قريباً من قصتك بتاعت إشارات المرور في الرياض كنت قبل شهرين في إجازتي السنوية في السودان كنت جالساً ذات أمسية في دكان أحد الترزية بسوق سعد قشرة بالخرطوم بحري وهو ترزي أتعامل معه من سنوات طويلة منتظراً أن أستلم ( الجلاليب والعراريق والسراويل ) التي أفصلها عنده كلما أتيت للسودان . لفت نظري مرور أسرة مكونة من زوج في مقتبل الشباب ومعه زوجته الشابة وبينهما أطفالهما الخمسة ( ما شاء الله ) ،أكبر الأطفال كان في التاسعة أو العاشرة من عمره تقريباً وأصغرهم في الثالثة تقريبًاً ونظراً للزحمة المعتادة في سوق سعد قشرة فقد كانت الأسرة تسير في شكل صف متماسك أوله الوالد وآخره الزوجة وبينهما الأطفال الخمسة حسب أعمارهم . لفت منظرهم بهذه الصورة رواد سوق سعد قشرة فبدأت التعليقات ( التي لا تذكر اسم الله ) من مثل
شعرت برجفة خوف حقيقي ،وتحرك في دواخلي ( الأب )، فرميت بجلاليبي عند الترزي وسط الذهول الذي اعتراه وأصبح يرقبني ،وذهبت مسرعاً للزوج الشاب ، سلمت عليه ولأنني أعرف توجس وشكوك الناس في الحيل التي يتعرضون لها من المتسولين ، فقد قدمت له نفسي بصورة تبعد عن ذهنه الشكوك ( التسولية ) قلت له بعد السلام الذي رده عليه بفتور واضح
" ياخي أنا ( المهندس ) ..... مقيم في دولة الإمارات .. وأنا الآن في إجازتي السنوية ، أنا كذلك ( والد ) مثلك لأطفال . سمعت تعليقات أدخلت الرعب في دواخلي عن منظرك وأسرتك حفظكم الله ،أرجو أن تعتبرني أخاً ناصحاً وترجع هؤلاء الصغار للمنزل حفاظاً عليهم وتتسوقون بصورة تحفظهم من العين ......"
أدهشني موقفه ،أدخل يده في جيبه وأخرج ورقة نقدية وقدمها لي قائلا
" ملعوبة يا هندسة ...دي بالجد جديدة ... " تركته ورجعت لمقعدي عند الترزي لم يتمالك الترزي نفسه وذهب له معرفاً إياه بشخصي مؤكداً له سماعه للتعليقات التي ذكرتها له. تدخلت الزوجة التي كانت ترقب الحوار وأخذت أولادها بسرعة وبخوف حقيقي وأرجعتهم لسيارتهم
أسرني موقفها وهى ترجع لي شاكرة بين دموعها الغزيرة ودعواتها التي أرجو أن يتقبلها الله
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة