|
جنكيز خان....ومركز مالك الثقافي
|
حضرت اليها وأنا مولعاً بالصعيد بشكل عام كانت مدينة ورغم أحزان حروباتها الا انها تتوازي مع الحزن ولاتغوص فيه....كلنا نؤمن باالاختلافات الثقافية التي بيننا كسودانيين والتي في سبيلها رُفعت الاسلحة....إن هدف أنشاء المركز قد تم لان النظرة الموضوعية لادارة هذا الاختلاف هو النقاش الفكري الهاديء والذي لامكان له واصوات البنادق تلعلع في قلب السماء فقد قدم الفريق مالك عقار محاضرة عند افتتاح المركز ندوة بعنوان (تنوع الرؤى الثقافية وأثره في الصراع السوداني) ويتضح جلياً من العنوان كم كان الرجل صائباً حينما عرف الجزور التاريخية لازمة السياسة السودانية ,تلك التي مافتئت تنبري بين إستقطابات حادة بين دولة دينية واخري مدنية ديمقراطية ,وقد خاطبت الاخيرة الاهتمام بالنوع الثقافي وتعدده,اما فكرة انشاء المركز فهي فكرة محترمة وان دلت تدُل علي وعي صاحبها ونظرته الثاقبة لهذا الصراع ولطالما حلمنا ان يخطو كل الحكام الولائيين خطوته,فمثل هذه المراكز تعمل علي حل مشاكل كثيرة ثقافية وهذا بامكانه اخماد حروب كثيرة اتت وقد تاتي. المركز به مكتبة كبيرة تضُم الكثير من الكتب الثقافية والاكاديمية والسياسية,كما به قسم يهتم بالتراث والفلكلور وبه صالة للمؤتمرات والندوات وبه ايضا مكتبة اليكترونية ومركز للانترنت, وكان يمثل متنفساً ورئة تتنفس بها المدينة.. ولكن كل هذا لايهمنا, مايهمنا كان بالامكان إقتحام الدمازين (وحتي هذه مرفوضة) بدون حرق المركز لماذا تم احراقه؟ لقد هجم التتار علي بغداد قبل ثمانة قرون (بالتقريب) تحت إمرة زعيمهم جنكيز خان وكان ذلك في عهد الخليفة المعتصم العباسي وقتلوا ماقتلو ودمروا مادمروا الا ان التارخ لم ينسي لهم احراقهم لمكتبة بغداد والقوا بكل عصارة الفكر الانساني في نهر دجلة ليختفي بذلك كم هائل من العلوم ليس في مجال الشريعة فقط ولكن في مجالات اخري كالفيزياء والكيمياء والطب..الا يشابه ماحدث في بغداد ماحدث لمكتبة المركز وللمركز نفسه وهل بامكان التاريخ ان يصفح عن حريق هذا المركز؟ هذاالهجوم في إعتقادي له مدلولاته الثقافية فهو بعدا أنه هجوم علي فصيل عسكري وهو( الجيش الشعبي) له ابعاد اخري وهي استئصال فكرة المركز نفسها,وانشطته ومؤسسه نفسه وكان المركز كان يجسد شخصية عقار او العكس ولا يجسد الثقافة السودانية. وان القوي التي تعادي الانشطة الثقافية يمكنها ان تربح فقط لبعض الوقت ولكن ليس بكل تاكيد كل الوقت...فالافكار لاتموت بإحراق المراكز ولابقتل أصحابها والا لما كان الفكر الجمهوري يعيش بيننا حتي الان...فلازالت كتب الاستاذ موجودة بيننا وابنائه وتلامذته...وياليتهم يعلمون ان الفكرة دائما ماتُضحد بالفكرة ,والبندقية ليست الا سلاح يستخدمه صاحب المنطق الاضعف حينما يفشل في مقارعة الحُجة بالحُجة.
|
|
|
|
|
|