د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-08-2024, 05:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-25-2010, 11:31 PM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! (Re: محمد الزبير محمود)


    الأخ محمد الزبير
    تحية طيبة
    نواصل ما بدأناه من رد على النقاط التي أثرتها وسيكون تركيزي في هذه المداخلة على أمر الصلاة.. فأنت تقول:
    Quote: اما فيما يخص الصلاة فنعلم جميعا إجماع المسلمين على وجوبها سفرا وحضرا ما دام العقل حاضر ولا تسقط ولا يأخذ اي إنسان صلاة أخرى غير الصلاة التى علمنا إياها نبينا الكريم وقال صلوا كما رأيتموني أصلي وأمرنا بالتقليد ولا اصالة هنا ولم يقل كما تاخذونه من شرعكم الخاص

    وظننت انك تدلل على اسقاط الجمهوريين للصلاة بايرادك النص الذي يقول:
    Quote: ويصبح شأن الآية ((إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)) مع المسلم الذي يمر بمرحلة الإيمان، الذي هو مرتبة الأمة الأولى، أن الصلاة الشرعية، في حقه، فرض له أوقات يؤدى فيها، فإذا ارتقى: بحسن أدائها بتجويده تقليد المعصوم، حتى ارتقى في مراقي الإيقان، التي ذكرناها، حتى بلغ حق اليقين، وسكن قلبه، واطمأنت نفسه، فأسلمت، طالعه المعنى البعيد لكلمة ((موقوتا)) في الآية ((إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)) وذلك المعنى، في حقه هو، أن الصلاة الشرعية فرض، له وقت ينتهي فيه، وذلك حين يرتفع السالك إلى مرتبة الأصالة، ويخاطب بالاستقلال عن التقليد ويتهيأ ليأخذ صلاته الفردية، من ربه بلا واسطة، تأسيا بالمعصوم.. فهو، حينئذ، لا تسقط عنه الصلاة، وإنما يسقط عنه التقليد، ويرفع من بينه وبين ربه، بفضل الله، ثم بفضل كمال التبليغ المحمدي، الحجاب الأعظم.. الحجاب النبوي."

    وهذا نص يؤكد الصلاة ويثبت عدم سقوطها كما جاء فيه (فهو، حينئذ، لا تسقط عنه الصلاة، وإنما يسقط عنه التقليد، ويرفع من بينه وبين ربه، بفضل الله، ثم بفضل كمال التبليغ المحمدي، الحجاب الأعظم ) بل أنه ليؤكد للصلاة أهميتها وقيمتها كوسيلة لغاية أكبر منها هي الحضور مع الله بلا غفلة.. وهو فهم يجد سنده في القرآن (وأقم الصلاة لذكري) و(إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر * ولذكر الله أكبر) فما هو هذا "الذكر" الذي هو أكبر من الصلاة ان لم يكن هو الحضور مع الله بلا غفلة؟!! إنه هو "الصلة" مع الله التي قال عنها النبي المعصوم (الصلاة صلة بين العبد وربه) والتي جعلت الصلاة الشرعية وسيلة لها وقد عبر عن ذلك النبي الكريم حين قال (الصلاة معراج العبد الى ربه)..
    في الحقيقة لا أعتقد أن هنالك رجل عرف للصلاة فضلها وأهميتها مثل الأستاذ محمود محمد طه ولذلك جاءت دعوته للمسلمين لأن ينتبهوا لها ولفضلها ويجودوها وشدد على الحرص على صلاة القيام وهي سنة مؤكدة حتى يقوم أمر الأمة عليها وقد أتيت أنت بنص يؤكد ذلك جاء فيه:
    Quote: وصلاة الثلث هي أهم صلاتك ، وأكثرها نفعاً ، وبركة.. وهي قد كانت مكتوبة على النبي ، ولم يكن الأصحاب إلا مندوبين إليها ندبا ، غير مكلفين بها شرعاً.. وهي اليوم ، بفضل الله ، ثم بفضل حكم الوقت ، قد أصبحت مكتوبة على هذه الأمة المعاصرة ، التي يطلب إليها أن تبعث سنة النبي ، بعد إندثارها ، لترقى ببعثها إلى مقام الأخوان ، أولئك الذين تشوق إليهم النبي حين قال : ((وا شوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا : أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟؟ قال : بل أنتم أصحابي !! وا شوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا: أولسنا إخوانك يارسول الله ؟؟ قال : بل أنتم أصحابي !! وا شوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا : من إخوانك ؟؟ قال : قوم يجيئون في آخر الزمان ، للعامل منهم أجر سبعين منكم !! قالوا : منا أم منهم ؟؟ قال : بل منكم !! قالوا : لماذا ؟؟ قال : لأنكم تجدون على الخير أعوانا ، ولا يجدون على الخير أعوانا..))..
    وآية فرضية صلاة الثلث على النبي ، وتخصيصه بها ، قول الله تعالى : ((ومن الليل فتهجد به نافلة لك.. عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا..)).. وقول الله تعالى : ((يا أيها المزمل !! * قم الليل.. إلا قليلا * نصفه ، أو إنقص منه قليلا * أو زد عليه.. ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا * إن ناشئة الليلٍ هي أشد وطأً.. وأقوم قيلا * إن لك في النهار سبحاً طويلا * وأذكر إسم ربك ، وتبتل إليه تبتيلا * رب المشرق ، والمغرب ، لا إله إلا هو.. فأتخذه وكيلا)).. وفي هذه الآيات تجيء فضيلتها أيضاً ، وهي إعداد القائم بالثلث إعداداً به يتهيأ لتلقي العلم اللدني : ((إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا)).. القول الثقيل ، في حق النبي ، إنما هو القرآن ، والعلم اللدني.. وفي حق العباد ، المجودين ، إنما هو العلم اللدني..وكيف يعده القيام لتلقي العلم اللدني العظيم ؟؟ الجواب : لأن ذلك الوقت من الليل إنما هو وقت صفاء النفس ، لسكون الليل ، وهدوء البال : ((إن ناشئة الليل هي أشد وطأً.. وأقوم قيلا)) يعني يواطيء فيها القلب ، اللسان ، فيستقر القول ، ويستقيم الخاطر ، ويطمئن القلب ، وتستوي لكل أولئك ، الفطرة ، فتفيض المعارف الإلهية ، اللدنية فيضاناً يغمر القائم ، الموفق إلى التجويد، من جميع أقطاره

    وبدل من أن يجعلك هذا النص تتريث في الحكم علينا كمسقطين للصلاة خاصة وقد بدا لك أننا لا نقلل من شأن الصلاة الشرعية بل أننا نوكدها ونزيد عليها قيام الليل ذهبت لتستنكر علينا ذلك وتحتج على التزامنا بهذه الصلاة كواجب بعد أن كانت ندبا على الأصحاب رغم أننا ذكرنا أن عودة الإسلام مرهونة باتباع سنة النبي وليس عمل الأصحاب ذهبت لتصرف هذه الدعوة مصارف تثبيطية بقولك:
    Quote: صلاة الليل لم تكن من الواجبات الدينية ومحمود يرفعها لدرجة الواجب بحكم العصر فهل لنا ان نبحث في آثارها ونقول أنها تهلك الناس بالسهر و التعب مع العمل الطويل من الصباح حتى المساء

    ومن يتبع سنة النبي في عبادته يكون أدخل في الدين ممن يتبع شريعة الأمة وسيتتضح هذا عندما نتحدث عن الزكاة ونبين الفرق بين زكاة النبي وزكاة الأصحاب.. كما قلت سيكون تركيزي في هذه الماخلة على أمر الصلاة وعلى اهتمام الأستاذ محمود بها وعلى تبيين قيمتها وفضلها.. فالناس اليوم ورغم اكتظاظ المساجد بهم الا أنهم لا يصلون والدليل هو الفساد الذي اضحى ينخر في عظم الأمة الإسلامية وخاصة عند أدعياء الدين من اخوان مسلمين ووهابية..
    لقد أثار السلفيون لغطا كثيرا حول أمر الصلاة هذا وألف بعضهم الروايات حوله ويحمد لك أخي محمد الزبير انك تجهد نفسك بقراءة نصوص كتب الأستاذ محمود والاستدلال بها وهذا في حد ذاته عمل ايجابي وهو ما من أجله قمنا بتوفير هذه النصوص على موقع الفكرة رغم ان قراءتك للنصوص قراءة مغرضة وكما يقول المثل (الغرض مرض) ولو انك حسنت الظن لرأيت في هذه النصوص دعوة حقيقية للصلاة.. دعني انقل اليك بعض ما كتبه الأستاذ محمود حول أمر الصلاة من نصوص كان قد جمعها الجمهوريون في كتيب أخرجوه في عام 1976 تحت عنوان "ماذا قال الأستاذ محمود محمد طه عن الصلاة؟" وقد جاء في مقدمته:
    Quote: إن دعوتنا، في حقيقتها، إنما هي دعوة إلى الصلاة... الصلاة هي المحور الذي تدور حوله دعوتنا... ولقد قررنا في متن هذا الكتاب أن ببعث الصلاة، بعث الإسلام.. لأن بالصلاة تحقيق العبودية والعبودية غاية الإسلام.. بل هي الإسلام، تماما..
    ونحن أكبر من عرف قيمة الصلاة اليوم، وأكبر من عرف كيفية الصلاة، اليوم!! ولقد نعلم أن الناس، كافة، على "أمية" من "قيمة" الصلاة، و"كيفية" الصلاة! إنهم لا يصلون!! ونحن، بدعوتنا إياهم إلى بعث الإسلام، إنما ندعوهم إلى أن يصلّوا!! بعد أن يحصلوا "علم الصلاة"....
    إن الحديث عن الصلاة حديث في آصل أصول الدين... ومن الدين "علم مكنون"... و"إن من العلم كهيئة المكنون، لا يعلمه الاّ أهل العلم بالله، فإذا تحدثوا به لا ينكره الاّ أهل الغرة بالله.".. كما هي قولة النبي الكريم الجامعة .. فليصطنع معارضونا التقية وهم يتناولون موضوع "الصلاة"، وليحذروا أن يكونوا من أهل "الغرة بالله!!"..
    إننا نحن الأخوان الجمهوريين – من شروط إلتزامنا بدعوتنا الإلتزام بإقامة "صلاة القيام"... لأننا، نلتزم بالسنّة النبوية، وندعو إلى الإلتزام بها.. و"صلاة القيام"، عندنا، أهم الصلوات بعد الصلاة المكتوبة.. وهي قد كانت فرضا على النبي الكريم.. وهي، اليوم، فرض على السالكين في طريقته...

    أرجو أن تضطلع على هذه النصوص بعقل مفتوح عسى أن يفتح الله بيننا و بينك بالحق:


    المسلمون اليوم لا يصلون
    قال الأستاذ محمود محمد طه في خاتمة كتابه "تعلموا كيف تصلون":
    ((صلوا!! فإنكم لا تصلون.. هذا الحديث يساق إلى كل المسلمين.. ويساق، بصورة خاصة، إلى الذين يعمرون منهم المساجد، اليوم، ويستشعرون الرضا عن أنفسهم.. صلوا!! فإنكم الآن لا تصلون.. ولا تغرنكم هذه الحركات الآلية التي تؤدونها، فإنها لا روح فيها.. إنها (جثة بلا روح)، بدليل أن أخلاقكم ليست أخلاق المسلمين.. ولم يقل النبي الكريم: (الدين العبادة).. وإنما قال: (الدين المعاملة..).. وفي المعاملة الحسنة ـ المعاملة الإسلامية ـ العبادة موجودة.. لأن (الأخلاق الإسلامية) إنما هي ثمرة (العبادة الإسلامية).. ولكن قد تكون هناك عبادة بلا معاملة.. وهذه إنما تعتبر عبادة باطلة.. إن صلاة المسلمين، اليوم، هي الصلاة التي قال عنها القرآن: (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون * الذين هم يراءون * ويمنعون الماعون..)..))
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه، فالصلاة صارت "جثة بلا روح"... ماتت!! ولذلك دعا المسلمين إلى أن يصلوا من جديد، وإلى أن يبعثوا الروح في صلاتهم...

    عودة الروح إلى الصلاة بإدخال الفكر فيها
    وقال الأستاذ محمود محمد طه تحت عنوان "الصلاة ماتت!" من كتابه "تعلموا كيف تصلون":
    ((إن الصلاة ميتة اليوم.. هي، كما يؤديها الناس، اليوم، جثة بلا روح.. والدعوة التي يقوم بها الجمهوريون، اليوم، ويلقون في سبيلها مايلقون، إنما هي من أجل بعث الصلاة.. من أجل بعث: (لا إله إلا الله)، لتكون دافئة، حية، خلاقة، في قلوب الرجال، والنساء، كعهدنا بها حين خرجت من منجمها، وإنطلقت، في شعاب مكة، في مستهل القرن السابع الميلادي.. ولن تعود الصلاة حية إلا إذا دخل فيها الفكر، فجددها.. وإنما بدخول الفكر على العبادة يكون بعث (السنة).. وذلك ما عناه المعصوم حين قال: (الذين يحيون سنتي بعد إندثارها).. ولقد بينا في هذا الكتاب: كيف أن (السنة) فكر يحارب العادة.. هي فكر يأخذ بداياته في بساطة شديدة، وذلك بتقديم الميامن على المياسر، في العبادة، وفي العادة.. وعودة الفكر إلى الحياة، وإلى الصلاة، في وقتنا الحاضر، يمكن أن تكون في مثل هذه البساطة وأول ما نبدأ به، هو أن نقرر أن الصلاة وسيلة، وليست غاية.. وتقرير كون الصلاة وسيلة لا يحتاج منا إلى تخريج، أو تأويل.. ذلك بأن ظاهر نص القرآن صريح فيها.. ولقد تحدثنا عن ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب.. فإذا كانت (وسيلة) فإن أدنى الذكاء يطالبنا بأن ننظر في عملنا: هل نحن متقدمون (بالوسيلة) نحو (الغاية)، أم هل نحن نقف بها في أول مراحلها؟؟ إن المعصوم قد قال: (الصلاة معراج العبد إلى ربه)..))
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه، وهو يقرّر أن الصلاة وسيلة، وليست غاية، بعد أن يدعو إلى تجديد الصلاة بإدخال الفكر فيها...
    والصلاة وسيلة إلى الرضا بالله... ومن ثمّ، إلى العبودية! والعبودية، كالربوبية، لا تتناهى – ولذلك فإن الصلاة لا تتناهى... وإنما هي تتجدّد وتلطف.
    وسنرى فيما يلي كيف تكون الصلاة وسيلة إلى الرضا بالله، ووسيلة موّسلة إلى الله:

