|
Re: غارسيا ماركيز: ضوء يشبه الماء (Re: محمود الدقم)
|
(جوادا راما)، مما استدعى حضور فرق الطوارئ والاطفاء الذين بادروا باقتحام باب الشقة عند الطابق الخامس ؛ فهالهم انغمار المكان بهالات النور التي اخذت تفيض من فتحات اعالي السقوف، وقد وجدوا الأرائك والكراسي المغطاة بفراء جلد الفهد تعوم بمستويات ومناسيب مختلفة من النور الذائب، الداخل الى غرفة المعيشة بين مجاميع القناني المنتشرة حول البار جوار البيانو الضخم بغطائه المانيلا الشفاف وقد بدا غارقا الى منتصفه كأنه في عباءة فضفاضة من الشعاع الذهبي، كل المواضيع الشعرية الأليفة التي تضمنتها دروس الشعر والاحاسيس جعلت تطير بكامل اجنحتها الخيالية عبرسماء المطبخ، حتى الآلات الموسيقية للمارشات التي كان الصغار يرقصون على نغماتها بدت هي الاخرى عائمة خلال اللون الزاهي للأسماك الصغيرة التي تحررت توا من امهاتها في الاناء الزجاجي الكبير، كانت تلك هي الكائنات الوحيدة التي بقيت حية في هذا الحفل المبهج والمارشات التقليدية الشائعة، مجاميع فرش الاسنان العائدة لسكان الشقة ظهرت طافية داخل الحمام مع أكياس الواقيات الذكرية التي اعتاد الاب استعمالها، جسر الاسنان الاحتياطي وقوارير الكريمات التي تفضل الام اقتنائها،التلفاز سابحا مرتكزا على احد جانبيه وهو يطفو قرب السرير،ومازالت تعرض على شاشته باستمرار الحلقات الاخيرة من مسلسلات بعد منتصف الليل التي يمنع الاطفال من مشاهدتها. وفي نهاية الهول متحركا مع ميلان المجاذيف والسيل المنهمر، مرتديا قناعه وقليل من الهواء الذي يوصله الى أقرب ميناء، جلس تاتو الى مقود القارب مدققا في البحث عن فنار قريب، وخوليو يخوض امامه عند القيدوم منهمكا هو الآخر في العثور على نجمة الشمال القطبي بناظوره المقرب، سابحا في انحاء البيت مع السبعة والثلاثين طالبا من مرحلته، هائمين في لحظة وجد لاتنتهي حول حوض زهور الجيرانيوم، وقد شرعوا بترديد الاغاني التي يؤدونها في المدرسة، لكنهم راحوا يغيرون بعض الكلمات هنا وهناك لكي تتلاءم ولحظات المرح التي يعيشونها،فتناولوا المدير بقفشاتهم اللاذعة، مختلسين قدحا من البراندي من القنينة التي تركها الاب لكي يتغير التماع الضوء في تزامن تناوبي حتى يفيض منتشرا وذلقا في نفس الوقت داخل اطار الشقة. حضر طلاب صفي مرحلتهما في مدرسة سانت جوليان الثانوية باجمعهم ضيوفا عائمين وسط الطابق الخامس 47 الباسو دي كاستالينا،في مدريد الاسبانية، المدينة المتارجحة بين حر الصيف المحرق وسياط رياح الجليد،حيث لانهر فيها ولا اطلالة من محيط، المدينة التي لن يصدق احد من ابنائها البتة يوما بشيء اسمه علم الابحار داخل الضوء.
المترجم مقيم في الولايات المتحدة الامريكية [email protected]
*ايلاف.
|
|
|
|
|
|
|
|
|