|
Re: الجانب الآخر لقاتل الشخصية الجميل (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كنت في منتصف الثلاثين تقريبا، حين قابلت جي ميلر، والد ابنتي الوحيدة، دوريان. كنت وقتها مثل سفينة صعد على متنها ركاب كثيرون ألقوا برحالهم تباعا على موانيء مختلفة من بحار العالم. ظلوا يغرسون أوتادهم في صحراء وحدتي لحظة. ثم يمضون إلى حال سبيلهم من غير رجعة. بينما أواصل السعي صوب ما بدا لي في كل مرة مستحيلا آخر. كان جي ميلر، والد بنتي، قد لاح فجأة في الأفق القريب مثل شطء خليجيّ يمد ذراعي يابستيه بعيدا في الماء، مستقبلا سفينتي التي ظلّت تُبحر طويلا بين موانيء مختلفة على بحار العالم مدفوعة بقوَّة تيار غامض وراء جون لينون وزملائه، وقد ظللت أشد رحالي إلي حفلاتهم أينما كانت. كنت أجدني، "يا هاميد"، خلال عام واحد، أوأقلّ، في طوكيو وهامبورغ ونيويورك ولندن وغيرها. أغني معهم من عمق قلبي، بكل جوارحي، للحب والسلام والإنسانية. أثناء ذلك كانت تتملكني تلك الرغبة البركانية الجارفة التي لا سبيل إلى كبتها طويلا في أن أسمح في أعقاب كل حفل بهيج للعالم، للعالم بأجمعه، أن يغوص عميقا في داخلي، فإذا الحدود المرسومة بين البشر لا وجود لها. هكذا، وجدتني أتقاسم الفراش في تلك الأيام مع رجال بِيض وسود وصفر وخلاسيين. كنت روحا طليقة متيمة أكثر بجمالي الداخلي برغم غنى ما أملك ظاهريا (تضحك). لكن دوريان، بنتي، لا تحفل كثيرا بمثل هذا الجمال، تراها تشكو دائما من حظها القليل من الملاحة. ويبدو لي يا هاميد أن الإنسان لا يعبأ في الأخير كثيرا بما يملك. إنه يبحث دائما عن شيء مفقود ما. قد ينفق العمر منقبا في غرف الآخرين بحثا عن شيء تركه في موقع ما داخل غرفته الخاصة. لعلها طبيعة الأشياء. لست أدري، يا هاميد. قالت وهي تضمني إليها، تعانقني واقفة خطفا، وتلملم أغراضها في عجالة "لقد أعدتني إلى أجمل ذكرياتي". وكمن تذكر أن يقول شيئا في الثانية الأخيرة "آه، إنني دائمة النسيان، كم مرة مارست أنت فيها الحبّ، يا هاميد"؟.
يتبع:
|
|
|
|
|
|
|
|
|