|
|
 الخطبة التي القاها الحبيب ادم احمد يوسف بمسجد الهجرة بود نوباوي عن الثورات العربية
|
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الخطبة التي القاها الحبيب
آدم أحمــد يـوسف
نائب الأمين العام
بمسجد الهجرة بود نوباوي
يوم الجمعة المواف4/]مارس2011م
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم
قال تعالى (طسم{1} تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ{2} نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{3} إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ{4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ{5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ{6}).
الآيات آنفة الذكر تروي قصة حدثت في حقبة معينة من الزمان. ولكن القرآن الكريم كتاب كل الأزمنة منذ نزوله وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها إنه كتابٌ تحمل آياته معان يمكن أن يفسرها المرء في كل زمان ومكان وهنا يمكن أن يكون فرعون وهامان صفتان لكل مستبدً ومتغطرس يتطاول على شعبه ويتوعدهم ويتحداهم وهكذا يروي لنا التاريخ على مر العصور والدهور أن حكاماً ظلمة تغمسوا الروح الفرعونية والهامانية وأذاقوا شعوبهم الأمرين ودائماً ما يكون وعد الله للمؤمنين المستضعفين.
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).
وهنا تتجلى وحدانية الله وقدرته على فعل الأشياء وتسخير الجنود لجعل الأسباب واقعاً. وأقصد بالجنود جنود الله الذين ورد ذكرهم في قوله تعالى (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ).
فتلك الجنود تتغير وتتشكل على حسب ظروف الزمان والمكان ففي عهد فرعون الأول رمسيس مصر كانت الجنود التي حاربت الفرعون جاء ذكرها في القرآن بقوله: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).
وقال: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ).
فكانت تلك هي جنود الله التي حاربت رمسيس مصر – طوفان – وجراد – وقمّل – وضفادع ودم . كانت جنود معجزة لا يستطيع الفرعون و0ساعده هامان الوقوف أمام تلك الجنود العصية التي تفاجئ الطاغية من حيث لا يدري أو يحتسب وفي حقبة أخرى كانت جنود الله بصورة مختلفة تماماً كما جاء ذكرهم في مكان آخر في القرآن الكريم حاكياً حال المستبدين والمتغطرسين الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد حيث جاء نوع الجنود في قوله تعالى: (فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
فهنا كانت الجنود هي الريح الحاصبة والصيحة وخسف الأرض والغرق وهكذا تتنوع المقاومة ضد الطغاة في كل زمان ومكان والقصد هو حماية عباد الله المستضعفين. نقول ذلك ويعيش عالمنا العربي والإسلامي هذه الأيام أحداث فيها تتغير كل الساحة العربية والإسلامية. موجات من الغضب والصخب تجتاح المنطقة بأثرها. ثورات تنتظم البلاد من الخليج وإلى المحيط لا تستثني ملكاً ولا سلطاناً ولا إنقلابياً جاء على ظهر دبابة ثم وفق أوضاعه بانتخابات زائفه. إنها صحوة وثورة الشباب وإنهم جنود الله الذين جاء ذكرهم ضمناً في قوله تعالى (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ).
فالأمر لا يقتصر على الملائكة فحسب بل كل مخلوقات الله فهي مجندة يستخدمها الله مسخرة لإحداث تغيير في هذا الكون حتى تلك الدابة التي أكلت منسأة سليمان فكانت من جند الله التي أرسلها لتكشف أمر موت سليمان حتى يتفرغ الجن لأعمال قضى الله أن تكون منذ الأزل. وهكذا الكون يسيره الله فتتدخل القدرة الإلهية أحياناً مستخدمة تلك الجنود لإحداث تغيير في الكون حتى تستقيم الأمور. واليوم يشتكي عالمنا العربي والإسلامي من ظلم اجتماعي وهيمنة من نظم ديكتاتورية جثمت على صدور الشعوب عقوداً من الزمان فيها حُظي محسوبي النظم الحاكم بالتقول على ثروات الشعوب فتفشى الفقر والبطالة وعم الظلم الاجتماعي كل منظمات المجتمع فهجر الشباب ديارهم في هجرات جماعية بحثاً عن أوضاع أفضل في بلاد الغرب واستراليا. والملاحظ أن فتيل تلك الثروات كان بسبب شعور الظلم والإهانة وتغطرس المتسلطين. فسخر الله تلك الجنود فأصبح على الطغاة عدم إمكانية مواجهة تلك الموجات البشرية الهادرة. نقول إن الثورات والاحتجاجات لن تتوقف ما لم يتنحى المتقولين على حقوق الشعوب. فالعصر أصبح عصر الشعوب لا الحكام الذين يتسلطون على الناس والغريب في الأمر أن كل الحكام الذين ثار وسيثور عليهم شعوبهم تجاوزا العقد السابع ومع هذا فهم متهمون إتهاماً موثقاً بإنتهاب الأموال العامة واكتنازها في بنوك غربية أموال طائلة تفوق مليارات الدولارات وكل هؤلاء الحكام مسلمون ويعلمون قول النبي صلى الله عليه وسلم أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وما يتجاوزهن إلا قليل. فإلى من يدخر هؤلاء الأموال ؟ أم حق عليهم وعيد الله سبحانه وتعالى. (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{34} يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ{35}).
أم حق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي. عندما يحمل الميت على نعشه وهو ينادي يا أهلي ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال من حِله ومن غير حِله ثم خلفته لغيري فالمال لكم والتبعة عليّ فاحذروا مثل ما حل بي. عجباً لهؤلاء أما سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه كان يمتلك ثمانية أو ستة دنانير أو أقل من ذلك فأمر السيدة فاطمة أن تحضرها له فجعلها في يده اليسرى وبدأ يقلبها بيده اليمنى (وهنا رسالة على أن هذا المال لا حول ولا قوة له إلا أن يحركه الإنسان) وجعل يقول ما بال محمد إذا قابل ربه وهو يدخر هذه الدنانير ثم أمر بتوزيعها.
إن السيرة أيها الأحباب لم تروَ اعتباطاً وإنما ليقتدى بها فهي أي سيرة النبي خارطة طريق للمؤمنين ليسيروا عليها حتى يلقوا الله على صفاء ويقين. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم. وجاء إمامنا المهدي عليه السلام على ذات الدرب حيث سجل فيما خطر له عندما قرأ قوله تعالى (إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ{7} أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ{8}).
حيث قال:- يا جميع المؤمنين من ذكر وأنثى افهموا ما انطوت عليه هذه الآية واعرفوها وأعملوا بها لتحقيق الايمان والفوز بوعد الرحمن فإذا عرفتم هذه الآية وخفتم من وعيد الله هذا وكنتم مصدقين بوعد قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {28} الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ{29} ).
فاحذروا من وعيد الله هذا بأن لا تكونوا من الذين لا يرجون لقاء الله. اللهم اجعلنا من الذين يرجون لقاءك. واجعل لقاءك مأملنا في جميع ساعات الليل والنهار. وقربنا منك في كل حال ولا تجعل في قلوبنا ركوناً لشيء من الدنيا يا ارحم الراحمين آمين.
الخطبة الثانية
اللهم إني أحمدك وأثني لك الحمد يا جليل الذات ويا عظيم الكرم وأصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله على افضل الصلاة وأتم التسليم.
إن بلادنا لم تكن بدعاً من تلك البلاد التي خرج شعوبها مطالبين بتنحي الرؤساء أحياناً وبإجراءات إصلاحية في بعض الأحايين ولكن شعبنا الأبي دائماً ما يتروى ويزن الأمور بميزان دقيق يتوقع فيه كل الاحتمالات. ونقول إن النظام إذا ظن عدم خروج الشعب جبناً أو رضاء بالواقع ففي الحالين إن تقديره خاطئاً. فالشعب لم يكن خائفاً ولا راضياً عن الواقع ولكنه يتوقع إصلاحات جذرية تفضي بحكومة قومية انتقالية تحضر لإنتخابات حرة ونزيهة يتنافس فيها الجميع بحرية وموضوعية لا كتلك التي جرت فكانت معيبة في شكلها ومضمونها ولا ترتقي للمعايير الدولية حسبما جاء في تقارير المراقبين الدوليين وحسبما شاهد وعاش المواطن السوداني. نقول للنظام جنب بلادك الفتن والتشرذم والاحتراب والاقتتال وكن مثلاً يحتذى به وتعامل مع الأجندة الوطنية المطروحة من قبل المعارضة بصدق وجدية حتى يشعر كل ألوان الطيف السياسي بأنه ممثل ومشارك في القضية السياسية وإلا والطوفان وتلك الموجات البشرية الهادرة التي لا يتنبأ أحد بما تؤول إليه الأمور بعد فوات الأوان.
اللهم جنب بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعل لبلادنا خلاصاً وحلاً سلمياً قومياً ديمقراطياً يتراضى عليه الجميع دونما سفك دماء أو احتراب أو اقتتال. إنك قريب سميع مجيب الدعاء يا رب العالمين آمين.
|
|
 
|
|
|
|
عمر عبد الله فضل المولى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست