|
Re: أميركا: الإسلاميون ليسوا جميعاً سواسية!!! والأعمال أهم من الأسماء! (Re: سيف الدين عبد الجبار)
|
للذكرى ... إن الذكرى تنفع (المؤمنين)
من خطبة الإمام الصادق المهدي ... مسجد ودنوباوي أمدرمان... العام الماضي .........................
(((في سبعينيات القرن العشرين وبعد تراجع الأطروحات القومية بدا للقوى الإمبريالية أن المقاومة لهيمنتهم صارت تتخذ طابعا إسلاميا في عالمي السنة والشيعة لا سيما الثورة الإسلامية في إيران. ومقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين، لذلك ائتمرت أجهزة الاستخبارات الغربية حول ما ينبغي عمله لاحتواء الخطر الأخطر أي الحماسة الإسلامية. وبدا لهم أن أي هجوم على الإسلام من خارجه يأتي بنتائج عكسية. لذلك قرروا أن أفضل وسيلتين لهزيمة المد الإسلامي هما الاختراق والإخفاق. الاختراق أي أن يزرعوا عملاءهم في قيادة الحركات الإسلامية. أما الإخفاق فهو يعني استدراج حركات تستولي على السلطة باسم الإسلام وتواجه واقعا معقدا داخليا وخارجيا يسوقها إلى الفشل فتحسب التجربة على الإسلام، ويحصل لنداء الحل الإسلامي ما حصل للحل القومي من إخفاق. ولكن ما الذي يستدرج أي حركة إسلامية لأخذ السلطة باسم الإسلام ما لم تضمن نجاح التجربة؟ قالوا إنهم بدراستهم لتصرفات كثير من الحركات الإسلامية على نحو ما سجل مايلز كوبلاند في كتابه لعبة الأمم، وجدوا فيها نهماً للسلطة لا يخاف عواقباً. على نحو ما قال النبي "صلى الله عليه وسلم" يخاطب المسلمين: "لا أخشى عليكم أن تعودوا للشرك بعدي، ولكن أخشى عليكم فتنة السلطان". نزعة سجلها الحكيم العربي: وقد صبرت عن لذة الأكل والشرب أنفس ***ومـا صبرت عن لذة النهي والأمر!
كان انقلاب يونيو 1989م مغامرة غير محسوبة العواقب للاستيلاء على السلطة فمدبروه كانوا يحتملون فشله لذلك زوروا حقيقته بإعلانهم أنه انقلاب غير حزبي وقرروا حبس قائدهم ضمن من حسبوا من قادة الأحزاب إمعانا في الخداع. كما أنهم بعد الاستيلاء على السلطة ظهر عليهم عدم الاستعداد ببرامج محددة لمواجهة ظروف البلاد. كثيرون انخدعوا فعلا إلى أن ظهرت لهم الحقيقة فيما بعد. والمدهش أن الموقف الأمريكي من الانقلاب كان أشبه بالترحيب رغم معارضتهم المعروفة للحركات الإسلامية، ومآزرتهم الظاهرية للنظم الديمقراطية. أما التخلي عن أي نظام ديمقراطي لا يخدم مصالحهم بل الإطاحة به فلا يستغرب كما حدث لمحمد مصدق في إيران ولالمبي في تشيلي. أما بالنسبة للموقف من انقلاب إسلاموي فقد كنت أظن أن الأمريكيين كالآخرين قد انطلت عليهم الخدعة. ولكن أكد لي عميد في الأمن السوداني ممن دربهم الأمريكان أن الأمريكان كانوا يراهنون على نجاح الانقلاب رغم معرفتهم لحقيقته والدليل على ذلك أمران: الأول أن عددا من عملاء الأمريكان المعروفين ساعدوا الانقلاب. والثاني: أنهم سكتوا على تزوير طبيعة الانقلاب. وهدفهم هو أن يحصل استيلاء على السلطة باسم الإسلام فيواجه ما يواجه. والأمريكان أنفسهم يساعدوا على فشل التجربة بكل الوسائل ليحسب ذلك على الإسلام ويصد الناس عن شعار الحل الإسلامي صدودا. فلم يكن للانقلابيين برنامجا محددا فظهر تخبطهم ومزق انفرادهم بالسلطة الجسم السياسي السوداني. وحولوا حرب الجنوب إلى جهاد عمق العداء واستدعى تدخلات أجنبية. وباسم الإسلام مارسوا كل أساليب القهر الوضعية المعروفة.وتعرضوا لأبشع صورة من صور فتنة السلطان صراعات وانقسامات. وبعد أن أظهروا حماسة ضد التدخلات الأجنبية امتثلوا لها وأبرموا اتفاقية سلام قننوا بموجبها تدويل الشأن السوداني وتخلوا ببنودها على أهم شعاراتهم. هكذا صار حكم كثيرين عليها أنها تجربة فاشلة أضرت بالشعار الإسلامي. هذا رأي رددته كثير من المؤتمرات الإسلامية ووثقه الكاتب الفرنسي أوليفيه روا في كتابه: فشل الإسلام السياسي. فشل التجربة السودانية صحبه أكبر انهيار للأخلاق في المجتمع السوداني. وأوسع تفشي للفساد وثقته الشفافية العالمية. وأوسع نزوح لمواطنين سودانيين هربا من الوطن. وتمدد الظلم الاجتماعي واتسعت المسافة بين قلة فاحشة الثراء وكثرة فقيرة نسبة عالية منها متسولة، وفي مناخ الفساد المالي ظهرت لأول مرة في السودان ممارسات لا أقول ربوية بل سوبر ربوية كما في سوق المواسير بالفاشر ويوجد غيره في القضارف وغيرها من البلدان لأكل أموال الناس بالباطل. إن رفع الشعار الإسلامي والفشل تحت رايته هو ما تمناه الامبرياليون عندما سكتوا عن تزوير الانقلاب. هذا الفشل أدى لإنعاش تيارين: التيار الأول: التكفيريين الجدد الذين يريدون تصحيح المسار الإسلامي في نظرهم وهم يكفرون كل من خالف رؤاهم التي من يخالفها كافر، فالمناداة بتقرير المصير للجنوب كفر، وانتخاب مسيحي أو امرأة كفر، وإنكار النقاب كفر وهلم جرا. التيار الثاني: هو تيار علماني يحمل الإسلام ما جرى للوطن من ويلات ويطالب بإبعاد حازم للإسلام عن الحياة العامة جملة وتفصيلا. هؤلاء ضحايا الإفراط والتفريط. قال الإمام ابن القيم: "إن الشيطان يضل الناس بالإفراط كما يضلهم بالتفريط" وقال: "الفقيه هو الذي يزاوج بين الواجب والواقع، لا يعيش فيما يجب أن يكون، مغفلا ما هو كائن". نعم أخفق كثيرون تحت شعار إسلامي ولكن إخفاقهم ليس حكما على الإسلام لا سيما وقد خالفوا مبادئه مبادئ الحرية، والعدالة، والرحمة، والحكمة، والمساواة. ما زال الإسلام رغم الفاشلين باسمه يستأثر دون غيره بالرأسمال الاجتماعي في البلدان الإسلامية. وما زال الناس ينظرون إليه بديلا لحضارة غنية في المادية فقيرة روحيا وأخلاقيا.)))
| |
|
|
|
|