ادب الاستقالة والوزير د.عبد الله تية - فيصل سعد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-06-2024, 06:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2011, 02:39 PM

د.محمد بابكر
<aد.محمد بابكر
تاريخ التسجيل: 07-16-2009
مجموع المشاركات: 6614

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ادب الاستقالة والوزير د.عبد الله تية - فيصل سعد (Re: د.محمد بابكر)

    Quote: نصّ إستقالة الدكتور جورج حبش من مسؤولية القيادة
    في المؤتمر الوطني السادس للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

    الرفيقات والرفاق الأعزاء أعضاء المؤتمر الوطني السادس
    تحية الثورة تحية فلسطين والعروبة
    حديثي إليكم في هذا المؤتمر له أهمية خاصة واستثنائية، فهذه كلمتي الأخيرة التي سأتحدث بها معكم بصفتي الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الأمر الذي يفرض عليّ أن أخاطبكم بصورة تختلف عما درجت عليه العادة في مؤتمرات الجبهة السابقة. إذ لا يعقل أن أقفل ملف مهمّتي كأمين عام للحزب دون التبصر في مراجعة هذا الملف وما آلت إليه أوضاع الحزب.
    رفاقي ورفيقاتي الأعزاء
    أستذكر في هذه اللحظة مسيرة الجبهة الشعبية الطويلة، وأستذكر الرفاق الأوائل الذين وهبوا عمرهم في سبيل قضية فلسطين والأمة العربية ، أستذكر عشرات الوجوه لرفاقٍ أحبة سقطوا وهم يحلمون بالحرية والتقدم، تاريخ مجيد حافل بالعطاء والصدق ، وفي نفس الوقت حافل بالتضحيات والآلام والدموع، أستذكر كل ذلك... فيبدوا لي كم هو قراري صعب ، إنه من صعوبة الرحلة التي قطعها على طول المسافة الزمنية الممتدة بين أيام الشباب وصولاً إلى لحظة الشيخوخة، مسافة تغمرني بالبهجة لأنني بذلت قصارى جهدي، وأعطيت قدر المستطاع، دفاعاً عن حقوق وتطلعات شعبنا وأمتنا، كما أنها تغمرني بالحزن لكل العذابات والآلام وسبيل الشهداء والجرحى والأسرى الذين تدفقوا ليحملوا راية فلسطين، ورغم ذلك وصلت الأمور إلى هذه اللحظة والمرحلة، حيث التراجع والإحباط والتساوق مع المشاريع ( الأمريكية ـ(الإسرائيلية
    ومع ذلك، ورغم كارثية اللحظة وقساوة التحديات، إلا أنني لا زلت أمسك بخيط الأمل، ليس من منطلقٍ عاطفي، وإنما لأنني أدرك طبيعة الصراع، وأدرك أصالة هذا الشعب وهذه الأمة، كما أعرف دروس التاريخ، وبأن الهزائم والإحباط ومهما امتدت زمنياً فإنها تبقى مؤقتة وعابرة، فالشعوب في نهاية المطاف هي صاحبة الكلمة والفصل، وهي قادرة على أن تطلق أحلامها وآمالها مقاومةً وصموداً ودفاعاً عن أهلها ومصالحها.
