خط الأستواء عبد الله الشيخ عروس اشتراكية..! هكذا، أصبحت (خبَّازاً يخبز خبزاً) وربما كان أهلي في تنقسي الجزيرة يفخرون بي في بيوت الأعراس ويقولون أنني غدوت مغترباً يتلاعب بالدهب، والدولار والشيكات السياحية كيف شاء.. ولا شك عندي أن عذارى الحي كن يتوجسن من عودتي متأبطاً عروس، اشتراكية، مغتربة..! عندما عدت خائباً من غربتي الاشتراكية قبل عشرين عاماً، وجدتكم في ذات الحال، متحركاتكم تزحف باتجاه توريت، ووزارة المالية تدعي أنها مزقت فاتورة القمح، وكبار القوم يقولون:( في سبيل الله قمنا).. كان الترابي والبشير، في تلك الأيام، عسلاً على لبن، يوزعان معاً ابتساماتهما الثورية في وجوه عسكر لايفهمون غير صفا، وإنتباه..! لم يتغير شيء في دياركم، عدا أن نظام الترابي والبشير أوقف أحاديث الرائد يونس، ربما بعد شكوى كليمة، ظل يفردها حسين سليمان أبوصالح،(تِحت، تِحت)،على سبيل التسرية على من شاركوا في الفتح، تلك الشكوى كانت تقول أن أحاديث ذلك الرائد في الظهيرة أدت الى تخريب (علاقاتنا) مع دول الجوار..! لم يتغير شيئ في دياركم، غير أن الترابي والبشير بعد أن منعا رائد الظهيرة من أحاديثه قاما بفتح أفواه (رواد آخرين)، في مقدمتهم الهندي عز الدين..! أخفيت خيبتي (الإشتراكية) وقررت أن الانخراط في عمل مفصلي، من الداخل للإطاحة بنظام البشير الذي أطاح بالترابي..! فهل حلال على بلابله الاطاحة بالترابي، وحرام عليَّ أن أطيح به أنا..؟! كتمت أسراري العظيمة في الجماهيرية العظمى لأغدو كما يعتقد النظام أن الافندية لايعرفون غير (التظاهر السلمي) كوسيلة لإسقاط النظام..! في اليوم الأول مع وظيفتي كـ (خبَّاز يخبز خبزاً) أكرمني المروكيون والتوانسة،، ضيَّفوني بـ(تعتيل) شوالات الدقيق، رص العيش الحار للزبائن، كِناسة المحل.. في ذلك اليوم عرفت معنى أن يكون الواحد فينا،،( ريحتو طير طير)..! ربي ـ رب العمل ـ الذي وقر في قلبه أن السوداني (مُسَّكْرْ)! و(صاحب دماغ ناشفة)، رآني أتفانى في الخدمة، فكان تحفيزه لي أن ناداني من داخل كمين الشوالات: (يا عبد الله، يا سوداني، والله أنت سبع، إنت باهي.. شايف هاي الخبز؟.. هاي الخبز كله بتوعك، تأكل منه زي ما أنت عاوز.. بس ما تشيل معاك البيت..)! قلت له، ملتزماً بوصايا السادة السوادنة عليهم رضوان الله، فقد أوصوني بأن مفتاح السر في وطن المفاتيح هذا أن تكون كلمة (باهي) في طرف اللسان، تزلقها حتى لمن لا يسلم عليك..!، وأكد السوادنة ـ عليهم رضوان الله ـ أن الحديث في السياسة في بلاد المفاتيح الليبية ممنوع، والحديث في الدين ممنوع، وأضافوا: ما تجيب في خشمك ساكت، اسم (آس الديناري)..! ولى المساء، ولى المساء، وأنا بين شوالات الدقيق، والخبز الحار الأحمر.. حتى هاتفني هاتف من السماء!.. أنه الشبل، ابن رب العمل،، أمانة ربك ما كريم ..! إنه الشبل أخرجني من كمين الشوالات، وقال أنه (يبغيني أذاكر معه دروس المنهج الدراسي للجماهيرية العربية الليبية الشعبية الإشتراكية العظمى)..! قلت: لكن، كيف تسمح لي أيها الشبل السعيد أن أدخل داركم العامرة وأنا بهذا الوغش العمالي؟ هز الشبل رأسه مستغرباً أن ينضح مثلي بقول مفهوم، وقال لي:(شين تبي)..؟ أي: (داير شنو)..؟ قلت له: (آبي استحم يا بني آدم، حتى أبدو عضواً في هيئة التدريس)..! كانت التاسعة مساءاً تدق في الاذاعة الاشتراكية،، مقدمة النشرة أطول من لسان رائد الظهيرة..(آس الديناري) اللي ما بجيب إسمو في لساني، ها هو قبل بداية النشرة يقول بأن (من تحَّزبَ خان)..! كان الشبل زاهداً في الدرس، وكنت أنا زاهداً في كل شيء ذي صلة بالقومية العربية، زاهداً في رأس المال، زاهداً في كل (الثوابت)..! بدأت مع الشبل بكتاب التاريخ.. يقول الكتاب أن شمس الجماهيرية قد أشرقت وأن الأرض بما فيها أُم دقرسي، عد الغنم، ومقيطيعة، ماهي إلا جزء من ذلك الإشراق..! (عافرت) ذهن الصبي، فكانت المعافرة أقسى من تعتيل شوالات الدقيق..! ليتني أتمكن من إدخال جملة مفيدة في هذا العقل..! فقد كان الشبل، (بين الفينة والأخرى) يستجوبني: (عندكم في السودان مدارس هكي)..؟! (عندكم في السودان خبزا)..!؟ (كلم سوادني هكي)..!؟ أيها الناشطون الطلقاء في قضايا الجندر.. ها أنذا أبحث عن قوت يومي (زنقة زنقة)..! فلا تلوموني إذا قلت لكم بأنني اكتشفت حينها، أن بي شوقاً عارماً الى احتضان أي سوداني، حتى لو كان ذلك السوداني هو أمين حسن عمر..! نواصل..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد الله الشيخ
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست