|
|
|
Re: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله (Re: المكاشفي الخضر الطاهر)
|
تفسير الآية 7 من سورة آل عمران
| Quote: "هُوَ الَّذِي نَزَّلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات" وَاضِحَات الدَّلَالَة "هُنَّ أُمّ الْكِتَاب" أَصْله الْمُعْتَمَد عَلَيْهِ فِي الْأَحْكَام "وَأُخَر مُتَشَابِهَات" لَا تُفْهَم مَعَانِيهَا كَأَوَائِل السُّوَر وَجَعَلَهُ كُلّه مُحْكَمًا فِي قَوْله "أُحْكِمَتْ آيَاته" بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ عَيْب وَمُتَشَابِهًا فِي قَوْله "كِتَابًا مُتَشَابِهًا" بِمَعْنَى أَنَّهُ يُشْبِه بَعْضه بَعْضًا فِي الْحُسْن وَالصِّدْق "فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ" مَيْل عَنْ الْحَقّ "فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء" طَلَب "الْفِتْنَة" لِجُهَّالِهِمْ بِوُقُوعِهِمْ فِي الشُّبُهَات وَاللَّبْس "وَابْتِغَاء تَأْوِيله" تَفْسِيره "وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله" تَفْسِيره "إلَّا اللَّه" وَحْده "وَالرَّاسِخُونَ" الثَّابِتُونَ الْمُتَمَكِّنُونَ "فِي الْعِلْم" مُبْتَدَأ خَبَره "يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ" أَيْ بِالْمُتَشَابِهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه وَلَا نَعْلَم مَعْنَاهُ "كُلّ" مِنْ الْمُحْكَم وَالْمُتَشَابِه "مِنْ عِنْد رَبّنَا وَمَا يَذَّكَّر" بِإِدْغَامِ التَّاء فِي الْأَصْل فِي الذَّال أَيْ يَتَّعِظ "إلَّا أُولُو الْأَلْبَاب" أَصْحَاب الْعُقُول وَيَقُولُونَ أَيْضًا إذَا رَأَوْا مَنْ يَتَّبِعهُ : |
تفسير الجلالين
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله (Re: المكاشفي الخضر الطاهر)
|
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَيْل عَنْ الْحَقّ , وَانْحِرَاف عَنْهُ . يُقَال مِنْهُ : زَاغَ فُلَان عَنْ الْحَقّ , فَهُوَ يَزِيغ عَنْهُ زَيْغًا وَزَيَغَانًا وَزُيُوغَة وَزُيُوغًا , وَأَزَاغَهُ اللَّه : إِذَا أَمَالَهُ , فَهُوَ يُزِيغهُ , وَمِنْهُ قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { رَبّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبنَا } لَا تُمِلْهَا عَنْ الْحَقّ { بَعْد إِذْ هَدَيْتنَا } 3 8 وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5178 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } أَيْ مَيْل عَنْ الْهُدَى . 5179 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } قَالَ : شَكّ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 5180 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } قَالَ : مِنْ أَهْل الشَّكّ . 5181 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } أَمَّا الزَّيْغ : فَالشَّكّ . 5182 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { زَيْغ } شَكّ . قَالَ اِبْن جُرَيْج { الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } الْمُنَافِقُونَ .
