فى القطار الانجليزى برفقة انيس حبيبة روحى
هذا الصيف و بعد سنوات طويلة من العمل المرهق المستمر قررت أنه لابد من بعض الراحة. فضلنا والاسرة الذهاب للامبراطورية التى كانت شمسها لا تغيب وذلك لوجود شقيقى الاصغر حسام و اصغر فرد من افراد اسرتنا اختى هيام. وصلت لندن فى ساعة متأخرة من ليلة 20 يوليو ووجدت أخى حسام فى انتظارى الجو كان رائعا رغم لسعة الهواء الباردة بعض الشئ. بالنسبة لى كقادم من مكان درجة حرارته ليلا لاتقل عن ال 40 درجة مئوية . سعدت كثيرا بلقاء شقيقى حسام. طوال زمن الرحلة لمنزله فى شمال لندن و التى تبلغ ساعة تجاذبنا اطراف الحديث وطافت بنا الونسة محطات كثيرة اسرية و شخصية وغيرها بما فى ذلك امور السياسة اللعينة التى لابد ان تفرض نفسها فرضا على منتمين لبلد يعانى و يكابد اهله فى اى مكان يكونون. وجدت الجميع مستيقظا وكان اللقاء منعشا للقلب مجددا للحياة خاصة مع الاطفال الصغيرة ربا التى لم يتجاوز عمرها الثلاثة اعوام بادرتها: ربا ياربا يا حلوة يا ربا يا عسل ياربا فضحكت بشقاوة وارتمت فى حضن عمها اما رامى عاشق السيارات الصغير فبعد أن سلم على بفرح طفق يتحدث عن البى أم دبليو و الجاقوار وكان يحمل نموذجا جميلا لسيارة بى ام دبليو كوبيه حمراء اللون!!!!!!!!!!! فقلت لنفسى يا حليل زمن سيارات علب الصلص و صفائح الجبنة التى كنا نقضى ايام فى تقطيعها و تصميمها لتحاكى اللوارى السفرية فقد كنا نعشقها و نعشق نغمات بوريها المميز ذو المخارج الصوتية الثلاثة. قضيت يومين مرحين فى منزل حسام وفى اليوم الثالث اخذت حقيبتى الخفيفة وو دعتهم متوجها لقلوستر حيث تعيش شقيقتى هيام. انزلنى شيقى حسام فى محطة قطار الانفاق القريبة من منزله . ما احبه فى هذه المدينة هو نظام المواصلات العامة المنظم والفعال و بالذات قطار الانفاق الذى يغطى بشبكة كثيفة معظم مناطق لندن. للوصول للبقية عليك بالحافلات الحمراء ذات الطابقين فهى توصلك لأى مكان تشاء. هناك لا تحتاج لسيارة ابدا كما يعتبر المشى فى الصيف متعة من المتع التى لا تضاهى. وصلت لمحطة بادنتون حيث القطارات التى توصلك لأى مكان تريد على المستوى المحلى. اقتنيت تذكرة لوجهتى من ماكينة التذاكر وتوجهت للاسفل حيث الرصيف. سألت احد الموظفين الذين يمكن تمييزهم بسهولة بزيهم الازرق و ينتشرون فى المكان لتقديم المساعدة متى تطلب فاشار الى لوحة كبيرة توضح موعد انطلاق القطار و الرصيف المخصص لذلك. 11:48 صباحاهو اقرب موعد لآنطلاق القطار القادم لقولستر و قلت لنفسى المضمرة للسوء حتى يحين الوقت فلتناول بعض العصير المثلج ولنرى اذا كان هؤلاء الانجليز الباردين الدم سوف ينطلقون بقطارهم فى موعده. امتطيت ظهر الدابة الحديدية الانجليزية، كما يقول شيخنا عبد الرحيم محمد حسين، قبل 10 دقائق من الانطلاق ممنيا النفس بشماتة خبيثة اخرج فيها عقدى فى الانجليز. استخرجت من حقيبتى رواية لأيزابيلا الليندى اخترتها لتكون رفيقتى فى السفر . بدأت الاستمتاع بها فى الطائرة وصرت متشوقا لأكمالها : انيس حبيبة روحى وهى رواية تاريخية تحكى قصة انيس الزوجة الاسبانية لسمو الحاكم دون ردريغو دى كيروغا كما جاء على لسانها. فتحت المائدة ووضعت الكتاب امامى ولكنى نفسى ابت الا أن اركز على اللوحة التى امامى و الساعة تقترب من الحادية عشرة و ثمانية واربعون دقيقة. الآن تتضح حقيقتكم ايها الانجليز. ما زالت ابواب القطار مفتوحة ..نعم انها مفتوحة .. هل سيتأخر القطار ؟ سألت نفسى فرحا بالشماتة القادمة. قبل حوالى عشرون ثانية بالضبط تم قفل الابواب تدريجيا وقبل خمسة ثوان من الموعد قفل الباب الاخير و سمعت تكة القطار على السكة الحديد!! انطلق القطار فى موعده المحدد تماما و افشل على كل مخططاتى الشريرة فى الانتقام من الانجليز و طفقت انظر من حولى للقطار النظيف وللناس حركاتهم وسكناتهم. بالتأكيد هذا القطار الحديث لا يشبه السكك الحديدية القديمة التى انشأها الانجليز فى السودان ولكنه لاشك يشترك معها فى دقة المواعيد و النظافة كما شهد الكثيرون من عاصروا سكك حديد السودان فى عهدها الذهبى. تذكرت حال سكك حديد السودان الآن و بحثت داخل نفسى عن بصيص الامل فوجدته قد خبا وصار بعيدا ان نصل يوما لهذا المستوى من الانضباط واحترام الذات والآخرين. اخرجت نفسى عنوة من شرك ذكرياتها ولوعتها الى كتابى الى انيس حبيبتى لعلى انسى فى صحبتها ما لحق بى من غمة وقد كان . ابتهجت بقراءة هذا الابداع المفرح وخاصة عندما يمس الكاتب بحرفنة جوانب و مشاعر انسانية يعجز الكثيرون عن التعبير عنهابمثل هذا البساطة و الوضوح والطرافة الممتعة. تركت كتابى بعد برهة وجيزة مفضلا الفرجة والاستمتاع لما يمكن تسميته مجازا بالريف الانجليزى فهو قطعا ليس بريف مقارنة بأريافنا و ارياف غيرنا من الجيران الافارقة والعرب محتى الآسيويين. بالنسبة لى كقادم من صحراء صيفها تعانى فيه الاشجار القليلة قساوة الجو الفادح الحرارة و شمس كبيرة فاقع لونها لا تسر الناظرين وهواء يخال اليك انها يمر على حمم بركان عملاق ثم ياتى الينا مسموم السموم فإن ما اراه امامى من خضرة ملأ نفسى الظمأى بالنشوة و الحبور. حبيبي عــرّج بي و ميل نتأمل الأفق الجميل فعل الغزالة مع الصباح لا ادرى ما كان سوف يقول محمد بشير عتيق لو رأى ما أرى الآن.

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]