"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-24-2024, 00:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-10-2010, 07:30 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة (Re: عبد الحميد البرنس)

    سارت هي وراءه، وقد وافقت خطاها الملتاعة إيقاع خطواته البطيئة المثقلة، "لابد أن كارثة أخرى في طريقها إلى تدمير ما تبقى من سلام المنزل"، هكذا حدست فاطمة، وهي تتابع تطاير ورقة صفراء نُزعت على نحو من الأنحاء من كتاب "ألف طريقة وطريقة لصناعة الحلوى"، حقا ما عادت الأشياء كما كانت عليه الحال في "أيام مهرجان الخطباء" البعيد، عندما كانت جملة واحدة كافية لتبديد كل تلك الحروبات الصغيرة، أجل... ""قل لهم إن فاطمة مشغولة الآن بمشكلات تخصّ الدولة شخصيا".

    كانت "الهزائم الحضارية المتتالية"، على حد تعبير ناظر المدرسة الأميرية المعني بتدريس "تاريخ حروبات المهدي"، قد حفرت في نفسها عميقاً، لقد أصابتها بنوع من "اللامبالاة" في تلك الأيام، قبل أن تنتفض مثلما ينتفض البطّ أثناء ركضه الأخير، و قد تم "قطع رأسه".

    كان ثمة ريح شمالية جافة واهنة شيئاً ما، تزيل ما تبقى من نداوة ذلك الصباح، وهي تتخلل أغصان شجرة الليمون في أقصى الحوش، ثم تدفع بأوراقها المتساقطة الجافة نحو "مشية الأوروبي المتقنة" البطيئة الحزينة هذه المرة. أخيراً تهالك على مقعد داخل الفرندة ذاتها التي شهدت و قائع دعوة أمّي لها لحضور حفل عيد ميلاد أختي الكبرى التاسع عشر البعيد، و قد بدا غائم النظرات، و هو يشبك يديه وراء رأسه، ماداً ساقيه الملتفتين نحو طرف سجادة فارسية شديدة الحمرة، بينما علا أزيز الثلاجة "كولدير" الجاثمة على يمينه في تزامن مع صوت الريح التي أخذت تولول في الخارج على حين غرة.

    كانت لا تزال واقفة إلى يساره داخل "قميص النوم الوردي الشفّاف"، وقفة سيدة حائرة لا تدري ما يمكن أن تفعله غير مطالعة العالم وهو يغرق أمام عينيها شيئا بعد شيء، ولا تدري أية مصيبة ستقع على رأسها بعد الآن؟. "يا ترى.. بعد مرور كل هذه السنوات.. ألا تزال ذكرى والده تؤلمه إلى هذه الدرجة؟.. أخبرني بالأمس فقط أنه ظل يزوره في المنام كثيراً.. قال إنه يسأله بنصف لسان دائماً.. يقول له.. يا صلاح.. يا ولدي العاق.. لماذا تفعل هذا من بعدي.. ثم يؤنبه بوجه يسيل من جانبيه الدود.. يا صلاح.. يا ولدي.. أمركم الآن لا يعجبني". عندما أتت "وكالة رويتر المحلية" للمرة الثالثة على ذكر الموت "على هذا النحو المقزز"، تلاشت ابتسامة المحافظ، وتقبض وجهه، فطفق ينظر مشمئزاً عبر نافذة مكتبه الزجاجية المطلة على ميدان الحرية الواسع، قبل أن يعود كما كان في السابق متابعاً مجرى الحكاية "الشهيرة" بدقة بوصلة في "أعالي البحار".

    في تلك اللحظة، حين تراءى أمام عينيها مثل طيف حبيب آخذ في الذوبان والتلاشي شيئاً بعد شيء، اقتربتْ منه خطوة، ثم بصوت مرتعش خفيض، خرج من بين شفتيها المرتجفتين، ذلك السؤال الذي ظل يغلي في دواخلها طويلاً كمرجل:

    "ما بك، يا (أبو أمل)"؟.

    وقد تدحرجت دمعته الخرساء أمام عينيها لأول مرة:

    " لاشيء".