    الصلاة وسيلة الرضا بالله
    قال الأستاذ محمود محمد طه في صفحة 91 من كتاب "تعلموا كيف تصلون":
    (( (الصلاة معراج العبد إلى ربه) توجب علينا أن نصلي، وأن نقيس صلاتنا.. هل نعرج بها كل لحظة إلى الله؟؟ وقياسنا هو مبلغ رضانا بالله.. هل نحن، بعد أن صلينا ركعتين، مثلاً، قد صرنا أرضى بالله منا قبل أن نصلي؟؟ هل نحن أسخى يداً، وأطيب نفساً، وأسلم قلباً، وأصفى فكراً، بعد الصلاة، منا، قبل الصلاة؟؟ فإن كنا كذلك فإن صلاتنا مؤدية توسيلها إلى الله.. وكون الصلاة وسيلة إلى الرضا بالله فقد ورد في ظاهر النص في قوله تعالى: (فأصبر على ما يقولون، وسبح بحمد ربك، قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، ومن آناء الليل، فسبح، وأطراف النهار.. لعلك ترضى).. قوله، هنا، (وسبح) معناها (وصل).. وقد جاء، في هذه الآية، بأوقات الصلاة الخمسة.. (لعلك ترضى).. (الرضا) هو (العلة) وراء الصلاة.. و (الرضا) هو (العبودية) لله.. تكون له عبداً، وترضى به رباً، لا تعترض على تدبيره إياك.. وهذا هو المعني بالحديث: (الصلاة معراج العبد إلى ربه) لأن العروج إلى الرب لا يكون بقطع المسافة، وإنما هو بالعلم.. فإذا إستعملت الصلاة حتى عرفت ربك، وحتى تأدبت معه بما يليق له، فقد عرجت بالصلاة إليه.. ويجب أن يكون واضحاً فإن حكم (الوقت) قد جعل آيات (النفوس) أهم من آيات (الآفاق).. ويجب أن يكون واضحاً أيضاً فإن بركة الصلاة، إن لم تشعر بها: رضا بال، وطمأنينة نفس، وصفاء فكر، فإنها صلاة باطلة..))
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه.. فدعوتنا، في حقيقتها، إنما هي دعوة إلى الصلاة، والدعوة إلى الصلاة لم يتفق لها أن وقعت بهذا السمو، وهذا السموق، من قبل!
    وهي دعوة، لدى الدقة، إلى بعث الصلاة بعد أن ماتت!! وقد بيّنا أن من مظاهر موت الصلاة قيام حياة المسلمين اليوم، على غير الأخلاق الإسلامية!!
    وقد بيّنا أيضا أن من وسائل بعث الصلاة إدخال الفكر فيها... وأن أول الفكر أن ندرك أنها وسيلة وليست غاية.. هي وسيلة إلى الرضا بالله... وسيلة إلى العبودية!!!
    ولذلك فنحن – الأخوان الجمهوريين – الذين نعرف قيمة الصلاة!

    نحن الذين نعرف قيمة الصلاة
    لقد أخرج الأستاذ محمود محمد طه كتاب "رسالة الصلاة" عام 1966، ثم أصدر عام 1972 كتاب "تعلموا كيف تصلون"... وقدّم المحاضرات والندوات في موضوع "الصلاة"، العديد منها في شتى مدن البلاد.. وقد قال في مدخل "الباب الأول" من كتاب "تعلموا كيف تصلون":
    ((وكيفية الصلاة غير معلومة لدى الناس بصورة كافية.. وقيمة الصلاة مجهولة عند الناس جهلاً تاماً.. وإنما أردنا بهذا الكتاب إلى تبيين الكيفية بصورة جلية، وإلى إظهار القيمة من الصلاة إظهاراً كافياً، يعيد إليها بعض ما تستحق من الكرامة، والتفضيل..))
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه في كتاب "تعلموا كيف تصلون" الذي يحاول أن يجعل كتاب "رسالة الصلاة" ممكنا، ونحن لا نعلم أحدا من المسلمين اليوم، يعرف للصلاة قيمتها كما يعرف لها الأستاذ محمود محمد طه..

    نفاسة الصلاة
    ها هو يقول في صفحة 50 من كتاب "تعلموا كيف تصلون"
    ((ولنفاسة الصلاة، فإنها لم تتم، وهي لن تتم لأحد.. وما زهد الزاهدون في الدنيا إلا ليستقيم لهم فراغ البال الذي به تتم الصلاة.. وقد جعل الله الصلاة وسيلة خيري الدنيا، والآخرة.. قال تعالى (وأمر أهلك بالصلاة، وأصطبر عليها.. لا نسألك رزقاً.. نخن نرزقك.. والعاقبة للتقوى..) و(التقوى) هنا (الصلاة).. ومن أجل هذه المكانة السامية التي تحتلها الصلاة في إجتلاب خيري الدنيا،و الآخرة، كان النبي يفزع إليها، كلما حزبه أمر.. وكان يقول: "حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء،و الطيب.. وجعلت قرة عيني في الصلاة.. ".. (وقرة عينه) تعني رضا نفسه، وراحة باله، وإطمئنان قلبه.. ولعزة الصلاة، ولصعوبة تمامها، وظف العارفون كل حياتهم في سبيلها.. وكما قلنا، فإنهم إنما من أجلها زهدوا في طيبات الدينا.. ذلك بأن الزهد ليس بغاية في ذاته، وإنما هو وسيلة لفراغ البال، من الجولان في كثرة تدبير حاجات الحياة، مما يوزع قلب المصلي عن صلاته، ثم إنهم قد علموا أن الحضور في الصلاة إنما يكون قبل الدخول فيها.. وإنما من أجل هذه الحقيقة شرعت الطهارة الحسية بالماء، أو بالصعيد قبلها، وجعلت طرفاً فيها..))
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه عن نفاسة قيمة الصلاة... إقرأ له مرة أخرى قوله: "و قد جعل الله الصلاة وسيلة خيري الدنيا ، و الآخرة"

    الصلاة أول العمل الصالح
    قال الأستاذ محمود محمد طه في مقدمة الطبعة الرابعة من كتاب "رسالة الصلاة":
    ((وليس في عمل الانسان ما هو أهم، ولا أكمل، ولا ما هو أعود بالخير، والنفع، عليه، ولا على الانسانية، من الصلاة..
    والله تبارك وتعالى يقول: ((من كان يريد العزة فلله العزة جميعا، إليه يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح يرفعه..)) فالكلم الطيب هو التوحيد.. هو ((لا إله إلا الله)).. والعمل الصالح، على رأسه الصلاة، والأعمال الصالحة الأخرى تتبع.. وهي إنما يكون صلاحها بصلاح الصلاة ..
    والصلاة فريضة ليس في الدين ما هو أوكد منها.. فإذا كانت الشهادتان في الدين أول الكلام، فان الصلاة فيه أول العمل .. وهي علم، وعمل بمقتضى العلم، وهذا في حد ذاته، يجعلها شديدة الأثر في توحيد البنية البشرية.. وحكمة مشروعيتها ترجع إلى هذا النفع الجليل.. والصلاة، من ثم، ليست عمل الشيوخ، أو عمل السذج، والبسطاء، غير المثقفين، كما يخيل للشباب، في وقتنا الحاضر، وإنما هي عمل الأذكياء، في المكان الأول..))
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه... فالصلاة، عنده، أكمل عمل الإنسان، وأعوّد عمل الإنسان بالخير عليه... وهي عنده أوكد فريضة في الدين..، وأول العمل الصالح، على إطلاقه..
    فهل عرف لها أحد، اليوم، هذه القيمة؟ هل عرف لها أحد اليوم، من الكرامة، والتفضيل ما عرف الأستاذ محمود محمد طه؟

