|
الوطن في قميص وردة ..
|
الوطن في قميص وردة.. أجمل ما قرأته في الآونة الأخيرة عن وصف الشخصية المستبدة ، كلمات لعالم التحليل النفسي إيريك فروم ، إذ يقول: " إن الشخصية المستبدة مغرمة بالشرط الذي يحد من حرية البشر". ولعل هذا الشرط الاستبدادي يبدو أكثر وضوحاً أيامنا هذه ، حيث سونامي الثورات الذي اقتلع عروش بعض طغاة الساحة العربية ، وفي طريقه للإطاحة بآخرين. رأينا كيف أن التظاهرة تبدأ بعدد محدود من الناس لأي أمر من الأمور..شباب عزل ، لا سلاح إلا ما تردده حناجرهم من إعلان بمطالبهم المشروعة. يعلو الصوت وتتسع الدائرة ، ثم تتدفق الجماهير صوب الشارع. يكبر المد الشعبي ويعلو الهتاف. الأمر الغريب أن رد الفعل من النظم الاستبدادية يشبه بعضه البعض إلى حد النسخ. أول ما يبادر به النظام عبر آلته الإعلامية الضخمة هو محاولة إفراغ مطالب الشعوب من محتواها، وذلك بالاستهانة ظاهراً بالتظاهرات وتدبيج الأكاذيب، للبحث عن كبش فداء. لكن المارد الذي انطلق من القمقم يعلو هديره عبر النوافذ والأبواب. والمفاجأة سقوط حاجز الخوف طوبة إثر طوبة ، وعلو هدير حناجر الجماهير في القرى والمدن وفي الشوارع والأزقة مطالبة بحقها في الحياة الحرة الكريمة. من الغرائب أن جميع سدنة أنظمة الاستبداد وعلى مدار التاريخ يشتركون في شفرة واحدة تتلخص في:" اضرب..اقمع ..اسحل" وكل مفردة تعني كبح حرية البشر كما يقول إريك فروم. عفوا..يستعجل البعض في بلادنا هدير الجماهير في الشارع . أقول لهؤلاء: مهلا..فما من شعب في المنطقة يتمتع بثقافة تأديب أنظمة الاستبداد أكثر من شعب السودان. نعم ..تغيرالظرف والمرحلة وتغيرت الأساليب. لكن المعادلة تظل كما هي: نفس الشعب الأعزل ونفس المدن والشوارع، ونفس منطق التاريخ: إرادة الشعوب من إرادة خالقها. ولست بحاجة هنا لأجرد قائمة طويلة بكل ما يجعل نظام الإنقاذ باطلا وقبض الريح. نعم ..هذا نظام باطل حنبريت. جاء عبر أكذوبة استعارة واجهة قوات الشعب المسلحة ، وفي ظرف وجيز سقط القناع ، ليبدو الوجه القبيح لحزب يموت جوعاً إلى السلطة ؛ وليقضى أكثر من عقدين من الزمان يقتل ويشرد ويسرق. إن أسوأ الأخبار التي تلقاها سدنة هذا النظام وتابعيه من الانتهازيين أن سلاح الخوف لم يعد ذا فعالية. يا شباب التغيير..سواء كنتم تحت مسمى"كفاية" أو "شرارة" أو أي مسمى آخر؛ إن قدركم أن ترسموا ونحن معكم معالم مستقبل سودان الغد. فأنتم المعنيون بما بقي من وطن بالدرجة الأولى. اسعوا إلى حريتكم اليوم قبل الغد. ليس مهما أن تساندكم مئات الآلاف من الناس في يومكم الأول..لكن تأكدوا بأن حاجز الخوف سينهار وأنتم تصعرون الخد لمن ساموكم وساموا شعبكم الذل. وسترون في يوم أو يومين.. في شهر أو شهرين.. كيف أن الشوارع لن تسع حداة الحرية من كل الأعمار. حينها يلبس الوطن قميص وردة ويكون للحرية طعم العسل .
|
|
|
|
|
|