يَا حَبِيبِي ... بَنْزِين وَلاَّ عَجِين القارئ العزيز الأخوات والإخوة البورداب أسوق إليكم تحاياً عطرات، وأمانٍ نضرات، وآمالاً غير عاطلات.
مدخــــــل
أقبلت على صاحباتها مبتهجةً باسمةً مشرقة الوجه والنفس جميعاً، مجدولة الشعر، تبدو راضيةً كل الرضا، ومنصرفةً إلى نفسها عنهن جميعاً، كأن فيها حاجةً إلى شئٍ من اللذة بعد أن أغرقت في الألم وإلى شئٍ من السرور بعد أن أسرف عليها الحزن، خفيفة الحركة لا تكاد تجلس إليهن إلا ويحسسن منها قلباً يضطرب هياماً، ونفساً تتوثب إلى السعادة توثباً، وعقلاً يكاد يطير طرباً، كأنما تريد أن تحتويهن بشئٍ من هيامها وسعادتها وطربها لتبث فيهن حياةً وخصباً ونشاطاً، أو كأنها رُدّت إلى نفسها بعد أن تاهت عنها، أو كأنها أرادت أن تقضي يومها في جذلٍ وابتهاج أو أن تغرق في حبٍ جديد حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا. ابتسمت إحدى صاحباتها فأسرفت في الابتسام ووقفت مرحبةً بها وهي تقول: • طبعاً مين الزيك الليلة... كدي النقرصك في ركبتك يمكن نلحقك في جمعتك... ردت عليها بغرور: • طبعاً ... أحمدك يا ربي ... أحمد حيصل بكرة إن شاء الله... وقررنا نعمل العرس طوالي ... لأنه راجع سريع عشان يجهز أوراقي ... وكمان عشان ما يقطع تحضيروا في أمريكا... سمعت ضحكاً خفيضاً وهمهمة لم تتبينها فالتفت إلى ناحيتها سائلةً: • مالكن بتتكشرن كدا زي كدايس المطعم ... ضحكونا معاكن أجابت إحداهن في تكلفٍ ظاهر: • لا ما في شي ... بس يعني ظهر عليها بعض الضيق، لكنها تمالكت نفسها ، وقالت سائلة مرة أخرى: • بس يعني دي شنو ... ما مصدقاني ولا شنو ... أحمد جاي بكرة بالقطرية.. وحنعمل العرس طوالي ... المشكلة شنو التفتن إلى بعضهن يحاولن ألا تلتقي عيونهن بعينيها، وقالت إحداهن وهي تضغط على كلماتها ضغطاً يكسبه الكثير من المعاني: • الشمار كاتلني كدي قولي لي انتي أحمد خطيبك ده شغال شنو في أمريكا .. زمت شفتيها وقد أحست في الأمر شيئاً لم تستسيغه، وأجابت: • بحضر في الماجستير .. لكن .. قاطعتها وهي ترفع عقيرتها، قائلةً: • خليني من ماجستير .. ولا ملاريا .. أنا سألتك شغال شنو .. ناس أمريكا ديل كلهم بحضروا في الماجستير .. سؤالي واضح ما تلفي وتدوري .. شغال شنو سكن الغضب قسماتها وتبدلت ملامحها، وقالت وفي صوتها عبرة واضحة: • شنو تلفي وتدوري .. إنت حارقك وين ياختي الليلة .. الحاقص ليك قوليهو عديل.. قامت محدثتها، واتجهت ناحيتها، وهي تحدق فيها في قوة، وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة خبيثة، وقالت: • كدي قول لي ... زولك ده بنزين وَلَّا عجين .. بدا أنها لم تفهم، رفعت كتفيها سائلةً: • إنتي عايزة تقولي شنو .. ما فاهمة التفت محدثتها إلى بقية المتواجدات، وهي تتحدث إليهن في سخرية لاذعة: • صدقناك .. ما فاهمة .. خلاص .. عامله روحه غمرانه .. طيب زولك ده شغال في محطة بنزين ولا بوزع في البيتزا صمتت برهة وأردفت قائلة: • نصيحتي ليك أوعي من "التكاسة" و "الحراسة" والبوزعوا "القراصة"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة