|
Re: الجمهوريه الثانيه : شرب خراء و ربط أحزمه (Re: esam gabralla)
|
الشعب يريد اسقاط (الحزام) - اشراقة النور الراي العام
هل يعلم المسئولون الذين يطلقون دعوات التقشف هذه الأيام ، بأنها تثير التهكم والسخرية ، لدى قطاعات كبيرة من الشعب السوداني ؟ ،فكيف يطلب من شعب جائع أصلا ويضع الحجر على بطنه منذ سنوات طويلة أن يشد الحزام ؟! ، لم يتبق للحكومة في ظل رفعها للشعارات الإسلامية ، وتفصيلها حسب أحوالها ،متكئة على مبدئها العام في فقه الضرورة والذي يسوق عندها للغاية تبرر الوسيلة ، الا أن تطلق فتوى لتحريم الأكل والشراب ، على طريقة الفتاوى الرائجة شمال الوادي « تناول اللحوم ضلالة، ،واكل الطماطم بدعة ، الدكوة مكروهة ، صدر الدجاجة عورة ، وتحريم شراب اللبن باعتبار أن كثيره يذهب العقل ،ودعوة الناس إلى عدم الانقياد خلف متاع الدنيا الزائل المتمثل في أكل كسرة الذرة والويكة ،والتنزه عن المغريات الدنيوية مثل شاي الصباح والقهوة. .الغلاء الطاحن ، وعدم مقدرة الناس على مجاراة جنون الأسعار ، هو حديث الساعة ،وفي شهر يونيو قرأت في الصحف خبرا محزنا يفيد بشروع امرأة من شرق السودان في الانتحار لعدم تحملها رؤية أطفالها الثلاثة بلا مأوى وهى عاجزة عن إطعامهم وعلاجهم من نوبات الربو الملازمة لهم. ولم أفق من صدمة هذا الخبر ، حتى حملت لنا الأخبار قصة الأم التي أقرت للسلطات بأنها باعت ثلاثة من أطفالها الستة لأثرياء بمبالغ مالية متفاوتة لضيق ذات اليد لسد رمق إخوانهم ، تلك القصص ليست من أمريكا اللاتينية ولا الهند ولا حتى من الصومال الذي تطحنه المجاعة ، إنها هنا من السودان ومن قلب هذا الشعب الذي يطالبه المسئولون الكبار بشد الأحزمة. .إن دعوة المواطن للترشيد في طعامه وشرابه وملبسه ، وأساسيات حياته مع شظف العيش الذي يعانيه أمر يدعو للاستغراب لأن المواطن لم يعد بحاجة إلى دعوة رسمية لربط الأحزمة فليس أمامه خيار إلا التقشف القسري رضى أم أبى.. وإن كانت هناك دعوة للتقشف فينبغي أن توجه للحكومة لا للمواطن،لماذا لا تبدأ الدولة بربط حزامها والضغط على مصروفاتها العامة ،ومعالجة الترهل في هياكلها ودمج الوزارات والمحليات وإيقاف وتخفيض المخصصات ، وهل نحن بحاجة إلى جيش»عرمرم « من الوزراء والولاة ووكلائهم ومستشاريهم ،بمرتباتهم وسياراتهم ونثرياتهم وسفرياتهم واجتماعاتهم وإجازاتهم وبدلات حلهم وترحالهم؟ ، ألا يعلم ولاة (المشروع الحضاري) ، أن سيدنا عمر بن الخطاب في عام الرمادة الذي جاع فيه الناس كان هو إمامهم في الجوع والتقشف. االيوم تجد الحكومة نفسها عاجزة عن لجم عجز الموازنة الذي لا ندري حجمه.ولكن نشعر بمرارته ، وتلوينه لكل مظاهر حياتنا بالمعاناة. هذا العجز لا يظهر عادة بين عشية وضحاها ، ولا ذنب لنا فيه ، فقد تسببت فيه الحكومة منذ سنوات طويلة وهو نتيجة حتمية الفساد والتوظيف غير الرشيد للموارد المالية ، والسياسات الاقتصادية المبنية للمجهول والغائبة عن قواعد الشفافية ، وحتى خروج البترول من الموازنة ، السبب الذي تطالبنا من اجله الحكومة بشد الأحزمة ،لن يقنع طفلا يافعا ، ناهيك عن الشعب السوداني الذي لم ير ثمار البترول ، ولم يعرف حتى هذه اللحظة الأرقام الحقيقية لعائداته ولا إلى أين ذهبت، فقد ظلت سنوات طويلة طي الكتمان ولم يعلن عن أي تفاصيل مالية بشأنها، فلماذا تطالبه الدولة الآن بدفع فاتورة خروج البترول من الاقتصاد السوداني وهو لم يشعر بدخوله بداية ،بل أليس من حقنا السؤال ؟ أين العائدات البترودولارية ، مادام معظم مشاريع التنمية التي «فلقتنا « بها الحكومة ليل نهار قائمة على القروض الربوية؟التقشف كان أحرى أن يكون في الفساد الذي ابتلع المال العام،وتجفيف منابعة ، والتوجه بطلبه إلى طبقة مصاصي الدماء ، الذين حولوا مصالح الدولة العامة إلى إقطاعيات خاصة ،فلماذا نشد الحزام لمصلحة نخبة منتقاة ، تطاولوا في البنيان على حساب الفقراء ، ساكني «الجالوص « الذين يكافحون في ظل ارتفاع الأسعار وتدني الأجور؟ والمتطفلون الجدد محتكرو الحياة الاقتصادية في السودان من الذين يساندهم؟ البعض على حساب باقي أفراد الشعب، كانوا يرتعون في أمواله بغير وجه حق ، وبفضلهم أصبح المواطن السوداني فريسة للازمات المتتالية وما «تراجيديا « انعدام السكر الأخيرة التي يعاني منها الناس إلا واحدة من فصولها.مصيبة الشعب السوداني ، أنه لبس الحزام ، ولسنوات طويلة ظلت الحكومة تطالبه بشده، حتى ضمر وذبل والى أن وصلنا إلى هذه المراحل المتأخرة في المطالبة بالتقشف ، ولكن الحل بسيط هو أن» يقلع» الناس هذا الحزام ، اخلعوه وأسقطوه فلم نعد بحاجة إلى حزام تعلق عليه الحكومة إخفاقاتها ،وتخنقنا به كل صباح، فشد «الحزام»على البطون، ليس للشعب هذه المرة، فقد علمتنا التجارب ، أن قلة الموارد سبب رئيسي للصراع، ومن خلف غبار معاركهم ستسقط الأقنعة ويتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود ..ولنر ماذا هم فاعلون.
| |
|
|
|
|