|
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كنت أضع كلتا يديّ داخل جيبي بنطال الجينز الأزرق الوحيد. أحدق في تفاصيل الحارة هنا وهناك. أمامي، عبر الشارع الضيق القصير المترب، بدا سروجي سيارات شاب يعمل على شيء ما ومحل نجارة و"بقالة نور التقوى والايمان". ثمة مخبز عند الناصية الشمالية الشرقية من الحارة. وقريبا، إلى اليسار، بدا "جزار الأمانة" بلحيته المستديرة السوداء ولسانه المتدلي ويديه البارعتين منهمكا في سلب ساق كثيرة الدهن، بينما أخذ يبتسم في وجهي الحلاق المجاور له بلا سبب، ناظرا إلى هيئتي العامة، متوقفا عند شعري الخشن على وجه الخصوص. هؤلاء الحرفيون، لعجبي المتزايد يوما بعد يوم، يتفحصون بوقاحة حتى المشية، الإيماءة، درجات الشهيق والزفير في الهواء، ما يوجد داخل أكياس الطعام، يلوون أعناقهم لقراءة عناوين الكتب المحمولة على يدي، ولو وجد أحدهم الفرصة الملائمة لقياس فاعلية عمل الخصيتين لما تردد لحظة.
أكثر ما ظلّ يثير أعصابي عند رؤية هؤلاء تلك الإبتسامة الخفيّة التي تظلل شفاههم وقت أن أقوم بضبطهم بينما يمارسون هواياتهم العتيدة على ذلك النحو. لاحقا، غدا من رابع المستحيلات، يا أصدقائي، والحال تلك أن تدلف امرأة إلى داخل شقتي خلسة. كانت نواعم، قبيل صعودها، قد أشارت إلى شقة في الطابق الأرضي، لا تقابلها شقة أخرى، على بابها ذي الطلاء البني القاتم بدا قفل رمادي متآكل الحواف. أجل، كانت نفس تلك الشقة التي خرجت منها ذات ليلة صيفيّة عاريا تماما كما ولدتني أمّي. قالت نواعم:
"هذه هي الشقة المعروضة للإيجار".
كان للشقة فتحة صغيرة قرب حدود السقف تشبه كوَّة زنزانة من عصر سحيق. ولما طال انتظاري لها، أشعلت بعد تفكير ذلك النصف المتبقي من آخر سيجارة متبقية بآخر عود ثقاب.
بدأت أتطلع إلى بلكونات وأبواب ونوافذ شقق البنايات المقابلة. وقد خيل إليَّ للحظة وكأن مئات الأعين المختبئة خلفها تتفحصني كفريسة محتملة من أعلى قمة رأسي حتى أخمص قدميَّ. للأسف، لم يتبق من السيجارة سوى طعمها المر في حلقي. كنت أفكر في مها الخاتم كأحد تلك الأحلام المستحيلة، عندما أقبلت أخيرا نواعم هابطة السلالم الأخيرة مثل كرة قدم تم ركلها هذه المرة من ضربة حرة مباشرة. كانت تلهث وفي أعقابها مباشرة أقبل مالك العقار، رجل خمسيني، رائق البشرة، بدين، ربعة، على جبهته علامة سوداء من أثر السجود الطويل. كان في هيئته العامة أشبه بقواد من عهد هارون الرشيد.
يتبع:
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | عبد الحميد البرنس | 11-22-10, 10:02 PM |
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | عبد الحميد البرنس | 11-22-10, 10:36 PM |
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | عبد الحميد البرنس | 11-23-10, 11:02 AM |
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | عبد الحميد البرنس | 11-23-10, 11:14 AM |
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | عبد الحميد البرنس | 11-23-10, 06:36 PM |
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | عبد الحميد البرنس | 11-24-10, 09:43 PM |
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | عبد الحميد البرنس | 11-24-10, 11:36 PM |
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | حذيفه ابراهيم الكباشي | 11-24-10, 11:58 PM |
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | معتصم ود الجمام | 11-25-10, 01:45 AM |
Re: أكثر رحمة من تسول المبيت لدى أشقاء السلاح | عبد الحميد البرنس | 11-26-10, 00:40 AM |
|
|
|