مصر : انهم يقتلون المسيحيين

Quote: الأقباط يدفعون ثمن تغيير المنطقة عصام عبدالله GMT 4:00:00 2011 الأحد 24 أبريل 0Share في ذروة الثورة المصرية كتبت مقالا في جريدة الحياة اللندنية (26 فبراير بعنوان " الأقباط المصريون بين ثورتي 1919و2011")، حاولت فيه توثيق ملامح مصر الجديدة وتسجيل الملحمة التي نسجها المصريون جميعا، وقلت: أن الأقباط أكتشفوا أنفسهم في ثورة 25 يناير كغيرهم من المصريين وأصبحوا للمرة الأولي أقل استعدادا لطاعة قيادتهم الدينية، ورفضوا اعتبارهم طائفة دينية مسئول عنها سياسيا البابا، بل أعلن الأقباط للعالم بخروجهم في المظاهرات واستشهاد بعضهم واختلاط دمائهم بدماء إخوانهم المسلمين، أنهم مواطنون مصريون وليسوا مجرد رعايا بمفهوم "الدولة الدينية"، ما يعني التعامل مع مشاكلهم من الآن فصاعدا كقضية سياسية وليست أمنية، وعلي أرضية المواطنة وفي ظل سيادة دولة القانون. لكن ماذا حدث في بر مصر منذ نهاية فبراير 2011 وحتي كتابة مقالي اليوم بإيلاف؟.. ذبح تاجر ثم كاهن في أسيوط، هدم وأحراق كنيسة القديسين بأطفيح، قطع أذن قبطي في قنا وذبح آخر بسوهاج، ترويع للأقباط في قريتي البدرمان ونزلة البدرمان في المنيا، منع الأقباط من الصلاة في كنيسة بحي أمبابة والاعتداء علي سيدة قبطية وحرق منزلها بمدينة السادات محافظة المنوفية، الاعتداء علي قبطي في مدينة أبو المطامير بمحافظة البحيرة وحرق متجره، عدم السماح للأقباط بالصلاة في كنيسة يقرية القمادير وتزايد حالات البلطجة والسرقة والنهب والتهديد بالاغتصاب والخطف والقتل، وأخيرا – وليس آخرا – الاعتداء الأقباط بأبو قرقاص بالمنيا وحرق منازلهم ومتاجرهم، بالتزامن مع قطع السكك الحديدية والطرق العامة وعزل محافظة قنا اعتراضا علي تعيين المحافظ الجديد لأنه قبطي ّ. في كل هذه الوقائع والأحداث التي كتب عنها بعض المسلمين الشرفاء، وليس الأقباط وحدهم أو الليبراليين والعلمانيين وغيرهم،، يتردد ذكر "السلفيون" دون سواهم، ربما لتاريخهم المعروف بالقتل والذبح والتفجير، وبإعتبارهم إمتداد لحركات الإسلام السياسي (الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد ) في السبعينيات في الجامعات والشارع المصري، ثم مشاركتهم في تأسيس" تنظيم القاعدة " منذ نهايات القرن الماضي وحتي اليوم. ومن ثم فإن استحضار الصورة الذهنية والنفسية لممارساتهم اللا إنسانية يصيب الجميع - في الخارج والداخل - (خاصة الأقباط المسالمين) بالخوف والرعب والرهبة مما هو قادم، والتفكير بالهجرة والرحيل عن مصر بأي ثمن. تاريخيا، فإن الفوضي التي تعقب الثورات تصبح فرصة سانحة جدا للجماعات الأكثر تنظيما والأكثر صلابة وعنفا ودموية، حيث تتمكن عادة من فرض ارادتها والسيطرة علي (السلطة) بما تمتلكه من آليات ووسائل للبطش. حدث ذلك في روسيا بعد ثورة 1917 حين اعتلي البلاشفة سدة الحكم مدة 75 عاما، وفي إيران بعد نجاح الثورة عام 1979 حين اعتلي الملالي السلطة إلي اليوم، لكن