كان بادى حفيا بذكرى استاذيه سرور( 1901-1947) و كرومة (1907-1947) ومعاصريبهم ومن تبعهم فى لاحق العقود. كان يحزنه ان يعمد الجاهلون الى الخوض فى اعمالهم دون دراية بنصوصها و الحانها و مقاصدها ، و يحزنه أكثر أن يجد هؤلاء قبولا من الاجهزة الرسمية، التى كان بادى يرى - محقا - أن عليها حماية هذا التراث من المتغولين. ذاك هو بادى محمد الطيب ، فنان أعاد لحقيبة الفن بهاءها وارجع الى حظيرتها جماهير المستمعين والمؤدين، كان مرجعا فى نصوصها وشخوصها، و فى الحانها وأزمانها. وقف منفردا ، بعد ان سادت الثنائيات ساحاتها زمنا، كصنوه الفذ الآخر عوض الجاك الذى ارتحل مختتم السبعينات. أضاف بادى الى الحقيبة من ابداعه ومن عصره الكثير . فقد كان متابعا لتطور الاغنية الحديثة، ممتلئا بفولكلور أواسط السودان، مراقبا لما يجرى فى سوح ما عرف بالغناء الشعبى ومشاركا فيه. كان قادرا على اكتشاف ما يدس من موتيفات الحقيبة و التراث فى جديد الالحان ، يفاجئك بقوله ( صاحبك لطش دى ...) ويأتيك بالبرهان ساطعا قويا ، ثم يقول كاشفا عن ذاته المتسامحة الرضيه ( لكين مالو ؟ ما كلو حقنا ... ولا شنو ؟) ولبادى آ راء فى زملائه الفنانين يوجزها دونما استطراد ، تسأله عن عوض الجاك فيقول ( ده فنان الفنانين !!) و عن عبدالمنعم الخالدى ، فيضحك قائلا : (الجنا دة ان ختا العوارض ما بتلحق) .وفى سيرة الفنان الراحل خلف الله حمد ، قال بادى ( كان جبت لى زولا غنى الكان داكا زيو ، من هسى لى يوم الدين، بديك الدايرو، وامشى اقسمو معاهو)، ولم يكن بادى يرى خضر بشير الا شخصا من كون آخر (ات قايل خضر بيغنى للناس القدامو ديل ؟ خضر ده روحو فى بلدا طيرو عجمى )... وعن مصطفى سيداحمد قال بادى (زولك ده ان شال ليهو رق نحن ما بناكل معاهو عيش) ، و لعل من اكثر اللحظات امتلاء بالفن والتطريب لحظة تبادل فيها بادى ومصطفى سيداحمد أداء اغنيتى ( قائد الاسطول) لسرور و( بدر الحسن لى لو لاح) لاحمد الطيب، كانا مثل زهرتين تتبادلان الاريج العبق ، أو كوكبين تجاورا فى سماء لصلاح عبدالصبور : و نور كل كوكب يخامر النور الذى يبثه رفيقه، و لا يذوب فيه أدين فيما كتبت هنا – على شحه - للصديق الموسيقار أزهرى عبدالقادر، الذى نعى بادى فى بوست له فى سودان للجميع، أخص أزهرى بتعزية حارة فى بادى ، فأزهرى احد القلائل الذين واظبوا على التواصل عبر خطوط الانماط الموسيقية بعقل منفتح و قلب عاشق ونفس ذات سخاء و وفاء. تعزية أخرى أمدها الى زملاء بادى و معجبيه، اؤلئك الذين أطلوا على عالمه الفريد وموهبته النادرة بدءا بالراحل على المك الذى قال (ان المعدن الذى صيغت منه حنجرة بادى قد خلق خصيصا، و بالقدر اللازم لذلك الغرض !!!) لعل ثلاثتهم، عليا ومصطفى وبادى يواصلون فى مكان ما من سماء الخلود ما انقطع من أسمار الارض، يتأملون الوانها، يستعرضون اشعارها وحسانها و اشجانها ويستعيدون الحانها، فسلام عليهم فى الخالدين.
انتهت كتابة الأستاذ الموسيقي :- عبد الله محمد عبد الله له التحيات الطيبة والتبريكات برمضان أنتهت و من خلال قرأتي المتكررة لهذ الكتابة منذ تاريخ نشرها صرت ابحت عن حروف كتبها وسطرها هذا الرجل لما شعرت به من تجويد و دراية و سعة آفق واطلاع . و يا ازهري عبد القادر يا فنان بالله الحقنا بكتابات زي دي ياخ .
و رمضان كريم لأحمد القرشي وهو بعيد عن وطن لم تصنه الأناشيد ولا الأغنيات . ورمضان كريم لمحمد المرتضي من لافتة صغيره عن رجل باذخ يدعي بادي. و رمضان كريم لممكونه والأغاني و أغاني فقدت رائد وعمود رئيسي فشاخت . و رمضان كريم لطراوه وهو يحركه لحن الحياة منذ القدم . و رمضان كريم لأزهري عبد القادر حارس النغم وشاهد الجمال .
كما أن تبريكات رمضان موصولة للعزيز طارق أبو عبيدة عابد محراب شيخ طه الذي لا زال قلبه دامي لذاك الرحيل العاصف و تهانينا له بالمرقد الطيب بين حنان الوالدة والوالد و موصول التبريك لبارعة و لقاء وخالد .
و الف رحمة ونور علي ملك غناء الحقيبة بادي. التعديل اوجبه حرف فقط.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة