New Page 1المسألة الرياضية: الرياضة ضرورة بدنية، ونفسية، واجتماعية وفي دراسة أجراها مختصون على 6 آلاف شخص قالوا: هناك أشياء إذا التزم بها الإنسان فإنه يستطيع أن يبطئ شيخوخته 13 عاما هي: أن يفطر بانتظام- ألا يدخل الطعام على الطعام- أن ينام على الأقل 6 ساعات يوميا- أن يحافظ على وزن جسمه في المستوى المحدد- ألا يشرب الخمر- ألا يدخن التبغ- وأن يمارس الرياضة بانتظام. وفي الحديث: (حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْكِتَابَ وَالرَّمْيَ وَالسِّبَاحَةَ)[16].
المسألة البيئية: المحافظة على البيئة الطبيعية بكل مقوماتها ضرورة لأنها موروث الأجيال إلينا ووديعة المستقبل للأجيال القادمة. المحافظة على سلامة البيئة الطبيعية ضرورة أيكولوجية وهي كذلك واجب إنساني وديني ووطني.
النقطة السادسة: التربية لأطفالنا تبدأ من الصغر والمطلوب أن تكون البيئة صالحة والقدوة حسنة علما بأن المعاملة التي يلقاها الأطفال في الصغر لها آثار على سلوكهم في الكبر.
هنالك الآن علم نفس تربوي استخدم الوسائل التجريبية لبحث القواعد التي تحكم سلوك الأطفال: يمر الطفل منذ مولده حتى سن الرشد بمراحل هي: أول عامين فيها الطفل يحس ويتحرك ولا يدرك عقليا، بعد ذلك يلم بالبديهيات، بعد ذلك يفهم الاستدلال والعلاقة بين الأشياء ثم يدخل مرحلة المراهقة إذ يصير قادرا على التفكير المجرد، ومولعاً بالتنظير والنقد.
وأفضل وسائل التربية أن يشعر الطفل بالمحبة والعطف ويشجع على السلوك الحسن بالترغيب والجوائز والمدح. ولكن إذا أخطأ ينهى عن الخطأ ويزجر إذا تمادى ولا يكون الضرب إلا أخيراً ضرباً يؤلم ولا يؤذي.
لقد صار للطفل حقوق عالمية ينبغي أن نراعيها فقد اشتركنا جميعا في صياغتها. في كتاب الله وصايا هامة تخص الطفل وهي لم تأت على لسان نبي بل على لسان حكيم هو لقمان. ولقمان هذا عاش قروناًَ قبل المسيح، وهناك ومواصفات ظرفية تدل على أنه هو أركمان أحد ملوك دولة مروي السودانية.
قال:( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)[17]. وقال: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)[18]. أساليب التربية كثيرة وكان مجتمعنا يكثر من العنف لا سيما في الخلاوى ولكن العنف يأتي بنتائج عكسية تجعل الطفل يخاف ويخفي أعماله وربما جعلته متمرداً. كثير من القادة الدينيين إذ يتشددون مع أطفالهم يدفعونهم في اتجاه معاكس حتى قال بعض أهل السودان تفسيرا لهذه الظاهرة إن إبليس ينتقم من الصالحين في أولادهم. وكثير من أولاد اليساريين يتخذون مواقف مضادة. ذهبت لأعزي سيدة في والدها اليساري فإذا بي أمام سيدة منقبة تماماً ولا تجاوبني لأن صوتها في نظرها عورة!
لذلك قال النبي "صلى الله عليه وسلم": (لَمْ يَدْخُلِ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ)[19]. إن أهم وسيلة تربوية هي القدوة لأن أولادك أكثر الناس مراقبة لك فإن كانت أقوالك تطابق أفعالك كانت القدوة الحسنة والعكس صحيح. أنا شخصياً لم أضرب أولادي وكانت القدوة وموازين المحبة هي الأسلوب الغالب وأنا سعيد بالنتيجة.