    نحن الذين نعرف كيفية الصلاة الصحيحة!
    إن المسلمين اليوم لا يعلمون كيفية الصلاة الصلاة الصحيحة بما يكفي!! ولا يعلمون من آداب الصلاة كثيرا!! هم لا يعلمون أن الحضور في الصلاة يبدأ من الحضور في الوضوء.. وأنه يجب للوضوء ما يجب للصلاة من الحرمة! فلا يثرثر المتوضيء أثناء وضوئه! وأن الوضوء جلسة "محاسبة"!!
    هم لا يعرفون الجلسة الخفيفة، بين الركعة الوترية، والركعة الشفعية، هذه الجلسة التي تكون بعد الرفع من السجدة الثانية وقبل القيام إلى الركعة الثانية، أو الركعة الرابعة، في الرباعية.. هم لا يعرفون أن هذه الجلسة من "السنة" وأن بها تنعقد الحركة، السابعة من حركات الركعة!
    هم لا يعرفون أن الصلاة حضرتان: حضرة إحرام، وحضرة سلام، لكل منها آدابها ... هم لايعرفون أن "الصلاة الوسطى" من قوله تعالى: "حافظوا على الصلوات، والصلاة الوسطى، وقوموا لله قانتين".. هي المعاملة!! وإنها هي حضرة السلام!!
    ولقد رسم الأستاذ في كتاب "تعلموا كيف تصلّون" طريق التوبة، والدخول في الإسلام من جديد للتائب، وطريق السلوك، والترّقي في مراقيه، للسالك...

    كيفية الطهارة والصلاة وآدابهما
    قال الأستاذ محمود محمد طه في صفحة 50 من ذلك الكتاب:
    ((فإذا علمت من (الباب الأول) من هذا (الكتاب) ما عظم أمر الصلاة في صدرك فأقبل علىصلاتك بروح جديدة.. وأعلم أنك لم تكن تصلي، فيما مضى.. هذا حديث يساق لكل مسلم، في يومنا الحاضر، مهما كان حظه من المجاهدة، والتدين ـ:"صل فإنك لم تكن تصلي ـ وأول ما تبدأ به عهدك الجديد: "التوبة النصوح"..))
    ثم ذكر الأستاذ محمود أركان التوبة النصوح التي لا تتم التوبة إلاّ بصحتها.. وأردف قائلا:
    ((ولتوكيد تخليفك الماضي وراء ظهرك، إغتسل غسل الجنابة، كأنك قد دخلت الإسلام لتوك..)) وذهب يعدّد آداب الغسل، ويصف كيفيته الصحيحة.
    ثم قال عن الوضوء ((وإنما من أجل الحضور في الصلاة فرض الوضوء مقدمة لها، وهو طرف منها، تجب له من الحرمة ما يجب للصلاة)).. وعدّد آداب الوضوء ووصف كيفيته الصحيحة، كجلسة "محاسبة" يحاسب فيها المتوضيء نفسه على ما أجترح كل عضو من أعضاء الوضوء، فيستغفر الله لذنبه، فإن الحواس والجوارح أبواب يدخل منها النور أو الظلام على قلوبنا..
    ثم ذكر أوقات الصلاة، وفصّل هيئتها، وأقوالها، وآدابها... وتناول الوسائل المعينة على الحضور فيها، تفصيلا شديدا.

    حضرة الإحرام وحضرة السلام
    ثم قال: ((للصلاة حضرتان: حضرة (الإحرام)، وحضرة (السلام).. فأما حضرة الإحرام فهي الصلاة الشرعية المعروفة، لأوقاتها، وكيفياتها.. وهي تبدأ (بتكبيرة الإحرام)، وتنتهي بإتمام ركعاتها، وترية كانت، أم شفعية، وبالخروج منها بعبارة: (السلام عليكم).. وأما حضرة السلام فتبدأ بالخروج من حضرة الإحرام، وتنتهي بإسلامك إلى حضرة الإحرام في الصلاة المقبلة.. وهي، هي المعاملة التي قال عنها النبي: (الدين المعاملة).. ولكلتا حضرتي الصلاة آداب، لا تستقيم إلا بها.. والمعنى الشامل لآداب كلتيهما هو الحضور مع الله أثناء أدائهما..)) وكان الأستاذ محمود قد بيّن الأدب في حضرة الإحرام فقال عن الأدب في حضرة السلام:
    ((والأدب، في حضرة (السلام)، كما هو في حضرة (الإحرام)، جماعه الحضور مع الله.. فهو يقع بين (المراقبة) و(المحاسبة).. فبالمراقبة إستدراك الأمر قبل أن يفلت.. تراقب جوارحك، وحواسك، وتدفع شرك عن الناس.... ثم، إن أنت زدت عن هذه، فتحتمل أذى الناس.. ثم، إن أنت زدت عن هذه، فتوصل الخير إلى الناس.. فإن أدنى مراتب (الصلاة الوسطى) إنما هو كف الأذى، وإحتمال الأذى.. فإن أنت أعيتك المراقبة، وأفلت منك الزمام، وتورطت في الهلكة، فإنك بالمحاسبة ترقع ما وهن من سيرتك بين الناس.. والمحاسبة تجري أثناء الوضوء..))
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه، وهو يعلّم الناس الصلاة الصحيحة.. الصلاة الزكية... وقتها وهيئتها وأدبها.. حتى تصبح حياة المصلي كلها صلاة.. "والذين هم على صلاتهم دائمون".. فيرقى بعبادته ومعاملته مراقي الإسلام، ويحقق بهما العبودية لله.

    صلاة المعراج وصلاة الصلة
    والأستاذ محمود محمد طه إذ يدعو إلى بعث الإسلام، إنما يدعو إلى هذا البعث على المستوى العلمي، في عصر العلم و"العالمية"!
    ومن ثمّ، تمييزه الدقيق، تمييزه العلمي بين النص، والنص، من نصوص القرآن الكريم، ونصوص الحديث الشريف!
    ومن هذا التمييز العلمي الدقيق التمييز بين الحديث، "الصلاة معراج العبد إلى ربه" والحديث: "الصلاة صلة بين العبد وربه"، وعلى هذا التمييز يقوم فهم "الصلاة" فهناك صلاة "المعراج" وصلاة "الصلة" ... أولاهما وسيلة إلى الثانية...
    وهذا التمييز ضرورة، لا محيص عنها، من أجل بعث الصلاة من جديد.. فحركة التغيير، حيثما كانت، إنما تقوم على الفهم.. ودعوتنا، كلها، إنما هي للناس عامة، ولعلماء الفقه، خاصة، ليفهموا الإسلام فهما جديدا، حتى يبعثوه بعثا جديدا، فينشئهم، بفضل الله، خلقا آخر.

    ما هي صلاة المعراج؟؟ وما هي صلاة الصلة؟؟
    قال الأستاذ محمود محمد طه في صفحة 92 من كتابه "تعلموا كيف تصلون":
    (( إن صلاة (المعراج) ـ الصلاة الشرعية ـ وسيلة إلى صلاة (الصلة).. فنحن إنما لنا صلاتان: صلاة كبرى، وهذه لم يكن جبريل حاضراً فرضيتها، وإنما فرضت على النبي وقد سقطت، من بينه وبين ربه، وساطة جبريل.. وأخبرنا عنها النبي فقال: (الصلاة صلة بين العبد وربه).. وصلاة صغرى، وهذه قد جاء جبريل بكيفيتها، وأوقاتها.. وأخبرنا عنها النبي فقال: (الصلاة معراج العبد إلى ربه) ولقد أمر تعالى النبي أن يعرج بصلاة (المعراج) إلى صلاة (الصلة).. قال تعالى في حقه: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك.. عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا!!) فصلى النبي صلاة معراجه يرتقي بها، كل يوم، إلى صلاة الصلة.. وندبنا نحن لنصلي صلاة معراجنا، لنسير بها، كل يوم، إلى صلاة صلتنا.. وصلاة المعراج هي شريعته الخاصة به، كنبي.. وهي شريعته لأمته، كرسول.. يجئ من هذا الوضع أننا نصلي صلاة المعراج، من حيث الهيئة، كما يصليها، غير أنه هو أصيل، ونحن مقلدون.. ولقد جاءت عبارته لنا في التقليد هكذا: (صلوا كما رأيتموني أصلي).. فإذا نحن إستعملنا صلاة المعراج في تقليد النبي بإتقان ـ حركة أجسادنا، وحالة قلوبنا ـ فإننا نعرج بها إلى صلاة الصلة.. وبصلاة الصلة تتم العبودية.. وعند العبودية تسقط الواسطة، ويقوم العبد في مواجهة الرب..))
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه مميّزا بين صلاة "المعراج" وصلاة "الصلة" تمييزا علميا دقيقا.

    كيف نعرج بصلاة المعراج إلى صلاة الصلة
    وقال في صفحة 66 من كتاب "تعلموا كيف تصلّون":
    ((.. ثم إن الصلاة إرتقاء في مراتب النفوس السبع.. وهي، في حقيقتها، إنما فرضت في مرتبة النفس السابعة ـ النفس الكاملة ـ ثم نزل منها السلم إلى مرتبة النفس الأولى ـ النفس الأمارة ـ ليرتقي بها المرتقي، من هذه النفس الأمارة، إلى النفس الكاملة.. ففي مقام النفس الكاملة فرضت صلاة (الصلة)، وهي صلاة (الحقيقة).. ومن هذه تنزل السلم، فجاءت في أدنى درجاته، صلاة (المعراج)، وهي الصلاة الشرعية.. وقد أخبرنا النبي عن كلتيهما فقال: (الصلاة صلة بين العبد وربه).. وقال: (الصلاة معراج العبد إلى ربه) ولكنا لم نفهم عنه، كما ينبغي.. وحكم الوقت يطلب الينا أن نفهم فهماً جديداً، ودقيقاً، هاتين العبارتين، فلا نظل بصلاتنا الشرعية في أول عتبة من عتبات السلم، وإنما نعرج عليها، كما هو مراد الله لنا أن نفعل، لنرقى مراقي النفوس، في القرب منه تعالى.. نرقى من النفس الأمارة، إلى النفس اللوامة، إلى النفس الملهمة، إلى النفس المطمئنة، إلى النفس الراضية، إلى النفس المرضية، إلى النفس الكاملة.. وهذه المراقي تحققها صلاة (المعراج)، إذا عرجنا بها إلى حيث تتحقق، عند النفس الكاملة، صلاة (الصلة).. ونحن لا نستطيع أن نعرج بصلاة (المعراج) إلى مقام صلاة (الصلة) إلا إذا كان هناك قدر، دائماً، من صلاة (الصلة) في صلاة (المعراج).. ولا يتم لنا ذلك إلا إذا أحسنا الأداء على نحو مما وصفنا لك هنا.. وفي الحق، فإنه لا تكون صلاة (المعراج) صلاة، على الإطلاق، إلا إذا كان فيها هذا القدر من صلاة (الصلة) ـ قل أو كثر ـ أعني من الحضور مع الله فيها.. هذا هو معنى صلاة (الصلة).. ثم إن هذا الحضور يزيد بالتجويد، كل حين، وغايته أن تكون مع الله، كما هو معك، وهيهات!!))
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه عن الترّقي على صلاة "المعراج"، إلى صلاة "الصلة".
    فصلاة "الصلة" هي الحضور مع الله بلا غفلة.. ولقد يفيد المصلّي المجوّد أن يعلم، بتأكيد شديد، أنه ((لا تكون صلاة "المعراج" صلاة، على الإطلاق، إلاّ إذا كان فيها هذا القدر من صلاة "الصلة" – قلّ أو كثر – أعني من الحضور مع الله فيها.. هذا هو معنى صلاة (الصلة).. ثم إن هذا الحضور يزيد بالتجويد ، كل حين ، وغايته أن تكون مع الله ، كما هو معك ، وهيهات !!))
    هذا التوجيه له أمضى الأثر في سرعة إفضاء صلاة "المعراج" إلى صلاة "الصلة".. فالحضور في الصلاة هو "روح" الصلاة..
    والصلاة كما ورد في قول الأستاذ محمود محمد طه، آنفا، علم نفس!! لأن بوسيلتها يكون الترّقي من درجة، إلى درجة من درجات النفوس.. بدأ بالنفس الأمارة بالسوء – النفس الحيوانية – وإنتهاء – بالنفس الكاملة – النفس الإنسانية!! وحكم الوقت لآيات النفوس أكثر مما هو لآيات الآفاق، لأنه وقت إفضاء الوسائل إلى غاياتها: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق، أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد؟" ولكل درجة من درجات النفوس أشراطها، ولها عقباتها.. فمن عرف نفسه فقد عرف ربه، كما قال النبي الكريم.. عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم..

    الصلاة بين المؤمن والمسلم
    ومن أجل بعث الإسلام لا بد من التفريق بين "المؤمن" و"المسلم" وبين "أمة المؤمنين" و"أمة المسلمين".. بل أن هذا التفريق ضرورة لبعث الصلاة!
    وتبرز أهمية التفريق بين المؤمن والمسلم في التفريق بين صلاة وصلاة.. فإن للمؤمن صلاته، وهو فيها مقلّد للنبي الكريم، وللمسلم صلاته، وهو فيها أصيل، متأس بالنبي الكريم في الأصالة.. وسنرى جلية هذا الأمر بعد التمييز بين "أمة المؤمنين" و"أمة المسلمين" فيما يلي:
    أمة المؤمنين وأمة المسلمين
    وقال الأستاذ محمود محمد طه في صفحة 85 من كتابه "تطوير شريعة الأحوال الشخصية" – الطبعة الأولى:
    (ولقد بينا أن الإسلام قد جاء في مرحلتين لأمتين.. مرحلة (الإيمان) لأمة المؤمنين.. وهذه تقع في ثلاث مراتب: الإسلام، والإيمان، والإحسان.. ولقد حواها حديث جبريـل المشهور.. ومرحلة (الإيقان) لأمة المسلمين، وهي أمة لم تجئ إلى اليوم، وإنما هي مقبلة.. وقد عناها النبي الكريم بحديث الإخوان المشهـور.. فإنه قد قال: واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعـد!! قالوا: أولسنا إخوانك، يا رسول الله؟! قال: بل أنتم أصحابي!! واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعـد!! قالوا: أولسنا إخوانك، يا رسول الله؟! قال: بل أنتم أصحابي!! واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعـد!! قالوا: ومن إخوانك، يا رسول الله؟! قال: قوم يجيئون في آخر الزمان، للعامل منهم أجر سبعين منكم!! قالوا: منا أم منهم؟؟ قال: بل منكم!! قالوا: لماذا؟؟ قال: لأنكم تجدون على الخير أعوانا، ولا يجدون على الخير أعوانا!! وهذا الحديث الشريف مأخوذ من القرآن الكريم.. من قوله تعالى: (هـو الذي بعث في الأميين رسولا منهم، يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب، والحكمة، وإن كانـوا، من قبـل، لـفي ضلال مبيـن * وآخرين منهم، لما يلحقوا بهـم.. وهو العزيز الحكيم * ذلك فضل الله، يؤتيـه من يشـاء.. والله ذو الفضل العظيم).. أشار إلى الإخوان الذين لما يأتوا بعـد، بقوله: (وآخرين منهم، لما يلحقوا بهم).. وجاء بقوله: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.. والله ذو الفضـل العظيـم).. في مقام الرد على التساؤل (لماذا؟؟) الذي ورد الرد عليه في الحديـث بقـوله: (لأنكم تجدون على الخير أعوانا، ولا يجدون على الخير أعواناً)..
    أمة المسلمين التي لما تأت بعد يكون دينها ذا سبع مراتب: ثلاث مراتب (الإيمان).. وثلاث مراتب (الإيقان).. ثم تتوج هذه ست المراتب بمرتبة الإسلام.. وهذا هو الإسلام الذي عناه الله، تبارك، وتعالى، حين قال: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه.. وهو في الآخرة من الخاسرين).. ومراتب الإيقان، التي لم ترد في حديث جبريل، حواها القرآن.. وهي فوق مراتب الإيمان.. هي مراتب (علـم).. مراتب علم اليقين، وعلم عين اليقين، وعلم حق اليقين.. وهذه هي مستوى آيات الأصول..)
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه في التفريق بين "المؤمن" و"المسلم" وبين "أمة المؤمنين" و"أمة المسلمين"... وهو كما قلنا تفريق ضروري للتفريق بين "صلاة التقليد" و صلاة "الأصالة"
    وسنرد فيما يلي على شبهة "سقوط الصلاة" التي يثيرها معارضونا ضدنا إما عن قصد وإما عن سوء فهم... فهل تسقط الصلاة؟

    الصلاة لا تسقط وإنما يسقط التقليد
    قال الأستاذ محمود محمد طه في كتابه "رسالة الصلاة":
    (ويصبح شأن الآية (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) مع المسلم الذي يمر بمرحلة الإيمان، الذي هو مرتبة الأمة الأولى، أن الصلاة الشرعية، في حقه، فرض له أوقات يؤدى فيها، فإذا ارتقى: بحسن أدائها بتجويده تقليد المعصوم، حتى ارتقى في مراقي الإيقان، التي ذكرناها، حتى بلغ حق اليقين، وسكن قلبه، واطمأنت نفسه، فأسلمت، طالعه المعنى البعيد لكلمة (موقوتا) في الآية (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) وذلك المعنى، في حقه هو، أن الصلاة الشرعية فرض، له وقت ينتهي فيه، وذلك حين يرتفع السالك إلى مرتبة الأصالة، ويخاطب بالاستقلال عن التقليد ويتهيأ ليأخذ صلاته الفردية، من ربه بلا واسطة، تأسيا بالمعصوم.. فهو، حينئذ، لا تسقط عنه الصلاة، وإنما يسقط عنه التقليد، ويرفع من بينه وبين ربه، بفضل الله، ثم بفضل كمال التبليغ المحمدي، الحجاب الأعظم.. الحجاب النبوي.
    إن الإسلام، في حقيقته، ليس ديناً بالمعنى المألوف في الأديان، وإنما مرحلة العقيدة فيه مرحلة إنتقال إلى المرحلة العلمية منه ـ مرحلة الشريعة فيه، مرحلة إنتقال إلى مرتبة الحقيقة ـ حيث يرتفع الأفراد، من الشريعة الجماعية، إلى الشرائع الفردية، التي هي طرف من حقيقة كل صاحب حقيقة، وتكون الشريعة الجماعية محفوظة، ومرعية، لمصلحة السلوك، والتربية، والتنظيم، للقاعدة البشرية، التي تستجد كل يوم، وتجاهد بالتجارب كل حين لترقي المراقي.)
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه.. ونحب ان يقف القاريء أكثر عند هذا الطرف من قوله:
    (حين يرتفع السالك إلى مرتبة الأصالة، ويخاطب بالاستقلال عن التقليد ويتهيأ ليأخذ صلاته الفردية، من ربه بلا واسطة، تأسيا بالمعصوم.. فهو، حينئذ، لا تسقط عنه الصلاة، وإنما يسقط عنه التقليد، ويرفع من بينه وبين ربه، بفضل الله، ثم بفضل كمال التبليغ المحمدي، الحجاب الأعظم.. الحجاب النبوي...)
    بهذا فنحن لا نقول بسقوط الصلاة، وإنما نقول بسقوط التقليد، بعد التجويد، وبلوغ مرتبة الأصالة..
    والآن إلى الرد على شبهة أخرى تثار ضدنا بناء على شبهة "سقوط الصلاة" وهي: "كان النبي الكريم يصلي حتى توّرمت قدماه إلى أن التحق بالرفيق الأعلى!!!" وقد كانت من الشبهات التي أثيرت في محكمة الردة – أو بالأخرى، مهزلة محكمة الردة – ورد الأستاذ محمود عليها في كتاب "بيننا وبين محكمة الردة" ردا شافيا يجتثها من جذورها.

    لماذا كان النبي على صلاته حتى إلتحاقه بالرفيق الأعلى؟
    قال الأستاذ محمود:
    (اذا وضح من هذا أن الصلاة لا تسقط وانما يسقط التقليد يصبح قول المدعي الأول في حقنا أمام المحكمة (وفات عليه أن الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه كان يصلى الى أن التحق بالرفيق الأعلى حتى تورمت قدماه) قولا في غير محله، وذلك لأن النبي لم يكن مقلدا لأحد من العالمين وانما كان أصيلا – هو لا تعترضه عقبة التقليد في الصلاة الشرعية وانما تعترض أمته من ورائه – وقد ورد هذا الأمر في كتابنا (رسالة الصلاة) صفحة 34 حيث يقول تحت عنوان التقليد ( (صلوا كما رأيتموني أصلي) !! هكذا أمر النبي في تبليغ رسالة ربه.. فالصلاة معراج النبي بالاصالة ومعراج الأمة من بعده بالتبعية والتقليد) هذا ما قاله الأستاذ محمود

    لماذا لم يؤت أحد من أصحاب النبي صلاة الأصالة؟
    (أما أصحاب النبي فقد كانوا من المؤمنين، وقد سبقت الاشارة الى أن المؤمنين لن ينفكوا عن التقليد، وانما يخاطب بسقوط التقليد من ارتفع درجات الايمان الثلاث، ودخل في درجات الايقان الثلاث، وبلغ مرتبة الاسلام الذي يمثله الرضا بالله..)
    هذا أيضا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه في كتاب "بيننا وبين محكمة الردة" ردا على شبهة أخرى حول "صلاة الأصحاب". ولقد بيّنا، فيما سلف من القول، أن السالك المجوّد من أمة المسلمين المقبلة يرتفع من التقليد إلى الأصالة، فيؤتى شريعته الفردية.. كما بيّنا أن الأمة المسلمة المقبلة هي أمة "الأخوان" الذين إشتاق إليهم النبي الكريم وهو بين أصحابه!!!