تفسير بن جرير الطبري : نفس الآية
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله (Re: المكاشفي الخضر الطاهر)
|
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : اِبْتِغَاء الشِّرْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5194 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } قَالَ : إِرَادَة الشِّرْك . 5195 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } يَعْنِي الشِّرْك . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ اِبْتِغَاء الشُّبُهَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5196 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } قَالَ : الشُّبُهَات بِهَا أُهْلِكُوا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } الشُّبُهَات , قَالَ : هَلَكُوا بِهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } قَالَ : الشُّبُهَات , قَالَ : وَالشُّبُهَات مَا أُهْلِكُوا بِهِ . 5197 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } أَيْ اللَّبْس . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : إِرَادَة الشُّبُهَات وَاللَّبْس . فَمَعْنَى الْكَلَام إِذًا : فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَيْل عَنْ الْحَقّ وَحَيْف عَنْهُ , فَيَتَّبِعُونَ مِنْ آي الْكِتَاب مَا تَشَابَهَتْ أَلْفَاظه , وَاحْتَمَلَ صَرْفه فِي وُجُوه التَّأْوِيلَات , بِاحْتِمَالِهِ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَة إِرَادَة اللَّبْس عَلَى نَفْسه وَعَلَى غَيْره , اِحْتِجَاجًا بِهِ عَلَى بَاطِله الَّذِي مَالَ إِلَيْهِ قَلْبه دُون الْحَقّ الَّذِي أَبَانَهُ اللَّه فَأَوْضَحَهُ بِالْمُحْكَمَاتِ مِنْ آي كِتَابه . وَهَذِهِ الْآيَة وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِيمَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ مِنْ أَهْل الشِّرْك , فَإِنَّهُ مَعْنِيّ بِهَا كُلّ مُبْتَدِع فِي دِين اللَّه بِدْعَة , فَمَالَ قَلْبه إِلَيْهَا , تَأْوِيلًا مِنْهُ لِبَعْضِ مُتَشَابِه آي الْقُرْآن , ثُمَّ حَاجَّ بِهِ وَجَادَلَ بِهِ أَهْل الْحَقّ , وَعَدَلَ عَنْ الْوَاضِح مِنْ أَدِلَّة آيِهِ الْمُحْكَمَات إِرَادَة مِنْهُ بِذَلِكَ اللَّبْس عَلَى أَهْل الْحَقّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , وَطَلَبًا لِعِلْمِ تَأْوِيل مَا تَشَابَهَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَائِنًا مَنْ كَانَ , وَأَيّ أَصْنَاف الْبِدْعَة كَانَ مِنْ أَهْل النَّصْرَانِيَّة كَانَ أَوْ الْيَهُودِيَّة أَوْ الْمَجُوسِيَّة , أَوْ كَانَ سَبَئِيًّا , أَوْ حَرُورِيًّا , أَوْ قَدَرِيًّا , أَوْ جَهْمِيًّا , كَاَلَّذِي قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ بِهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . وَكَمَا : 5198 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : وَذُكِرَ عِنْده الْخَوَارِج , وَمَا يَلْقَوْنَ عِنْد الْفِرَار , فَقَالَ : يُؤْمِنُونَ بِمُحْكَمِهِ , وَيَهْلِكُونَ عِنْد مُتَشَابِهه . وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } . .. الْآيَة . وَإِنَّمَا قُلْنَا : الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِقَوْلِهِ : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } لِأَنَّ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة كَانُوا أَهْل شِرْك , وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِطَلَبِ تَأْوِيل مَا طَلَبُوا تَأْوِيله اللَّبْس عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالِاحْتِجَاج بِهِ عَلَيْهِمْ لِيَصُدُّوهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقّ , فَلَا مَعْنًى لِأَنْ يُقَال : فَعَلُوا ذَلِكَ إِرَادَة الشِّرْك , وَهُمْ قَدْ كَانُوا مُشْرِكِينَ .
تفسير الطبري نفس الآية
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله (Re: المكاشفي الخضر الطاهر)
|
