|
Re: بحــــــــيرة المناصــــــــــير: هل توفر حلا لمشكة اعادة التوطين؟ (Re: Asskouri)
|
كانت خطة الدوله الاساسيه هي تهجير المناصير قسريا الي مشروعين صحراويين بنت احدهم في صحراء النوبه والاخر جنوب شرق الدامر في صحراء البطانه. غضبت الدوله وزمجرت واكفهر وجهها واستشاط غضبا عندما اعلنت الغالبيه الساحقه للمناصير ( قرابة ال 80%) رفضها للهجره الي الصحاري. ولجاءت الانقاذ لطريقتها الوحيده في مجابهة كل من يرفض لها امر وقرارا. ارسلت الدوله اكثر من 23 عربه دفع رباعي ( تاتشر) محمله بمدافع الدوشكا لترهب المناصير وتجبرهم علي الهجره الي حيث قررت. نصب المناصير شراكهم وتم احتجاز القوه المعتديه فاستعانت الدوله بلجنه مخترقه واجرت لها طائرة طوافه وارسلتها الي المنطقه لتخليص القوه المحتجزه من الاهالي قبل مغيب الشمس حيث كان الاهالي يعدون للانقضاض عليها ليلا. خرجت القوه ولم تعد. كانت تجربة ارسال القوه مفيده لاجهزة الدوله حيث علمت ان المناصير ليسوا من ينكسرون امام التهديد والوعيد كما انهم لا يخشون النزال ولا يهابونه، وان ابنائهم هم عماد قوات الدوله ولهم صولات وجولات في مؤسساتها العسكريه وتاريخهم وتاريخ اجدادهم البطولي محفور بأحرف من نور، وليس المناصير من يتخاذلون في الدفاع عن ارضهم وعرضهم.
كان اخر ما في جعبة الدوله هو استخدام الماء كسلاح لاخراج المناصير. واعتقد منظروا الكارثه ان المياه كفيله بتحقيق ما فشلت فيه اليات الدوله الاخري. فتحت الدوله ابواب جميع الخزانات بالسودان لحجز اكبر كميه من المياه بالمنطقه لاحداث اكبر قدر من الضرر للمواطنيين. أُفشل الموسم الزراعي بكامله في مشروع حلفا الجديده بعد تمرير المياه الضروريه للزراعه لاغراق المناصير. ذهبت كل مياه الخزانات ادراج الرياح وسط صخور وجبال المناصير وبقيت مناطق بكاملها دون تأثير يذكر.
استجمع المواطنيين كل طاقاتهم للعمل الجماعي وانقذوا القري قرية بعد قريه. فات علي الحكومه ان المياه لن تغرق القري مرة واحده وفي وقت واحد. وطالما كانت القري تغرق بالتتالي كان المواطنون ينتقلون قبل الماء من انقاذ قريه الي انقاذ القريه التاليه قبل ان يبلغها الماء. تم انقاذ جميع المخزونات من المحاصيل والسلع، كما تم انقاذ الابواب والشبابيك والسقوفات لاعادة استخدامها، كما تم انقاذ اثاث المدارس والمستشفيات التي تركتها الدوله لتغرق.
ودون ترتيب نهضت فوق الجبال قري جديده بكاملها وفتحت الطرقات واعيدت خدمات المياه بالجهد الذاتي. وركنت العربات التي لم يعد استخدامها ممكنا وظهرت الالاف من الموتربوت تمخز مياه البحيره حتي بداء الامر وكأن المجتمع كان يعد العده من قبل سنوات لهذه الكارثه. وحقيقة كان ظهور الموتربوت وبكثره وفي فتره وجيزه هو اكثر ما اثار استغرابي في كل تفاصيل الكارثه. اذ ما كادت المياه تبداء في الارتفاع، حتي ظهرت عشرات الموتربوت، ثم اذداد العدد بصوره دراميه فاصبح بالمئات، ثم بالالاف. ومن اغرب الاشياء ان مياه البحيره وبالرغم من كثرتها واتساعها لم تؤثر مطلقا في حركة المواطنيين اليوميه. انتقل الناس من العربات والدواب الي الموتربوت في سلاسه لا يستطيع ان يتصورها الانسان. مجتمع بكامله ينتقل من وسيلة تنقل الي اخري بين ليله وضحاها ودون ترتيب سابق. لم اكن اتخيل مطلقا ان مجتمعنا له القدره علي هذا التحول وبهذه السرعه والسلاسه.
من واقع التجربه استطيع ان اقول ان للمجتمعات خصائص كامنه لا يدركها الانسان إلا في وقت الكوارث النازله. بالرغم من انني لم اسمع باي فرد يتخذ احتياطات لايام الغرق، إلا ان سرعة رد فعل المجتمع وتفاعله مع البيئه الجديده وسيطرته عليها وتطويعها باليات جديده امر يثير الاندهاش. ان امر التحولات التي وقعت في مجتمع المناصير وتفاعل المجتمع معها بتلقائيه مطلقه ومجابهته للكارثه بموارده الذاتيه واعتماده علي خبرته المتراكمه للبيئه من حوله، امر غير مسبوق وهو امر جدير بالاستفاده منه بالدراسه والتوثيق خاصة من المختصين في علوم الكوارث والازمات وعلماء الاجتماع وغيرهم.
قالت لي احد ي موظفات الامم المتحده بعد أن زارت المنطقه " ان حجم الكارثه اكبر من كل تصور" فقلت لها بعد ان شكرتها" إن ارادة اهلنا واصرارهم للبقاء فوق ارضهم اكبر مما تتخيل الدوله، او ما تستوعب منظمات الامم المتحده"
نواصل
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|