|
أحمد القرشي - محمد المرتضي - ممكونه - طراوه - أزهري عبد القادر
|
على هذه الكتابة تحلو الذكرى :- بادي محمد الطيب كوكب اخر في سماء الخلود - عبدالله محمد عبدالله
فى موسيقى ( انت حكمة ) التى ضمنها حافظ عبدالرحمن البومه ليل العاشقين ، الذى نذره لكرومة ، التزم فى مقطوعته النص الغنائى كما اداه صالح السلف ، وقد لجأ حافظ الى الصولو محاكيا المغنى ، والى التبادل مع الفرقة التى اخذت موقع الكورس ، ولما اقتربت الاغنية من خواتيمها انبرى حافظ فى تلوين رشيق لمصرع البيت الأخير ( و اليلومنى ... فى هواك يا سيدى غلطان ) وكما يدرك القارئ فان التنويع الغنائى ، الذى لازم هذا المقطع قد استقر فى قلب كلاسيكيات الغناء لدينا ، مما رسخه كرومه و خلد ه بادى محمد الطيب الذى رحل عنا قبل قليل ، فكأنى به الآن يقود جوقته الفخيمه ، فى زيه الناصع الفضفاض ، ناشرا جدائله التى وخطها الشيب وبللها العطر ، منطلقا يشق عنان السماء ، باسما ، وسيما ، قوى النبرات، تشع نغمات صوته الآسـرة: ، تشع نغمات صوته الآسرة ، و هو يبادل كورسه فى سلاسة و جزل : ( واليلومنى ... خليه اليلومنى ... واليلومنى ، يا سيدى غلطان ) فى تلوين لا ينقطع و لا يفنى ، مستعرضا صوته الفريد و موهبته الفذة ، وفوق ذلك كله روحه الطليقة . ان بادى فى تسجيلاته العديدة و حفلاته التى لا تحصى قد انزل هذا المقطع ، على قصره ، منزلا فذا فى مسيره الغناء فى بلادنا و أكسبه مرجعية فى مجال التنويع النغمى و الصوتى. و اكسـه مرجعية فى مجال التلوين الغنائى والصوتى . ذات ليلة، كان بادى يغنى منفردا فى (توتى) لمجموعة من معجبيه فانطلق يقود مستمعيه فى كورس عفوى ( اليلومنى ..... خليه اليلومنى ، و اليلومنى ... ياسيدى غلطان ) ينثر الفرح و يضئ السماء فوق النيل، ادهشنى - انا الذى كنت أظن أنى عرفت جماع حيله و فنونه – بما لم يخطر لى على بال . أية عبقرية تلك التى تسعفه بكل هذه التنويعات لمقطع فى غاية القصر ؟ فوق كل ما عرفنا من تنويعاته الشهيرة ، جاء بادى تلك الليلة بأخرى فى النهايات العليا و الدنيا لصوته الواسع ، تأتيك مزمومة من الحلق تارة ، مكتومة من الصدر تارة أخرى ، يستعير من اساليب الكرير و الحمبى و الطمبور و مدارس الغناء المعاصر من خضر بشير الى عبدالعزيز داؤود ، ثم يجود بصولو على (الرق ) منتقلا بأنامله بين الاطار والجلاجل و السطح الرقيق فى رشاقة تستنطق تلك الالة وترتقى بها الى مصاف الات التعبير النغمى ، فى لحظة نادرة من لحظات الصفاء و الاريحية. سألته ليلتها ، كيف تستطيع ان تلون هذا المقطع بهذه السلاسة والكثافة ؟ قال ( والله ما عارف اقول ليك شنو، أول حاجة كرومة ما خلى فيهو فرضا ناقص ....... لكين انا دايما قبال الكورس ما يتم كلامو بكون بقيت على بصيرة ... بقول البيجينى و ربك كريم ) ، يجئ قول بادى هذا مطابقا لكلمة للوى آرمسترونج فى وصفه لكيفية الارتجال فى الجاز الامريكى ( انت تسند الآخرين و تستمع اليهم فى نفس الوقت ... ياتى دورك وفى جزء من الثانية قبل ان تشرع فى العزف ستعرف الى ان أين تتجه ) ...عملاقان باعدت بينهما المسافات وسبل الحضارة و جمعت بينهما العبقرية . لهم لويسهم و لنا بادينا ، و كل قوم بما لديهم فرحون.
|
|
|
|
|
|
|
|
|