لقد كانت الندوة بحق وحقيقة قمة في الروعة شكلا وموضوعا . فمن حيث الشكل فان مقدم الندوة الدكتور محمد عثمان قيلي خبير اقتصادي متعمق فاض علينا بفقه وفلسفة اقتصادية تاه وتهنا معها لولا ابداع الدكتور منعم في ادارته للندوة والتحكم في رسم مسارها حتى لا يتوه الحضور في مصطلحاتها الاقتصادية.
ارى استاذي دكتور منعم ان من بين التحديات التي تواجه الاقتصاديات العربية على وجه الخصوص، هي تحديات العولمة والخصخصة والنظام الاقتصادي الدولي الجديد، فالعولمة تتجسد من خلال زيادة التفاعل والاندماج بين انشطة المجتمعات الانسانية، وهي بطبيعة الحال ظاهرة متعددة الابعاد اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية ومالية.
ان تنامي الاعتماد المتبادل فيما بين الدول، وشدة ارتباط الاقتصاد العالمي في ظل العولمة قد اثر تأثيرا واضحا على مجريات النمو الاقتصادي فيما بين البلدان الصناعية المتقدمة من جهة، وما بين البلدان النامية من جهة اخرى، فالعولمة ظاهرة متعددة الاوجه وتتضمن عدة جوانب منها جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية فيما تهدف العولمة الاقتصادية الى ازالة العوالق الوطنية والمؤسسات المالية الدولية ونشر التكنولوجيا والتجارة وانشطة الانتاج وزيادة قوة الشركات عابرة الحدود الوطنية والمؤسسات المالية والدولية وتكامل اسواق رأس المال واستحداث ادوات مالية جديدة. مما حقق زيادة اعتماد الأسواق المالية على بعضها وعلى الاقتصادات في العالم. وتشكل العولمة الاقتصادية والمالية اخطارا جدية وتقدم منهاجية اخرى فرصا جديدة للاقتصادات الناشئة. فالعولمة تفتح العديد من الفرص امام الاقتصادات الناشئة بما في ذلك تنمية النمو القائم على التصدير والتخصص الاكبر في الانتاج ونقل التكنولوجيا من خلال الاستثمار الاجنبي المباشر والحد من اتباع الحكومات لسياسات تتلاءم مع الاستقرار المالي الطويل الأمد وتفتح العولمة الباب لتسهيل العوائق امام التجارة الدولية وتخلق التوسع القائم على التصدير وامكانية نمو الناتج بصورة عامة وزيادة الثروة القومية وتحسين مستويات المعيشة ويتم ذلك من خلال المنافسة والتخصيص الافضل للموارد الاقتصادية داخل البلدان المتخصصة في انتاج السلع التي لها ميزة نسبية. اما مخاطر العولمة فتتجسد من خلال آلية نقل الازمات الاقتصادية التي تحدث في الدول الصناعية الى البلدان النامية بسرعة. وكذلك عدم الاستقرار في البيئة العالمية في اسواق السلع العالمية ورأس المال.اذ تنتقل آثارها الى البلدان النامية بسهولة ويسر. ان التحرير الاقتصادي لعوامل الانتاج والعمل قد أدى الى زيادة دور القطاع الخاص (الخصخصة) وزيادة الحرية لحركة رأس المال والاستثمار مما نتج عنه زيادة في حدة المنافسة وتدهوراً في ظروف العمل وزيادة الفقر وتفاقم التوتر بين الدول وتزايد الصراع على الموارد الاقتصادية.
من اجل وضع الاسس المتينة لاقتصاد عالمي اكثر عدالة ينبغي بناء وتطوير الطاقة الانتاجية والقدرة التنافسية الدولية للبلدان النامية. فمن المعروف ان صادرات البلدان النامية تواجه العديد من الحواجز والقيود الكمركية وغير الكمركية التي تعترض دخولها الى الاسواق العالمية وهذه القيود ناشئة عن جملة اسباب منها قواعد المنشأ التقييدية. والحواجز التقنية امام التجارة الدولية والاستخدام المتزايد لتدابير واجراءات الحماية. ج) ضمان تحقيق مكاسب انمائية من النظام التجاري ومن المفاوضات التجارية الدولية: ان تحقيق اهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية سواء على صعيد البلدان الصناعية المتقدمة او البلدان النامية في ظل توجهات العولمة الاقتصادية سيتطلب قدرا اكبر من التماسك والتعاون بين المجموعات الاقتصادية الدولية بما يحقق النفع المشترك لكلا الطرفين ولاسيما في ميادين التجارة والتمويل والتكنولوجيا من جهة، والاستراتيجيات المختلفة للتنمية الوطنية من جهة ثانية بغية التعجيل والاسراع بالنمو الاقتصادي والنهوض بالتنمية الاقتصادية المستدامة. ان هذه الجوانب ينبغي ان تدعم من خلال العديد من الاتفاقات التجارية الثنائية متعددة الاطراف مثل الاتفاق المتعلق بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة والاتفاق المتعلق بتدابير الاستثمار المتصلة بالتجارة، والحواجز التقنية امام التجارة، فضلا عن استخدام نظام تسوية المنازعات الذي يتطلب قدرا كبيرا من الموارد وتكاليف التكيف بما يصعب على البلدان النامية بصفة خاصة ان تتحملها.
ان التحدي الاساسي الذي يواجه البلدان النامية والأقل نموا يتمثل في التوصل الى فهم مشترك ازاء القضايا والتحديات التي تواجهها هذه البلدان التي يتم طرحها في المؤتمرات والمفاوضات الدولية وبالتالي التوصل المشترك الى وضع خطوط الاستراتيجيات الانمائية التي ينبغي على البلدان النامية والبلدان الاقل نموا ان تتبعها تحقيقا لاهدافها الانمائية والتنموية. فالبلدان النامية تطالب بفسح المجال امام صادراتها من الموارد الاولية والخامات والمنتجات الزراعية التي تتمتع فيها بميزة نسبية وازالة الحواجز الجمركية وغير الكجركية التي تواجه صادراتها وبما يسهم في ارساء دعائم التبادل التجاري العالمي المتكافئ وصولا الى وضع الاسس لبناء اقتصاد عالمي جديد اكثر عدالة من النظام التجاري السائد حاليا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة