|
|
 سياسة تحت الأرجل!
|
سياسة تحت الأرجل!
راشد مصطفي بخيت
المشكلة أكبر مما نتصور يا رفاق! فعلم السياسة عندنا أضحي وبحكم دخول الآفة إلي ميادينه لعقدين أو أكثر، مجرد علم لتصفية الحسابات! حساب مؤجل تصفيه الحكومة مع خصومها بعد نهاية الانتخابات الماضية بإغلاق بعض الصحف ومصادرة ممتلكاتها فيظنه البعض تفهماً منها لحساسية وضع الاستفتاء القادم!
تطلق الحكومة دعواتها للحوار مع القوى الوطنية، وتحتجز قياداتها دون أن توجه لهم أي اتهام واضح! والمسافة بين الاحتجاز وإطلاق الصراح، تمتلئ بأحاديث لا لزوم لها وفق علم السياسة لكنها ضرورية في حالة علم الحساب!
يقاطع الجميع انتخابات البرلمان الفائتة، لكنهم يعولون علي نتائج انتخابات جنوب كردفان، وكأن المفوضية التي أجرت الانتخابات الأولى، هي مفوضية غير هذه المشرفة علي انتخابات جنوب كردفان!
يُعلن (الحلو) والحركة الشعبية عدم قبولهم لنتيجة الانتخابات، فتربت الحكومة علي كتفهم بأننا نتوقع منكم ذلك، لأنكم كنتم تحلمون بالفوز! ومع ذلك، فنحن لا نعاتبكم علي هذا الخروج من الخط، لكننا نتفهمه باعتباره انفعال مؤقت لصدمة خسارتكم الماثلة بين يديكم الآن!
تؤازر أحزاب الشمال الحركة الشعبية برفض نتيجة انتخابات الولاية ويحزن قادتها أيما حزن مثل عبر القيادي بالحزب الديمقراطي الأصل علي السيِّد قائلاً: "أنا حزين جداً للنتيجة السالبة التي ظهرت! فعلى فرض أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة كان على المؤتمر الوطني التنازل عن تلك الولاية للحركة لتكون همزة وصل بين الشمال والجنوب وحفاظا على السلام، باعتبار أن تلك المنطقة لديها ارتباط عضوي بالجنوب"!
كأن علي السيِّد أراد أن يقول لنا أنه كان يتوقع علي الأقل، أن تتنازل الحكومة عن هذه الانتخابات طوعاً وإرادة لمعشوقتهم الحركة الشعبية لمجرد إبداء حسن النية بتقديم الولاية قرباناً لحسن جوار قادم لا شك!
ولما الانتخابات إذن؟ لهدر المزيد من المال العام أو لإثبات أن علم الأخلاق أيضاً، يغيب عن تفكير حكومتنا ومعارضيها علي حدٍ سواء!
الحكومة وعرفنا ما لها وما عليها، يبقي التالي أن نعرف كيف يفكر معارضينا بها، فعندما تقرأ تصريحات بعض هذه المعارضة، وهي لا تفعل شيئاً سواها! تقتلك صدمة المفاجأة بأن بعض هذه التصريحات، يضع الحكومة في مقام ذلك الطفل الوديع أو السياسي الحكيم الذي (يضحي) بالغالي والنفيس لأجل سلامة ورضاء جميع الأطراف!
من أين لهذه التصريحات ثقتها بحكومة ظلت ولأكثر من عقدين كاملين، تنصت بأذن مفصولة عن رأسها، لا تسمع بها! لكنها تستخدمها كشرك لمن يتوهم فيها حسن الاستماع! ودونكم ما تركته مخلفات أقلامكم من اتفاقات ثنائية وثلاثية.. لكن قدّها ثماني!
المعارضة بحالها هذا تشبه وضع ذلك اللاعب الذي بمجرد حصوله علي الكرة، يمضي مهرولاً بها بشدة ولا يعلم إلي أين يتجه! ذلك لأنه مرذول بعادة النظر بين رجليه بمجرد استلامه الكُرة! فيجري ويجري إلا أن يحرز هدفاً في مرماه!
وحال المعارضة السودانية الراهن يجري بالكرة جهة مرماه، لكنه لا يحرز في نفسه هدفاً لأن الحكومة، ذلك اللاعب الماهر، قررت أن تستفيد من خاصيته هذه بتخصيص نصف الملعب خاصة الخصم له، يحاور نفسه ويهاجم إلي منطقة الوسط، وتعيده الحكومة إلي أرضه مدافعاً ومهاجماً!
لا سبيل للمعارضة إذن سوى أن تظل متمسكة بلعنة إحراز الهدف في مرماها أو.. أن تتخلي عن عادة النظر تحت الأرجل فحسب!
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست