"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-24-2024, 06:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-07-2010, 10:58 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة (Re: بله محمد الفاضل)

    شكرا للمبدع بله، محبة لك وللناس بلا حدود، ولعلك تذكر هنا نصّ (أبوجهينة) الشعري البديع حقا: لا تشكيلي ببكيلك.



    تحولت الأنظار نحو فاطمة آن استقر شريط الشمس المنسحب عند قاعدة النافذة. كانت لا تزال تقلب في صفحات ذلك الكتاب الذي ظلت تحمله معها لأمر أو لآخر كلما أتت لزيارتنا في تلك الآونة. و قد ارتسم على طرف فمها الأيمن طيف ابتسامة ساخر زاد من ألق عينيها الجميلتين اللتين رفعتهما فجأة نحو السقف، ثم ما لبثت و أن عادت ماسحة وجوههن القلقة المترقبة بنفاد صبر وحيرة بنظرة نصف مروحية بطيئة وامضة، قبل أن تنكفيء مرة أخرى على كتاب "ألف طريقة وطريقة لصناعة الحلوى" مؤججة بذلك نار الانتظار بلا طائل، وكن قد فطن إلى صمتها الملغز الممتد فيما بدا بلا نهاية حين فرغن من إجاباتهن المتدافعة وشرعن في التطلع إليها متوقعات بنفاد الصبر نفسه أن تُلقي إليهن بإسم مطرب آخر، ربما لتكتمل دائرة المقارنة الأنثوية القاتلة، ربما ليأخذ الحديث بعدها مجرى مختلفاً، أو ربما ليفتحن باباً آخر قد يُفضي إلى خارج أتون الحرارة الذي لا يُحتمل.

    كانت أمي تتفرس وقتها في وجه فاطمة محاولة جهدها كله أن تحذر ما يدور في خلد جارتها وفمها فاغر وعيناها مليئتان بالعجز والخوف والفزع من تحقق هواجس غامضة بعيدة للمرة الثانية، وقد تراقصت في ذاكرتها مرة واحدة عفاريت هالة المجد الكاذبة التي أحاطت برفيقة طفولتها و صباها في زمان سابق لكم ودت أن يتلاشى من ذاكرتها بلا رحمة و دونما رجعة. حين رفعت فاطمة رأسها أخيراً بدا في اللحظة عينها ربما لكثافة صمتها وكأن لا وجود لتلك الآنسة المدعوة "وكالة رويتر المحلية"، البتة!.

    كانت تلقي وقتها خطاب "طلائع المدينة الثورية". وكانت في نحو الثالثة عشرة من عمرها، حين مال الرئيس السابق "شخصيا" برأسه أسفل الخيمة المنصوبة خلال زيارته الأولى و اليتيمة إلى المدينة نحو وزير "الموارد البشرية" الجالس آنذاك إلى يمينه كمن يتأهب لدخول الحمّام في أية لحظة. وما إن همس الرئيس في أذن وزيره، حتى رحلت علامات الملل عن وجهه تماما، وشرع ينصت كوزير "عزب" لخطاب الحسناء اليافعة، حالماً تارة ومُبدياً إعجابه عبر إيماءات عديدة تارة أخرى، وإن بدا في كثير من الأحيان وهو ينظر إلى الصبية وفق ذلك النحو كمزارع يمعن النظر في أرض بكر إذا ما عُهد بها للرعاية و السقاية ستنبت الكثير و "لا شك" من الثمار الطيبة. لتنطلق فور انقضاء "مهرجان الخطباء الأحمر" إشاعة قوية في المدينة يقال حسب شهود عيان تلك الواقعة إن مصدرها المحافظ الأسبق نفسه تفيد أن الرئيس قد "قرر في لحظة إلهام رئاسي رصين تزويج فاطمة" بعد عامين على "أكثر تقدير" لوزيره "الشاب الأعزب الوسيم".

    الجميع أخذ يتذكر كيف ازدحم بيت والديها إثر ذلك بأرباب المطالب وأصحاب الالتماسات الخاصة. كان من بينهم حتى مَن تمنَّى مشاركة الرئيس نفسه على "طعامه الأكثر ثورية في العالم و لا بد". لقد تقاطرت عليها وقتها من أصقاع المدينة المختلفة هدايا ثمينة مجهولة المصدر أحيانا قال بعض رُسُلِها إنها مجرد تعبير بسيط عن حب المدينة وتقديرها الخاص لابنتها "الواعدة". كان الأمر من الجدية بمكان أن قام المحافظ وقتذاك بتعيين حراسة خاصة ظلت ترافقها أينما حلت، و كان ذلك كله يقذف بأترابها من أمثال أمّي في هوة سحيقة من ظلام الغيظ أو الغيرة. و الأكثر مرارة من رواسب تلك الأيام أن فاطمة توقفت بعدها حتى عن تحية أقرانها "ناهيك عن اللعب معهن". كانت ترد على مكائدهن "الصغيرة" بكلمات سلبت لبّ الكبار أنفسهم قائلة من داخل هالة السلطة المهيبة "قل لهم إن فاطمة مشغولة الآن بمشكلات تخصّ الدولة شخصيا". ذلك ما كان من أمر الأمس. ولم يدر في ذهن أكثر الناس مقدرة على التخيل بعد ذلك أن ينتهي بها المطاف كزوجة لصلاح "بتاع الدكان الرجعي".

    لقد وُئد حلم فاطمة حسب شهود عيان لحظة الانقلاب العسكري الذي أطاح بعالم الرئيس في ظرف أقل من عام من نهاية ذلك المهرجان. وإن لم تغادرها حتى الممات نزعة التميز والشعور بالتفوق برغم ضيق ذات اليد والوسائل. وكانت النتيجة أنها غدت متخمة بتطلعات نساء الطبقة الوسطى في تلك الأيام بدءاً من اقتناء الثلاجة "كولدير"، مروراً بالنظر إلى عامة الناس من "علوٍّ شاهق"، وانتهاء إلى مُناصرة جمعية "رائدات نهضة المرأة الحديثة".

    هناك، قبالة أمي و الآنسة "وكالة رويتر المحلية "، عند طرف السرير الموازي للحائط الخالي من النوافذ، وبينما فاطمة التي توسطت مجلسهن توشك أن تتكلم بالعبارة "ذات الدفع الرباعي الماحقة"، كانت أختي الأصغر قد تحولت بالفعل إلى أذن فيل ضخمة، وهي تعلن بظهرها المشدود وصدرها اليافع المندفع إلى الأمام عن حرصها الشديد على متابعة أمر لا ترغب في أن يفوتها منه شيء. لقد كانت ذات الشقيقة، التي سأراها بعد مرور نحو خمسين عاما، وهي تعظ مجموعات النساء في أحياء المدينة المختلفة، قائلة في ختام كل موعظة "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ".

    كانت أختي الكبرى القابعة عند الطرف الآخر تجاهد في تلك اللحظة ما أمكن لطرد ذبابة خضراء لم تنفك طوال تلك الدقائق من الطنين حول رأسها والسير على صفحة وجهها كلما سكنت. "مطربي المفضل هو الموسيقار عثمان حسين"، قالت فاطمة بفخامة، و تهللت إثر ذلك لسبب يعلمنه جيدا أسارير "وكالة رويتر المحلية"، في حين هبط على إناث الأسرة صمت ثقيل قاتل أمكن خلاله سماع صوت دبيب أقدام نظرات الحسد الخافتة.


    يتبع:
                  

العنوان الكاتب Date
"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 04:58 PM
  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 05:11 PM
    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 06:15 PM
      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة ابو جهينة12-05-10, 06:37 PM
        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 00:34 AM
          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:43 AM
            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:03 PM
              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-06-10, 07:11 PM
                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 02:37 AM
                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:00 AM
                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:15 AM
                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 10:58 AM
                        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 05:53 PM
                          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 11:47 PM
                            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 01:36 AM
                              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 09:57 AM
                                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 12:13 PM
                                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 00:08 AM
                                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 07:30 AM
                                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 02:20 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de