ما يحدث الآن في مصر يختلف كثيرا عن ذلك، فإذا كانت "الثورة" في جوهرها – في معظم الأدبيات السياسة – هي القطع مع الماضي وتأسيس نظام جديد يختلف جزئيا أو كليا عنه، فإن الأحداث المؤسفة والمنظمة تجاه الأقباط تحديدا هي بمثابة (عودة قوية وممنهجة) لأسوأ ما في هذا الماضي من عنف وأرهاب ضدهم منذ السبعينيات من القرن العشرين وحتي 24 يناير 2011. لم يتوقف الأمر عند التهديد بإقتحام الأديرة لتحرير (الأسيرات المسلمات)، ولا رفع شعارات من قبيل "لا ولاية لمسيحي علي مسلم" و"لا ولاية لكافر"، بل أعلن أن اليوم عيد القيامة عند الأقباط هو (أحد الصمود) الذي سيشهد مظاهرة مليونية في قنا، بعد ان فشلت مفاوضات د.أحمد عمران مستشار رئيس الوزراء في اقناع ممثلي المعتصمين اعتراضا علي تعيين المحافظ القبطي، فض اعتصامهم وفتح خط السكة الحديد إلا بعد الاستجابة لمطالبهم في إقالته، وهكذا يتم هدم (دولة القانون) ناهيك عن هيبته لصالح " الدولة الدينية ". نجاح الثورة المصرية في تأسيس الدولة المدنية بعد أكثر من قرنين من محاولة محمد علي، معناه أن " الدومينو السياسي " قد بدأ في المنطقة خاصة مع دول الجوار المستقرة والراسخة. وهو ما أزعج هذه الدول بالفعل وستكشف الأيام القادمة عن عمق الأزمة وخطورنها، بالإضافة إلي اسرائيل حيث أعرب " نتانياهو " أكثر من مرة عن قلقه من ظهور سياسة خارجية مصرية معادية لبلاده - رغم تأكيد مصر علي تعهداتها بشأن اتفاقية كامب ديفيد للسلام - بسبب تقارب مصر وإيران، وزادت مخاوفه من تعيين نبيل العربي وزيرا للخارجية الذي حذر اسرائيل اليوم، من الثورات العربية وطالبها بالاعتراف بفلسطين الآن، وذلك في حواره المنشور في جريدة الفجر. مصر " ميدان التحرير " ليست هي مصر " مزلقان سيدي عبدالرحيم القنائي "، مصر " الفيس بوك وتويتر " ليست هي مصر مسجد سيدي إبراهيم بالإسكندرية أو مسجد النور بالعباسية، الثورة التي رفعت شعار " مسلم مسيحي أيد واحدة " ليست هي ما نشهده ونشاهده الآن من محاولات فرض الجزية وتطبيق الحدود وإعلان بعض محافظات صعيد مصر " إمارات إسلامية "، وهو ما يؤكد علي أن محاولات اجهاض الثورة في مصر وأحراج المؤسسة العسكرية الوطنية، واظهارها بمظهر العاجز أو المتواطئ، وذلك بتكثيف العنف وتركيزه علي الأقباط (الحلقة الأضعف داخليا لكنها الأقوي دوليا)، لها أبعاد خارجية وإن كانت تستخدم أشرس فصائل الإسلام السياسي في الداخل، وكأنه وقع الاختيار علي الأقباط كالعادة لدفع فاتورة ثمن التغيير في المنطقة؟ فقط للعلم: ليست هي المرة الأولي التي تصلني " تهديدات بالقتل "، فقد تعرضت لها بوسائل شتي في يوليو 2008 ويناير 2010 (وصمدت) لكنني أصبحت اليوم أشعر بجدية هذه التهديدات علي حياتي وحياة أسرتي .. لن أبلغ الأمن أو أطلب الحماية، محافظ قنا الجديد " عماد شحاته ميخائيل " الذي منع من استلام مهام منصبه، يحمل علي كتفيه تاريخ " لواء " في وزارة الداخلية وعلي معصمه الأيمن وشم الصليب !