النقطة السابعة: كلمة أولاد تنطبق على البنين والبنات. التزموا نحو أولادكم بالوصايا العشر الآتية:
1. بالوسائل الحديثة المجدية علموهم الصلاة وسائر أركان الإسلام.
2. لقنوهم مكارم الأخلاق وحفزوهم على الالتزام بها.
3. احرصوا على تعليمهم إلى أقصى درجة ممكنة واعلموا أنه من ناحية إنسانية وإيمانية، ومواطنة، وأمام القانون، فإن الابن والابنة سواسية فالنساء شقائق الرجال وامتنعوا تماماً عن معاملة البنات بدونية فالحقيقة:
قيمة الإنسان ما يحسنه أكثر الإنسان منه أو أقل
صحيح هناك فروق بيولوجية ونفسية تجب مراعاتها ولكنها فروق تكامل لا تفاضل.
بنات الأرياف يجب لهن تجنب الشلوخ ودق الشفاه وغيرها من وسائل تغيير خلق الله. وبنات الحاضرة يجب تجنب تبييض اللون فللخضرة جمالها والمواد المبيضة ضارة بالصحة. كذلك المكياج الإفرنجي مخالف لأذواقنا وضار لأن يسد مسام الجلد.
لا يجبر ابن أو بنت على الزواج فليس على مكره يمين. وللزواج حد أدنى من العمر فالله يقول: (حتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ)[20] أي سن النكاح وأدناها بلوغ سن الرشد. ما قيل عن النبي "صلى الله عليه وسلم" تزوج بنت تسع باطل وإساءة للنبي "صلى الله عليه وسلم" لأنه قد رفع القلم عن ثلاث ومنهم الصبي حتى يحلم. كان سنها 17 عاما، وكانت مخطوبة قبله لغيره وفخست الخطوبة قبل ذلك أي كانت في تخطب فيها الفتاة.
وللفتاة ولاية على مالها وعلى نفسها ويمكن لها أن توكل من ينوب عنها برضائها لعقد القران.
اقتصدوا في المهور وفي مصاريف الزواج، كلما كانت المهور والمصاريف قليلة كلما كان الزواج أكثر بركة، كذلك اغتربوا في الزواج وتجنبوا زواج الأقارب ما أمكن ذلك.
والنقاب عادة وليس عبادة بل المطلوب هو الزي المحتشم ولكن كما في الحديث للمرأة كشف وجهها ويديها وقدميها، وقد صار النقاب وسيلة للتخفي والإجرام.
4. الغذاء لم يعد خبط عشواء فهناك الآن أدبيات واسعة في علوم الغذاء فالواجب الاطلاع عليها والاستعانة بها، سيما والأم صارت قارئة كاتبة في الغالب. أنا كما قلت بصدد نشر كتاب: الطعام ضرورة وضرر، لكي أزود المكتبة بمرجع مختصر ومفيد.
5. وحببوهم على الحرص على كافة أنواع الرياضة حتى تصير أجسامهم مستقيمة وقوية. ويرجع في هذا الصدد لبحثي الرياضة ليست لعبا.
التحريميون حرموا الشعر لقوله تعالى: (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ)[21] مع أنها تستثني: (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)[22]. والنبي "صلى الله عليه وسلم" استمع للشعر واستشهد به وكافأ الشعراء مثل كعب بن زهير، وحث حسان بن ثابت على الشعر. كما حرموا الغناء والموسيقى، نعم من الفن ما هو حرام ولكن هذا ينطبق على كل نشاط الإنسان (فَحَسَنَهُ حَسَنٌ , وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ )[23] وقد تناولت الموضوع بالتفصيل في دراستي الدين والفن لمعرفة نهج الاستقامة في هذا المجال.
6. علموهم حب الوطن وسيرة أبطاله، وستجدون في تاريخ السودان مراجع كثيرة.
7. اختنوا الصبيان ولا تمسوا البنات فخفاض الأنثى عادة فرعونية تقطع عضواً تناسلياً من الأنثى، ويمكن الرجوع في هذا الصدد لدراستي في الموضوع.