    وشعب فلسطين بما يمثل من حقيقة ديموغرافية وتطلعات تحررية وعدالة قضية وبما له من عمقٍ حضاري وإنساني، ومن تجارب وتراثٍ نضالي وتضحيات، لا يمكن إلا أن ينهض من جديد... هذه هي دروس ثورات العشرينات، والثلاثينات والأربعينات وصولاً إلى انطلاقة مقاومته الوطنية المسلحة التي توجت بانتفاضة شعبية عارمة نقشت صفحاتها في سفر التاريخ
    كما أن شعب فلسطين بكل هذا العمق العربي والحضاري، لا بد إلا أن يكون شعب المستقبل... شعب الحياة، مهما بدت الأمور صعبةً وقاسية في هذه الأيام. فالأمة العربية ليست مجرد قبائل متناحرة، أو أمة ولدت على هامش التاريخ، وإنما هي أمة كان لها مأثرة في قيادة العالم على مدار قرون متتالية، أمة عريقة ذات تراثٍ ومنجزات إنسانية غطت كافة مجالات حقول العلم بلا استثناء، أمة عاشت قمة الازدهار في وقت كانت تغرق أوروبا فيه في ظلمات العصور الوسطى، أمة امتدت من الصين إلى إسبانيا، إن لم اقل العالم أجمع، ولم يكن ذلك الدور ليكون لولا امتلاكها هذا الدور. وهي بما تختزنه من إمكانيات بشرية واقتصادية واستراتيجية إنما هي مجبرة على مواجهة المخططات التي تستهدف وجودها اتصالاً بتطلعاتها المستقبلية.
    الرفيقات والرفاق الأحبة في الوطن والشتات
    لقد اتخذت قراري بعدم ترشيح نفسي للأمانة العامة بعد دراسة وتفكير عميقين، وتفاعل واسع مع العديد من الرفاق ومن الطبيعي أن يدور في ذهن كل واحد منكم السؤال التالي: لماذا أيها الحكيم؟ هل بسبب المرض؟ جوابي بالطبع كلا، إن الوضع الصحي لم يحُلْ يوماً دون قدرتي على قيادة الجبهة الشعبية، ولم يؤثر على عزيمتي وإصراري على مواصلة الكفاح طيلة هذه السنوات. وإن مقياس الصحة بالنسبة لي هو القدرة على أداء الواجبات والمهام المطلوبة مني كأمين عام
    إذن هل هو التعب؟ إنني وبكل صدق يا رفاقي لم أحاكم يوماً في حياتي النضال باعتباره عملاً متعباً، وإنما كنت أتعامل معه كنمط حياة، لأنني كنت أدرك طبيعة الصراع ومتطلباته وشروطه، لم يكن العمل النضالي بالنسبة لي هواية، وإنما كان مسؤولية وطنية وقومية كبرى، تحتاج إلى تحشيد الطاقة وتكثيف الوقت والعمل، وتوفير العقل
    أم هو بسبب الأوضاع والإحباط والحالة العامة السيئة التي يعيشها الجميع؟! جوابي بالطبع كلا
    إن أحد أهداف كلمتي هذه هو الإسهام في مواجهة الأسئلة الكبرى التي يطرحها الواقع، في محاولة للإسهام معكم للوصول إلى إجابات أو بدايات إجابات لمجابهة هذا الواقع السيئ.
    إذن مادام الأمر ليس كل هذا، فما هي الأسباب الحقيقية وراء مثل هذا القرار المصيري؟ بالنسبة لي كإنسان أسهم في النضال الوطني والقومي ومن موقع المسؤولية الأولى، سواء في أيام حركة القوميين ألعرب، أو أثناء مسيرة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟
    هناك سببان رئيسيان يقفان وراء قراري التاريخي هذا :
    أولاً: رغبة صادقة لدي تبلورت في أواخر الثمانينات بتقديم مثل ونموذج للآخرين، بأن الإنسان المناضل والقائد يستطيع أن يستمر في العمل والعطاء حتى بدون مواقع قيادية رسمية، هذا من جانب ومن جانبٍ آخر إعطاء مثل نقيض للحالة العربية والفلسطينية، والتي تتجسد في تشبث المسؤولين في مواقعهم مهما طال بهم العمر، حيث لا مجال لتداول السلطة إلا تحت وقع الموت أو الانقلابات. قد يبدو للبعض أن هذا الكلام جاء متأخراً، ومع ذلك فهذا سبب حقيقي، كان ينضج في فكري ويتبلور باستمرار، ولم يكن استمراري في منصبي كل هذه السنين بأي حال من الأحوال تحت ضغط الامتيازات، أو الحفاظ على المركز، أو تلبية نداء التمسك بالكراسي، بل كان نابغاً من نداء الضمير وواقع الجبهة وتطورها أولاً وعاشراً.
    ثانياً: في ضوء الوضع العام والإجمالي، أشعر وأدرك أنه من الأفضل لي في السنوات المتبقية من عمري، التركيز في عملي على مهمات وطنية وقومية، أعتقد أنها تحظى بمكانة محورية ومركزية في العمل الوطني والقومي أكثر من مهمة استمراري في الأمانة العامة، دون أن يعني هذا الكلام أي انتقاص أو مساس بهذا المنصب الذي يتطلب كل الجهد والطاقة والعطاء. ولكنني كجورج حبش وفي ظل الوضع المحيط والخاص أصبحت على قناعة بأنني سأفيد أكثر بإحداث هذه النقلة الجديدة في حياتي... دون أن يعني ذلك بأي حال من الأحوال الابتعاد عن الجبهة التي أعطيتها عمري ، أو عن العمل السياسي والمهمات النضالية الأشمل وطنياً وقومياً كما ذكرت في ضوء ما تقدَّم، ما هي المهام والميادين التي أعتقد أنني وبما أملك من تجربة وخبرات وما تبقّى لي من عمر أستطيع العطاء فيها، ومواصلة النضال لكن بأشكال جديدة؟
    هناك أولاً توثيق وتسجيل تجربة حركة القوميين العرب، وتجربة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتجربتي الشخصية والنضالية لتستفيد منها الأجيال القادمة.
    أيها الرفاق، إن ما عشته وراكمته طوال هذه العقود النضالية ليس بالأمر البسيط، وبالتالي فإن من حق الرفاق والأجيال القادمة أن تقف على مضامين ودروس هذه التجربة بكل ما حفلت به من نجاحات وإخفاقات. إذ لا يمكن لنا أن نقتحم المستقبل دون أن نكون قد قرأنا تاريخنا جيداً، ليس بهدف التسمر عند ذلك التاريخ، ولكن بهدف استثمار الخبرة والتجارب كشرط ضروري للتعامل مع المستقبل، فالحاضر هو امتداد نوعي للماضي وفي نفس الوقت هو المقدمات المادية والفكرية التي تؤسس للمستقبل. وبهذا المعنى فإن لديّ ما أقوله، وبإمكاني قوله بصورة أفضل وأنا متحرر من قيود المناصب القيادية، فقراءة التاريخ تشترط الموضوعية، وهذا غير ممكن مادام الإنسان منغمساً في تفاصيل الحياة الحزبية اليومية بكل أثقالها وهناك ثانياً، مهمة تأسيس مركز للدراسات؛
    عند استعراض تجربتي الماضية بصورة شمولية وبروح نقدية أشعر أن هناك العديد من الثغرات الجديدة التي رافقت تلك التجربة. فالأحزاب أحياناً، والأفراد أيضاً، وفي غمرة العمل والنضال والصراع والاشتباك المستمر، وخاصة في ظل صراع مثل الصراع الذي خضناه ونخوضه كشعب فلسطيني، تفقد إمكانية الهدوء والمراجعة، وإن حدثت المراجعة فإنها تجري في سياق الأحداث وتحت ضغط الانفعالات وحرارة الاشتباك، فتأتي جزئية أقرب إلى ردود الفعل منها إلى قراءة ومراجع نقدية في العمق... فعلى سبيل المثال، وبنظرة عميقة لتجربة الماضي، ورغم كل التضحيات والإنجازات التي راكمناها، وهي ليست قليلة، إلا أنها تجربة تميزت بتغليب الشعارات والعاطفة في مفاصل ومواقف كثيرة، هذه الشعارات ورغم صحتها ومشروعيّتها، إلا أنها لم تُقرن بشرط نجاحها وتحقيقها هو الأداة الحاملة لهذه الشعارات والساعية لتحقيقها.