قَالَ شَيْخنَا أَبُو الْعَبَّاس رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِ : مُتَّبِعُو الْمُتَشَابِه لَا يَخْلُو أَنْ يَتَّبِعُوهُ وَيَجْمَعُوهُ طَلَبًا لِلتَّشْكِيكِ فِي الْقُرْآن وَإِضْلَال الْعَوَامّ , كَمَا فَعَلَتْهُ الزَّنَادِقَة وَالْقَرَامِطَة الطَّاعِنُونَ فِي الْقُرْآن ; أَوْ طَلَبًا لِاعْتِقَادِ ظَوَاهِر الْمُتَشَابِه , كَمَا فَعَلَتْهُ الْمُجَسِّمَة الَّذِينَ جَمَعُوا مَا فِي الْكِتَاب وَالسُّنَّة مِمَّا ظَاهِره الْجِسْمِيَّة حَتَّى اِعْتَقَدُوا أَنَّ الْبَارِئ تَعَالَى جِسْم مُجَسَّم وَصُورَة مُصَوَّرَة ذَات وَجْه وَعَيْن وَيَد وَجَنْب وَرِجْل وَأُصْبُع , تَعَالَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ ; أَوْ يَتَّبِعُوهُ عَلَى جِهَة إِبْدَاء تَأْوِيلَاتهَا وَإِيضَاح مَعَانِيهَا , أَوْ كَمَا فَعَلَ صَبِيغ حِينَ أَكْثَر عَلَى عُمَر فِيهِ السُّؤَال . فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَقْسَام : [ الْأَوَّل ] لَا شَكَّ فِي كُفْرهمْ , وَإِنَّ حُكْم اللَّه فِيهِمْ الْقَتْل مِنْ غَيْر اِسْتِتَابَة . [ الثَّانِي ] الصَّحِيح الْقَوْل بِتَكْفِيرِهِمْ , إِذْ لَا فَرْق بَيْنهمْ وَبَيْنَ عُبَّاد الْأَصْنَام وَالصُّوَر , وَيُسْتَتَابُونَ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا كَمَا يُفْعَل بِمَنْ اِرْتَدَّ . [ الثَّالِث ] اِخْتَلَفُوا فِي جَوَاز ذَلِكَ بِنَاء عَلَى الْخِلَاف فِي جَوَاز تَأْوِيلهَا . وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ مَذْهَب السَّلَف تَرْك التَّعَرُّض لِتَأْوِيلِهَا مَعَ قَطْعهمْ بِاسْتِحَالَةِ ظَوَاهِرهَا , فَيَقُولُونَ أَمِّرُوهَا كَمَا جَاءَتْ . وَذَهَبَ بَعْضهمْ إِلَى إِبْدَاء تَأْوِيلَاتهَا وَحَمْلهَا عَلَى مَا يَصِحّ حَمْله فِي اللِّسَان عَلَيْهَا مِنْ غَيْر قَطْع بِتَعْيِينِ مُجْمَل مِنْهَا . [ الرَّابِع ] الْحُكْم فِيهِ الْأَدَب الْبَلِيغ , كَمَا فَعَلَهُ عُمَر بِصَبِيغٍ . وَقَالَ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ : وَقَدْ كَانَ الْأَئِمَّة مِنْ السَّلَف يُعَاقِبُونَ مَنْ يَسْأَل عَنْ تَفْسِير الْحُرُوف الْمُشْكِلَات فِي الْقُرْآن , لِأَنَّ السَّائِل إِنْ كَانَ يَبْغِي بِسُؤَالِهِ تَخْلِيد الْبِدْعَة وَإِثَارَة الْفِتْنَة فَهُوَ حَقِيق بِالنَّكِيرِ وَأَعْظَم التَّعْزِير , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَقْصِده فَقَدْ اِسْتَحَقَّ الْعَتْب بِمَا اِجْتَرَمَ مِنْ الذَّنْب , إِذْ أَوْجَدَ لِلْمُنَافِقِينَ الْمُلْحِدِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْت سَبِيلًا إِلَى أَنْ يَقْصِدُوا ضَعَفَة الْمُسْلِمِينَ بِالتَّشْكِيكِ وَالتَّضْلِيل فِي تَحْرِيف الْقُرْآن عَنْ مَنَاهِج التَّنْزِيل وَحَقَائِق التَّأْوِيل . فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق الْقَاضِي أَنْبَأَنَا سُلَيْمَان بْن حَرْب عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ يَزِيد بْن حَازِم عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار أَنَّ صَبِيغ بْن عِسْل قَدِمَ الْمَدِينَة فَجَعَلَ يَسْأَل عَنْ مُتَشَابِه الْقُرْآن وَعَنْ أَشْيَاء ; فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَر فَأَحْضَرَهُ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِين مِنْ عَرَاجِين النَّخْل . فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ لَهُ عُمَر : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا عَبْد اللَّه صَبِيغ . فَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : وَأَنَا عَبْد اللَّه عُمَر ; ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ فَضَرَبَ رَأْسه بِعُرْجُونٍ فَشَجَّهُ , ثُمَّ تَابَعَ ضَرْبه حَتَّى سَالَ دَمه عَلَى وَجْهه , فَقَالَ : حَسْبك يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ وَاَللَّه ذَهَبَ مَا كُنْت أَجِد فِي رَأْسِي . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الرِّوَايَات فِي أَدَبه , وَسَيَأْتِي ذِكْرهَا فِي " الذَّارِيَات " . ثُمَّ إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَلْهَمَهُ التَّوْبَة وَقَذَفَهَا فِي قَلْبه فَتَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَته .
تفسير القرطبي نفس الآية
| |

|
|
|
|
|
|
|