8. ينبغي أن يدرب الأطفال على كافة سبل الحياة كما في الكشافة وينبغي تجنب التربية على النعومة، الكشاف يجب أن يكون مستعد دائما، كذا المؤمن، كذا الأنصاري.
9. علموهم أخلاق السمتة السودانية وما يصورها من أشعار فأخلاق السمتة هي التي حفظت الإنسانيات السودانية وتجدون في دراستي بيانا لأخلاق السمتة السودانية والاستدلالات بالشعر القومي عليها.
10. الأطفال يسألون من أين أتينا؟ ويسألون عن هذا الذي في بطن أمي؟ لا تتعاملوا معهم بأخلاق الدروشة. بل احترموا عقولهم. وهم يجدون عبارات في القرآن: زواج- طلاق- عدة- زنا- قذف- عقم- محيض- ويسمعون عن أمراض أيدز- زهري- سيلان- عادة سرية- كثير من الآباء والأمهات عندهم أمية في العلوم الجنسية وينبغي أن يطلعوا عليها لإعطاء إجابات صحيحة ولكي يربطوا التربية الجنسية بالأخلاق فالأطفال يشاهدون الفضائيات ويدرسون البيولوجيا ولا يمكن التعامل معهم كما يرى دراويش الفقهاء.
وتسهيلا لهذه المهمة سأنشر إنشاء الله كتاباً بعنوان: "أيها الجيل" يقدم وجبة من تربية دينية- أخلاقية- جنسية.
ختاما وفي هذا المجال بعض الناس يتحرجون من معرفة جنس الجنين باعتبار ذلك حرام بنص الآية: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)[24]. أقول هذه الآية من دلائل الإعجاز في القرآن. فهي تقول بالنسبة لما في الأرحام ونزول الغيث إن الله يعلم ذلك ولم تنف علم غيره، ولكن بالنسبة لعلم الساعة وما تكسب غداً وبأي أرض تموت، فإن الله استأثر بعلمها، فلا حرج أن يعلم الإنسان ما يستطيع. سئل النبي "صلى الله عليه وسلم" (أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا ، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ ، وَاتِّقَاءً نَتَّقِيهِ ، هَلْ يَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ)[25]. لأن العقل وقدرات الإنسان وحرية البحث هي من قضاء الله.
ختاماً: أرى أن ننظم ورشة لمناقشة هذه المحاضرة ثم نوسع ما نشاء ونصدر كتيبا بعنوان: ميزان الاستقامة والله ولي التوفيق.
المراجع المطلوب الرجوع إليها بل وضمها لمكتبة المجتهد من مؤلفاتي هي:
1. نحو مرجعية إسلامية متجددة.
2. يسألونك عن المهدية.
3. أيدولوجية المهدية.
4. نحو ثورة ثقافية "فيه الأوراق حول الرياضة وحول الدين والفن"
5. دراسة حول ختان الإناث.
6. دراستي حول الإنسانيات السودانية وأخلاق السمتة.
7. جدلية الأصل والعصر.
[1] سورة الشورى الآية 38.
[3] صحيح البخاري- كتاب الإيمان حديث رقم 8.
[5] سورة البقرة الآية 143
[8] سورة الحديد الآية 28.
[9] سورة الأعراف الآية 189
[10] رواه أنس بن مالك في السنن الصغرى- حديث رقم 4974
[12] رواه أبو هريرة في مسند الشهاب – حديث رقم 1080
[13] سورة الأنعام الآية 38.
[14] سورة لقمان الآية 14.
[15] سورة النحل، الآية 6.
[16] رواه أسلم أبو رافع في حلية الأولياء - حديث رقم 620
[17] سورة لقمان الآية 17.
[18] سورة لقمان الآيات 18-19
[19] رواه أنس بن مالك في مسند الإمام أحمد- حديث رقم13323
[21] سورة الشعراء الآية 224
[22] سورة الشعراء الآية 227
[23] روته السيدة عائشة رضي الله عنها في سنن الدارقطمي- حديث رقم 3773
[25] السنن الكبرى للبيهقي – حديث رقم 17991