    ومعروف علمياً أن شعارات الأهداف الإستراتيجية لوحدها غير كافية لإدارة الصراع وتحقيق الانتصارات، بل إن ذلك يشترط تكثيف استخدام العقل والفكر في تحليل حقائق وحركة الواقع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبما يشمل ليس فقط الذات كشعب وأحزاب، وإنما أيضاً متابعة للمتغيرات التي يعيشها ويراكمها الطرف النقيض لمعرفة أسباب وعناصر قوته وانتصاراته وعناصر ضعفه... وصولاً إلى موهبة الإمساك بالحلقة المركزية ومقدرة بناء الأداة الطليعية القادرة على حمل الفكر والبرنامج والشعار من هنا، ترسّخت في ذهني وعقلي فكرة تأسيس مركز للدراسات، للمساهمة في مواجهة هذه الثغرات، دون أي مبالغة في أن هذا المركز سيجيب على كل الأسئلة، ولكنها خطوة، أعتقد أنها جديرة بالجهد والوقت، علماً بأن نجاح المركز مشروط بتوفر الإمكانيات المالية والفكرية والتنظيمية، وآمل أن أنجح في محاولتي لتوفير مقومات إنجاح هذا المشروع. وأنا أتعامل مع هذه المسألة كجزء عضوي مكمل للعمل الوطني السياسي والنضالي، وكجهد جديد يضاف إلى جهد المؤسسات العربية والفلسطينية المشابهة. مع إضافة ضرورية هنا وهي أن هدف هذا المركز سيتكثف في دراسة التجارب الوطنية والقومية السابقة، مع تركيز خاص على أسباب الإخفاق والهزائم، إلى جانب تركيز مماثل على تجربة الحركة الصهيونية وأسباب استمرارها وانتصارها.
    أما المهمة الثالثة: فمحورها العمل القومي، وهي ترتبط بالعمر والصحة، فإذا ما أتيحت لي سنوات أطول، وما دمت قادراً على العمل والفعل، فإنني لن أدخر جهداً في هذا الميدان ولا أقصد هنا بطبيعة الحال تأسيس حزب جديد، أو العودة لحركة القوميين العرب، وإنما بذل الجهد العقلي والعملي لإقامة نواة جبهة قومية واسعة تواجه المشروع الأمريكي - الصهيوني في هذه المرحلة
    تركيزي على هذا البعد ليس أمراً وجدانياً أو اعتباطياً، بل يعود إلى رؤية عميقة وقراءة تستند للواقع وموازين القوى، ومعرفة لطبيعة العدو ومشاريعه التي نجابهها، في فلسطين أو على مستوى الوطن العربي، وهنا تطرح أسئلة كبيرة ومتعددة تفرض التفكير والدراسة حول واقع الحال العربي، وخصوصاً ما يتعلق باستناد المشروع القطري لطاقته التقدمية منذ زمن، وتعرض منجزاته للضرب والتفكيك، وتحول برجوازيات المشروع الوطني الاستقلالي إلى برجوازيات تابعة كومبرادورية تدور في فلك المركز الإمبريالي، وضرورة الرؤية العلمية لأسباب الضعف وعوامل الاستنزاف الداخلي، وترابط الأهداف الوطنية والقومية ببعديها السياسي والاجتماعي انطلاقاً من أهداف المشروع الصهيوني، الذي يتجلى بنزعة توسعية جغرافية في فلسطين واقتصادية على الصعيد العربي، والهادف إلى فرض التطبيع العام بغرض تسرب روح الهزيمة وتحقيق الاختراق المتعدد الأشكال، الأمر الذي يفتر وبنفس القدر تحقيق شروط تفعيل ممكنات النهوض القومي، وإعادة الاعتبار لهذا البعد في الصراع ضد المشروع الصهيوني، وخاصة مناهضة التطبيع بما يمثله من ثقل وموقع في التخطيط ( الإسرائيلي) لاختراق العمق العربي سياسياً واقتصادياً وثقافياً.
    أيها الرفاق الأعزاء
    هذه هي عناصر المحور الأول في كلمتي إليكم والتي تتناول دوري ومهامّي بخطوطها القادمة، وفي هذا المجال أود أن أقول لرفاقي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ولأصدقائي ورفاقي في حركة القوميين العرب، والذين يعرفونني جيداً كما يعرفون أن الظروف الذاتية والموضوعية هي التي ستتحكم في قدرتي أو عدم قدرتي على على إنجاز هذه المهمات، ولكن الدافع الرئيسي وراء تسجيلي لهذه المهمات وطرحها عليكم إضافة لما سبق ذكره، هو أنني أريد أن تتحول هذه المهمات إلى دليل عمل لكم وللأجيال القادمة. وسأبذل من طرفي كل جهد ممكن على هذا الطريق، وأتمنى أن أملك القوة والوقت للسير نحو تحقيقها، أو بصورة أدق لضمان إطلاقها وإرساء دعئم استمرارها.
    المحور الثاني
    يتركز حديثي في هذا المحور حول سؤال أساسي جوهره ماذا مثلت الجبهة أثناء وجودي كأمين عام لها؟
    لقد عشت تجربة الجبهة منذ إرهاصات تأسيسها الأولى وحتى اللحظة، عشتها منذ أيام صعودها، عشتها في أيام صعودها، وعشتها في لحظات الأزمات والصعوبات، فماذا كانت تعني الجبهة وفق رؤيتي؟
    هل مثلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فعلاً قضية واحتلت مكانة مرموقة في وجدان وتاريخ الشعب الفلسطيني على مدار عمرها الذي يزيد عن اثنين وثلاثين عاماً؟
    لقد مثلت الجبهة وفق حقائق التاريخ والواقع، بتضحياتها، بدماء شهدائها، وصمود أسراها، وعطاء أعضائها، ورؤيتها السياسية، وممارستها النضالية قضية كبيرة تجلت في التفاف قطاعات شعبية واسعة حولها على المستويين الفلسطيني والعربي. فلماذا كان هذا الالتفات، ولماذا احتلت الجبهة هذا المكانة المتقدمة في التاريخ الفلسطيني المعاصر؟ هل يعود السبب يا ترى إلى شخصية جورج حبش؟ قطعاً الجواب بالنفي. إذن هل السبب بعض العمليات العسكرية المعينة؟ أم بسبب طبيعة الحياة التنظيمية التي حكمت بنيتها الداخلية؟ أم بسبب طبيعة ومواصفات الكادر الذي شكل نموذجاً مميرزاً مقارنة بغيره؟ أم بسبب طبيعة العلاقة مع الجماهير...؟ أم هل يعود ذلك للهوية الفكرية للجبهة، والتي حاولت دائماً الربط الخلاق بين الوطني والاجتماعي، بين المرحلي والاستراتيجي، بين الوطني والقومي؟ أم هل يعود ذلك للتجربة المميزة للجبهة في ممارستها للقيادة الجماعية وإيجادها للمؤسسات الناظمة للعمل؟ أم غير ذلك؟
    بعيداً عن التقليل من قيمة وأهمية هذه العوامل المذكورة، إلا أن هناك عواملاً أكثر أسياسية وجوهرية، فما هي هذه العوامل؟
    وفق قناعتي ورؤيتي فإن العامل الأساسي في تميّز تجربة الجبهة الشعبية وخصوصيتها التي نالت كل هذا الإعجاب وهذا الدعم والتأييد، ولعبت كل هذا التأثير فلسطينياً وعربياً ودولياً، يعود بالأساس وبالدرجة الأولى إلى تشابك الخط السياسي الذي مثلته الجبهة مع المشروع الوطني التحرري بالخط القتالي... والسير في خطوات ملموسة في بناء الأداة التتنظيمية - الجذع الذي يحمل هذين الفرعين؛ وهنا أستذكر أ الثورات الحديثة التي أكدت عبر تجاربها وانتصاراتها المرموقه على هذا الجانب، وتحديداً في الصين وفيتنام، حيث لعب الخط السياسي دوراً حاسماً، إضافة بالطبع إلى الخط العسكري السليم المنسجم مع الخط السياسي
    ورغم أهمية الخط العسكري وإستراتيجيته بالنسبة للتجربة النضالية الفلسطينية إلا أنني أود هنا التأكيد على الخط السياسي. والسبب في هذا التأكيد يعود إلى حقيقتين أفرزتهما التجربة الفلسطينية المعاصرة
    أن الخط العسكري يأتي في صُلب الخط السياسي، أي أنه جزء مكون من الرؤية السياسية... وبالتالي إذا كانت الرؤية السياسية سليمة وعملية وثورية فإنها بالتأكيد ستمارس الشكل النضالي الملائم مع تلك الرؤية السياسية.
