لم يدهشني الخبر الذي ورد في الشرق الاوسط http://aawsat.com/details.asp?section=4&issue...ticle=624984&featureعن حديث الرئيس عمر البشير عن إجراءات تقشفية لتعويض خروج النفط عن الميزانية العامةِ ولا حديثه الذي عبر فيه عن استعداده للتعاون مع دولة الجنوب الجديدة حال طلبها ذلك. . كما لم تدهشني اشارته لمشروع تقسيم السودان ولا حتي توعده برد قاس حال تبني الحركة الشعبية للمشروع. فالجس بعد الذبح امر طالما اعتدنا عليه من حكومة الانقاذ وقد إعتدنا أن نسمع جعجعة المؤتمر الوطني ولا نري له طحنا.
ولكن ما احبطني فعلا هو وصف الرئيس عمر البشير لخطة تقسيم السودان بأنها مشروع (إسرائيلي –أميركي) جديد . الامر الذي لا يمكن تفسيره إلا بعدم العلم او عدم الفهم الصحيح او بالاحري قصور وعي اولي الامر في السودان عن استيعاب ابعاد هذا المخطط القديم المتجدد. فعلي الرغم من كل التحليلات والكتابات اسفيرية وغيرها اشارت في مرات لا تحصي ولا تعد الي ابعاد هذا المخطط فهو يا سيادة الرئيس لم يكن في يوم من الايام مشروعا. بل هو استراتيجيه وضعت في بداية تسعينات القرن الماضي لتقسيم السودان وتجزئته إلى ثلاث او اربعة دول كونفدراليه . ظهرت هذه الاستراتيجيه منذ ان تقاسم الاستعمار الاوربي افريقيا عامدا فيها الي تقطيع اوصال الامبراطوريه العثمانيه . وليس خافيا ايضا إنه اوكل تنفيذ هذه الاستراتيجيه لتحالف الموساد والمخابرات الفرنسيه والمخابرات الامريكيه .
معروف كذلك يا سيادة الرئيس ايضا من خطط عمل تنفيذ استراتيجية تقسيم السودان هي مشاركة هذا الثالوث الاستخباري في تدريب وتوجيه النشاط الامني والاستخباراتي السوداني منذ عهد النميري إن لم يكن قبله. وبرمجة تدريب المنظومة الامنيه السودانيه وجهت توجيها ضد شعب السودان المقهوروالمغلوب علي امره بحجة تأمين النظام . في حين الهدف الخفي والذي فشل النظام واجهزته في معرفته هو إن التأمين المقصود كان اسما وفعلا تأمين الكيان الصهيوني الذي زرع في المنطقة العربيه لمراعاة المصالح الغربيه والامريكيه. تعددت مسميات هذه المصالح فهي حينا ضد التوسع الشيوعي وحينا ضد المد الاسلامي وحينا آخر ضد الارهاب العالمي . رغما عن ذلك فهي لم تخف علي احد انها حرب استنزاف لموارد شعوب المنطقه وتفريغالمنطقة لتكون بمثابة سوق استهلاكيه كبري
كذلك لا يخف علي عين اهتبال الثالوث الاستخباري لممارسات اجهزة امن النظم القمعيه فيما دربتها عليه . وإن كانت اجهزة الامن السودانيه بذت مدربيها ضراوتة ووحشية إلا ان ذلك وقع في إطار خطة عمل الاستراتيجيه بالعمل علي خلق حركة رفض عالميه لهذه الممارسات الوحشية واستغلال ذلك لعزل النظام واء بالتدخل المباشر او عن طريق تحريك المقاومة الداخليه.
امر مشروع السودان الجديد ليس كما رأي فيه السيد الرئيس مخطط أميركي وإسرائيلي يهدف إلى ((تغيير حكومته)). فتغيير حكومة الانقاذ لم يكن يوما هما من هموم استراتيجية تقسيم السودان . بل بقاء النظام والمحافظة عليه هو ما تعول عليه الاستخبارات الامريكيه والاسرائيليه والفرنسيه وإن قال رؤساء هذه الدول بغير ذلك.. فوجود المؤتمر الوطني علي سدة الحكم هو مايوفر لتقسيم السودان الارضيه التي ظلت اجهزة الاستخبارات الغربيه تعمل علي بنائها عشرات السنين. هاهو الجنوب شاهد عيان. وهاهي دارفور وشرق السودان باتت تنتظر دورها في لعبة الامم . وابيي التي ارادها السيد الرئيس رسالة لاستفزازات الحركة قد تكشفت عن حقول الغام زرعت لتهدد كل قدم تطئها لنسف كل محاولة للم الشمل السوداني . فلم الشمل هو ما سيقف حجر عثرة في وجه تنفيذ مخطط التقسيم. المأسآه إن الانقاذ قد فقد رصيده الشعبي عندما وضع كل بيضة في سلة المؤتمر الوطني . اكلت ثورة الانقاذ بنيها واحدا تلو الاخر.فقضي منهم نحبه من قضي وبات منهم من ينتظر.
