"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-24-2024, 04:16 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-07-2010, 11:47 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة (Re: عبد الحميد البرنس)

    في سعيها المحموم لتغيير ملامح الصورة العائلية مرة واحدة و إلى الأبد، لم تكتف أمّي بتوبيخ أختيَّ على سوء اختيارهن "بفصاحة" لمطربين "شعبيين" مثل "القادمات من الريف حديثاً"، بل شرعت لاحقا هي نفسها في إعلان رأيها "الشخصي الخاص جداً جداً جداً"، زاعمة أن مطربها المفضل لم يكن "في يوم من الأيام" سوى "مغني الروك إن رول" الأمريكي الشهير "الفيس بريسلي"، وكان ذلك وحده سببا كافياً لتدمير سمعة فاطمة كمثقفة "إقليمية" مرة و إلى "الأبد"، على الرغم من أن فاطمة ظلت تؤكد في دعاية مضادة، وهي تقلل من شأن المعارف الجديدة لغريمتها، أن أمّي "محدثة النعمة الحضارية" التي هبطت عليها في عمر متأخر "بين يوم و ليلة" لا تستطيع التحدث بطلاقة إلا في أوساط جمهور "أغلبه من الأميّات، اللائى، وا... أسفاه، لا يعرفن حتى ذلك الفرق الواضح... ما بين البوظة التركية والآيس كريم الألماني".



    بعد طول قطيعة، وصلت خلالها العلاقة بين الجارتين إلى طريق اللاعودة، قبلت فاطمة ضحى ذلك اليوم دعوة أمي لحضور حفل عيد ميلاد أختي الكبرى التاسع عشر، حيث كان في انتظارها وهي تفتح باب الحوش الخارجي لبيتها "في شرود تلك الأيام" مفاجأة أن تمحو غريمتها "التاريخية" ما جرى هكذا، بكل بساطة، و "يا... للجرأة"!.

    أجلستْ فاطمة وقتها أمّي داخل الفرندة، إلى يسار الثلاجة "كولدير"، وعلى ذات المقعد الذي سيشهد المأساة، ثم وقفت أمامها إلى اليسار قليلاً، تماماً مثلما ستقف قبالته عند بداية تلك المأساة، قبل أن تحضر مقعداً لها هي، وتجلس غير بعيد مترقبة و متطلعة إلى أمّي في برود قاتل.

    امتصت أمّي كل ذلك، وهي تستعيد من ذهنها مقاطع كاملة من كتاب: " فنون حرب المجتمع". وحين لم تحرّك فاطمة ساكناً من آداب الضيافة حتى تلك اللحظة، بل ذهبت إلى مدى أبعد في معاودة النظر إلي أمّي من أعلى إلى أسفل و "بالعكس"، تيقنت أمّي لحظتها أن "العدو" وفق تعاليم الكتاب ما ينبغي له أن يفرض على المرء "مكان وزمان المعركة ونوعية السلاح". هكذا ابتسمت أمّي وهي تكسر حدة الصمت المميت قائلة بلهجة مَن أدركه ولع الخبث على كبر: "والبنت طبعاً قطعت دراستها في الجامعة، جامعة الخرطوم طبعاً، ثم جاءت لتحتفل بيننا، ومن العيب طبعاً أن ترانا نحن الكبار مرة أخرى هكذا، ويعلم الله وحده كم تدين لك (يا فاطمة) بالمحبة والفضل في قلبها".

    أَلانَ صوت أمّي الذي بدا لحظتها نابعاً من الأعماق وجه فاطمة الذي أعمى بصيرته فيما يبدو وقع الزيارة المباغتة التي حالت دونه وفهم لهجة أمي التي انطوت وراء ظاهرها المتسامح على ما هو أسوأ. بدأ وجه فاطمة الذي ظل محافظاً على قسوته لفترة، يلين أكثر فأكثر، حيث لاح طيف الإبتسامة الساخرة التي يبدو أنها وُلِدَت معها على طرف فمها الأيمن أولاً، ثم وفي لحظة واحدة نهضتا وتعانقتا وذابتا معا داخل الفرندة كجارتين جمعت بينهما برغم رواسب الماضي التي لا تنسى ذكريات طفولة بعيدة، وقد ألقتا عبء ما حدث كله على كاهل "الشيطان الذي يفرق حتى بين المرء وزوجه". عيناي تدمعان الآن. لقد كان ذلك العناق الأخير لهما كجارتين قديمتين في هذه الحياة.

    "وكالة رويتر المحلية"، أشاعت أن فاطمة أعلنت في نفسها حينذاك عن "قبولي للتحدي" وأنها لا تخشى على الإطلاق من الدخول في ما أسمته "مواجهة حضارية فاصلة"، مؤكدة أن جارتها "محدثة النعمة الحضارية" بهذه الدعوة "وا... أسفاه.... تحفر قبرها بيديها". أمّي التي سبق لها و أن حضرت وقائع دورة تدريبية "سرية" عقدها حزب التقدم في دار تقع إلى الجوار من بيت المحافظ تمشيا مع حكمة أن "القرب الشديد يحجب" لم تعلق بشيء أمام "وكالة رويتر المحلية". فقط ابتسمت بلطف.

    على أعتاب عيد الميلاد "المشهود"، رأى الحاج محمود في إحدى لحظات بوحه النادرة أن أمّي قد تعاملت وقتها مع "تحديات جارتها السافرة" من باب "فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ". وقال لسبب ما "هذا الكتاب لا يغادر كبيرة، أو صغيرة، و إلا أحصاها".

    كانت الأقاويل تترى من كل حدب وصوب إلى آذان الحاج محمود، الذي أخذت تغزو ذهنه و في وقت وجيز "أشياء ما أنزل الله بها من سلطان"، و الذي حسب بعض المقربين منه لم يعد يدهشه شيء "في دار الغرور بعد كبيرة مُسيلمة الكذاب" التي اعتبرها بمثابة "النذير المبكر" لما يحدث في "هذه الأيام".

    وعلى الرغم من أن "مصادر خاصة" رفض تسميتها أكدت له أن فاطمة عانقت جارتها في بيتها فقط من باب "لا ينبح في فراشه إلا كل ب"، بل وأضافت (نفس المصادر) لاحقاً أنها جاءت إلى الحفل مرتدية فستاناً ضيقاً من المخمل وافق اسم الموضة السائدة آنذاك باسم "دموع أم كلثوم الغنائية"، إلا أن الخبر الذي اتسم حقا ببعض الطرافة كان من نصيب "وكالة رويتر المحلية" نفسها، عندما أشارت إلى أن فاطمة أقبلت خلال ذلك المساء الحار بعينين واثقتين لم تنفكا قبل بدء فواصل الرقص من القول يمنة ويسرة: "يا أهل المدينة، انظروا، ها هي، فاطمة نفسها، انظروا إليها، ما أحلاها، حضارية جداً، تخطر في بيت غريمتها هكذا، هكذا هكذا".

    "وكالة رويتر المحلية"، ما عادت تستقر في مكان واحد خلال تلك الأيام، التي سبقت و أعقبت في آن تفاصيل عيد الميلاد، حيث أكدت للمحافظ الذي جاء إلى الحفل متأخرا بعض الشيء والذي بدا لسبب ما حريصاً على دقة متابعة تطورات العلاقة بين الجارتين منذ أحداث ذلك المجلس البعيد الذي شهد وقائع "هزيمة الأسرة الحضارية" أن أمّي همست في أذن رئيسة تحرير مجلة "نهضة المرأة" المحلية الجالسة إلى جوارها قائلة بصوت تردد صداه بين جنبات السكون الشامل الذي ران لحظة دخول فاطمة فجأة:

    "هذا الفستان لا يصلح لرقصة السامبا".

    الحق، "الحق أقول لكم" يا أصدقائي إنها جاءت في ذلك المساء مرتدية "رموش شادية الناعسة"، لا "دموع أم كلثوم الغنائية"، فستان من الساتان الأسود اللامع أبان أدق تفاصيل جسدها اللدن المشدود حتى وهي تعبر عقدها الرابع بنحو العام، كان بلا أكمام، تلتف حوله خطوط فضية متباعدة ذات حواف مشرشرة. وبينما تراءى على كتفيها فرو ثعالب أصفر باهت تفوح منه رائحة "النفتالين"، بدت في ذهن الحاج محمود الغائب كما تخيل عدد من الخبثاء بالنيابة عنه مثل حورية خارجة للتو من كتاب "فضائل الجنة". كانت تخطر بخيلاء على أرض الفناء المرصوفة حديثاً بالأسمنت وكسار الآجر بحذاء أصفر ذي كعب عال أطلق عليه الحمّالون في الميناء النهري اسم "سفينة الشيطان"، على الرغم من أنه قد اتخذ في مجالس الصفوة اسماً آخر أكثر شاعرية ودلالاً:

    "أتهادى نحو أحلام قلبك الوردية، حبيبي".



    يتبع:
                  

العنوان الكاتب Date
"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 04:58 PM
  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 05:11 PM
    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 06:15 PM
      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة ابو جهينة12-05-10, 06:37 PM
        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 00:34 AM
          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:43 AM
            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:03 PM
              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-06-10, 07:11 PM
                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 02:37 AM
                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:00 AM
                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:15 AM
                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 10:58 AM
                        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 05:53 PM
                          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 11:47 PM
                            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 01:36 AM
                              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 09:57 AM
                                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 12:13 PM
                                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 00:08 AM
                                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 07:30 AM
                                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 02:20 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de