    إن إخفاق الحركة الوطنية الفلسطينية، وارتداد قيادتها الرسمية ممثلة بفريق أوسلو لا يعود بالأساس إلى اخفاقها العسكري، أو لغياب كفاحية قواعدها التنظيمية أو الشعبية، وإنما يعود في هذه لمرحلة إلى انهيار الخط السياسي لهذه القيادة، الذي تُوّج بانقلابها على البرنامج الوطني التحرري، وانخراطها في المشروع الأمريكي- (الإسرائيلي) للتسوية. اتصالاً بالتغيرات الطبقية - الفكرية – المعنوية - التي طرأت على النخب القيادية أولاً وقبل كل شيء آخر
    ارتباطاً بذلك يبرز السؤال: ما هو الخط السياسي الذي انتهجته الجبهة الشعبية؟ وإلى أية درجة راكمت شروط القيادة الثورية المجسدة لهذا الخط؟
    الخط السياسي التي سارت على أساسه الجبهة كما أراه، وأعطاها كل هذا التميّز، يتمثل بأربعة مفاصل رئيسية.
    المفصل الأول: امتلاك الجبهة لرؤية عملية واقعية للعدو وتحالفاته وتبرز قيمة هذا الوعي بصورة أعمق عندما نستذكر حالة الخلط التي رافقت تجارب شعبنا التاريخية على هذا الصعيد، إبان العشرينات والثلاثينات والأربعينات. لقد طرحت الجبهة وبوضوح شديد فهمها ورؤيتها لمعسكر الأعداء، وكشفت الأسس الاقتصادية والسياسية التي تكمن وراء الحزب المعادي، وبينت خصائص المشروع الصهيوني كمشروع امبريالي استيطاني، كل هذا وسواه أوصلنا إلى استنتاج محوري مفاده: أن حالة الاشتباك التاريخي بيننا وبين المشروع الصهيوني ستتواصل وتستمر بحكم طبيعة التناقض الذي يحكم الصراع باعتباره تناقضاً تناحرياً حصيلته النهائية: إما نحن أو المشروع الصهيوني. هل هذه الرؤية مغامرة أو متطرفة أو غير واقعية كما يحلو للبعض وصفها في هذا الزمن، زمن الارتداد والانهيار؟ أم إنها رؤية علمية دقيقة وواقعية (لإسرائيل) وما تمثله هي وحلفائها باعتبارها ذراع امبريالي وجزء بنيوي من مشروع امبريالي تأسيساً مساراً وراهناً؟.( اسرائيل) التي قامت تأسيساً على أنها دولة للشعب اليهودي المسكين والمضطهد، دولة للشعب الذي تعرض للإبادة الجماعية، وإنها الحل الأمثل لما كان يسمّى بالمسألة اليهودية، ليأتي قيامها على حساب اضطهاد وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه، وعن طريق أبشع المذابح وعمليات الاقتلاع، لتنتهي راهناً وعبر تحالفها العضوي مع الامبريالية الأمريكية، دولة إقليمية عظمى تمتلك ما يزيد عن ٢٠٠ رأس نووي وجيش حديث يتفوق على الجيوش العربية مجتمعةً، وتشكل تهديداً ليس على الشعب الفلسطيني فقط، بل على الأمة العربية جمعاء، وعلى المنطقة بأسرها.