    ما إن اقتربت منه أكثر ماسحة على رأسه براحتها التي كانت تعبق برائحة خليط الثوم واللحمة وشرائح البطاطس الطازجة، حتى حدث ما لم يخطر من قبل على ذهن امرأة ظنت نفسها إلى ذلك الحين أنها بمأمن تام، و قد "قطعت في سباق الحضارة خطوات" لا يمكن اللحاق بها.

    هبّ لحظتها واقفاً دافعاً إياها نحو السجادة بقوة أسقطتها أرضاً، ثم استدار بجزعه كله وأخذ يدق حائط الصالة بقبضتيه ناشجاً منتحبا كطفل، قبل أن يمزق على التوالي القميص الأحمر وبنطال "الكوردرايت"، قاذفاً بحذاء "الكموش" كيفما اتفق لتستقر إحدى فردتيه على رأس الثلاجة كولدير كما بدا لعينيها المذعورتين في "كآبة". كانت تحاول جاهدة أن تلملم ما تبقى لها من أعصاب، وهي تزحف نحو ركن بعيد وتراقب بعيني فأر بركان الغضب الذي تفجر داخل زوجها..... بغتة ، كانت قسوة الحائط تضغط على ظهرها، المسافة القصيرة تضيق، وكثيرة هي الدموع التي سالت على وجنتيها قبل أن يتوقف أخيراً وهو يُحكم قبضته على ذقنها المرتعشة، هكذا هكذا، عوضاً عن تحقق كل تلك المخاوف، وجدت نفسها منطرحة على تلك السجادة، عارية تماماً، ساقاها معلقتان على كتفيها، مسامها تتشرب ذلك الخدر الكثيف الغامر مثلما تتشرب الأرض الجافة كوب الماء في نهار ملتهب، بينما يداها تنقبضان وتنبسطان ثم تمسدان ما أمكنها من ظهر ذلك الثقل الجاثم فوقها بذهول وتسليم أزلي مطلق و خالد، بينما هو يعلو ويهبط و يزحر بين أحضانها المشرعة كخمر النسيان العتيقة مثل ثور.

    هنا، هنا فقط، خطر على ذهن الحاج محمود ذلك السؤال:

    "كيف يتسنى الكلام لعانس.. لم تذق طعم الرجال قطّ... وتصف مثل هذه المسائل... بمثل هذه الطلاقة والفصاحة والدقة التي يسيل لها كما الأنهار لُعاب المراهقين أنفسهم"؟. عبر تلميحات غامضة وطرق ملتوية عديدة، طرقت النميمة في الأخير آذان "وكالة رويتر المحلية". لم تغضب، أو تحاول نفي التهمة المبطنة عنها، كانت تدرك بفطرتها الثاقبة تلك الحقيقة العلمية القائلة "إن النار لا تخمدها تماما سوى نار أخرى"، و سمعة المرء مثل غابة "آش"، اشتعلت فيها مرة نار الشائعة، و إذا لم يتم إشعال نار أخرى صغيرة تحيط بمركز الضرر، احترقت الغابة بأكملها. آنذاك، ردت على السؤال بسؤال مضاد أحال التهمة برمتها إلى طرفة، بعد أن وضح لها مصدر الهجوم الحقيقي عليها، قائلة بذات التهكم و الفصاحة اللازمين في مثل هذه المواقف: "وكيف (يا ناس)، بالله عليكم، أن يتأتى لمُسيلمة الكذاب أن يعرف ما دار في ( ذهن) الحاج محمود وقتها، الأسرار من عمل خالق الناس و الحمير وحده"؟.



    يتبع:
                  

العنوان الكاتب Date
"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 04:58 PM
  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 05:11 PM
    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 06:15 PM
      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة ابو جهينة12-05-10, 06:37 PM
        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 00:34 AM
          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:43 AM
            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:03 PM
              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-06-10, 07:11 PM
                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 02:37 AM
                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:00 AM
                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:15 AM
                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 10:58 AM
                        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 05:53 PM
                          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 11:47 PM
                            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 01:36 AM
                              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 09:57 AM
                                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 12:13 PM
                                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 00:08 AM
                                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 07:30 AM
                                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 02:20 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de