسرة ، وكل السلع الضرورية ومتطلبات الحياة في متناول اليد بأرخص الأسعار ، فهذه الخدمات حينما تضيف لها أدب الشعب السوداني الجم ، وخلقه الرفيع ، وتهذيبه المتناهي ـ تتوفر لك بيئة حياة لا يوجد لها مثيل في العالم . كان ذلك حالنا في عام 1950 وحتى النصف الأول من عام 1960 بعيون الأخرين
أما في عام 2011 م ـ فقد جاء في تقرير مؤسسة ميرسر العالمية لإستشارات الموارد البشرية أن الخرطوم تحتل المرتبة 217 على مستوى العالم من حيث مستوى المعيشة والحياة وجودة الخدمات الحيوية ـ مما يعني مدى تدني مستوى الحياة المعيشية .
شتان بين ما قاله إحسان عباس وهو المثقف الذي كتب عنا بكل شفافية واضعاً الخرطوم كأفضل بقعة للحياة في العالم ، وبين مؤشر ميرسر الذي وضعنا في أدنى مرتبة !!!
ماذا أصابنا ـ كل الشعوب تسير نحو الأمام ـ ونحن نتقهقر للخلف بسرعة الصاروخ !!!!
|
|
|
|
|
|
|
|
|