    الصلاة بين التقليد والأصالة
    لقد بينّا أن الأستاذ محمود محمد طه لم يقل بسقوط الصلاة وإنما قال بسقوط التقليد وبينّا أيضا أن النبي الكريم كان أصيلا، في صلاته لم تعترضه عقبة التقليد، ولذلك كان على صلاته حتى إلتحاقه بالرفيق الأعلى.. وأن العابد من أمة المؤمنين لن ينفك عن التقليد، بينما يفضي التقليد بالعابد المجوّد من أمة المسلمين المقبلة إلى الأصالة..
    وسنبيّن من أقوال الأستاذ محمود محمد طه، فيما يلي أن الأصالة هي حال النبي الكريم، وأن إتباعه في عمله، دون حاله، ليس هو الإتّباع، وأن الأصالة تأس بالنبي الكريم، فقد كان أصيلا، داعيا بحاله، للأصالة، وبفعله إلى تجويد التقليد.

    إتباع النبي في حاله أولى من إتباعه في عمله
    قال الأستاذ محمود محمد طه في صفحة 63 من الكتاب الثاني "أسئلة وأجوبة"
    (و نحن ندعو ، لتحقيق ما ندعو إليه من بعث الإسلام ، إلى تقليد محمد ، تقليداً متقناً ، على أن يعرف المقلد أن التقليد وسيلة ، لا غاية .. هو وسيلة إلى الإستقلال عن التقليد ، والوصول إلى الأصالة التي بها تتحقق الحرية الفردية ، وتتم عناصر الشخصية الكاملة .. إن القرآن يقول: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني .. يحببكم الله" ... و يقول: "لقد كان لكم في رسول الله إسوةً حسنة" .. و إتباع الرسول المشار إليه في الآية الأولى إنما يكون بإتباعه في أفعاله ، وأحواله ، لا في أفعاله وحدها .. و هذا واضح لمن كان له أدنى معرفة ، و كذلك التأسي برسول الله ، في الآية الثانية ، إنما هو تأس به في أفعاله ، وأحواله أيضاً .. و أفعاله في العبادات تجملها عبارته في دعوته الأمة إلى تقليده حين قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" . . تلك أفعاله ، فما هي حاله ؟؟ حاله الأصالة ، لا التقليد !! فأنت إن كنت تريد أن تكون أصيلاً ، كما كان النبي أصيلاً ، فليس لك إلى ذلك من سبيل إلا تقليد النبي في أفعاله ، على أن تعرف أن التقليد وسيلتك إلى الأصالة ، وليس غاية في ذاته )
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه وهو دعوة إلى التأسي بالنبي الكريم في أفعاله، وحاله. وحاله الأصالة.. والتأسي به في حاله أولى من تقليده في أفعاله.. ولذلك جعل الأول من الثاني بمثابة الغاية من الوسيلة..

    الأصالة تأس بالنبي الكريم
    قال الأستاذ محمود محمد طه في صفحة 78 من كتاب "رسالة الصلاة"
    (لقد تحدثنا في آيات سورة (والنجم) التي أوردناها آنفا عن سدرة المنتهى، حيث تخلف جبريل عن المعصوم، وسار النبي بلا واسطة لحضرة الشهود الذاتي، لأن الشهود الذاتي لا يتم بواسطة، وقد كان تخلف جبريل عن النبي لأنه لا مقام له هناك، والنبي، الذي هو جبريلنا نحن، يرقى بنا إلى سدرة منتهى كل منا، ويقف هناك، كما وقف جبريل، بيد أنه إنما يقف لكمال تبليغه رسالته، ولكمال توسيله إلى ربه، حتى يتم اللقاء، بين العابد المجود وبين الله بلا واسطة. فيأخذ كل عابد مجود، من الأمة الإسلامية المقبلة، شريعته الفردية من الله بلا واسطة، فتكون له شهادته، وتكون له صلاته وصيامه وزكاته وحجه، ويكون، في كل أولئك، أصيلا، ويكون، في كل أولئك، متأسيا بالمعصوم في الأصالة.. وإنما يتم كل ذلك بفضل الله، ثم بفضل كمال توسيل المعصوم إلى ربه.. ذلك لمن جود التقليد..)
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه ليؤكد أن الأصالة تأس بالنبي الكريم، وأن الأصالة لا تتم الاّ بفضل توسيل المعصوم إلى ربه لمن جوذد التقليد.
    لقد صدر في هذا العام كتابنا "من دقائق حقائق الدين" وهو يشتمل على محتوى الدعوة الإسلامية الجديدة، ويتناول موضوع "الصلاة"! وفيما يلي من صفحات نقدّم بعض أقوال الأستاذ محمود محمد طه فيه لنرى إتفاقها وأتساقها مع ما قاله حول هذا الموضوع منذ عشر سنوات، هي عمر كتاب "رسالة الصلاة".

    الصلاة صلاتان
    (فالصلاة في الإسلام صلاتان ، كما هو الأمر في كل الشئون القرآنية ، والإسلامية كما سبق أن بينا .. صلاة في المعنى البعيد ، وهي تلك التي فرضت يوم المعراج ، بعد سدرة المنتهى ، حيث تخلف جبريل ، وسار النبي وتريا (من غير واسطة) إلى مقام ورد في القرآن وصفه هكذا: ( إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى ..) هذا مقام أحدية ، وترية .. وفي ذلك المقام لم يكن بين النبي وربه واسطة ، ورفع حجاب الفكر عن النبي ، فتوقف ، فلم يتجاذبه الماضي: (ما زاغ البصر)، ولم يتجاذبه المستقبل: ( وما طغى)، وإنما توحد مكانه ، وزمانه ، فعاش في لحظته ، فكان وحدة ذاتية ، في وحدة مكانية في وحدة زمانية .. حققت له الوحدة من جميع الوجوه ، فرأى الواحد .. وقال عبارة عن هذا المقام ، (ليلة عرج بي انتسخ بصري ، في بصيرتي ، فرأيت ربي..) .. هذه هي الصلاة الأصلية ، وهي المعبر عنها بـ (ذكر الله) من الآية الكريمة: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء، والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون..) .. وقد عبر عنها المعصوم بقوله: الصلاة صلة بين العبد وربه .. وهناك الصلاة في المعنى القريب ، وهي الصلاة الفرعية ( الشرعية)، التي فرضت يوم المعراج ، في مقام: (قاب قوسين ، أو أدنى ..) .. وهذا المقام قد كان جبريل مرافقا للنبي فيه ، وقد كان النبي ، لمكان رفقة جبريل له ( شفعيا) لم تتم له (الوترية) بعد .. وقد فرضت عليه الصلاة الفرعية ههنا ـ في مقام ( الشفعية) هذا ـ وجاءه جبريل ، في الأرض ، بتفاصيلها ـ طهارتها ، وهيئتها ، وأوقاتها ـ وقد قال المعصوم عنها: (الصلاة معراج العبد إلى ربه) .. وقد جعلت الصلاة المعراج هذه وسيلة إلى الصلاة الصلة .. وقد قيل للنبي الكريم في أمر التوسل بها، والعروج عليها ، إلى المقامات العلا: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك ، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ..) والمقام المحمود هو المقام الذي ليس بينه وبين الله واسطة ، وهو بين الله وبين جميع الخلائق .. وصاحب المقام المحمود هو أول قابل لتجليات الحقيقة الإلهية المطلقة .. ومنه امتدت جميع المخلوقات ـ علويها ، وسفليها ـ هو مقام أحدية وترية .. هذا المقام هو مقام الصلاة الكبرى ـ الصلة ـ وإليه توصل الصلاة الصغرى ـ صلاة المعراج ـ إذا أحسن استعمالها ..)
    هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه للتفريق بين الصلاة "الأصلية" والصلاة "الفرعية"... صلاة المعراج وصلاة الصلة، فالصلاة صلاتان. الإختلاف بينهما إختلاف مقدار، وإحداهما وسيلة إلى الأخرى.

