|
دولة الشمال السوداني وتحديات المستقبل
|
مع ترجيح احتمالات اقتطاع الجنوب من دولة السودان بمساحته الحالية لابد للشماليين الذين وجدوا أنفسهم أمام الأمر الواقع من إستيعاب حاجة المرحلة القادمة والتي ينبني عليها مستقبل الدولة التي استيقظت فجأة على حقيقة وجودها في غرفة التخدير التي تسبق عملية بتر جزء لايستهان به من كامل الجسد والتي سيتم الاعلان عنها قريبا مع إعلان نتيجة الاستفتاء الذي سبقته القوى الجنوبية باحتفالات كبيرة . الشمال السوداني لايختلف عن الجنوب المبتور في تشتت الآراء بين مؤيد لعملية البتر ومعارض لها ؛ فالمؤيدون للبتر وأبرزهم خال الرئيس البشير الذي سعى لهذه الغاية منذ مقتل إبنه قبل سنوات في جنوب السودان خلال الحرب الطويلة التي انتهت باتفاقية نيفاشا ؛ يرون أن الجنوب شكّل عبئا كبيرا على الشمال وشغله عن التنمية والاذدهار وقهقره خطوات كبيرة للوراء من خلال الصرف على المجهود الحربي والمشروعات الفاشلة التي كانت محرقة للأموال الطائلة ؛ وأنه آن أوان طي صفحته ليبدأ الشمال التفكير في النهوض واللحاق بما فاته من محطات كبيرة اجتازتها بقية دول العالم ؛ بينما يرى المعارضون للانفصال عكس ذلك . وبداخل الوحدويين والانفصاليين نبتت أفكار متفرقة لم تستفد من دروس وعبر الماضي التي كانت سببا مباشرا لفقدان السودان ثلث مساحته حتى الآن ؛ فالخلافات العميقة بين مختلف القوى السياسية وصلت ذروتها ؛ والحكومة التائهة التي وجدت نفسها في موقف لاتحسد عليه تحاول جاهدة تبرير الفصل بعدما يئست من اللحاق بقطار الوحدة حتى اللحظات الأخيرة ؛. في الوقت بدل الضائع كما في اصطلاحات كرة القدم بدأت الحكومة السودانية في الشمال تدرك أن الأمور بالفعل خرجت عن سيطرتها ؛ وحاولت اللهاث عبثا لادراك ما انكشف من سوأة تقاعسها عن تحقيق شعار الوحدة الجاذبة الذي بدأت ترفعه منذ أن وقّعت إتفاقية نيفاشا ؛ فحاولت مقايضة الوحدة بالتنازل للجنوب عن كامل حصته البترولية ؛ وقام السيد علي عثمان محمد طه نائب الرئيس البشير برحلات مكوكية بين الخرطوم وجوبا حاول عبرها استمالة سلاطين الجنوب الذين تتبعهم القوى الشعبية ؛ ووعد بعدد من المشاريع التنموية التي حاولت الحكومة تنفيذ بعضها على عجل ؛ وأعلنت الحكومة عن إقامة الدورة المدرسية في الجنوب وبدأت تهيئة المواقع التي تقام عليها غير أن قادة الحركة الشعبية الجنوبية أعلنوا إلغاء الدورة المدرسية في اللحظات الأخيرة بعد وصول الطلاب المشاركين من كل أرجاء البلاد ؛ وبعد أن ضمنوا صيانة وقيام المنشآت الرياضية والثقافية التي أعدت لهذا الغرض . وحاولت الحكومة الشمالية في آخر أيام سبقت الاستفتاء البحث عن الثغرات القانونية التي تدعم عرقلته غير أن قادة الجنوب تدعمهم قوى خارجية متعددة كانوا قد عقدوا العزم على المضي قدما في طريق الانفصال شاءت حكومة الشمال أم أبت للدرجة التي جاهروا فيها بإمكانية إعلان ( استقلال ) الجنوب من داخل البرلمان حال عرقلت الحكومة قيام الاستفتاء .
|
|
![ICQ](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|