|
بيان منبر السلام لمقتل بن لادن وصلاة الغائب
|
قال تعالى: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً »صدق الله العظيم
وأخيراً ترجل الفارس عن صهوة كانت بطول وعرض الأرض. ترجل بعد أن ضرب أروع الأمثلة في الزهد والتجرد والصدق والصبر والجهاد المتواصل. تصدى لألد وأفجر وأشدَّ أعداء الأمة عداوةً، فلم تلن له قناه جراء كيدهم وتآمرهم وحربهم المتطاولة عليه وعلى تنظيمه الجهادي، حيث جندوا من أجله كل قدراتهم العسكرية وأجهزتهم الاستخبارية ووسائل معلوماتهم المتقدمة. لم تلن عزيمته ولا وَهنت إرادته بسبب مرضه الشديد المزمن الذي صبر عليه سنوات في شِعاب الجبال في زمهرير الشتاء وقيظ الصيف.. . لم يلهه طيب العيش ورغده في كنف أسرة موسرة في ميعة الصبا وشرخ الشباب، عن أن يختار طريق الحق والاستقامة والدعوة.
وجاءته الدنيا بحذافيزها تجرجر اذيالها حيث ورث من والده ثروة طائلة فركلها وتخفف من أعبائها، ولم يستبق منها إلا ما يعينه ويعين إخوانه المجاهدين في جهادهم. استعدته أمريكا على نفسها يوم أن ضيقت عليه الأرض في وطنه وفي الأوطان التي اختارها، فاستطاع بعون الله ثم بصدقه أن يحول حصارهم له حصاراً عليهم. حاصروه في مساحة قليلة من أرض أفغانستان الجبلية الوعرة، فحاصرهم في كل الدنيا. أصبح عليهم كما كان أبو بصير على قريش، لم يعد ينتظر غاراتهم عليه، بل صار يغزوهم في عقر دارهم.. ويذيقهم هوان القهر والعجز والهزيمة. واهمة لو ظنت أمريكا أن أسامـــــــــة بن لادن هو ذلك الرجـــــل الذي قتلوه في ساعة حزينة من ليلة الإثنين الماضية. كل القوى الحية في الأمة الآن هي بن لادن، إذ كيف يموت من أحيا بجهاده وشهادته موات الأمة؟!.. كيف يموت من جدد مآثر الصحابة في الإيمان والصبر والثبات للفئة القليلة أمام الفئة الكثيرة. ويأبى الله لعبده المؤمن الصابر المجاهد الجلد أن يقع في أسر أعدائه ولا حتى أن يموت على فراشه، بل يكرِّمه بأن يلقاه شهيداً قد مهر جهاده الطويل بروحه الطاهرة ودمائه الزكية. اللهم تقبل عبدك أسامة عندك شهيداً في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.. اللهم اخلف للأمة بعده رجالاً مثله يرفعونها من قاع الذل والهوان والاستسلام إلى مراقي العزة والشرف والسؤدد.. إنك ولي ذلك والقادر عليه.
|
|
|
|
|
|