    الشريعة الفردية والعبودية
    قال الأستاذ محمود في كتاب "من دقائق حقائق الدين" : (وأول الفكر أن نعرف ما تؤديه إلينا الصلاة الشرعية من قيمة فكرية ، وحياتية .. وهذا يقتضي أن نعلم جيدا أن الصلاة إنما هي وسيلة ، وليست غاية .. هذا الأمر غير واضح في أذهان الناس ، مع أنه مقرر بصريح النص، قال تعالى: (وأقم الصلاة لذكري ..) .. وقال تعالى أيضا: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ..) .. وكون هذه الصلاة موصوفة بكلمة (المعراج) في حديث المعصوم: (الصلاة معراج العبد إلى ربه) ، وحده يكفي في الدلالة على حقيقتها .. والمعراج السلم الذي على درجاته نرقى إلى المقامات .. وأول درجاته في مرتبة الشريعة الجماعية ـ شريعة الأمة المؤمنة ـ وأعلى درجاته في مرتبة الشريعة الفردية ـ شريعة الأمة المسلمة ـ فنحن السالكون علينا أن نرتقي بكل صلاة نؤديها ، بكل ركعة نعقدها ـ إن لم نقل بكل حركة ، من كل ركعة ـ علينا أن نرتقي نحو مرتبة الشريعة الفردية ، لأن تكليفنا إنما هو ( العبودية) بوسيلة ( العبادة) .. قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس، إلا ليعبدون ..) .. يعني ليكونوا لي (عبيدا) بوسيلة العبادة .. وأعلى (العبادة) الصلاة .. و (العبودية) إنما هي مرتبة فرديات .. وهي لا تتم إلا إذا سقطت الوسائط بين الرب والعبد .. وهي لم تتم لمحمد إلا بعد أن تخلف عنه جبريل ، وسقطت من بينه وبين ربه ، بهذا التخلف ، الواسطة .. وتم في تلك اللحظة اللقاء بين الرب ، والعبد .. والقرآن مستفيض بالدعوة إلى الشريعة الفردية .. قال تعالى: (إن كل من في السموات ، والأرض ، إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا)
    هذا ما قاله الأستاذ محمود عن السير من الشريعة الجماعية – بالعبادة – إلى الشريعة الفردية – حيث أن تكليفنا الأصلي هو العبودية –

    التقليد وسيلة إلى الأصالة
    قال الأستاذ محمود في كتاب "من دقائق حقائق الدين" : (فإذا أتقنا تقليد المعصوم نعلم ، بضرورة هذا الإتقان ، أن التقليد ليس غاية في ذاته ، وإنما هو وسيلة إلى الأصالة .. وعند الأصالة تزول واسطة النبي من بيننا وبين ربنا ، وذلك لكمال تبليغه ، ويرفع بزوالها عنا ، الحجاب الأعظم ، ونأخذ من الله بلا واسطة ، ويكون الله هو معلمنا العلم اللدني .. والقاعدة في ذلك من كتاب الله (واتقوا الله ويعلمكم الله ..) ومن حديث المعصوم قوله: (من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم ..) وقوله أيضا: (إنما أنا قاسم والله يعطي ، ومن يرد به الله خيرا يفقهه في الدين .. ولا تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله ، لا يضرهم من خالفهم حتى يجيء أمر الله ..)
    هذا ما قاله الأستاذ محمود عن الأصالة .. حيث تزول واسطة النبي الكريم من بين العبد وربه، لكمال تبليغه... فيأخذ من الله بلا واسطة، فيتعلّم منه العلم اللدني..
    فالصلاة وسيلة إلى تلقي العلم اللدني.. هكذا نبويء – نحن الأخوان الجمهوريين – الصلاة القيمة العلا، ونعرف لها القدر الجليل...
                  

العنوان الكاتب Date
د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-11-10, 00:48 AM
  Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! سيف اليزل برعي البدوي11-11-10, 01:00 AM
    Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! سيف اليزل برعي البدوي11-11-10, 01:02 AM
      Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! دينا خالد11-11-10, 05:03 AM
        Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Elawad11-11-10, 05:25 AM
          Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Waeil Elsayid Awad11-11-10, 05:43 AM
            Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! عبد اللطيف عبد الحفيظ حمد11-11-10, 06:17 AM
              Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Isa11-11-10, 12:05 PM
                Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-11-10, 04:55 PM
              Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-11-10, 05:00 PM
            Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-11-10, 04:41 PM
          Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-11-10, 04:31 PM
        Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-11-10, 04:18 PM
      Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-11-10, 04:09 PM
        Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-15-10, 00:00 AM
          Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Hisham Ibrahim11-20-10, 09:12 AM
            Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-20-10, 09:51 AM
              Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Munir11-20-10, 10:43 AM
                Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-20-10, 12:39 PM
                  Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! عبدالله احيمر11-21-10, 07:07 AM
              Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-21-10, 03:38 PM
            Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-21-10, 03:05 PM
              Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! عمار محمد حامد11-21-10, 04:11 PM
                Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-22-10, 12:28 PM
                  Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Abdelhai Omar11-23-10, 11:41 AM
                    Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-23-10, 04:23 PM
                      Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-23-10, 04:55 PM
                        Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-24-10, 01:49 AM
                          Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-24-10, 08:43 AM
                            Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-24-10, 12:12 PM
                              Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-25-10, 02:32 PM
                                Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla11-25-10, 11:31 PM
                                  Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-26-10, 12:07 PM
                                    Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! قصي مجدي سليم11-26-10, 12:43 PM
                                      Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود11-26-10, 01:04 PM
                                        Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود12-02-10, 10:58 AM
                                          Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! قصي مجدي سليم12-02-10, 04:59 PM
                                            Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود12-02-10, 09:38 PM
                                              Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! Omer Abdalla12-03-10, 01:57 AM
                                                Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود12-03-10, 04:19 PM
                                                  Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود12-04-10, 10:41 AM
                                                    Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود12-06-10, 02:17 PM
                                                      Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! قصي مجدي سليم12-06-10, 03:52 PM
                                                        Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود12-07-10, 06:12 AM
                                                          Re: د. عمر القراي: "الضحية" غير واجبة.. لا على الفقراء ولا على الأغنياء!! محمد الزبير محمود12-07-10, 06:26 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de