حل جهاز الأمن السوداني وإعادة هيكلة الشرطة
مطلب أساسي لاستمرار الحياة في السودان ؛ وإشاعة الأمن والاستقرار النفسي للمواطن ... وبعيدا عن كرة النار المتدحرجة في المنطقة والتي تتقدمها مختلف التوقعات المتضادة أحيانا والتي تقيّدت بجدول ترتيبي أتاح لوسائل الاعلام فرصة الرصد والمتابعة والتغطية الجيدة . فالغبن الكبير الذي يكنه المواطن السوداني لهذين الجهازين بمختلف مسميات فروعهما ارتبط بالخوف والكراهية المطلقة التي أفرغتهما ذهنيا من كل المهام التي أنشئا من أجلها . منتسبو الجهازين كانوا طوال حقبة التاريخ السوداني الحديث جزءا من الأخطاء السياسية التي عمرت بها مسيرة البلاد لتتحول الأداة المعنية بأمن الدولة والمجتمع والمواطن إلى النقيض تماما بما يحتاج إعادة النظر في الطريقة والمضمون التي يتم عبرهما تأهيل المنتسبين للعمل في الجهازين ومناهج تطويرهم . البداية الفعلية يجب أن تبدأ بالجذور ؛ فرجل الشرطة أو الأمن يتم اختياره على أسس خاطئة ومعايير تفتقد كل سبل المنهجية العلمية في خلط واضح من الحكومات المتعاقبة في التعاطي مع هذه الأجهزة السيادية حيث يتم الخلط بين مؤسسات الحكومة ومؤسسات الدولة ؛ فهناك مؤسسات ثابتة لا يجب أن تتأثر بتغيير الحكومات كالجيش والشرطة وأمن الدولة والتربية والتعليم والصحة والاقتصاد وما شابهها من المفاصل السيادية التي ترتبط علاقتها بالحكومة ارتباطا تنفيذيا في حدود دستور واضح يجعلها تعمل على حماية الشعب لا التسلط عليه ؛ وإدانتها بالولاء للدولة لا الحكومة ؛ وقد ضرب الجيشان المصري والتونسي مثلا حيا في الأحداث الأخيرة وضرب قسط كبير من الجيش والشرطة والأمن الليبي مثلا للنقيض . الشرطة والأمن في كل الثورات التي عصفت بالنظم كانا وقودا مباشرا لتلك الثورات بما يمارسانه من قمع وتعدّي على حقوق المواطنين ولذلك كانت ردة فعل المواطنين على الأنظمة في تلك البلدان تبدأ بهذه الأجهزة التي وضعتها أقدارها أمام مسؤولية انحرفت عن فهم تطبيقاتها الصحيحة فعم الفساد . أجهزة الشرطة والأمن في السودان لم يتم إعدادها الاعداد السليم ووقعت في فخ معضلات كان من المؤتمل أن تحدّ منها عند الآخرين كالرشوة والفساد والمحسوبية التي استشرت في مختلف مفاصل النظام الاداري في الوطن ؛ وهي النتيجة الحتمية لسياسات تكريس الفساد الذي يستفيد منه القائمون على أمر كل حكومة بدرجات متفاوتة . والغريب في الشرطة السودانية أنها تحولت لأداة قتالية ؛ وهي ميزة لم تتضمنها طبيعة تكوينها ؛ فالقوات المقاتلة في الدولة يجب أن يكون الجيش وهو وحده ما يجب أن تشمله معاني مصطلح ( القوات المسلحة ) ؛ أما قوات الشرطة والأمن فيفترض تسليحها بالثقافة والعلم والتعامل بافتراضها عملا جماهيريا ومظهريا يعكس الوجه المشرق للبلد ؛ وأسلحة خفيفة تصيب ولاتقتل هي للمهام الاستثنائية أو الظروف المرتبطة بالأمن الداخلي لحماية المواطن . الفساد في الأجهزة الأمنية السودانية لايخفى على أحد وهو من الأشياء المسكوت عنها ؛ فالرشاوى أرهقت المواطنين والحصول على وظيفة شرطي مرور أضحت حلما يفوق منصب رئيس الجمهورية بين الشباب ؛ أما منسوب الأمن فسلطته أقوى من سلطة الوزير والرئيس فهو يفترض ويعذّب ويخيف ولا يتقيد بالقوانين ؛ وهو الدراكولا التي تمتص ما شاءت من دماء بدم بارد ونهم وحشي . لم يعد اليوم كالامس فكل شيء قد تغير .. فتانكنولوجيا التي غزت الأسواق مدعومة بوسائل الاتصال السهلة الفعالة جعلت العالم أشبه بثقب إبرة ؛ وما يحدث في السودان تلتقطه عيون الناس في مختلف دول العالم ما يعني أن الانتهاكات التي نسبت لتجاوزات الجهازين وصلت العالم لحظة وقوعها ؛ فالفضائيات باتت تلعب دورا حقيقيا في نقل الصورة ؛ والأنترنت بكل مميزاته المتفوقة على مختلف وسائل التوصيل بات متاحا واجتذب جماهيرية مطلقة في مختلف الدول ؛ وساهم بفاعلية في إيقاد كرة النار التي تدحرجت من تونس باتجاه مصر وليبيا والجزائر واليمن وغيرها . هذه الميزة لم تحذر منها أجهزتنا الأمنية المبنية أصلا على أسس خاطئة ما جعل انتهاكاتها خصما على سمعة الوطن في الخارج حتى لو كانت تلك الانتهاكات شخصية من منتسبي تلك الأجهزة ؛ فقضية لبنى وصفية وأبوذر وغيرها من القضايا تناولتها الأجهزة بل كادت أن تكون منافذا لتدخلات تخدش السيادة العليا للوطن وهو ما يستوجب المراجعة الدقيقة . حاجة الوطن لهذين الجهازين لا تقل عن حاجة الانسان للأوكسجين شريطة أن يكونان مع المواطن لاضده ؛ وأن يكونان الحارس الأمين لأمنه واستقراره وتقدمه لا يد السلطة الباطشة به والمنتقمة والمقتصة منه دون جرم اقترفه أو ذنب جناه . ونواصل ....

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]