    إن نظرة جديدة وعميقة للصراع ولمخططات وممارسات ( إسرائيل) وسياستها تبين جوهر المشروع الصهيوني كمشروع استيطاني عنصري يستهدف الهيمنة السياسية والاقتصادية على فلسطين والأمة العربية وكل ذلك تحت مظلة عسكرية تستند إلى تفوقها المطلق سواء في الأسلحة التقليدية أو النووية، وبإسناد كامل من الولايات المتحدة الأمريكية. وبهذا المعنى يأخذ حل التناقض التناحري مفهوم حل الصراع على أساس التصفية السياسية للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والتاريخية وفرض الرضوخ والاستسلام على الأطراف العربية وإجبارها على التساوق مع المشروع المعادي والانزلاق فيه. غير أننا نعتقد، بالنظر إلى طبيعة التناقض التناحري ودوام الاشتباك التاريخي،أن المشروع التسووي لا يتعدى إدارة الأزمة دون حل لها ،بما يتيح للتحالف الأمريكي-( الإسرائيلي) تحقيق انتصارات ونجاحات توسعية استعمارية. وبالرغم من كثافة الحملة الإعلامية، العالمية والعربية، والتي تحاول ترويج العملية الجارية على أنها "عملية سلام"، هذه الحملة والتي تجد لها صداً وتأثيراً على شعوبنا العربية، في الوقت التي تثبت فيه حقائق التاريخ والواقع أن مايجري ليس سلاماً حقيقياً، بل تسوية مؤقتة بالمعنى التاريخي، لأنها تأتي في ظل التغييرات الدراماتيكية الهائلة التي عصفت بالعالم وبالوضع العربي في العقد الأخير من القرن الماضي، كما تأتي في ظل التحولات النوعية التي طالت القيادات الفلسطينية المهيمنة. ولأنها أيضاً تسوية لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق المشروعة والتاريخية لشعبنا وأمتنا قد تكون الجبهة في سنواتها الأولى ركزت على رؤيتها الإستراتيجية، ولكن من خلال التجربة التي توصلت إلى أهمية وضرورة الربط ما بين الإستراتيجيا والتكتيك السليم، حيث أكدنا باستمرار على الترابط الوثيق بينهما، ولكن في نفس الوقت لم نقوض أسس إستراتيجيتنا السياسية لصالح السياسة الجارية، وهذا ما عكسته وثيقة طرابلس التي أكدت على العلاقة الجدلية بين ما بين الاستراتيجي والمرحلي في النضال، ما بين البرنامج السياسي وإعادة البناء الديمقراطي لمؤسسات م.ت.ف.
    44 عدد مرات القراءه
                  

العنوان الكاتب Date
ادب الاستقالة والوزير د.عبد الله تية - فيصل سعد Nazar Yousif03-04-11, 07:29 AM
  Re: ادب الاستقالة والوزير د.عبد الله تية - فيصل سعد د.محمد بابكر03-04-11, 02:37 PM
    Re: ادب الاستقالة والوزير د.عبد الله تية - فيصل سعد د.محمد بابكر03-04-11, 02:39 PM
    Re: ادب الاستقالة والوزير د.عبد الله تية - فيصل سعد Nazar Yousif03-04-11, 05:48 PM
      Re: ادب الاستقالة والوزير د.عبد الله تية - فيصل سعد Nazar Yousif03-04-11, 06:23 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de