الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: : مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)
|
الحكم ...
تمهيد: يجنح الكثيرين لتأويل "الحكم" الوارد في الكتاب على أنه ممارسة السلطة الحاكمة في الدولة ... بشكل عام يتم تأويل "الحكم" باعتباره خارج تشريعي تلتزم به السلطة القضائية ومحاكمها في إصدار "الحكم" - وهو حكم آخر - على القضايا التي تنظرها تلك المحاكم .... وعلى مستوى الآيديولوجيا السياسية يرتبط "الحكم" الوارد في القرآن مع تأويل أنه ممارسة السلطة التنفيذية (أو الحكومة) مربوطاً بتأويل "الأمر" و "أوليائه" ... لن تبحّر في "الأمر" كثيراً هذه المرة ... ولكن سنتناول "الحكم" في السياقات المختلفة التي وردت في القرآن ...
أولاً ... نلاحظ أن مفهوم "الحكم" بالتأويل المعتاد باعتباره ممارسة السلطة الحاكمة في الدولة ورد في سياقات القرآن المختلفة باستخدام كلمة "الملك" و ليس كلمة "الحكم" ... فالملك هو القبض على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الدولة والممارسة لهذه السلطات حصرياً لمن بيده الملك أو من يفوّضه .... فيقول مثلاً:
وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (البقرة 102)
واضح أن ملك سليمان هو ممارسته للسلطة في دولته ...
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُواْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (البقرة 246-251)
فواضح أن الملك هو ممارسة السلطة ...
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة 258)
وليس فقط ممارسة السلطة بواسطة النبيين هي "الملك" ... بل في حالة ممارسة السلطة بواسطة الكافر كالنمروذ في هذه الحالة ... فهو نفس "الملك" ...
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران 26)
وهي الآية الواضحة بخصوص السلطة وممارستها ... فممارسة السلطة في الدين ليست مباشرة ... إذ أن السلطة المطلقة لله وهو يصرّفها كما يصرّف كل "أمور" الدنيا ... كما يشاء ... وليس كما يرغب من عباده ... فما يرغب من عباده يتجاوز الملك ... فهو الذي خلق الموت والحياة (وهما أعقد تركيباً عن البنية الهرمية للملك وممارسة السلطة) ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ... بغض النظر عن موقعكم من السلطة والملك!
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ * وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ * وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ لّا يُؤْمِنُونَ * فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (الزخرف 84-89)
فمن يعتقد أنه ينال تفويض للملك باعتناقه دين الإسلام فهو مخطئ ... فالملك لله ... كالموت والحياة والرزق والمطر وقوانين الجاذبية ... لا علاقة له بالدين والتديّن ... وإنما ابتلاء أيكم أحسن عملا ... ومن اسوأ الأعمال طلب "الملك" والسلطة تأويلاً لكلام الله عن "الحكم" في انتهازية واضحة للتشابه في المفاهيم والسياقات ... فقد قال:
هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (أل عمران 7)
وسنأتي لتفصيل "الحكم" في سياقاته التي ورد بها في القرآن ... في مداخلات لاحقة ....
... المهم .....
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-01-11, 07:32 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-01-11, 07:35 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | محمد قرشي عباس | 09-01-11, 11:43 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-02-11, 00:08 AM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-03-11, 05:30 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | heba Elmahi | 09-03-11, 06:10 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | jini | 09-03-11, 06:22 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | محمد إبراهيم علي | 09-03-11, 06:26 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-03-11, 08:49 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | محمد إبراهيم علي | 09-03-11, 09:00 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | قيقراوي | 09-03-11, 09:43 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | Sabri Elshareef | 09-06-11, 02:03 AM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-06-11, 08:32 PM |
Re: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-07-11, 04:09 AM |
: مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | عثمان حسن المتعارض | 09-07-11, 01:14 PM |
Re: : مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-07-11, 09:21 PM |
Re: : مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | Kostawi | 09-07-11, 10:03 PM |
Re: : مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-07-11, 10:59 PM |
Re: : مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-08-11, 08:20 PM |
Re: : مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-09-11, 11:10 PM |
Re: : مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | Sabri Elshareef | 09-10-11, 00:55 AM |
Re: : مساجلة علمية مع العمد ... هل الإسلام دين ودولة؟ | محمد يوسف الزين | 09-11-11, 12:29 PM |
|
|
|