قيل لنا ونحن طلاب في مراحل التعليم الاولي أن ناسكا يعمل في الاحتطاب كان له أخ خرج ذات يوم فوقعت قدمه على أفعى فتصارعا ، فلدغته فقتلته . عزم الناسك على الانتقام لاخيه فأخذ فأسه وكمن بجانب جحرالافعي لساعات حتى خرجت إليه. فتصارعا حتى تخلصت منه ثم قالت له : أيها الناسك ، ما باليد حيلة ، أخوك أعاق حركتي وداسني بقدمه وحاول قتلي فدافعت عن نفسي ومات بقضاء الله وقدره . لكن عندي رأي يغنيك عن الانتقام أو الهلاك ، سأكفيك عناء أيامك بتعويضك بدينارين تجدهما تحت وسادتك كل يوم ، فإن قطعتهما عنك فافعل ما شئت .
وافق الناسك العابد وأخذ منها عهدا وميثقا . فكان يصحوا كل يوم على دينارين تحت وسادته . و ذات يوم حن إلى أخيه وسولت له نفسه الغدر والنكث بالعهد . فعمد إلى جحر الأفعى وانتظر خروجها وأهوى بفأسه عليها فتخلصت منه . فندم على فعلته وتأسف وعرض عليها معاودة الاتفاق بينهما ، فقالت : " كيف أعاودك وهذا أثر فأسك " . تذكرت هذه القصه وانا اقرأ ما كتبته الشرق الاوسط عن عزم الرئيس عمر البشير التصدى بكل قوة لوضع مخطط التقسيم موضع التنفيذ وذهب بي فكري الي إن كان عزمه هذا من قبيل دعوته الاخيره أمام مجلس شورى المؤتمر الوطني الحاكم والتي تقول فيها «سيدخل السودان مرحلة جديدة بعد التاسع من يوليو (تموز) المقبل وسوف نعمل على وضع دستور جديد للسودان وأن تكون هناك مشاركة واسعة».
فوعود الرئيس بتشكيل لجنة قومية موسعة تمثل كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والمهني. وتعهده بإجراء استفتاء شعبي للدستور الجديد بعد اكتمال الوثيقة. وأعلانه عن رغبته في تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة «لن يعزل منها أي جهة إلا من أبى». كلها آتت فارغة من محتواها لن يصدقها من وهبه الله ذرة من عقل.
فكيف للسيد الرئيس بعد تحديه لابناء شعبه جهارا نهارا قبل شهر او يكاد (بلحس اكواعهم ) وبعد ان (تجوعل) ودعا كل من تسول له نفسه منازعتة الامر ان يفعل ذلك (رجالة) ان يصدق كائنا ما كان دعوة المشاركة الواسعة هذه؟.
وكيف يمكن أن يطمئن من يطمئن لصدق النوايا وحصيلة سابق تجارب الكثيرين حين عادوا من الاغتراب ومن الالمهجر حين صدقوا دعوات الرئيس واعوانه لهم للمشاركة في صلاح وإصلاح السودان وما ان كتب منهم من كتب عن الفساد والمفسدين حتي باتوا مطاردين من قبل من ثلة من اعوان الرئيس والمحسوبين عليه من بعض رموز المؤتمر الوطني الفاسدة والمفسدة وهي تهددهم تارة بالتصفيه وتسوقهم سوقا تارة اخري لمحاكم فسد رأيها وحكمها منذ ان اسلمت مقاليدها واستسلمت للإملاءات السياسيه لمراكز القوي وتابعيها وتابعي تابعيها المتحصنه بالقيادات العليا للمؤتمر الوطني ؟
وكيف يتأتي لنا ان نصدق دعوات الرئيس مرة اخري ونحن نري كل من سولت له نفسه كدكتور القراي وفيصل محمد صالح ودكتورة ناهد والعشرات بل المئات غيرهم بنطق كلمة اراد بها حقا ام باطلا غدا رهين المحبسين تذيقة اجهزة امن النظام الموجهه في معتقلاتها الامرين ومن ساقه سؤحظة كاباذر وغيرهم للمثول امام عدالة محاكم الثورة الايجازية فيردع غياهب السجون لسنوات عدة حتي يكون عبرة لمن يعتبر؟
عفوا سيدي الرئيس إن الله لا يغير ما يقوم حتي بأنفسهم. فعن أبي هريرة رضي الله عنه إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُلْدَغ المؤمن من جُحْرٍ واحدٍ مرتين" وإن المؤمن مرآة اخيه. كنت اتمني أن ينتابني بضع احساس بصدق الدعوة بالمشاركة. ولكن باتت قناعتي إنه علي صدق ومصداقيه سودان الانقاذ العوض ومنهما العوض .
اتمني من سويداء قلبي أن تبدي لي ولغيري الايام ما كنا نجاهل. فاري السودان ململما اطرافه يلحس ابنائه جراحهم لا كيعانهم حتي لا يفارق غربه وشرقه وسطة فراق (الطريفي لي جملو) . وألا تقوم الوان طيف السودان السياسي والاجتماعي والمهني بهجرة جماعية منه (قومة نمر من شندي) كما فعلت مئات الالاف من الاسر عند توليكم حكم السودان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد مصطفي مجذوب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست